الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(هَذَا صِرَاط الله فَاتبعهُ تَجِد
…
فى الْقلب برد حلاوة الْإِيمَان)
(وتراه يَوْم الْحَشْر أَبيض وَاضحا
…
يهدى إِلَيْك رسائل الغفران)
(وَعَلِيهِ كَانَ السَّابِقُونَ عَلَيْهِم
…
حلل الثَّنَاء وملبس الرضْوَان)
(والشافعى وَمَالك وَأَبُو حنيفَة
…
وَابْن حَنْبَل الْكَبِير الشان)
(درجوا عَلَيْهِ وخلفونا إثرهم
…
إِن نتبعهم نَجْتَمِع بجنان)
(أَو نبتدع فلسوف نصلى النَّار مذمومين
…
مدحورين بالعصيان)
(وَالْكفْر منفى فلست مكفرا
…
ذَا بِدعَة شنعاء فى النيرَان)
(بل كل أهل الْقبْلَة الْإِيمَان يجمعهُمْ
…
ويفترقون كالوحدان)
(فأجارنا الرَّحْمَن بالهادى النبى م
…
مُحَمَّد من ناره بِأَمَان)
صلى الله عليه وسلم مَا وضح الضُّحَى
…
وبدا بديجور الدجى النسران)
(والآل والصحب الْكِرَام وَمِنْهُم الصّديق
…
والفاروق مَعَ عُثْمَان)
(وعَلى ابْن الْعم وَالْبَاقُونَ إِنَّهُم م
…
النُّجُوم لمقتد حيران)
شرح حَال الْفِتْنَة الَّتِى وَقعت بِمَدِينَة نيسابور قَاعِدَة بِلَاد خُرَاسَان إِذْ ذَاك فى الْعلم وَكَيف آلت إِلَى خُرُوج إِمَام الْحَرَمَيْنِ والحافظ البيهقى والأستاذ أَبى الْقَاسِم القشيرى من نيسابور ثمَّ كَيفَ كَانَت الدائرة على من رام مَذْهَب الأشعرى بِسوء وَكَيف قصمه الله
كَانَ سُلْطَان الْوَقْت إِذْ ذَاك السُّلْطَان طغرلبك السلجوقى وَكَانَ رجلا حنفيا سنيا خيرا عادلا محببا إِلَى أهل الْعلم من كبار الْمُلُوك وعظمائهم وَهُوَ أول مُلُوك السلجوقية وَكَانَ يَصُوم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس وَهُوَ الذى أرسل الشريف نَاصِر بن إِسْمَاعِيل
رَسُولا إِلَى ملكة الرّوم فاستأذنها بِالصَّلَاةِ فى جَامع الْقُسْطَنْطِينِيَّة جمَاعَة يَوْم الْجُمُعَة فصلى وخطب للْإِمَام الْقَائِم بِأَمْر الله وتمهدت الْبِلَاد لطغرلبك وسمت نَفسه بِحَيْثُ وصل أمره إِلَى أَن سير إِلَى الْخَلِيفَة الْقَائِم يخْطب ابْنَته وَذَلِكَ فى ذَلِك الزَّمَان مقَام مهول فشق ذَلِك على الْخَلِيفَة واستعفى ثمَّ لم يجد بدا من ذَلِك لِعَظَمَة طغرلبك وَكَونه ملكا قاهرا لَا يُطَاق فَزَوجهُ بهَا وَقدم بَغْدَاد فى سنة خمس وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَأرْسل يطْلبهَا وَحمل مائَة ألف دِينَار برسم نقل جهازها فَعمل الْعرس فى صفر بدار المملكة وأجلست على سَرِير ملبس بِالذَّهَب وَدخل السُّلْطَان وَقبل الأَرْض بَين يَديهَا وَلم يكْشف البرقع عَن وَجههَا إِذْ ذَاك وَقدم لَهَا تحفا وخدم وَانْصَرف مَسْرُورا وَكَانَ لهَذَا السُّلْطَان وَزِير سوء وَهُوَ وزيره أَبُو نصر مَنْصُور بن مُحَمَّد الكندرى كَانَ معتزليا رَافِضِيًّا خَبِيث العقيدة لم يبلغنَا أَن أحدا جمع لَهُ من خبث العقيدة مَا اجْتمع لَهُ فَإِنَّهُ على مَا ذكر كَانَ يَقُول بِخلق الْأَفْعَال وَغَيره من قبائح الْقَدَرِيَّة وَسَب الشَّيْخَيْنِ وَسَائِر الصَّحَابَة وَغير ذَلِك من قبائح شَرّ الروافض وتشبيهه الله بخلقه وَغير ذَلِك من قبائح الكرامية والمجسمة وَكَانَ لَهُ مَعَ ذَلِك تعصب عَظِيم وانضم إِلَى كل هَذَا أَن رَئِيس الْبَلَد الْأُسْتَاذ أَبَا سهل بن الْمُوفق الذى سنذكر إِن شَاءَ الله تَرْجَمته فى الطَّبَقَة الرَّابِعَة كَانَ ممدحا جوادا ذَا أَمْوَال جزيلة وصدقات دارة وهبات هائلة رُبمَا وهب الْألف دِينَار لسائل وَكَانَ مرفوقا بالوزارة وداره مُجْتَمع الْعلمَاء ملتقى الْأَئِمَّة من الْفَرِيقَيْنِ الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة فى دَاره يتناظرون وعَلى سماطه يتلقمون وَكَانَ عَارِفًا بأصول الدّين على مَذْهَب الأشعرى قَائِما فى ذَلِك مناضلا فى الذب عَنهُ فَعظم ذَلِك على الكندرى بِمَا فى نَفسه من الْمَذْهَب وَمن بغض ابْن الْمُوفق
