الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ القضاعى أَصله من رَأس عين وَكَانَ فَقِيها متصرفا فى كل علم شَاعِرًا مجودا لم يكن فى زَمَانه مثله
وَذكر ابْن يُونُس فى تَارِيخ مصر أَنه كَانَ جنديا قبل أَن يعمى
توفى مَنْصُور سنة سِتّ وثلاثمائة
وَمن الحكايات والأشعار والفوائد والغرائب عَنهُ
كَانَت لَهُ قَضِيَّة مَعَ القاضى أَبى عبيد بن حربويه طَالَتْ وعظمت
وَذَلِكَ أَنه كَانَ خَالِيا بِهِ فَجرى ذكر نَفَقَة الْحَامِل الْمُطلقَة ثَلَاثًا فَقَالَ أَبُو عبيد زعم زاعم أَن لَا نَفَقَة لَهَا فَأنْكر مَنْصُور ذَلِك وَقَالَ أقائل هَذَا من أهل الْقبْلَة ثمَّ انْصَرف مَنْصُور وَحدث الطحاوى فَأَعَادَهُ على أَبى عبيد فَأنكرهُ أَبُو عبيد فَقَالَ مَنْصُور أَنا أكذبه قَالَ أَبُو بكر بن الْحداد حضر مَنْصُور فتبينت فى وَجهه النَّدَم على حُضُوره وَلَوْلَا عجلة القاضى بالْكلَام لما تكلم مَنْصُور وَلَكِن قَالَ القاضى مَا أُرِيد أحدا يدل على لَا مَنْصُور وَلَا نصار يحكون عَنَّا مَا لم نقل فَقَالَ مَنْصُور قد علم الله أَنَّك قلت فَقَالَ كذبت فَقَالَ قد علم الله من الْكَاذِب ونهض وَهُوَ أعمى فَمَا جسر أحد من هَيْبَة القاضى أَن يَأْخُذ بِيَدِهِ إِلَّا ابْن الْحداد وَكَانَت بَينه وَبَين ابْن الْحداد مقاطعة فَشكر لَهُ هَذَا الصَّنِيع وَقَالَ لَهُ أحسن الله جَزَاك وشكر فعلك وَأخذ بِيَدِك يَوْم فاقتك إِلَيْهِ
ثمَّ إِن ابْن الْحداد أَشَارَ عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ إِلَى القاضى والاعتذار فَرجع فَلم يُمكنهُ الْحَاجِب من الدُّخُول إِلَيْهِ وَدفع فى ظَهره وَقَالَ لَا سَبِيل لَك إِلَى هَذَا ثمَّ تعصب لمنصور خلق كَثِيرُونَ كَانُوا يعتقدونه وتحامل عَلَيْهِ آخَرُونَ مِنْهُم مُحَمَّد بن الرّبيع الجيزى وَكَانَ من جلة شُهُود مصر
قَالَ ابْن الْحداد سمع مُحَمَّد بن الرّبيع منصورا يَقُول مقَالَة يحكيها عَن النظام فنسبها إِلَى مَنْصُور وَشهد عَلَيْهِ بهَا عِنْد القاضى فهلع مَنْصُور وبلغه أَن القاضى قَالَ
إِن شهد عندى شَاهد آخر مثل مُحَمَّد بن الرّبيع ضربت عنق مَنْصُور فَلَزِمَ مَنْصُور جَامع ابْن طولون يأتى كل يَوْم فَلَا يخرج مِنْهُ إِلَى الْمسَاء مَحْزُونا مغموما وماج النَّاس وَكثر الْكَلَام حَتَّى قَالَ بنان العابد الزَّاهِد يَا قوم مَا فى هَذَا الْبَلَد من يتوسط بَين هَذَا القاضى وَبَين هَذَا الشَّيْخ فَقيل لَهُ فَأَنت فَقَالَ مَا أكمل لهَذَا وَلم يمض على مَنْصُور إِلَّا أَيَّام يسيرَة وَتوفى وعزم القاضى أَبُو عبيد على أَن يصلى عَلَيْهِ فَبَلغهُ أَن خلقا من الْعَسْكَر والجند حملُوا السِّلَاح وتهيأوا لقتل القاضى إِن هُوَ صلى عَلَيْهِ فَتَأَخر عَن الصَّلَاة عَلَيْهِ
وَقيل كَانَ حول جنَازَته مِائَتَا سيف وآلاف من السكاكين وَأظْهر النَّاس فى الْجِنَازَة سبّ أَبى عبيد وقذفه
وَقيل إِن منصورا أنْشد عِنْد مَوته
(قضيت نحبى فسر قوم
…
حمقى بهم غَفلَة ونوم)
(كَأَن يومى على حتم
…
وَلَيْسَ للشامتين يَوْم)
فَبلغ ذَلِك القاضى أَبَا عبيد فنكث بِيَدِهِ الأَرْض وَقَالَ
(تَمُوت قبلى وَلَو بِيَوْم
…
وَنحن يَوْم النشور توم)
(فقد فرحنا وَقد سررنا
…
وَلَيْسَ للشامتين لوم)
وَالله أعلم بِصِحَّة ذَلِك
وَقيل إِن أَبَا عبيد نَدم على مَا جرى مِنْهُ وأسف على مَا فَاتَهُ من مَنْصُور وَكَانَ أَبُو بكر بن الْحداد رحمه الله يَقُول لَو شِئْت لَقلت إِن دِيَة مَنْصُور على عَاقِلَة القاضى
