الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من كونه يلقي الأوامر والتعاليم من غير تمثل لها. وعندئذ يسقط المعلم وتسقط تعاليمه بعيدا عن وجدان التلاميذ، ولا تكون المدرسة إلا وسيلة لإدراك بعض المعارف النظرية التي لا وجود لها في التطبيق، ولا يخرج منها مجتمع متماثل قوامه العقيدة والأخلاق والمثل. وهذا ما نشاهده الآن في مدارسنا وفي مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
وإذا كنا نشدد على القدوة الصالحة في شخصية المعلم، فإننا أكثر تشددا في الحرص على الثقافة الإسلامية، ومداومة الاطلاع على تفاسير القرآن وكتب الحديث والسيرة النبوية، والتعرف على أصول العبادات والأحكام الإسلامية. حتى يستطيع المعلم أن ينقل الصورة السليمة عن هذه المعارف إلى تلاميذه، وأن يتضح الفرق بينه وبين أطفاله في فهم أبعاد المواقف والقضايا الإسلامية. وقد لا أكون مغاليا إذا قلت إن كثيرا من معلمي التربية الإسلامية لا يقرأ القرآن قراءة صحيحة؛ وذلك لأنهم غالبا ما يكتفون بما تعلموه في معاهد التربية للمعلمين والمعلمات، ولا يتجهون بعد التخرج إلى المعرفة ينهلون منها وهي فيض لا ينتهي وخاصة في علوم القرآن وقراءاته وأساليبه.
الجو المدرسي وأثره في التربية الدينية:
إن المدرسة التي لا تهيئ لأبنائها جوا دينيا ينصهر فيه المعلمون والمتعلمون معا، لا يمكن أن تحقق شيئا من تعاليم الإسلام، عن طريق التلقين والموعظة والامتحانات والتقويم وغير ذلك مما يقوم به البعض عادة بحكم الوظيفة والمهنة. والدين كما يجب أن يعرف سلوك وتطبيق. لا أقوال ورموز، لذلك يجب أن يكون في كل مدرسة ابتدائية مصلى وأن يذهب الأطفال والمعلمون إلى هذا المصلى في أوقات الصلاة، وأن تقام الندوات والمناظرات
الدينية بصورة دائمة بحيث تتفق وعقول التلاميذ وتتلاءم مع حاجاتهم وأفكارهم وتصوراتهم عن الله والرسل والكون والعالم الآخر، وغير ذلك مما تعبر عنه أسئلتهم في الدروس وخارجها. ويجب أيضا أن يوجه التلاميذ إلى نشاط ديني يمارسونه بصورة جادة وهادفة، كما يمارسون الألعاب والتربية البدنية. وذلك كأن يسند إليهم تنظيم المسجد ومكتبته والمساهمة في رعايته وتنظيفه والإشراف عليه، وأن نحفزهم على إعداد كلمات في المناسبة الدينية ونوليهم الاهتمام بقراءتها وتقديرهم عليها، ومساعدتهم على إبراز هذه الكلمات في مجلات للحائط، وأن تكون المكتبة الإسلامية المبسطة رفيقة لهم في كل صف ومع كل مرحلة. وإن كانت الكتب الدينية التي تليق بمستوى تلاميذ المرحلة الابتدائية قليلة، فإن الأمل كبير أن يتجه بعض الكتاب الإسلاميين إلى وضع مثل هذه الكتب. وأن يعتمدوا في منهجهم على أحداث السيرة النبوية ومواقف الصحابة، وقصص القرآن، وسير عظماء الإسلام والقادة والدعاة. واهتمام المدرسة بإعداد تمثيليات دينية يقوم فيها التلاميذ بتمثيل أدوار البطولة في الإسلام، له أثر كبير في خلق روح العظمة عند الأطفال، وتوجيههم إلى حب الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته عن طريق التقليد والمحاكاة. لأن هذا طبع الأطفال، يحبون البطولة ويميلون إلى تقليدها، وبدلا من أن نتركهم يقلدون ما يرونه على شاشة السينما والتلفزيون ويتصورون أن هذه الأشياء هي غاية ما يمكن أن يتمثلوا به في حياتهم. نبين لهم أن هذه بطولات مصطنعة. أما البطولة الحقيقية فقد كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، وعند القادة والزعماء والدعاة الإسلاميين في مختلف العصور.
والطرق التربوية الحديثة تتفق وأهداف التربية الإسلامية. فإذا أردنا تطبيق أحد هذه الطرق في التربية الإسلامية وجدنا لها مجالا خصبا في تعاليم الإسلام.
فمثلا:
1-
طريقة حل المشكلات:
يعرض فيها المعلم مشكلات يطلب من التلاميذ التوصل إلى حلها، ويساعدهم في التوصل إلى الحل الصحيح، ولا يخفى علينا أن تعاليم الإسلام وتشريعاته كلها جاءت حلا لمشكلات الحياة حاضرها ومستقبلها، وكان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإجابة على مشكلة تعترض المسلمين، أو موقف في الحياة يحتاج إلى تفسير وتحليل. وعلى المعلم أن يصل إلى ما يريده من التعاليم والأحكام من خلال هذه المشكلات، وأن يربط المشكلة بالحكم الإسلامي الذي يريد بيانه للتلاميذ.
2-
طريقة المشروع:
أ- وهي طريقة تقوم على انتقاء مشروع ما أو عدة مشاريع وإعدادها من قبل المعلم، ثم يعرضها على التلاميذ ليختاروا منها ما يتلاءم معهم.
ب- تنظيم خطة المشروع، وتوزيع الأدوار والعمل.
ج- تنفيذ الخطة.
د- تقويم المشروع والنظر في النتائج التي تنجم عنه، وفيما توصل التلاميذ إليه من أهداف ونتائج.
ويجب أن تسير هذه الخطوات في جو من التعاون والتآلف بين التلاميذ والمعلم، ويمكن تطبيق ذلك بنجاح في دروس السيرة النبوية، فنأخذ مثلا هجرة رسول الله، أو غزوة بدر، أو فتح مكة، أو صلح الحديبية أو غير ذلك من أحداث السيرة. ونضع مسرحيات يحفظها التلاميذ ويتمرن جميع التلاميذ على إلقائها ثم نختار أحسنهم للتمثيل. ويهتم الآخرون بالأعمال المتصلة بالمسرحية. كإعداد المسرح. وتجهيز الملابس. والإشراف على الأنوار والمقاعد وغير ذلك