الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
223 - على بن إِسْمَاعِيل بن أَبى بشر واسْمه إِسْحَاق بن سَالم بن إِسْمَاعِيل ابْن عبد الله بن مُوسَى بن بِلَال بن أَبى بردة ابْن صَاحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَبى مُوسَى عبد الله بن قيس
شَيخنَا وقدوتنا إِلَى الله تَعَالَى
الشَّيْخ أَبُو الْحسن الأشعرى البصرى
شيخ طَريقَة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَإِمَام الْمُتَكَلِّمين وناصر سنة سيد الْمُرْسلين والذاب عَن الدّين والساعى فى حفظ عقائد الْمُسلمين سعيا يبْقى أَثَره إِلَى يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين
إِمَام حبر وتقى بر حمى جناب الشَّرْع من الحَدِيث المفترى وَقَامَ فى نَصره مِلَّة الْإِسْلَام فنصرها نصرا مؤزرا
(بهمة فى الثريا إِثْر أخمصها
…
وعزمة لَيْسَ من عاداتها السأم)
وَمَا برح يدلج ويسير وينهض بساعد التشمير حَتَّى نقى الصُّدُور من الشّبَه كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس وَوقى بأنوار الْيَقِين من الْوُقُوع فى ورطات مَا الْتبس وَقَالَ فَلم يتْرك مقَالا لقَائِل وأزاح الأباطيل وَالْحق يدْفع ترهات الْبَاطِل
ولد الشَّيْخ سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
وَكَانَ أَولا قد أَخذ عَن أَبى على الجبائى وَتَبعهُ فى الاعتزال
يُقَال أَقَامَ على الاعتزال أَرْبَعِينَ سنة حَتَّى صَار للمعتزلة إِمَامًا فَلَمَّا أَرَادَهُ الله لنصر دينه وَشرح صَدره لاتباع الْحق غَابَ عَن النَّاس فى بَيته خَمْسَة عشر يَوْمًا ثمَّ خرج إِلَى الْجَامِع وَصعد الْمِنْبَر وَقَالَ معاشر النَّاس إِنَّمَا تغيبت عَنْكُم هَذِه الْمدَّة لأنى نظرت
فتكافأت عندى الْأَدِلَّة وَلم يترجع عندى شَيْء على شَيْء فاستهديت الله تَعَالَى فهداني الى اعْتِقَاد مَا أودعته فِي كتبي هَذِه وانخلعت من جَمِيع مَا كنت أعتقده كَمَا انخلعت من ثوبي هَذَا وانخلع من ثوب كَانَ عَلَيْهِ وَرمى بِهِ وَدفع الْكتب الَّتِى ألفها على مَذَاهِب أهل السّنة إِلَى النَّاس
ويحكى من مبدأ رُجُوعه أَنه كَانَ نَائِما فى شهر رَمَضَان فَرَأى النبى صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ يَا على انصر الْمذَاهب المروية عَنى فَإِنَّهَا الْحق فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ دخل عَلَيْهِ أَمر عَظِيم وَلم يزل مفكرا مهموما من ذَلِك وَكَانَت هَذِه الرُّؤْيَا فى الْعشْر الأول فَمَا كَانَ الْعشْر الْأَوْسَط رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى الْمَنَام ثَانِيًا فَقَالَ مَا فعلت فِيمَا أَمرتك بِهِ
فَقَالَ يَا رَسُول الله وَمَا عَسى أَن أفعل وَقد خرجت للمذاهب المروية عَنْك محامل صَحِيحَة