يُرِيد أَن أَبَا عبيد قَاتله خطأ فَإِن منصورا بلغت مِنْهُ نكاية أَبى عبيد حَتَّى جَاءَت على نَفسه
وَمن شعر مَنْصُور فى علته وَإِنَّمَا يعْنى أَبَا عبيد
(يَا شامتا بى لِأَن هَلَكت
…
لكل حى مدى وَوقت)
(وللمنايا وَإِن تناءت
…
بِالْمَوْتِ يَاذَا الشمات بَغت)
(وَأَنت فى غَفلَة المنايا
…
تخَاف مِنْهَا الذى أمنت)
(والكأس ملأى وَعَن قَلِيل
…
تشرب مِنْهَا كَمَا شربت)
وَقَالَ
(تغابن الْأَيَّام تَقْدِير
…
وَأَخذهَا جد وتشمير)
كتب إِلَى أَحْمد بن أَبى طَالب عَن مُحَمَّد بن مَحْمُود الْحَافِظ أخبرنَا ضِيَاء بن أَحْمد بن أَبى على أخبرنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الباقى أخبرنَا القاضى أَبُو المظفر هناد بن إِبْرَاهِيم أنشدنى الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور عبد القاهر بن طَاهِر البغدادى بنيسابور قَالَ أنشدنا أَبُو أَحْمد بن عدى الْحَافِظ قَالَ أنشدنى مَنْصُور بن إِسْمَاعِيل الْفَقِيه لنَفسِهِ
(من كَفاهُ من مساعيه
…
رغيف يغتذيه)
(وَله بَيت يواريه
…
وثوب يكتسيه)
(فعلى م يبْذل الْوَجْه
…
لذى كبر وتية)
(وعَلى م يبْذل الْعرض
…
لمخلوق سَفِيه)
قَالَ الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب فِي كتاب القَوْل فى النُّجُوم حَدَّثَنى أَبُو عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد بن يُوسُف بن أَحْمد الْقطَّان النيسابورى قَالَ أنشدنا أَبُو على صَالح بن إِبْرَاهِيم ابْن مُحَمَّد بن رشدين المصرى قَالَ أنشدنى أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مهَاجر الْكَاتِب قَالَ أنشدنى مَنْصُور الْفَقِيه لنَفسِهِ
(من كَانَ يخْشَى زحلا
…
أَو كَانَ يَرْجُو الْمُشْتَرى)
(فإننى مِنْهُ وَإِن
…
كَانَ أَبى الْأَدْنَى بَرى)
قَالَ وحدثنى مُحَمَّد بن يُوسُف أنشدنا ابْن رشد بن أَسد بن أَبى مهَاجر أنشدنى مَنْصُور الْفَقِيه لنَفسِهِ
(إِذا كنت تزْعم أَن النُّجُوم
…
تضر وَتَنْفَع من تحتهَا)
(فَلَا تنكرن على من يَقُول
…
بأنك بِاللَّه أشركتها)
قَالَ الْخَطِيب ولمنصور أَيْضا فِيمَا بلغنى بِغَيْر هَذَا الْإِسْنَاد
(لَيْسَ للنجم إِلَى ضرّ م
…
وَلَا نفع سَبِيل)
(إِنَّمَا النَّجْم على الْأَوْقَات
…
والسمت دَلِيل)
أورد الْحَاكِم فى تَرْجَمَة جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحَارِث أَبى مُحَمَّد المراغى من شعر مَنْصُور
(النَّاس بَحر عميق
…
والبعد عَنْهُم سفينة)
(وَقد نَصَحْتُك فَانْظُر
…
لنَفسك المسكينة)
قلت وَمن شعره أَيْضا
(لى حِيلَة فِيمَن ينم م
…
وَلَيْسَ فى الْكذَّاب حيله)
(من كَانَ يخلق مَا يَقُول
…
فحيلتى فِيهِ قَلِيله)
وَمِنْه
(الْكَلْب أَعلَى قيمَة
…
وَهُوَ النِّهَايَة فى الخساسه)
(مِمَّن يُنَازع فى الرياسة
…
قبل أَوْقَات الرياسة)
وَمِنْه وَقد ذكره الخطابى فى كتاب الْعُزْلَة
(لَيْسَ هَذَا زمَان قَوْلك مَا الحكم
…
على من يَقُول أَنْت حرَام)
(والحقى بَائِنا بأهلك أَو أَنْت
…
عَتيق محرم يَا غُلَام)
(وَمَتى تنْكح المصابة فى العدمة
…
عَن شُبْهَة وَكَيف الْكَلَام)
(فى حرَام أصَاب سنّ غزال
…
فَتَوَلّى وللغزال بغام)
(إِنَّمَا ذَا زمَان كدح إِلَى الْمَوْت
…
وقوت مبلغ وَالسَّلَام)
وَقَالَ وَذكره الخطابى أَيْضا عَنهُ
(لَوْلَا بناتى وسيآتى
…
لذبت شوقا إِلَى الْمَمَات)
(لأننى فِي جوَار قوم
…
بغضنى قربهم حياتى)
وَقَالَ وَأوردهُ الخطابى أَيْضا
(قد قلت إِذْ مدحوا الْحَيَاة فَأَكْثرُوا
…
للْمَوْت ألف فَضِيلَة لَا تعرف)
(مِنْهَا أَمَان لِقَائِه بلقائه
…
وفراق كل معاشر لَا ينصف)