الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَله الْحَمد على مَا يمضيه من أَحْكَامه ويبرمه ويقضيه فى أَفعاله فِيمَا يُؤَخِّرهُ ويقدمه صلى الله عليه وسلم على سيدنَا مُحَمَّد الْمُصْطَفى وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا
تمت الشكاية
ذكر الرسَالَة الْمُسَمَّاة زجر المفترى على أَبى الْحسن الأشعرى
وَهَذِه الرسَالَة صنفها الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة ضِيَاء الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن عمر بن يُوسُف بن عمر بن عبد الْمُنعم القرطبى وَقد وَقع فى عصره من بعض المبتدعة هجو فى أَبى الْحسن فألفها ردا على الهاجى الْمَذْكُور وَبعث بهَا إِلَى شيخ الْإِسْلَام تقى الدّين أَبى الْفَتْح ابْن دَقِيق الْعِيد إِمَام أهل السّنة وَقد كَانَت بَينهمَا صداقة ليقف عَلَيْهَا فَوقف عَلَيْهَا وقرظها بِمَا سنحكيه بعد الِانْتِهَاء مِنْهَا
وهى
(أَسِير الْهوى ضلت خطاك عَن الْقَصْد
…
فها أَنْت لَا تهدى لخير وَلَا تهدى)
(سللت حساما من لسَانك كَاذِبًا
…
على عَالم الْإِسْلَام وَالْعلم الْفَرد)
(تمرست فى أَعْرَاض بَيت مقدس
…
رمى الله مِنْك الثغر بِالْحجرِ الصلد)
(ضلالك والغى اللَّذَان تألفا
…
هما أورداك الْفُحْش من مورد عد)
(هما أسخنا عين الدّيانَة وَالْهدى بِمَا
…
نثرا من ذمّ وَاسِطَة العقد)
(هما أضرما نَارا بهجوك سيدا
…
ستصلى بهَا نَارا مسعرة الوقد)
(وَمَا أَنْت والأنساب تقطع وَصلهَا
…
وَمَا أَنْت فِيهَا من سعيد وَلَا سعد)
(خطوت إِلَى عرض كريم مطهر
…
أرى الله ذَاك الخطو جَامِعَة الْقد)
(أيا جَاهِلا لم يدر جهلا بجهله
…
أتعلو ثغور القاع فى قنن الْمجد)
(لقد طفئت نَار الْهوى من علومكم
…
إِلَى لتقدح نَار هديك من زندى)
(أصخ لصريخ الْحق فَالْحق وَاضح
…
فَلم لَا تصخ أصميت سمعا عَن الرَّعْد)
(وطهر عَن الإضلال ثَوْبك إِنَّه
…
لأدنس مِمَّا مَسّه وضر الزند)
(فيا قعديا عَن معالى أولى النهى
…
وَيَا قَائِما بِالْجَهْلِ ضدان فى ضد)
(أفق من ضلال ظلت تُوضَع نَحوه
…
وتسرع إسراع المطهمة الجرد)
(وَصَحَّ رويدا إِن دون إمامنا
…
سيوف عُلُوم سلها الله من غمد)
(لأيدى شُيُوخ حنكتهم يَد الْهدى
…
وأيدى كهول فى غطارفة مرد)
(يصولون بِالْعلمِ الْمُؤَيد بالتقى
…
وَقد لبسوا درع الْهدى مُحكم السرد)
(إِذا برزوا يَوْم الْجِدَال تخالهم
…
أسود شرى لَا بل أجل من الْأسد)
(وَإِن نطقوا مدت يَد الله سرهم
…
بِمَا سرهم فى الدّين يالك من مد)
(هم أوردونا أبحرا من علومهم
…
مفجرة من غير جزر وَلَا مد)
(هم الْقَوْم فاحطط رَحل دينك عِنْدهم
…
لتنشد دين الله فى موطن النشد)
(يجيئون إِن جَاءُوا بآيَات رَبهم
