الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الابتدائية على وجه الخصوص ذات أهمية كبرى، إذ عن طريقها نبني العزائم، ونوحد الأهداف وننشئ الإرادة، ونجدد النفوس التي أبلاها الطمع في الدنيا، والسعي وراء الشهوات والأهواء، ونقوم الخلق الذي حاولت الأمم غير الإسلامية أن تميته أو تجعله في غفلة دائمة بعيدا عن أخلاق الإسلام الحقة، وعن أخلاق رسول الإسلام، والتلاميذ في المرحلة الابتدائية، هم رجال الغد، ومهمتنا كمربين أن نخلق منهم جيلا إسلاميا يتأسى برسول الله وبصحابته فيما يقولون ويفعلون، وأن يتخذوا منهجهم في الحياة على أسس من الأخلاق التي تبني عزائم الرجال فلا تنهار عند الشدائد، وتعلمهم أن الموت في سبيل الأهداف السامية هو الذي يهبهم الحياة والخلود.
أهداف تدريس السيرة:
1-
تكوين نفسية الطفل وبنائها على حب العظمة وتقليد رسول الله وأصحابه. ولا شك أن الطفولة مجال خصب لغرس المبادئ والقيم التي ينشدها مجتمع من المجتمعات، وهي محتاجة دائما إلى القدوة التي تشهد من خلال تعاملها معها واتصالها بها دلائل العظمة والتضحية وصدق الإرادة. وقد يجد الطفل في الأب والأم والمعلم أو المعلمة بعض رغباته، ولكن طموحه وتطلعه إلى الأسمى يجعلانه يشعر بالألم والحسرة، عندما يلاحظ بعض أوجه النقص أو الضعف في هؤلاء الذين تعلق بهم وحاول أن يتخذهم قدوة.
وعندئد سنجده قد اتجه إلى أشياء خيالية يراها في القصص والمسلسلات، واتخذ من أبطالها الوهميين غاية له، يحاول تقليدها وترسم خطاها. ليصل من خلال ذلك إلى إرواء رغبته الجامحة في العظمة والقوة، وتتعدد الروايات، ويتعدد القراء وتختلف الاتجاهات، وتتضارب الشخصيات. وينتج عن ذلك
جيل مختلف في كل شيء. فلا تتفق طباعه ولا تتوحد مناهجه، وينشق على نفسه في صورة مخيفة تهدد المجتمع بالتمزق والانهيار، وهذا ما شاهدناه في فترات مختلفة من حياة أمتنا الإسلامية، وما نشكو منه الآن في حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولا علاج لذلك إلا بجمع أبناء الأمة وتوجيههم نحو سيرة رسول الله وأصحابه العظماء ليرتووا منها بكل ما هم في حاجة إليه، سواء في فترات الطفولة أو الشباب، وهي مليئة بقصص البطولة والعظمة والإقدام والتضحية مما يجذب التلاميذ ويحقق رغباتهم.
2-
السيرة طريق واضح سهل لفهم الإسلام ونظمه التطبيقية: ومن المعلوم أن الله تعالى أنزل القرآن على محمد بأحكام كلية ومبادئ شاملة، ولا يمكن لنا أن نتعرف على تطبيق هذه الأحكام وتلك المبادئ إلا عن طريق ما كان يفعله الرسول ويقوله ويهدف إليه، ودراسة السيرة تحقق لنا ذلك من أيسر طريق، سواء كان الأمر متعلقا بالمثل في الخلق، أو بالعبادات أو المعاملات، أو الآداب، أو الأحكام.
3-
السيرة وسيلة لجمع كلمة الأمة الإسلامية وتوحيد اتجاهاتها: ذلك لأن الأمة إذا اختلفت في الأفكار، والمبادئ والاتجاهات تفرقت إلى مذاهب وملل ونحل، وأصبحت بعيدة عن منبعها الأصيل الذي تجده في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والذي عن طريقها يمكن أن نحدد فضل أساليب تطبيق الإسلام، وأن تتضح لنا معالم الطريق الوحيدة التي لا يجوز اختراع غيرها. وفي السيرة منهج محدد الفكر والأخلاق والمبادئ والغايات التي ينشدها الإسلام، فإذا استطعنا إبراز ذلك لتلاميذنا، نكون قد نجحنا في وضع أول لبنة لبناء أمة موحدة، في جميع المجالات؛ لأن أول قاعدة ترتكز عليها وحدة الأمم، هي وحدة الفكر. ومما يروى عن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- أن الأمة ستفترق بضعا وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وأخبر عن الفرقة الناحية هذه بقوله: $"ما أنا عليه وأصحابي"1 فاتباع ما كان عليه رسول الله وأصحابه لا يأتي إلا عن طريق معرفة السيرة معرفة يقينية والتمثل بها في الحياة العملية والأخلاقية.
