الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: نماذج لإعداد دروس التربية الإسلامية بالمرحلة الابتدائية
نظرة حول طرق التدريس
…
الفصل الرابع: نماذج تدريبية لإعداد دروس التربية الإسلامية
نظرة حول طرق التدريس:
قبل أن أعرض عليك شيئا من هذه النماذج أحب أن تعرف بعض المفاهيم التي أوردها علماء التربية عن طريقة التدريس، والتعاريف التي حاولوا أن يطلقوها وأن يدخلوها في نطاقها، ولا يقتضي الأمر منا أن نفرق من تاريخ التربية عبر العصور لنتعرف على ذلك، وإنما يكفي أن نشير إلى بعض ما أورده علماء التربية في العصر الحديث.
فقد اتفقوا إلى أن طريقة التدريس يجب أن تؤدي إلى:
1-
إثارة الميل:
أي: أن تقوم طريقة التدريس على إثارة ميل في التلميذ، وإثارة الميل كما يقول الدكتور أبو الفتوح رضوان1: "هي تنبيه رغبة من نفس التلميذ أي: حفزه إلى أن يرغب في شيء، أو في أن يعمل شيئا في نتيجته أن يتعلم، أي: أن يغير سلوكه، والرغبة، إحساس داخلي يظهر نتيجة لموقف يخرج هذه الرغبة من حيز القوة إلى حيز الفعل، هذا الموقف المثير لا تعنينا طريقته ولا كيف يتفق، قد يكون حادثة حدثت في البيئة وقد يكون خبرا في جريدة، وقد يكون موقفا أوجده المدرس وهندسه وحبك أطرافه فلا يكون للتلميذ مناص من أن يتنبه إليه
1 منهج المدرسة الابتدائية ص138 دار القلم الكويت 1393 هـ-1973م.
ويرغب في العمل فيه ومنه ثم يتعلم، وعلى ذلك فالمهم أن يتوافر موقف تعليمي سواء أكان طبيعيا أم صناعيا، يثير رغبة التلميذ ويؤدي إلى خبرة أو تجربة ومن ثم إلى تغيير في السلوك، فالمسألة ليست مسألة التلميذ وحده، وإنما هي عملية تفاعل بين المدرس والتلميذ والموقف الخارجي، ويترتب على هذا إيقاظ رغبة التلميذ في أن يتعلم".
2-
بروز الهدف:
أي: جعل التلميذ يشعر بأن العملية التعليمية سوف تحقق له هدفا يسعى هو إليه، ويحس من خلاله براحة نفسية وسعادة ليس في استطاعته الحصول عليها بغير عملية التعلم، ومن أجل ذلك يسهل الصعب، وتمتد الحوافز، وترتفع الهمم، ويقف التلاميذ من عملية التعلم موقف القبول والرضا.
لهذا كانت طريقة الإلقاء والحفظ طريقة عقيمة وغير مجدية في عملية التعلم، فالمعلم الذي يهتم بالإلقاء ويحرص على أن يحفظ تلاميذه الآيات القرآنية، والحديث الشريف بدون غرض واضح وهدف محدد لديهم، سرعان ما ينسون هذه الآيات وهذه الأحاديث علاوة على عدم فهمهم لمضمونها وما يتصل منها بحياتهم وحياة الناس.
أما إذا أبرز المعلم الهدف منها، وساقها بحيث تلتقي والغرض الذي ينشده التلميذ من موقفه التعليمي، فإنه فوق إدراكه لها وفهم معنها تصبح عملا حياتيا له، وتؤثر في سلوكه وانفعالاته تأثيرا إيجابيا، ويكون ذلك في الغالب بربط الدرس بمشكلة اجتماعية، بل جعل المشكلة محورا تدور المعاني المراد إبرازها حوله.
3-
وضع الخطة:
الخطة المثلى هي تلك التي يضعها المدرس والتلاميذ معا فتكون مفهومة للتلاميذ، وتتضمن أن يسير النشاط التعليمي بذكاء من جانب التلاميذ، لذلك يجب أن يشرك المعلم تلاميذه في وضع خطة الدرس بأي صورة من الصور.