…
وتأتيهم إِن جِئْت بالآى عَن مرد)
(لشتان مَا بَين الْفَرِيقَيْنِ فى الْهدى
…
كشتان مَا بَين اليزيدين فى الرفد)
(ضللتم عَن التَّقْوَى وظلل هديها
…
علينا بفئ وارف الظل وَالْبرد)
(فَنحْن بهَا فى رَوْضَة من هِدَايَة
…
مفتحة الأزهار فائحة الْورْد)
(تميس بهَا أعطافنا ثنى حلَّة
…
خلوقية الأردان سابغة الْبرد)
(نشاهده حسنا ونجنيه طيبا
…
وَنَشْرَب كأس الْفضل من غير مَا جهد)
(وَرَاءَك عَن هَذَا الْمحل فَإِنَّهُ
…
مَحل جلال لست مِنْهُ على حد)
(ودونك فالبس برد جهلك مائسا
…
بعطفيك فى الإغواء يَا عَابِد البد)
(فَإِن كنت بالتجسيم دنت فعندنا
…
أسنة علم فى مثقفة صلد)
(زعمت بِأَن الله شئ مجسم
…
تبين رويدا مَا أُمَامَة من هِنْد)
(فَإِن كَانَ مسلوب انْتِهَاء جعلته
…
بقاذورة الأجساد وَالْمَيِّت واللحد)
(وفى الْكَلْب وَالْخِنْزِير والوزغ والهبا
…
وفى مثل هَذَا النَّوْع يَا وَاجِب الْقد)
(وفى البق والبرغوث والذر والذى
…
أجل وَأدنى مِنْهُ فى الْقد وَالْعد)
(وفى حشرات الأَرْض والترب والحصى
…
ضَلَالَة مَا رواكه شيخك النجدى)
(وفى سَائِر الْمَوْجُود يَا أَخبث الورى
…
مقَالا تَعَالَى الله يَا نَاقض الْعَهْد)
(وَإِن كَانَ لَا سلب انْتِهَاء جعلته
…
أقل من الْمَخْلُوق فى زعمك المردى)
(وَقلت إِلَه الْعَرْش فى الْعَرْش كَونه
…
وأنى لمحدود بِمن جلّ عَن حد)
(فحددته من حَيْثُ أنْكرت حَده
…
ويلزمك التَّخْصِيص فى العمق وَالْقد)
(وَيلْزم أَن الله مَخْلُوق خَالق
…
لقد جِئْت فى الْإِسْلَام بالمعضل الأد)
(وَقلت لذات الله وصف تنقل
…
وَحَالَة قرب عَاقَبت حَالَة الْبعد)
(وخيلت ذَات الله فى أعين الورى
…
لمحسوسة الْأَجْسَام أَخْطَأت عَن عمد)
(وحددت تكييفا وكيفت جَاهِلا
…
أقست على حاليك فى الْعَكْس والطرد)
(وَأنْكرت تَشْبِيها وشبهت لَازِما
…
وَأثبت ضد الْعقل فى منتفى الضِّدّ)
(حللت عرى الْإِسْلَام من عقدك الذى
…
تدين فجَاء الْحل من قبل العقد)
(وزيفت فى نقد اعتقادك فاغتدى
…
وَقد جَاءَ زيف الدّين من قبل النَّقْد)
(سللت حسام الغى فى غمدك الْهدى
…
فسلك من دين الْهِدَايَة بالغمد)
(بنيت ضلالا إِذْ هددت شَرِيعَة
…
فأسست بُنيان الضَّلَالَة بالهد)
(مددت لِسَانا للْإِمَام فقصرت
…
يَد الرشد فالتقصير من جَانب الْمَدّ)
(كَذَا عَن طَرِيق الدّين يَا أخفش الْهدى
…
وَصرح بِمَا تخفى عَن الدّين من ضد)
(فقد وضحت آثَار غيك فى الورى
…
كَمَا وضحت فى سوأة خصيتا قرد)
(بتبيين هَذَا الحبر من نور علمه
…
دجى عقلك الهاوى وأقوالك الربد)
(فَرد معانيك الخبيثة علمه
…
وغادرها فى الْجَهْل صاغرة الخد)
(وسل حساما من بَيَان فهومه
…
فَرد سيوف الغى مفلولة الْحَد)
وَأبْدى علوما ميزت فضل فَضله