فَقَالَ لى انصر الْمذَاهب المروية عَنى فَإِنَّهَا الْحق
فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ شَدِيد الأسف والحزن وَأجْمع على ترك الْكَلَام وَاتِّبَاع الحَدِيث وملازمة تِلَاوَة الْقُرْآن
فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة سبع وَعشْرين وَكَانَ من عَادَته سهر تِلْكَ اللَّيْلَة أَخذه من النعاس مَا لم يَتَمَالَك مَعَه السهر فَنَامَ وَهُوَ يتأسف على ترك الْقيام فِيهَا فَرَأى النبى صلى الله عليه وسلم ثَالِثا فَقَالَ لَهُ مَا صنعت فِيمَا أَمرتك بِهِ
فَقَالَ قد تركت الْكَلَام يَا رَسُول الله ولزمت كتاب الله وسنتك
فَقَالَ لَهُ أَنا مَا أَمرتك بترك الْكَلَام إِنَّمَا أَمرتك بنصرة الْمذَاهب المروية عَنى فَإِنَّهَا الْحق
قَالَ فَقلت يَا رَسُول الله كَيفَ أدع مذهبا تصورت مسَائِله وَعرفت دلائله مُنْذُ ثَلَاثِينَ سنة لرؤيا
قَالَ فَقَالَ لى لَوْلَا أَنى أعلم أَن الله يمدك بمدد من عِنْده لما قُمْت عَنْك حَتَّى أبين لَك وجوهها فجد فِيهِ فَإِن الله سيمدك بمدد من عِنْده فَاسْتَيْقَظَ وَقَالَ مَا بعد الْحق إِلَّا الضلال وَأخذ فى نصْرَة الْأَحَادِيث فى الرُّؤْيَة والشفاعة وَالنَّظَر وَغير ذَلِك
وَكَانَ يفتح عَلَيْهِ من المباحث والبراهين بِمَا لم يسمعهُ من شيخ قطّ وَلَا اعْتَرَضَهُ بِهِ خصم وَلَا رَآهُ فى كتاب
قَالَ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد العسكرى كَانَ الأشعرى تلميذا للجبائى وَكَانَ صَاحب نظر وَذَا إقدام على الْخُصُوم وَكَانَ الجبائى صَاحب تصنيف وقلم إِلَّا أَنه لم يكن قَوِيا فى المناظرة فَكَانَ إِذا عرضت مناظرة قَالَ للأشعرى نب عَنى
وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو سهل الصعلوكى حَضَرنَا مَعَ الشَّيْخ أَبى الْحسن مجْلِس علوى بِالْبَصْرَةِ فناظر الْمُعْتَزلَة خذلهم الله وَكَانُوا يعْنى كثيرا فَأتى على الْكل وَهَزَمَهُمْ كلما انْقَطع وَاحِد تنَاول الآخر حَتَّى انْقَطَعُوا عَن آخِرهم فعدنا فى الْمجْلس الثانى فَمَا عَاد مِنْهُم أحد فَقَالَ بَين يدى العلوى يَا غُلَام اكْتُبْ على الْبَاب فروا
وَقَالَ الإِمَام أَبُو بكر الصيرفى كَانَت الْمُعْتَزلَة قد رفعوا رُءُوسهم حَتَّى أظهر الله الأشعرى فحجزهم فى أقماع السمسم
وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو عبد الله بن خَفِيف دخلت الْبَصْرَة أَيَّام شبابى لأرى أَبَا الْحسن الأشعرى لما بلغنى خَبره فَرَأَيْت شَيخا بهى المنظر فَقلت أَيْن منزل أَبى الْحسن الأشعرى فَقَالَ وَمَا الذى تُرِيدُ مِنْهُ فَقلت أحب أَن أَلْقَاهُ فَقَالَ ابتكر غَدا إِلَى هَذَا الْموضع قَالَ فابتكرت فَلَمَّا رَأَيْته تَبعته فَدخل دَار بعض وُجُوه الْبَلَد فَلَمَّا أبصروه