وهناك عدا الخطة التي يضعها المدرس مقدما ثم يصل إليها مع التلاميذ بطريقة الحوار عن طريق توجيههم في عملية تفكير سليمة يعرف نتيجتها مقدما، ويحرص من خلالها أن يصل إلى الفرض الذي يحفز التلاميذ على قبول عملية التعلم والحرص عليها والاهتمام بها.
4-
تنفيذ الخطة:
سواء أكانت موضوعة من قبل المعلم والتلاميذ أو كانت موضوعة من قبل المعلم وحده، المهم أن تنفيذ الخطة بحيث تحقق الغرض من الموقف التعليمي بالصورة التي يحس فيها التلاميذ بأن هذا الفرض جزء من حياتهم يحرصون عليه ويهتمون به، ويشعرون بالسرور لمناقشته والعمل من أجله.
5 المراجعة:
أي: مراجعة النفس ومحاسبتها ونقد الخطة ومحاولة التعرف هل حققت أغراضها؟ هل وصلت بنا إلى الأهداف المرجوة؟ هل تفاعل معها التلاميذ ووصلت بهم إلى الفرض من العملية التعليمية؟ هل أثرت في السلوك وعملت على تعديل الاتجاهات؟ والمراجعة بالطبع تقتضي تعديل الخطة إذا لزم الأمر، والإسراع أو الإبطاء في التنفيذ، والإضافة أو الحذف من الموضوعات المقررة على التلاميذ.
6-
التقويم:
ويشترك فيه المعلم مع تلاميذه، ويرجى منه الإجابة على الأسئلة التي تطرح نفسها دائما، هل نجحت العملية التعليمية؟ هل حققنا غرضنا منها؟ هل تغير سلوكنا نتيجة الدرس عدا فن التهذيب أي: إننا يمكن أن نقول: هل الصداقة والمحبة والتعاون والإيثار والتضحية والوفاء والصدق والعدل أصبح سلوكنا كما هي أهداف دروس الدين؟ هل بعد أن درس التلاميذ ما درسوا تغيرت اتجاهاتهم وتعدل سلوكهم؟ إذا كان هذا قد حدث فقد تعلم التلاميذ وأثمر لتعليم، والتحقق من هذا هو معنى التقويم، والمراجعة والتقويم عمليتان متصلتان، أو هما جزءان لعملية واحدة أولاهما أثناء النشاط التعليمي وتتم الأخرى في نهايته.
وأحب أن أبين للمعلمين والمعلمات أن مراعاة هذه الشروط ليست بالأمر العسير، فهي لا تتعدى وقفة تأمل عند نهاية كل موضوع، أو عند الانتهاء من وحدة تعليمية كاملة "كالصلاة أو الزكاة مثلا" ومحاولة جعل التلاميذ يؤدون مضمونها عملا وقولا مع الحوار والمناقشة، إن هذا حقا يجعل الدروس مثمرة، ولا تعنينا بعد ذلك طريقة بعينها، وإن كان من المستحب أن ينتقل المدرس بين الطرق حسب الظروف والمواقف، أي: لا يتعصب لطريقة بعينها مهما قيل عنها إنها حديثة أو قديمة، ويكون معيار اختياره للطريقة هو مدى قدرتها على تحقيق الأسس الستة السابقة، ومتى تحققت هذه الأسس فكل الطرق سواء.
أما تعريف الطريقة كما جاء في بعض كتب التربية الحديثة فهو:
عرفها:
"إدجار بروس ويزلي" فقال: هي سلسلة من النشاط الموجه للمدرس الذي ينتج عنه تعلم لدى التلاميذ أو هي العملية أو الإجراء الذي يؤدي تطبيقه
الكامل إلى التعلم وهي الوسيلة التي عن طريقها يصبح التدريس فعالا1.