…
كتمييز ذى البردين وَالْفرس الْورْد)
(فَجَاءَت مجئ الصُّبْح وَالصُّبْح وَاضح
…
وسارت مسير الشَّمْس وَالشَّمْس فى السعد)
(وفاضت فَفَاضَتْ أنفس من عداته
…
وغاضت وَمَا غاضت على كَثْرَة الْورْد)
(وآضت رياض الْعلم مطلولة الثرى
…
بسح غمام الْفضل منسكب الْعَهْد)
(وجادت بنشر الدّين فى عَالم الْهدى
…
فَجَاءَت بنشر لَا العرار وَلَا الرند)
(من الحكم اللاتى تضوع عرفهَا
…
فعد عَن الْورْد المضاعف والند)
(سللن سيوف الْحق فى موطن الْهدى
…
فغادرن صرعى الْمُلْحِدِينَ بِلَا لحد)
(وأيدن دين الله فى أفق الْعلَا
…
بِلَا منصل عضب وَلَا فرس نهد)
(وشيدن أَعْلَام الْحَقَائِق فى الورى
…
فَللَّه مِنْهَا من تجن وَمَا تبدى)
(ومجدن ذَات الله تمجيد عَالم
…
بِمَا يسْتَحق الله من صفة الْمجد)
(وكذبن دَعْوَى كل غاو مجسم
…
بِمَا رد من قَول لَهُ وَاجِب الرَّد)
(وأمضين حكم النَّقْل وَالْعقل فاحتوى
…
كَلَام إِمَام الْحق مجدا على مجد)
(معَان إِذا جَاشَتْ ميادين فَضلهَا
…
أخذن بأعناق الْأَنَام إِلَى الرشد)
(وَإِن كنت عدليا يحكم عقله
…
برد مُرَاد الله عَن بعض مَا قصد)
(وإمضاء مَا يختاره العَبْد من هوى
…
فَحكم إِلَه العَبْد دون هوى العَبْد)
(وتجحد تشفيع الرَّسُول وَأَنه
…
يرى الله يَوْم الْحَشْر أُفٍّ لذى الْجحْد)
(وتنفى صِفَات الله جل جلاله
…
وتزعم أَن الآى محدثة الْعَهْد)
(وَتلْزم إِيجَابا على الله فعله
…
لأصلح مَا يرضى وَأفضل مَا يجدى)
(فجانب هَاتين الطَّرِيقَيْنِ علمه
…
كَمَا جَانب القيسى فى النّسَب الأزدى)
(وَقَالَ بِإِثْبَات الصِّفَات وذاتها
…
وسلب صِفَات النَّفس عَن صَمد فَرد)
(فَمن مُوجب يَوْمًا على الله حكمه
…
وَمن ذَا الذى يحْتَج إِن هُوَ لم يهد)
(وَمن ذَا الذى يقْضى بِغَيْر قَضَائِهِ
…
وَمن ذَا الذى عَن قهر عزته يحدى)
(وَهل حَاكم فى الْخَيْر وَالشَّر غَيره
…
إِذا شَاءَ أمرا لم ترده يدا رد)
(هُوَ الله لَا أَيْن وَلَا كَيفَ عِنْده
…
وَلَا حد يحويه وَلَا حصر ذى حد)
(وَلَا الْقرب فى الْأَدْنَى وَلَا الْبعد والنوى
…
يُخَالف حَالا مِنْهُ فى الْقرب والبعد)
(فَمن قبل قبل الْقبل كَانَ وَبعده
…
يكون بِلَا حصر لقبل وَلَا بعد)
(تنزه عَن إِثْبَات جسم وسلبه
…
صِفَات كَمَال فاقف رسمى أَو حدى)
(تبَارك مَا يَقْضِيه يمضى وَمَا يشا
…
يكون بِلَا بَدْء عَلَيْهِ ولابد)
(تقدس مَوْصُوفا وَعز منزها
…
وَجل عَن الأغيار منسلب الْفَقْد)
(هُوَ الْوَاجِب الْأَوْصَاف والذات فاطرح
…
سواهَا من الْأَقْوَال فهى الَّتِى تردى)
(هُوَ الْحق لَا شئ سواهُ فَمن يزغ
…
ضلالا فَإنَّا لَا نزيغ عَن الْقَصْد)
(هُوَ الْفَاعِل الْمُخْتَار لَيْسَ بِمُوجب
…