أكْرمُوا مَحَله وَكَانَ هُنَاكَ جمع من الْعلمَاء ومجلس نظر فأقعدوه فى الصَّدْر ثمَّ سُئِلَ بضعهم مَسْأَلَة فَلَمَّا شرع فى الْجَواب دخل الشَّيْخ فَأخذ يرد عَلَيْهِ ويناظره حَتَّى أَفْحَمَهُ فَقضيت الْعجب من علمه وفصاحته فَقلت لبَعض من كَانَ عندى من هَذَا الشَّيْخ فَقَالَ أَبُو الْحسن الأشعرى
فَلَمَّا قَامُوا تَبعته فَقَالَ لى يَا فَتى كَيفَ رَأَيْت الأشعرى فخدمته وَقلت يَا سيدى كَمَا هُوَ فى مَحَله وَلَكِن لم لَا تسْأَل أَنْت ابْتِدَاء فَقَالَ أَنا لَا أكلم هَؤُلَاءِ ابْتِدَاء وَلَكِن إِذا خَاضُوا فى ذكر مَا لَا يجوز فى دين الله رددنا عَلَيْهِم بِحكم مَا فرض الله سبحانه وتعالى علينا من الرَّد على مخالفى الْحق
وَرويت هَذِه الْحِكَايَة عَن ابْن خَفِيف على وَجه آخر يشْتَرك مَعهَا بعد الدّلَالَة على عَظمَة الشَّيْخ وَمحله فى الْعلم فى أَنه كَانَ لَا يتَكَلَّم فِي علم الْكَلَام إِلَّا حَيْثُ يجب عَلَيْهِ نصرا للدّين ودفعا للمبطلين
وَقد قدمنَا الْحِكَايَة على وَجه كيس من كَلَام وَالِد الإِمَام فَخر الدّين فِيمَا أَحسب أَو من كَلَام ابْن خَفِيف نَفسه فى تَرْجَمَة ابْن خَفِيف
قَالَ عُلَمَاؤُنَا كَانَ الشَّيْخ صَاحب فراسة وَنظر بِنور الله وَكَانَ ابْن خَفِيف كَمَا عرف حَاله من أَرْبَاب الْأَحْوَال وسَادَة الْمَشَايِخ فَلَمَّا أبصره الشَّيْخ وَفهم عَنهُ مَا يُرِيد أحب أَلا يرَاهُ إِلَّا على أكمل أَحْوَاله من الْعلم وَهُوَ وَقت المناظرة فَإِن أول نظر يثبت فى الْقلب ويرسخ فَأَرَادَ الشَّيْخ تربية ابْن خَفِيف فَإِنَّهُ إِذا نظره فى أكمل أَحْوَاله امْتَلَأَ قلبه بعظمته فانقاد لما يَأْتِيهِ من قبله
قَالُوا وَكَانَ الشَّيْخ رضى الله عَنهُ سيدا فى التصوف وَاعْتِبَار الْقُلُوب كَمَا هُوَ سيد فى علم الْكَلَام وأصناف الْعُلُوم
وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الإسفراينى كنت فى جنب الشَّيْخ أَبى الْحسن الباهلى كقطرة فى جنب الْبَحْر وَسمعت الباهلى يَقُول كنت فى جنب الأشعرى كقطرة فى جنب الْبَحْر
وَقَالَ لِسَان الْأمة القاضى أَبُو بكر أفضل أحوالى أَن أفهم كَلَام أَبى الْحسن
قَالَ أَبُو الْفضل السهلكى حكى لنا الْفَقِيه الثِّقَة أَبُو عمر الرزجاهى قَالَ سَمِعت الْأُسْتَاذ الإِمَام أَبَا سهل الصعلوكى أَو الشَّيْخ الإِمَام أَبَا بكر الإسماعيلى وَالشَّكّ منى يَقُول أعَاد الله تَعَالَى هَذَا الدّين بعد مَا ذهب يعْنى أَكْثَره بِأَحْمَد ابْن حَنْبَل وأبى الْحسن الأشعرى وأبى نعيم الإستراباذى
وَأما اجْتِهَاد الشَّيْخ فى الْعِبَادَة والتأله فَأمر غَرِيب
