الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذكر أَن شخصا يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم أصبح فى منزله يَوْمًا جنبا لَيْسَ مَعَه شىء يدْخل بِهِ الْحمام قَالَ فَخرجت رَجَاء صديق يدخلنى الْحمام فَإِذا بغريم على بابى يطالبنى بِخَمْسَة دَنَانِير فَحَدَّثته حَدِيثي فَقَالَ مَا نفترق إِلَّا إِلَى القاضى فتوجهنا إِلَى القاضى أَبى عبيد فوجدناه خَارِجا من الْمَسْجِد وَبَين يَدَيْهِ غُلَام أسود خصى فَقَالَ لَهُ خصمى أيد الله القاضى انْظُر فى أمرى فإنى بت على بابك
والقاضى مطرق لَا ينظر إِلَيْنَا حَتَّى دخل دَاره وَلَيْسَ على بَابه حَاجِب وَلَا أحد ثمَّ خرج إِلَيْنَا الْغُلَام وَقَالَ ادخلا فَدَخَلْنَا فوجدناه جَالِسا فى وسط مَجْلِسه فَقَالَ تكلما فسبقت أَنا فصرت الْمُدعى فَقَالَت أيد الله القاضى لى على هَذَا خَمْسَة دَنَانِير
فَقَالَ مصرية
فَقلت نعم
فَقَالَ حَالَة
فَقلت نعم فَقَالَ للخصم مَا تَقول فَضَحِك مُتَعَجِّبا فصاح القاضى صَيْحَة مَلَأت الدَّار وَقَالَ مِم تضحك لَا أضْحك الله سنك وَيحك تضحك فى مجْلِس الله مطلع عَلَيْك فِيهِ وَيحك تضحك وقاضيك بَين الْجنَّة وَالنَّار فأرعب القاضى الرجل وَقَالَ أَنا أدفَع إِلَيْهِ قُم فقمنا فَلَمَّا خرج قَالَ لى امْضِ فَأَنت فى حل فَقلت مَا نفترق إِلَّا بِخَمْسَة دَنَانِير ارْجع بِنَا إِلَى القاضى فأعطانى دِينَارا وَمرض ثَلَاثَة أشهر فَكنت إِذا عدته يَقُول لى صَيْحَة القاضى فى قلبى إِلَى السَّاعَة وأحسبها تقتلنى
وَمن الْمسَائِل عَن القاضى أَبى عبيد
مَسْأَلَة اجْتِنَاب الْحَائِض
حكى الرافعى فى كتاب النِّكَاح عَن أَبى عبيد بن حربويه أَنه تتجنب الْحَائِض فى جَمِيع بدنهَا لظَاهِر قَوْله تَعَالَى {فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} وَلم يحك هَذَا فى بَاب الْحيض
وَقَالَ النووى إِن قَول أَبى عبيد هَذَا غلط فَاحش مُخَالف للأحاديث الصَّحِيحَة الْمَشْهُورَة لقَوْله صلى الله عليه وسلم (اصنعوا كل شىء إِلَّا النِّكَاح) وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُبَاشر فَوق الْإِزَار قَالَ وَقد خَالف قَائِله إِجْمَاع الْمُسلمين
قَالَ ابْن الرّفْعَة الْإِجْمَاع إِن صَحَّ فالغلط فَاحش وَإِن لم يَصح فَفِيهِ للبحث مجَال لِأَن الشافعى قَالَ فى الْأُم فى الْجُزْء الرَّابِع عشر فى بَاب مَا ينَال من الْحَائِض تحْتَمل الْآيَة فاعتزلوا فروجهن لما وصف من الْأَذَى وتحتمل اعتزال فروجهن وَجَمِيع أبدانهن فروجهن وَبَعض أبدانهن دون بعض وَأظْهر مَعَانِيه اعتزال أبدانهن كلهَا
وَإِذا كَانَ هَذَا ظَاهر الْآيَة فَمَا ذكر من مُبَاشرَة النبى صلى الله عليه وسلم للحائض فِيمَا فَوق الْإِزَار يجوز أَن يكون من خَصَائِصه كَيفَ وَسِيَاق الْآيَة يصرفهَا إِلَى الْأمة قَالَ الله تَعَالَى {ويسألونك عَن الْمَحِيض قل هُوَ أَذَى فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} وَالظَّاهِر أَن قَوْله تَعَالَى {فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} من جملَة مَا أَمر أَن يَقُوله لَهُم وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ غير دَاخل بِاللَّفْظِ فيهم وَإِن قَالَ بَعضهم إِنَّه يَشْمَلهُ الْخطاب لكنه من غير اللَّفْظ وَإِذا كَانَ غير دَاخل فيهم فَلَا يكون فعله مُبينًا لَهُ مُقَيّدا أَو مُخَصّصا لما اقْتَضَاهُ ظَاهر الْآيَة فيهم
وَأما قَوْله عليه السلام (اصنعوا كل شىء إِلَّا النِّكَاح) فَلَعَلَّ أَبَا عبيد يحمل النِّكَاح على الْمُبَاشرَة بآلته وَهُوَ الذّكر وَلَا يَخُصُّهُ بِمحل بل يجريه فى جَمِيع الْبدن كَمَا هُوَ ظَاهر الْآيَة وَيكون قَائِلا بِإِبَاحَة الْقبْلَة والمعانقة وَنَحْوهمَا وَيحمل قَوْله صلى الله عليه وسلم على ذَلِك
وعَلى الْجُمْلَة فمذهب أَبى عبيد مَرْجُوح وَنَصّ الشافعى فى الْأُم فى الْجُزْء الرَّابِع عشر فى بَاب إتْيَان الْحَائِض على خِلَافه فَإِنَّهُ قَالَ إِن الْآيَة وَإِن احتملت الْجِمَاع وَغَيره فالجماع أظهر لِأَن الله تَعَالَى أَمر بالاعتزال ثمَّ قَالَ تَعَالَى {وَلَا تقربوهن} فَأشبه أَن يكون أمرا بَينا وَلِهَذَا نقُول بالاستدلال بِالسنةِ انْتهى كَلَامه فى الْمطلب
قَالَ أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد بن فَارس اللغوى فى جُزْء لَهُ لطيف سَمَّاهُ فتيا فَقِيه الْعَرَب يرويهِ الْخَطِيب البغدادى عَن القاضى أَبى زرْعَة روح بن مُحَمَّد الرَّازِيّ عَن ابْن فَارس قَالَ سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْفَقِيه يَقُول ادّعى رجل مَالا بِحَضْرَة أَبى عبيد بن حربويه فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ مَاله على حق بِضَم اللَّام فَقَالَ أَبُو عبيد أتعرف الْإِعْرَاب قَالَ نعم قُم قد ألزمتك المَال انْتهى
قَالَ وهى مَسْأَلَة غَرِيبَة وَحكمهَا مُتَّجه