لشئ من الْمَخْلُوق فى أنفس الْفَرد)
(وَلَيْسَ إِلَه الْخلق عِلّة خلقه
…
وَلَكِن فعل الله علية الوجد)
(وَلَا نِسْبَة بَين الْعباد وَبَينه
…
وَهل عِلّة إِلَّا مُنَاسبَة تجدى)
(هُوَ الْوَاصِل النعاب لطفا بضعفه
…
على فَقده من أمه صلَة الوجد)
(هُوَ الْخَالِق الأشباح فى ظلم الحشا
…
هُوَ الكافل الطِّفْل الرَّضِيع لَدَى المهد)
(أدر لَهُ من جلدتين لبانه
…
ولولاه لم يسق اللبان من الْجلد)
(فهذى فُصُول من أصُول كَثِيرَة
…
على قصر النّظم المقصر عَن قصدى)
(وَإِلَّا ففى أبحاثه وعلومه
…
غوامض أسرار تلوح لذى الرشد)
(أيجحد فضل الأشعرى موحد
…
وَمَا زَالَ يهدى من مَعَانِيه مَا يهدى)
(من الْكَلم اللاتى قصمن بحدها
…
عرى بَاطِل الْإِلْحَاد كالصارم الهندى)
(فيا جاحدا هَذَا الإِمَام مَحَله
…
من الْعلم وَالْإِيمَان وَالْعَمَل المجدى)
(هى الشَّمْس لَا تخفى على عين مُسلم
…
سوى مقلة عمياء أَو أعين رمد)
(فوَاللَّه لَوْلَا الأشعرى لقادنا
…
ضلالكم الهادى إِلَى أسوإ الْقَصْد)
(جزى الله ذَاك الحبر عَنَّا بفضله
…
جَزَاء يرقيه ذرى درج الْخلد)
(وحمدا لربى فَهُوَ مهديه للورى
…
وَللَّه أولى بالجميل وبالحمد)
أَيْن حطت مطايا هَذَا الْجَاهِل الغبى والمبطل الغوى والملحد البدعى
(أنخ لى إِلَى مغناه يَا بارق الْهدى
…
فقد وقدت بَين الحشا نَار هِجْرَة)
(وصلنى بتعريف مَحل قراره
…
لأوصله منى إدامة هجره)
(وأصليه من فكرى بذاكى ذكائه
…
أقلبه مِنْهُ على حر جمره)
(وأهديه من داجى الضلال بنير
…
ينير لَهُ عندى السرى وَجه فجره)
وَإِلَّا فدله على دلَالَة العصفور على حَبَّة الفخ واهده إِلَى هِدَايَة العادى إِلَى نصل الْجرْح لَا يفهم سِهَام كلامى إِلَيْهِ وأوقد سِهَام كلامى عَلَيْهِ وأفقأ بِالنّظرِ بَاب ناظريه وأفك بالبديهيات ماضغيه وأقفه من ثنايا خطاه على شفا جرف هار وأجنيه من ردايا خطله شَجَرَة خبيثة اجتثت من فَوق الأَرْض مَا لَهَا من قَرَار وأسمه بميسم الصغار وأغره عَن الْأسود بن غفار وأعلمه أَنه فى مَذْهَب أَئِمَّة الْحق ثانى اثنى
الْكفَّار إِن لم يكن عين الْكفَّار وأنتصر للثاوى فى جنَّات الله أشرف الِانْتِصَار وأوضح لَهُ أَن لَهُ فى كل زمَان أنصارا من الْأَنْصَار
(إِذا أعملوا أفكارهم نَاب قَوْلهَا
…
عَن السَّيْف يَوْم الروع تدمى شفاره)
(وَإِن أظلمت آفَاق خطب بدوا بِهِ
…
شموس معَان فاستبان نَهَاره)
وأناقش أَلْفَاظه الَّتِى باعدها من مَعَانِيهَا وأعراضه الَّتِى ثوب بِشَيْطَان الضَّلَالَة داعيها وإشارته الَّتِى نعق فى فِئَة الضَّلَالَة غاويها
(كَمَا صَاح بالمهراس إزب ضَلَالَة
…
وَكَانَ لدين الله عَاقِبَة النَّصْر)
(وَمَا برح الْإِيمَان فى كل عصرة
…