ذكر من صَحبه أَنه مكث عشْرين سنة يصلى الصُّبْح بِوضُوء الْعَتَمَة وَكَانَ يَأْكُل من غلَّة قَرْيَة وَقفهَا جده بِلَال بن أَبى بردة بن أَبى مُوسَى الأشعرى على نَسْله
قَالَ وَكَانَت نَفَقَته فى كل سنة سَبْعَة عشر درهما كل شهر دِرْهَم وشىء يسير
وَاعْلَم أَنا لَو أردنَا اسْتِيعَاب مَنَاقِب الشَّيْخ لضاقت بِنَا الأوراق وكلت الأقلام وَمن أَرَادَ معرفَة قدره وَأَن يمتلىء قلبه من حبه فَعَلَيهِ بِكِتَاب تَبْيِين كذب المفترى فِيمَا نسب إِلَى الإِمَام أَبى الْحسن الأشعرى الذى صنفه الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر وَهُوَ من أجل الْكتب وَأَعْظَمهَا فَائِدَة وأحسنها
فَيُقَال كل سنى لَا يكون عِنْده كتاب التَّبْيِين لِابْنِ عَسَاكِر فَلَيْسَ من أَمر نَفسه على بَصِيرَة
وَيُقَال لَا يكون الْفَقِيه شافعيا على الْحَقِيقَة حَتَّى يحصل كتاب التَّبْيِين لِابْنِ عَسَاكِر وَكَانَ مشيختنا يأمرون الطّلبَة بِالنّظرِ فِيهِ
وَقد زعم بعض النَّاس أَن الشَّيْخ كَانَ مالكى الْمَذْهَب وَلَيْسَ ذَلِك بِصَحِيح إِنَّمَا كَانَ شافعيا تفقه على أَبى إِسْحَاق المروزى نَص على ذَلِك الْأُسْتَاذ أَبُو بكر ابْن فورك فى طَبَقَات الْمُتَكَلِّمين والأستاذ أَبُو إِسْحَاق الإسفراينى فِيمَا نَقله عَنهُ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الجوينى فى شرح الرسَالَة
والمالكى هُوَ القاضى أَبُو بكر بن الباقلانى شيخ الأشاعرة
وَالصَّحِيح أَن وَفَاة الشَّيْخ بَين الْعشْرين وَالثَّلَاثِينَ بعد الثلاثمائة وَالْأَقْرَب أَنَّهَا سنة أَربع وَعشْرين وَهُوَ مَا صَححهُ ابْن عَسَاكِر وَذكره أَبُو بكر بن فورك وَيُقَال سنة نَيف وَثَلَاثِينَ
وَأَنت إِذا نظرت تَرْجَمَة هَذَا الشَّيْخ الذى هُوَ شيخ السّنة وَإِمَام الطَّائِفَة فى تَارِيخ شَيخنَا الذهبى وَرَأَيْت كَيفَ مزقها وحار كَيفَ يصنع فى قدره وَلم يُمكنهُ البوح بالغض مِنْهُ خوفًا من سيف أهل الْحق وَلَا الصَّبْر عَن السُّكُوت لما جبلت عَلَيْهِ طويته من بغضه بِحَيْثُ اختصر مَا شَاءَ الله أَن يختصر فى مدحه ثمَّ قَالَ فى آخر التَّرْجَمَة من أَرَادَ أَن يتبحر فى معرفَة الأشعرى فَعَلَيهِ بِكِتَاب تَبْيِين كذب المفترى لأبى الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر اللَّهُمَّ توفنا على السّنة وأدخلنا الْجنَّة وَاجعَل أَنْفُسنَا مطمئنة نحب فِيك أولياءك ونبغض فِيك أعدائك ونستغفر للعصاة من عِبَادك ونعمل بمحكم كتابك ونؤمن بمتشابهه ونصفك بِمَا وصفت بِهِ نَفسك انْتهى
فَعِنْدَ ذَلِك تقتضى الْعجب من هَذَا الذهبى وَتعلم إِلَى مَاذَا يُشِير الْمِسْكِين فويحه ثمَّ ويحه
وَأَنا قد قلت غير مرّة إِن الذهبى أستاذى وَبِه تخرجت فى علم الحَدِيث إِلَّا أَن الْحق أَحَق أَن يتبع وَيجب على تَبْيِين الْحق فَأَقُول
