الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتعاون الجميع على البر والتقوى، وأن يأخذ غنيهم بيد فقيرهم. ومن هنا كان قول الله تعالى في سورة الزخرف:
{وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} .
وهذه المبادئ الإسلامي ترفض مطامع أصحاب رءوس الأموال وجشعهم في الحصول على الثروة باستغلال الضعفاء، واستخدام الربا وعدم إخراج الزكاة، والتهرب من الصدقات الواجبة، كما ترفض أيضا مبادئ الشيوعية في الاستيلاء على الأموال وغير ذلك من المبادئ التي تقوم على المغالاة يمينا أو يسارا وإن ذلك ليحقق قول الله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً} فالإسلام بحق هو الذي يحقق التوازن بين الشيوعية والرأسمالية، وهو دين العدالة والكفاية والرحمة.
كيف تدرس الزكاة في المرحلة الابتدائية:
من الضروري قبل أن نتكلم في طريقة تدريس الزكاة كأحد عناصر المنهج الديني في المدارس الإسلامية، أن نلقي نظرة على الأهداف التربوية لهذا المنهج.
إن الزكاة في الإسلام كما سبق تمثل عنصرا هاما من عناصر بناء المجتمع الإسلامي، وهي فوق أنها ركن من أركان الإسلام فإنها تعد فلسفة تربوية ذات هدف محدود يتعلق بمشكلات الحياة، ذلك الهدف الذي رسمه الإسلام لتحقيق العدالة الاجتماعية والأمن والمحبة بين أبنائه، وعمد أن يجعل من هذا المبدأ الاقتصادي الهام وسيلة للحد من سيطرة المال على نفوس الناس، وبالتالي من سيطرته على المجتمع، وكان الإسلام بذلك سابقا لكل النظريات والأراء
الاقتصادية التي جاءت بعده محاولة تحقيق العدالة الاجتماعية والحد من سيطرة رأس المال، كما في النظريات الاشتراكية وغيرها من النظريات. وإن كانت الحاجة ماسة في كل منهج تربوي، أن يكون مرتبطا بالأهداف التربوية وبمشكلات الحياة. فإن الزكاة في المنهج الإسلامي يجب أن تعد فلسفة اجتماعية وهدفا تربويا تتخذ له كافة الوسائل المعينة على نقل المنهج إلى مجال التطبيق، ولن يتم ذلك عن طريق الحوار والمناقشة بين المعلم وتلاميذه، أو عن طريق عرض القيم والمثل التي تعمل الزكاة على إبرازها في المجتمع الإسلامي. إنما يتم عن طريق تحديد طبيعة السلوك المناسب للحياة الإسلامية:
ومن أجل هذا يجب:
1-
أن تقام في كل صف دراسي جماعة تسمى "جماعة الزكاة" يشرف عليها معلم يتحلى بتلك القيم الإسلامية، بقصد توجيه سلوك التلاميذ نحو التعامل مع هذه الفريضة في نطاق ما يملكون، وأما ما يتصورونه مستقبلا، وأن يعودهم أولا على الصدقة والإحسان، وثانيا على الهدف الأهم من الزكاة وهو التعاون، وثالثا على مواجهة الميول والحاجات طبقا لفلسفة إنسانية هي فلسفة الزكاة.
2-
تكوين مدركات ومفاهيم وتعميمات حول الزكاة وطريقة أدائها ونتائجها المباشرة وغير المباشرة على الفرد والمجتمع.
3-
محاولة الوصول إلى التوافق الشخصي والاجتماعي عن طريق التعود على العطاء والمنح، والرضا أيضا بالقبول والأخذ من غير وجود حساسيات بين المعطي والآخذ، لنصل من خلال ذلك إلى المفهوم الإسلامي عن الغني والفقير وحاجة كل إلى الآخر.
4-
العمل الصادق من خلال المدرسة على تكوين عادات حسنة تنتشر بين
التلاميذ، لا يكتفى لخلقها على الحصص الدراسية، وإنما يجب أن يحدد لها وقت من أوقات الدراسة، يقوم فيه التلاميذ بالممارسة العملية تحت إشراف رائد ممتاز، يراقب ما يجري هناك بعيدا عن التدخل أو فرض إرادته، ثم يلتقي بهم بعد ذلك ليبين لهم أوجه الصواب والخطأ، متخذا من المبادئ الإسلامية الدليل والبرهان.
5-
التركيز في دروس الزكاة على خلق فلسفة للحياة تمس وجدان الطفل وميوله، وبيان تلك الفلسفة بالطرق العملية والوسائل الموضحة التي تساعد على تكوين سلوك محدد، وصور من التفكير والتعليل قائمة على الفهم والتقدير لهذه الفريضة الإنسانية "فريضة الزكاة".
ولو تصورنا درسا نظريا عن الزكاة بالمدرسة الابتدائية فإنه يجب أن يتخذ هذه الخطوات:
1-
التمهيد:
ويكون بأسئلة توضح قيمة التعاون وأثره في حياة التلميذ مع أسرته وزملائه والمحيطين به.
2-
بيان الهدف المقصود من الدرس.
3-
الغرض:
ويمكن أن يكون على النحو التالي:
أ- قصة رمزية أو واقعية تبين جزاء الله لمن زكى عن ماله ومكانته بين الناس، وحرص الناس على معاونته والتقرب إليه، وكثرة الخير بين يديه، وأمانه على ماله ونفسه.
ب- تمثيل عملية الزكاة بين مجموعة من التلاميذ، وبيان أثر ذلك فيما بينهم حين يتحقق فعلا.
جـ- ذكر بعض آيات القرآن الدالة على الزكاة وتوضيحها بصورة مبسطة.
4-
الحوار والمناقشة:
ويكون ذلك في القصة التي عرضها المعلم، ثم في معنى الآيات الدالة على الزكاة، مع ربط المناقشة بما هو واقع في حياة الطفل من وجود فقير وغني وضعيف وقوي، وصلة الزكاة في الربط بينهم.
5-
التقويم:
ويكون بمحاولة معرفة إن كان الهدف من الدرس قد تحقق أم لا.
وعلى المدرس أن يحاول من خلال ذلك كله أن يبين الحكمة من تشريع الزكاة، وأن يوضح الآثار الاجتماعية لها، وأن يربطها بالحياة الواقعية، هذا مع الحرص على التعامل مع جماعة الزكاة التي تكون في كل صف، حتى تتأكد تلك القيمة الإسلامية العليا في نفوس التلاميذ وتصبح مسلكا لهم في حياتهم.