يكَاد فَهَذَا الْإِرْث فى آخر الْعَصْر)
وَهَا أَنا أناديه من كثب التِّبْيَان بِلِسَان الْبَيَان وأناجيه من وُجُوه الْعلم بمقلة الحسان وأقذى عينه من عَمه قذاها وأغسل فكره من دنس أذاها وَأَرْفَع لَهُ علم إِرَادَة هداها فإمَّا رَجْعَة إِلَى سَبِيل الرشاد عَن غية وَإِمَّا صرعة على مهاد العنا من بغيه
وَاعْلَم أرشدك الله أَن الله وعد مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِإِظْهَار دينه على الدّين كُله وَضمن لَهُ ضَمَان الْحق والصدق فى فرع الْإِيمَان وَأَصله فَتَأمل بِعَين الْإِيمَان وَقَلبه وأصخ إِلَى الْحق إصاخة مسترشد بربه كَيفَ سير الله فى الْعَالم علم هَذَا الْعَالم واستودعه فى الْمَشَارِق والمعارب قُلُوب الْأَعَاجِم والأعارب وَعم بِهِ الْمجَالِس والمدارس وأخرس عَنهُ الباغى المناقب والحاسد المنافس وَجرى بذهنه على الْإِطْلَاق جرى السَّيْل
وامتد على الْآفَاق امتداد اللَّيْل وملأ عرض الأَرْض مَا بَين السها وَسُهيْل فَلَا ينْطق ذامه إِلَّا همسا وَلَا يسمع لكَافِر فى الإعلان جرسا
(والستر دون الفاحشات وَمَا
…
يلقاك دون الْخَيْر من ستر)
إِنَّمَا يتراضعون بغضه تراضع الفئة الْفَاجِرَة ويتواضعون ذمه تواضع من ذكر الدُّنْيَا ونسى الْآخِرَة لَا يظهرونه إِلَى الإعلان عَن الْأَسْرَار وَلَا تنطق بِهِ شفاههم إِلَّا كأخى السرَار
(ويطوون دَاء الْفضل فى نشر جهلهم
…
فأقبح بِذَاكَ الطى فى ذَلِك النشر)
(هم سفهوا آراءنا وإمامنا
…
وموعدنا وَالْقَوْم مُجْتَمع الْحَشْر)
ثمَّ انْظُر إِلَى عُلَمَاء الْأمة الَّذين درجوا فى دَرَجَات الإفادة مِنْهُ وتخرجوا بِكَلِمَات الْعلم المنقولة عَنهُ كَيفَ تناقلتهم الْأَعْصَار وتهادتهم الْأَمْصَار وطلعوا فى كل أفق طُلُوع الشَّمْس ونسخوا بمحكمات علومهم كل لبس وقضوا من كشف غوامض الْكتاب وَالسّنة كل حَاجَة فى النَّفس أَئِمَّة تشد إِلَيْهِم الرّحال وتحط وعلماء تدار على أَقْوَالهم معالم الْإِيمَان وتحط كَابْن الباقلانى والإسفراينى وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَابْن العربى والغزالى والمادرى وَأَبُو الْوَلِيد والرازى وَغَيرهم مِمَّن اخْتلفت إِلَيْهِ أَعْنَاق الرفاق وملأ بِعِلْمِهِ ظُهُور الظَّوَاهِر وبطون الأوراق وطلع طُلُوع الشَّمْس فى الْآفَاق وتوازر على نَصره السَّيْف والقلم وانتشر عَنهُ الْعلم وانتشر عَلَيْهِ بِالْإِمَامَةِ الْعلم بِمَا تأصل
من أصُول هَذَا الإِمَام وتفرع من فروعه وتفرق فى أَعْلَام الْأمة من مَجْمُوعَة وأبانه من نجم هدايته الذى مَا أفل من حِين طلوعه وأبداه من دقائق الْعلم الَّتِى دلّت على أَن روح الْقُدس نفث فى روعه
(فأطلعها شمسا أنارت بهديها
…