أما حوالتك على تَبْيِين كذب المفترى وتقصيرك فى مدح الشَّيْخ فَكيف يسعك ذَلِك مَعَ كونك لم تترجم مجسما يشبه الله بخلقه إِلَّا واستوفيت تَرْجَمته حَتَّى إِن كتابك مُشْتَمل على ذكر جمَاعَة من أصاغر الْمُتَأَخِّرين من الْحَنَابِلَة الَّذين لَا يؤبه إِلَيْهِم قد ترجمت كل وَاحِد مِنْهُم بأوراق عديدة فَهَل عجزت أَن تُعْطى تَرْجَمَة هَذَا الشَّيْخ حَقّهَا وتترجمه كَمَا ترجمت من هُوَ دونه بِأَلف ألف طبقَة فأى غَرَض وَهوى نفس أبلغ من هَذَا وَأقسم بِاللَّه يَمِينا برة مَا بك إِلَّا أَنَّك لَا تحب شياع اسْمه بِالْخَيرِ وَلَا تقدر فى بِلَاد الْمُسلمين على أَن تفصح فِيهِ بِمَا عنْدك من أمره وَمَا تضمره من الغض مِنْهُ فَإنَّك لَو أظهرت ذَلِك لتناولتك سيوف الله وَأما دعاؤك بِمَا دَعَوْت بِهِ فَهَل هَذَا مَكَانَهُ يامسكين وَأما إشارتك بِقَوْلِك ونبغض أعداءك إِلَى أَن الشَّيْخ من أَعدَاء الله وَأَنَّك تبْغضهُ فَسَوف تقف مَعَه بَين يدى الله تَعَالَى يَوْم يأتى وَبَين يَدَيْهِ طوائف الْعلمَاء من الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَالصَّالِحِينَ من الصُّوفِيَّة والجهابذة الْحفاظ من الْمُحدثين وتأتى أَنْت تتكسع فى ظلم التجسيم الذى تدعى أَنَّك برِئ مِنْهُ وَأَنت من أعظم الدعاة إِلَيْهِ وتزعم أَنَّك تعرف هَذَا الْفَنّ وَأَنت لَا تفهم فِيهِ نقيرا وَلَا قطميرا وليت شعرى من الذى يصف الله بِمَا وصف بِهِ نَفسه من شبهه بخلقه أم من قَالَ {لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير} وَالْأولَى بى على الْخُصُوص إمْسَاك عنان الْكَلَام فى هَذَا الْمقَام فقد أبلغت ثمَّ أحفظ لشَيْخِنَا حَقه وَأمْسك
وَقد عرفناك أَن الأوراق لَا تنهض بترجمة الشَّيْخ وأحلناك على كتاب التَّبْيِين لَا كإحالة الذهبى إِذْ نَحن نحيل إِحَالَة طَالب محرض على الازدياد من عَظمته وَذَاكَ يحِيل إِحَالَة مجهل قد سئم وتبرم بِذكر محامد من لَا يُحِبهُ وَنحن منبهون فى هَذِه التَّرْجَمَة على مهمات لَا نرى إخلاء الْكتاب عَنْهَا لاشتمالها على نصْرَة دين الله وَجمع كلمة الْمُوَحِّدين ونذكرها بعد اسْتِيفَاء مَا يخْتَص بترجمة الشَّيْخ
ذكر شىء من الرِّوَايَة عَن الشَّيْخ وَالدّلَالَة على مَحَله من الحَدِيث وَالْفِقْه
أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ غفر الله لَهُ بقراءتى عَلَيْهِ أخبرنَا الشَّيْخَانِ محيى الدّين ابْن الحرستانى وتاج الدّين مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن أَبى عصرون