4-
العمل على أن يكون الشعار الإسلامي شعارا يعتز به الناشئة، بدل أن يتمثلوا بأفكار وآراء من صنع الإنسان سواء كان مسلما أو غير مسلم.
وهذا لن يكون إلا بمعرفة السيرة معرفة توضح للناشئة شخصية الأمة الإسلامية، وسماتها التي تميزت بها عن الأمم الأخرى، ومن المعروف أن الأمة الإسلامية والعربية كانت قبل الإسلام أمة ممزقة الأوصال تحكمها طبائع شاذة، وتنتشر في ربوعها مبادئ غير إنسانية، فجاء الرسول وأصحابه ليوحدوا تلك الأمة، ويقضوا على كل فساد فيها، حتى أصبحت في مبدأ أمرها مضرب المثل في العدالة والإخاء والتسامح. وأقبل الناس يدخلون في دين الله أفواجا عن طواعية واختيار واقتناع، وتعلق الناس من مشارق الأرض ومغاربها بأبطال الإسلام يحاولون تقليدهم وتتبع خطاهم. ولولا هجر سيرة الرسول وأصحابه العظماء ما تغيرت الشخصية الإسلامية، ولظل بناء الأمة العظيم قائما متصلا يحرسه ويحميه جيل بعد جيل، ولكن تغيرت النفوس فتبدلت الأفكار والاتجاهات، وانحدرت الأمة لتصبح في وقت من الأوقات أمة مستعمرة ذليلة من أقصاها إلى أقصاها. ويطمع فيها الطامعون حتى في تغيير عقائدها وأسس دينها، ونحن الآن على صعيد آخر من دروب الحياة نكاد نمسك بزمام أمورنا كلها. وخير مما يحمينا ويصون وحدتنا، ويدعم قوتنا وإرادتنا هو العودة إلى سيرة رسول الله
1 راجع سيرة ابن هشام والسيرة النبوية لابن كثير.
أو صحابه لنتمثل بها في كل ما نقول ونعمل. وأن نعلم أبناءنا الاعتزاز بالإسلام ونبي الإسلام وأصحابه ورجال الأمة الأفذاذ الذين بنوا خير أمة أخرجت للناس.
ولكي نحقق هذه الأهداف ينبغي أن نتبع في طرق تدريس السيرة ما يسهل على المعلم الوصول إليها. ويكون ذلك بتتبع هذه الخطوات:
1-
عرض السيرة عرضا قصصيا منظما ودقيقا، بحيث يستطيع المعلم إبراز جوانب الأخلاق والبطولة والتضحية في مضمون القصة. وأن يكون ذلك بأسلوب جذاب يناسب عمر الأطفال وخيالهم. ومن المستحسن أن تعرض عليهم في السنوات الأولى من الدراسة طفولة النبي وشبابه وما فيهما من جهاد ومثل وفي السنوات الأخيرة نعمد إلى توضيح جوانب من نضاله وكفاحه وتحمله للأذى، وصبره وحسن قيادته للمسلمين واتباع مبدأ الشورى وروح التعاون والمحبة بينه وبينهم، وتفانيهم في طاعته والإخلاص له، والتمسك بأوامره، والحرص على تنفيذها في دقة وصبر، والتركيز على جوانب العظمة الفريدة التي كان يتحلى بها صلى الله عليه وسلم، وكيفية اتخاذ القدوة منها والسير على نهجها.
2-
الوقوف عند الأشياء التي يبرز من خلالها تأثير القرآن وأخلاقياته سواء كان ذلك عند رسول الله أو من أصحابه ممن نقوم بدراستهم، وذلك لكي نبين دور الإسلام في عملية البناء الرجولي والأخلاقي عند الرسول وأصحابه وكذلك عند المسلمين جميعا الذين يتتبعون خطواته صلى الله عليه وسلم ويحاولون تقليده ومحاكاته.
3-
وعلى المعلم أن يحاول ربط دروس السيرة، بعملية التطبيق في الحياة