معالم دين الله واسترشد العلما)
(هدت مبصرا فى الدّين وَاضح رشده
…
وضل بهَا من كَانَ فى هَذِه أعمى)
إِلَى غير ذَلِك من امتداد باعهم فى الْإِمَامَة وَكَون كل منتسب إِلَى علم يَقع مِنْهُ موقع القلامة
(كل صدر إِذا تصدر يَوْمًا
…
شهِدت كل أمة بعلاه)
(وَإِذا مَا ابتدى لفصل جِدَال
…
شرف الله من هدى بهداه)
فأرنى إِمَامًا من أَئِمَّة المجسمة لم يجمجم فى أَقْوَاله وَلم يخف إخفاء الْهمزَة مَا بَين حم من ضلاله إِنَّمَا يتواحر بِهِ أنحاء الْيَهُود بأنبائها إِلَى أبنائها ويتهادونه تهادى الفجرة ضَلَالَة إغوائها ويتعاوون بِهِ تعاوى الْكلاب المتجاوبة فى عوائها فأى المذهبين تكفل الله لمُحَمد صلى الله عليه وسلم فى إعلاء كَلمته وأى الْقَوْلَيْنِ أشهر شهرة وأوضح ظهورا فى مِلَّته فاجتن مَا غرسته لَك فى رياض الْعلم ناميا واجتل حسن هديتى إِلَيْك فَإِن كنت مهتديا فقد وجدت هاديا وحذار أَن ترد البضائع مَاؤُهَا عذب وتصدر فى الظهيرة ظاميا وتزيد شمس الدّين وَاضح رشدها
فتصد عَنْهَا أخفش متعاميا فَرد مشرع الدّين ليطف من حر نارك وتبصر عين الْيَقِين لتشف من عين عوارك فقد نشرت لَك علم الْعلم لتأتم بآثاره وأوضحت لَك بدر التم لتهتدى بأنواره وَأخذت بحجزتك عَن مهوى الْجَهْل فَلَا تصطلى بناره
(فَإنَّك إِن تفعل فراشة عثة
…
أَبَت بعد مس النَّار إِلَّا هلاكها)
(وَقد وضحت شمس الْأَدِلَّة فاستبن
…
وَلَا توثقن نفسا بِغَيْر فكاكها)
فَادْخُلْ أَنْت وأشياعك من بَاب سلم التَّسْلِيم وَقُولُوا حطة وتخط بواضح هَذَا التفهيم مدرجة هَذِه الْحِنْطَة وأفق بمداواة هَذَا التَّعْلِيم من مرض هَذِه الخطة وَإِلَّا فَإِن أَعْلَام الْأَئِمَّة منشورة وسيوف الْأَدِلَّة مَشْهُورَة وجيوش عُلَمَاء الْأمة فى المواقف على الْمُلْحِدِينَ منصورة وأعداؤهم مَا بَرحت شبه ضلالتهم بحجج الْحَقَائِق مقهورة {يُرِيدُونَ أَن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إِلَّا أَن يتم نوره}
(فَخذ بيد الْإِيمَان إِن كنت مُؤمنا
…
وَخذ بيد الْإِسْلَام إِن كنت مُسلما)
(وهاك يدى عهدا عَن الله أَنه
…
سيكفيك إِن تابعت رأيى جهنما)
فقد وَالله محضتك النَّصِيحَة مرشدا وَأخذت بِنَفْسِك مغورا فَأخذت بك منجدا
(لأشفيك يَا عَارِيا مُبْطلًا
…
بطبى من دائك الممرض)
(وأقضيك عَن عرض هَذَا الإِمَام
…
وَإِن كنت للذل لَا تقتضى)
(وأهديك من كَلِمَات الْهدى
…
بهادى سنا بارق مومض)
(وأكحلك بالصاب أَو بالجلا
…
فَفتح لكحلى أَو غمض)
وَلَو عقلت رشدك وصنت عَن الاغتياب عقدك لحسن بك أَن تتخالف عَن هَذَا المشرع الذميم وتتحلى بِهَذَا العقد النظيم من كَلِمَات الْفَاضِل الْحَكِيم
(لَا تضع من شرِيف قدرا وَإِن كنت
…
مشارا إِلَيْك بالتعظيم)