ح وَأخْبرنَا شَيخنَا الْحَافِظ أَبُو الْحجَّاج المزى إجَازَة قَالَ أخبرنَا تَاج الدّين سَمَاعا قَالَا أجازتنا أم الْمُؤَيد زَيْنَب بنت عبد الرَّحْمَن بن الْحسن الشعرى قَالَت أجازنا الشَّيْخ أَبُو الْحسن عبد الغافر بن إِسْمَاعِيل بن عبد الغافر الفارسى أخبرنَا الشَّيْخ أَبُو إِبْرَاهِيم أسعد بن مَسْعُود العتبى أخبرنَا الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور القاهر بن طَاهِر البغدادى ولى عَنهُ إجَازَة حَدثنَا القاضى أبومحمد ابْن عمر المالكى قاضى أصطخر قدم علينا رَسُولا فى سنة أَربع وَسِتِّينَ وثلاثمائة حَدثنَا الإِمَام أَبُو الْحسن على بن إِسْمَاعِيل الأشعرى بِبَغْدَاد فى مجْلِس أَبى إِسْحَاق المروزى حَدثنَا زَكَرِيَّا بن يحيى الساجى حَدثنَا بنْدَار وَابْن الْمثنى قَالَا حَدثنَا أَبُو دَاوُد حَدثنَا ابْن أَبى ذيب عَن سعيد المقبرى عَن أَبى هُرَيْرَة أَن النبى صلى الله عليه وسلم قَالَ (السَّبع المثانى فَاتِحَة الْكتاب)
وَبِه إِلَى زَكَرِيَّا حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أَبى الشَّوَارِب حَدثنَا خَالِد بن عبد الله الواسطى حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أَبى هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (فَاتِحَة الْكتاب السَّبع المثانى الَّتِى أعطيتهَا)
وَبِه إِلَى العتبى أخبرنَا الإِمَام أَبُو مَنْصُور البغدادى سَمِعت عبد الله بن مَحْمُود بن طَاهِر الصوفى يَقُول رَأَيْت أَبَا الْحسن الأشعرى فى مَسْجِد الْبَصْرَة وَقد أبهت الْمُعْتَزلَة فى المناظرة فَقَالَ لَهُ بعض الْحَاضِرين قد عرفنَا تبحرك فى علم الْكَلَام وإنى سَائِلك عَن مَسْأَلَة ظَاهِرَة فى الْفِقْه فَقَالَ سل عَمَّا شِئْت فَقَالَ لَهُ مَا تَقول فى الصَّلَاة بِغَيْر فَاتِحَة الْكتاب فَقَالَ حَدثنَا زَكَرِيَّا بن يحيى الساجى حَدثنَا عبد الْجَبَّار حَدثنَا سُفْيَان حَدَّثَنى الزهرى عَن مَحْمُود ابْن الرّبيع عَن عبَادَة بن الصَّامِت عَن النبى صلى الله عليه وسلم قَالَ (لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب)
وَحدثنَا زَكَرِيَّا حَدثنَا بنْدَار حَدثنَا يحيى بن سعيد عَن جَعْفَر بن مَيْمُون حَدَّثَنى أَبُو عُثْمَان عَن أَبى هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ قَالَ أمرنى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن أنادى بِالْمَدِينَةِ أَنه لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب قَالَ فَسكت السَّائِل وَلم يقل شَيْئا
قد رَأَيْت رِوَايَة الشَّيْخ هُنَا عَن زَكَرِيَّا الساجى وروى أَيْضا عَن أَبى خَليفَة الجمحى وَسَهل بن نوح وَمُحَمّد بن يَعْقُوب المقبرى وَعبد الرَّحْمَن بن خلف الضبى الْبَصرِيين وَأكْثر عَنْهُم فى تَفْسِيره وَتَفْسِيره كتاب حافل جَامع قَالَ شَيخنَا الذهبى إِنَّه لما صنفه كَانَ على الاعتزال