الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من تصرف لهم:
وأما عن الذين تصرف لهم الزكاة فقد حددهم الله سبحانه وهو عليم بعباده. وذلك في سورة التوبة آية 60:
والفقراء والمساكين:
هم الذين لا يجدون ولا يستطيعون أن يحصلوا ما يقوم بحاجتهم وحاجة من يعولونهم.
وقد دعانا الله في مواقف كثيرة أن نمد أيدينا إلى هؤلاء الناس، وأن نزيل عنهم حاجاتهم، فجعل معظم الكفارات تصرف لهم، كما حدد لهم أيضا حقا في الغنيمة والفيء، ووصف الذين لا يمدون العون لهم بأنهم مكذبون بالدين، قال تعالى في أول سورة الماعون:
وليس الفقراء أو المساكين هم الذين يتصنعون ذلك في الشوارع وأمام المساجد وبين وسائل المواصلات، إنما هم الذين يعرفون بحالتهم الاجتماعية ولا يسألون الناس إلحافا.
والعاملون عليها:
هم الموظفون الذين تسند إليهم أمور تحصيل الزكاة من مصادرها في مواعيدها وبالمقدار الذي حدده الرسول صلى الله عليه وسلم وقد كانت الدولة الإسلامية في أول عهدها تقوم على هذا النظام حتى جاء الوقت الذي
أهمل الحكام فريضة الزكاة، وعمل الجشع من الناس عمله فهجروا هذه الفريضة وأصبح الفقراء ضياعا وسط اللئام، وهؤلاء الذين كانت تنطبق عليهم هذه الصفة لم يعد لهم وجود الآن.
المؤلفة قلوبهم:
هم ضعفاء الإيمان الذين يخشى المسلمون عليهم أن يرتدون عن الإسلام لحاجتهم أو تحت إغراء ما، وتنطبق هذه الصفة أيضا على الداخلين في الإسلام حديثا، أو من يقوم بقضاء مصالح المسلمين الهامة. وإن كان بعض الفقهاء قد رأى إسقاط هذا الصنف من دائرة الاستحقاق؛ لأن عمر رضي الله عنه أسقطهم بموافقة الصحابة جميعا، فإن ذلك وإن اتفق مع عصر عمر، فإنه لا يتفق مع عصرنا الحال الذي نحن فيه في أمس الحاجة إلى تأليف القلوب حول الإسلام والمسلمين لرد كيد الأعداء، ولسد الطريق على من يريدون شراء ذمم ضعاف الإيمان وتحريضهم على الخيانة والغدر، وإفساد روح الأمة بالكلمة أو بالفعل، والقرآن الكريم قد أمرنا بذلك وحرضنا عليه، وما جاء به القرآن لا يلغى بقول أو فعل أحد مهما مهما عظم شأنه، ولكن ظروف الحياة وتطبيقاتها تتغير حسب أوضاع الأمة ومكانتها. وفي كل الأحوال لا تخرج على دائرة القرآن، وإن كان عصر عمر رضي الله عنه كان من القوة بحيث لم تعد حاجة إلى المؤلفة قلوبهم فإن عصرنا نحن في أمس الحاجة إلى تطبيق هذا النداء الإلهي، ويا حبذا لو استعملناه في تأليف قلوب الملايين ممن لا دين لهم في إفريقيا وآسيا، وأشعرناهم بأن الإسلام دعوة الحق والخير لكل الناس، وإن دين الإسلام دين "الإنسانية" الذي يدعو أبناءه أن يمدوا أيديهم إلى كل الناس ولو كانوا من أقصى بقاع الأرض، إن هذا المبدأ لو طبق لقاوم بعثات التبشير
التي تنتشر في هذه البلاد الإفريقية والأسيوية، ولكنا بذلك نقوم بنشر دين الله الذي هو مسئولية كل مسلم ومسلمة.
وفي الرقاب:
والمراد بذلك عتق العبيد، ذلك المبدأ الذي كان الإسلام أول دين يدعو إليه ويحرض الناس على فعله، ويقدم في كفارة الذنوب دائما عتق رقبة. وقد انتهى هذا الوضع في العالم، وإن كان هناك رق غير واضح، ويمكننا أيضا أن نستخدم المال في إزالته تحقيقا لأمر الله. ومن أمثال هذا الرق المستور، وجود كثير من الفقراء والمحتاجين الذين يعيشون تحت سلطان الأغنياء وكأنهم عبيد لهم وإن كان لهم بعض الحرية الشخصية.
والغارمين:
وهم الذين لحقتهم ديون لا يستطيعون أداءها بسبب تحملهم لتبعات مالية لبعض المصالح العامة كإصلاح ذات البين، أو لحقتهم بسبب ضياع تجارتهم أو خسارة كبيرة فيها أو في مصانعهم التي كانت تنتفع الأمة بها، وهذا الصنف من الناس موجود في كل زمان ومكان ونشاهد منهم في حياتنا الكثير. وليس منهم من لحقته الديون لفساد خلقي أو سوء تصرف أو إسراف وتبذير، وهذا التطبيق يؤدي إلى أن يشعر الناس بمعنى التضامن الإسلامي ولا يخشى أحد إلا الله فيما يقول ويفعل؛ لأنه يثق في أمته وفي كفالتها له عند الشدائد.
وفي سبيل الله:
وسبيل الله يعني المصالح العامة للمسلمين المتمثلة في هيكل الدولة الصحي، والتعليمي، والحربي، والمرافق العامة والطرق وشق الترع وإقامة الجسور
وسد الثغور وغير ذلك مما يحفظ للأمة قوتها المادية والروحية، ويساعد على بناء الفرد جسديا وتعليميا ويقوي من هيبة الأمة أمام الأعداء فيجعلها مرهوبة الجانب محفوظة المكانة. والله تعالى ليس في حاجة إلى مال الدنيا كله؛ لأنه هو خالقه وواهبه لعباده ولكن ما ينفق في هذه الوجوه يتقبله الله تعالى وكأن عبده قد قدمه إليه، قال تعالى في سورة التوبة:
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}
وابن السبيل:
هو المسافر الذي انقطع عن بلده وبعد عنه ماله، واحتاج إلى مال ليقضي حاجته ويقوم بشئونه حتى يعود إلى وطنه، ومن هؤلاء من يذهبون في رحلات طويلة إما لقضاء حاجات الناس، أو للتعرف على أحوال المسلمين، وليس منهم من يكون في نزهة أو رياضة أو عمل غير مشروع مهما كان شكله أو لونه.
وبنظرة دقيقة إلى هذه الأحكام والمواقف الإسلامية يتضح لنا أن الإسلام بمبادئه الإلهية قد حقق الأمان لجميع الناس، وقضى على المغالات في كل شيء، فعلى الرغم من أنه لا يعادي رأس المال إلا أنه يمنع طغيانه واستبداده ولا يعادي الملكية الفردية، ولكنه يمنع تجاوز أصحابها حدودهم، والاستئثار بمالهم. والإسلام يصون الملكيات، وفي نفس الوقت يخفف من الفوارق بين الطبقات بالزكاة والصدقة دون الالتجاء إلى مصادرة الأملاك، ويرى الإسلام أن المساواة المطلقة بين الناس شيء لا يتفق والنواميس الطبيعية؛ لأن من الناس الزكي والغي والقوي والضعيف، وحسن التصرف وسيئه، هذا غير ما هو معروف من اختلافهم في العلم والتعلم وطرق اكتساب الرزق. لذلك لا بد وأن يختلف الناس غنى وفقرا. ولكن ما يشدد عليه الإسلام هو أن