(فالشريف الْعَظِيم ينحط قدرا
…
بالتعدى على الشريف الْعَظِيم)
(ولع الْخمر بالعقول رمى الْخمر
…
بتنجيسها وبالتحريم)
وَلَا تطرد هَذَا الْقيَاس أيدك الله فى وفيك وَخذ جَوَاب ذَلِك قبل أَن تنطق بِهِ شفتا فِيك فَإِن الله لم يدنك من رتب جلالته وَلَا رقاك إِلَى أقل جُزْء من عالى دَرَجَته
(فَإنَّك لَا تدرى بأية موطن
…
وَلَا أى وصف أَنْت فِيهِ من الْخلق)
(سوى أَن قولا مِنْك جَاءَ فدلنا
…
على أَن هَذَا القَوْل مَال عَن الْحق)
(وحاد عَن التَّقْوَى وجار على الْهدى
…
وجانب فى إعراضه جَانب الصدْق)
(أتهجو إِمَام الْمُسلمين وَقد مضى
…
إِلَى الله لَا قدست فى ذَلِك النُّطْق)
(أجدك أَنى فِيك قَالَ فَلَا ترم
…
مَكَانك أَو تلقى إِلَى كَمَا ألْقى)
(لتَحكم فِينَا آيَة الْبعد أمرهَا
…
فتأفل فى غرب وأطلع فى شَرق)
(وتشرب كأسا من ضلالك بَاغِيا
…
فقد أترعت جهلا من المورد الرنق)
(عذيرى لَو أَلْقَاك يَوْمًا بنجوة
…
ضربتك بِالسَّيْفِ المهند فى الْفرق)
وَاعجَبا لعين عميت عَن نور مَلأ شَرق الأَرْض وغربها وهداية أسبلت على فِئَة الضَّلَالَة غربها وجمعت على الائتمام بِهَذَا الإِمَام عجم الْإِسْلَام وعربها
(فطبق آفَاق الورى فيض فَضله
…
وَفَاء عَلَيْهِم بِالْهدى فئ ظله)
(وَقَامَت بحار الْعلم مِنْهُ فَأَصْبَحت
…
ووبلك مغمور بقطرة طله)
(إِلَيْك فَهَذَا مورد مَا وردته
…
وَرَاءَك حل الْفضل فِيهِ لأَهله)
(فَلَا فرع فى الْإِسْلَام زاك كفرعه
…
وَلَا أصل فى الْإِيمَان هاد كَأَصْلِهِ)
(فَمَا انتصرت مِنْهُ مابحث علمه
…
على عقله حَتَّى اسْتدلَّ بنقله)
(وَلَا امْتَدَّ إِلَّا من عُلُوم رَسُوله
…
وَلَا قَالَ إِلَّا عَن صائح فَضله)
(وَلَا أم إِلَّا معجزات كِتَابه
…
إِذا أم بحاث مُجَرّد عقله)
(هُوَ السَّيْف ماضى الشفرتين فخله
…
وَإِلَّا فمقتولا أَرَاك بنصله)
هَذِه أيدك الله جالية صدأ الدّين ومقذية عَمه الْعين والعقيدة الآخذة يَمِين الْإِرْشَاد والذخيرة الهادية إِلَى سَبِيل الرشاد أنرت لَك بهَا مسالك سَبِيلك ورميت بشهاب حَقّهَا شَيْطَان تضليلك وجعلتها حجَّة على شبهك ومحجة لدليلك وأجنيتك بهَا روض الْإِيمَان لما حنظلت شجراتك ورويتها نارى الإتقان لما أمرت بمرآتك فاعش إِلَى ضوء نارها وَاقِف محَاسِن آثارها وَضعهَا غرَّة فى جبينك وَاجْعَلْهَا درة فى يَمِينك وأصخ بسمعك إِلَى داعى وَاجِب الْإِجَابَة وأمهد لنَفسك فى مغرس الْإِنَابَة ومقيل الإثابة فَإنَّك خطوت فى بهماء مظْلمَة وسعيت فى دحض مزلة
(أَسَأْت وَمن يسئ يَوْمًا يساء
…
رويدك فالجزاء بهَا وَرَاء)
(هجوت الأشعرى إِمَام حق
…
بفيك الترب فَانْطَلق مَا تشَاء)
(ستعلم أَيّنَا أهْدى سَبِيلا
…