بِخُصُوصِهِ وخشيته مِنْهُ أَن يثب على الوزارة فَحسن للسُّلْطَان لعن المبتدعة على المنابر فَعِنْدَ ذَلِك أَمر السُّلْطَان بِأَن تلعن المبتدعة على المنابر فَاتخذ الكندرى ذَلِك ذَرِيعَة إِلَى ذكر الأشعرية وَصَارَ يقصدهم بالإهانة والأذى وَالْمَنْع عَن الْوَعْظ والتدريس وعزلهم عَن خطابة الْجَامِع واستعان بطَائفَة من الْمُعْتَزلَة الَّذين زَعَمُوا أَنهم يقلدون مَذْهَب أَبى حنيفَة أشربوا فى قُلُوبهم فضائح الْقَدَرِيَّة وَاتَّخذُوا التمذهب بِالْمذهبِ الحنفى سياجا عَلَيْهِم فحببوا إِلَى السُّلْطَان الإزراء بِمذهب الشافعى عُمُوما وبالأشعرية خُصُوصا
وَهَذِه هى الْفِتْنَة الَّتِى طَار شررها فَمَلَأ الْآفَاق وَطَالَ ضررها فَشَمَلَ خُرَاسَان وَالشَّام والحجاز وَالْعراق وَعظم خطبهَا وبلاؤها وَقَامَ فِي سبّ أهل السّنة خطيبها وسفهاؤها إِذْ أدّى هَذَا الْأَمر إِلَى التَّصْرِيح بلعن أهل السّنة فى الْجمع وتوظيف سبهم على المنابر وَصَارَ لأبى الْحسن كرم الله وَجهه بهَا أُسْوَة لعلى بن أَبى طَالب كرم الله وَجهه فى زمن بعض بنى أُميَّة حَيْثُ استولت النواصب على المناصب واستعلى أُولَئِكَ السُّفَهَاء فى المجامع والمراتب
فَقَامَ أَبُو سهل فى عصبَة الْحق وشمر عَن ساعد الْجد بِحَقِيقَة الصدْق وَتردد إِلَى الْعَسْكَر فى دفع ذَلِك وَمَا أَفَادَ شئ من التَّدْبِير إِذْ كَانَ الْخصم الْحَاكِم وَالسُّلْطَان محجبا إِلَّا بوساطة ذَلِك الْوَزير ثمَّ جَاءَ الْأَمر من قبل السُّلْطَان طغرلبك بِالْقَبْضِ على الرئيس الفراتى والأستاذ أَبى الْقَاسِم القشيرى وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وأبى سهل بن الْمُوفق ونفيهم ومنعهم عَن المحافل وَكَانَ أَبُو سهل غَائِبا إِلَى بعض النواحى وَلما قرئَ الْكتاب
بنفيهم أغرى بهم الغاغة والأوباش فَأخذُوا بالأستاذ أبي الْقَاسِم الْقشيرِي والفراتي يجرونهما ويستخفون بهما وحبسا بالقهندر
وَأما إِمَام الْحَرَمَيْنِ فَإِنَّهُ كَانَ أحس بِالْأَمر واختفى وَخرج على طَرِيق كرمان الى الْحجاز وَمن ثمَّ جاور وَسمي إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَبَقِي الْقشيرِي والفراتي معترقين مسجونين أَكثر من شهر فتهيأ أَبُو سهل بن الْمُوفق من نَاحيَة باخرز وَجمع من أعوانه رجَالًا عارفين بِالْحَرْبِ وأتى بَاب الْبَلَد وَطلب إِخْرَاج الفراتى والقشيرى فَمَا أُجِيب بل هدد بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ بِمُقْتَضى مَا تقدم من مرسوم السُّلْطَان فَلم يلْتَفت وعزم على دُخُول الْبَلَد لَيْلًا وإخراجهما مجاهرة وَكَانَ متولى الْبَلَد قد تهَيَّأ للحرب فزحف أَبُو سهل لَيْلًا إِلَى قَرْيَة لَهُ على بَاب الْبَلَد وَدخل مغافصة إِلَى دَاره وَصَاح من مَعَه بالنعرات الْعَالِيَة فَلَمَّا أَصْبحُوا ترددت الرُّسُل والنصحاء فى الصُّلْح وأشاروا على الْأَمِير بِإِطْلَاق الْأُسْتَاذ والرئيس فَأبى وبرز بِرِجَالِهِ وَقصد محلّة أَبى سهل فَقَامَ وَاحِد من أعوان أَبى سهل إِلَّا أَنه بعداد ألف وضرغام إِلَّا أَنه فى زى إِنْسَان واستدعى مِنْهُ كِفَايَة تِلْكَ الثائرة وَأَتَاهُ وَأَصْحَابه وادنوا لَهُم فَالْتَقوا فى السُّوق وَثَبت هَؤُلَاءِ حَتَّى فرغ نشاب أُولَئِكَ وتأنى الْحق حَتَّى انْقَضتْ ترهات الْبَاطِل ثمَّ حمل أَصْحَاب ابْن الْمُوفق على أُولَئِكَ حَملَة رجل وَاحِد فهزموهم بِإِذن الله وجرحوا أَمِير الْبَلَد وهمو بأسره ثمَّ توَسط النَّاس ودخلوا على أَبى سهل فى تسكين الْفِتْنَة وإطفاء الثائرة وَأتوا بالأستاذ والرئيس إِلَى دَاره وَقَالُوا قد حصل الْقَصْد وَأخرج هَذَانِ من الْحَبْس