ويعرفها الأستاذان: علي الجمبلاطي وأبو الفتوح التوانسي بأنها الأساليب التي يتبعها المدرس في توصيل المعلومات إلى أذهان التلاميذ2.
وعرفها: الأستاذ محمد عطية الإبراشي "بأنها الوسيلة التي نتبعها لتفهيم التلاميذ أي درس من الدروس في أي مادة من المواد، أو هي الخطة التي نضعها لأنفسنا قبل أن ندخل حجرة الدراسة ونعمل لتنفيذها في تلك الحجرة بعد دخولها"3 أما المربي الأمريكي "كلباترك" kILPATRIC-K فيرى أن الكلمة طريقة التدريس معنيين: معنى محدودا ويقصد به إيصال المعلومات إلى التلاميذ: ومعنى شاملا: ويقصد به إكساب المعلومات والمهارات مضافا إليها وجهات نظر وعادات من التفيكر وغيره4.
ويرى الأستاذ محمد عبد الرحيم غنيمة: أن طرق التدريس تعني الوسائل العملية التي بها تنفذ أهداف التعليم وغاياته5 وهي نظرة شاملة تندرج تحتها الإدارة التعليمية، والفكر التربوي وطريقة التدريس والنشاط النفسي والاجتماعي والرياضي المتصل بعمليات التعليم.
1 Edgar Bruce، mesly. teaching Social Studies in High Schools "The third Edittion " Boston U. S. A 1950 pp 421-422.
2 الأصول الحديثة لتدريس اللغة العربية والتربية الدينية ص23 دار نهضة مصر - القاهرة 1971م.
3 روح التربية والتعليم ص267 ط عاشرة. القاهرة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه.
4 التربية وطرق التدريس ط ثالثة للأستاذين صالح عبد العزيز وعبد العزيز عبد المجيد ص242. دار المعارف بمصر - القاهرة.
5 تاريخ الجامعات الإسلامية الكبرى ص177 وما بعدها. تطوان المغرب. دار الطباعة المغربية 1953م.
ويرى كثير من علماء التربية أن طريقة التدريس تعني التخطيط الدقيق للمادة العلمية وتنظيمها تنظيما ميسرا، يجعلها في متناول إدراك تلاميذ كل مرحلة من مراحل التعليم، وأن المعلم وحده هو المسئول عن هذا التخطيط وتنفيذه، بالطريقة التي يراها ملائمة له ولمستويات تلاميذه، مع محاولة التأثير في سلوكهم وتغيير عاداتهم.
وهذا يجعلنا ندرك أن طريقة التدريس هي وسيلة المدرس لتحقيق أهداف العملية التربوية بكل مشتملاتها التعليمية والسلوكية والأخلاقية والنفسية.
لذلك فإننا نستطيع أن نقول إن طريقة تعنى أكثر من مجرد أداة لتوصيل المعلومات والمعارف إلى ذهن المتعلم.
إنها بالدرجة الأولى أداة لمساعدة المتعلم على اكتساب المهارات والعادات والاتجاهات والميول والقيم المرجوة لأي مجتمع من المجتمعات؛ لأننا نعلم أن هذه الأمور جميعها قابلة للاكتساب والتغيير والتعديل، والعملية التربوية هي التي تقوم بذلك، وطريقة التدريس جزء من العملية التربوية بل تعد الأساس الأول لها.
إن المعلم الجيد يجب أن يدرك أن التغير المطلوب من سلوك المتعلم هو الهدف الأساسي لعملية التدريس، وأن نجاح التدريس وطريقته إنما يقاس بمقدار ونوعية التعلم الذي ينتج عنه لدى المتعلم، والذي يرى من سلوكه وقيمته قبل أن يرى من معارفه.
وقد تبين بعد الدراسات التربوية الدائمة والمتصلة أن نشاط التدريس وموقف المدرس وعمله متعدد الجوانب: فهو يشمل التحدث والشرح، والوصف، والتصوير، والتوضيح، وضرب الأمثلة وإجراء التجارب،