إِذا وَقع الْحساب أَو الْجَزَاء)
(وأى المذهبين أصح قولا
…
وتنزيها إِذا كشف الغطاء)
(وَتشهد فى الْقِيَامَة أَن ربى
…
سيشهد أَنه مِنْكُم برَاء)
(أتزعم أَن رب الْعَرْش فِيهِ
…
وتزعم أَن ذَاك لَهُ وعَاء)
(فَإِن ألزمته فِيهِ قرارا
…
فَذا زمن وَقد طَال الثواء)
(وَيلْزم أَنه إِن كَانَ فِيهِ
…
خلت مِنْهُ البسيطة وَالسَّمَاء)
(وَإِن حركته مِنْهُ تَعَالَى
…
فَيلْزمهُ حُدُوث وانتهاء)
(وَيلْزمهُ التنقل فى محَال
…
يُعَاقِبهَا خلاء أَو ملاء)
(فَلم تتْرك من التَّشْبِيه شَيْئا
…
سوى أَن قيل قد فقد السوَاء)
(فداو الدّين من عَمه ورين
…
فَإِن الْعلم وَالتَّقوى دَوَاء)
(فقد صديت فهومكم وصدت
…
عَن المثلى وَقد وجد الْجلاء)
(وأمرضها فَسَاد الْعقل مِنْهَا
…
مَعَ التَّخْلِيط وَامْتنع الشِّفَاء)
(وَإِن كنت اعتزلت الدّين رَأيا
…
تحالفه الشقاوة والغباء)
(وَأثبت الْمَشِيئَة للبرايا
…
وَلم تثبت لِرَبِّك مَا يَشَاء)
(وَأنْكرت الْقَضَاء لَهُ انفرادا
…
فَقلت لعَبْدِهِ أَيْضا قَضَاء)
(وأوجبت الصّلاح عَلَيْهِ حكما
…
يُخَالِفهُ العبيد إِذا أشاءوا)
(فَمن يقْضى عَلَيْهِ إِن عصوه
…
أمقهور إلهك أم مسَاء)
(وعجزا عَنْهُم أم رفض فرض
…
عَلَيْهِ إِن قَوْلكُم هزاء)
(وَإِن تَكُ ملحدا فى الدّين أضحى
…
على عينى كِتَابَته غشاء)
(يعاند لَا لِمَعْنى يَقْتَضِيهِ
…
سوى أَن جانبته الأتقياء)
(ففى يمنى الشَّرِيعَة سيف حق
…
يُؤَيّد نصله أَسد ظماء)
(نطهر ديننَا بدماء قوم
…
وَإِن نجست بِهِ تِلْكَ الدِّمَاء)
(فَمَا خفيت وُجُوه الْعلم لَكِن
…
هواكم عَم أَو غلب الشَّقَاء)
(وَأَيْضًا غركم شَيْطَان جهل
…
ألب بكم وأفئدة هَوَاء)
(ودلالكم غرُورًا فى هواكم
…
كَمَا دليت على الرخو الدلاء)
(تَأمل يَا سقيم الْفَهم هَذَا
…
فَإِن الْحق لَيْسَ بِهِ خَفَاء)
(وحصرى الحكم إِثْبَاتًا ونفيا
…
لمعتل الدَّلِيل بِهِ شِفَاء)
(كأنى بالمجسم يَوْم حشر
…
وَقد ضَاقَتْ بِهِ الأَرْض الفضاء)
(فَنَكس رَأسه مِنْهُ حَيَاء
…
وَلَكِن فَاتَ فى الدُّنْيَا الْحيَاء)
(سيندم حِين يسْأَله رُجُوعا
…
فَيسمع لَا لقد حم الْقَضَاء)
صرف الله قُلُوبنَا عَن غباوة الْخَطَأ وغواية الخطل وبصرنا بهداية الْعَمَل عَن عماية الزلل وَأخذ بِأَيْدِينَا عَن معانقة الأمل إِلَى مراقبة الْأَجَل وأظلنا بِظِل عَرْشه فى الْموقف الجلل وهدانا إِلَى اتِّبَاع خير الرُّسُل وملة أشرف الْملَل صلى الله عليه وسلم وعَلى آله وَأَصْحَابه المهتدين بِهِ والهادين إِلَى أشرف السبل وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
تمت بِحَمْد الله وعونه صلى الله عليه وسلم على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا إِلَى يَوْم الدّين