الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: فضل الحج والعمرة
701 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول صلى الله عليه وسلم قال: "العُمرَةُ إلى العُمرَةِ كَفَّارَةٌ لما بينَهُما، والحَجُّ المبرورُ ليسَ له جزاءٌ إلا الجنَّةَ" متفق عليه.
رواه البخاري (1773) ومسلم 2/ 983 والترمذي (933) والنسائي 5/ 112 - 115 وابن ماجه (2888) والبيهقي 5/ 261 وابن خزيمة 4/ 131 وابن حبان في "صحيحه" 9/ 9 والبغوي في "شرح السنة" 6/ 6 والبيهقي 5/ 261 كلهم من طريق سُمَيٍّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السَّمان عن أبي هريرة مرفوعًا.
وللحديث طرق أخرى لكن قال الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 393 المشهور عند الناس عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. رواه سهل والثوري ومالك وغير واحد عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة. اهـ.
وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة وعائشة وعبد الله بن مسعود وعمر بن الخطاب وجابر وعامر بن ربيعة وابن عباس:
أولًا: حديث أبي هريرة رواه البخاري (1819) ومسلم 2/ 983 والترمذي (811) وابن ماجه (2889) وابن حبان في "صحيحه" 9/ 7 كلهم من طريق منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حجَّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه".
وفي لفظ "من أتى" هكذا لفظه عند الجميع إلا الترمذي فإنه رواه بلفظ "من حج فلم يرفث ولم يفسق غفر له ما تقدم من ذنبه".
ورواه مسلم 2/ 984 قال حدثنا سفيان بن منصور حدثنا هشيم عن سيار عن أبي حازم به.
وروى ابن عدي في "الكامل" 6/ 223 من طريق محمد بن علاثة عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: "العمرة إلى العمرة كفارة ما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
قلت: في إسناده محمد بن علاثة. وثقه ابن معين.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. اهـ.
وقال البخاري: محمد بن عبد الله بن علاثة القاضي الشامي يروي عن وكيع في حفظه نظر. اهـ.
لكن يشهد له أحاديث الباب.
ورواه العقيلي في "الضعفاء" 4/ 338 من طريق هشام بن سليمان المخزومي عن الثوري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: "من حج البيت أو اعتمر فلم يرفث ولم يفسق كان كما ولدته أمه".
وهشام بن سليمان قال عنه العقيلي: في حديثه عن غير ابن جريج وهم. اهـ.
ثم قال العقيلي: رواه الناس عن الثوري وغيره عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهو الصواب. اهـ.
وروى البخاري (26) ومسلم 1/ 88 كلاهما من طريق إبراهيم بن سعد قال: حدثنا ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: "إيمان بالله" قال: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". قال: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور".
ثانيًا: حديث عائشة رواه مسلم 2/ 982 - 983 وابن ماجه (3014) كلاهما من طريق ابن وهب قال: أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه. قال: سمعت يونس بن يوسف يقول: عن ابن المسيب قال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة. وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة. فيقول: ما أراد هؤلاء".
ثالثًا: حديث عبد الله بن مسعود رواه الترمذي (810) والنسائي 5/ 115 وأحمد 1/ 387 وابن حبان في "صحيحه" 9/ 6 وابن خزيمة 4/ 130 والبغوي في "شرح السنة"(716) كلهم من طريق أبي خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن عاصم. عن شقيق عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تابعوا بين الحج والعمرة. فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب والفضة وليس للحَجَّة المبرورة ثواب إلا الجنة"
قال أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" 5/ 244 (3669): إسناده صحيح. اهـ.
قلت: أبو خالد الأحمر اسمه سليمان بن حيان الأزدي أخرج له البخاري، ومسلم. وقد وثقه ابن معين وابن المدينى.
وقال النسائي: ليس به بأس. اهـ.
وقال ابن معين في رواية: صدوق وليس بحجة. اهـ.
وقال أبو حاتم: صدوق. اهـ.
وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة وإنما أُتي من سوء حفظه فيغلط ويخطئ. اهـ.
وقال الحافظ في "التقريب"(2547): صدوق يخطئ. اهـ.
قلت: والأقرب فيه أنه إن وافق الثقات بأن لا يكون في حديثه ما ينكر عليه فهو حجة وإن خالف فلا يقبل منه ما خالف به. وإن انفرد فيُنظر بما انفرد به. والأقرب في انفراده أنه حسن الحديث وليس هذا مطردًا ولم ينفرد بحديثه هذا بل جاء أيضًا من حديث عمر بن الخطاب وفيه ضعف. ولكن في الشواهد يعتد به.
فالذي يظهر أن الحديث لا ينزل عن رتبة الحسن. والله أعلم.
وعاصم في الإسناد هو عاصم بن أبي النجود والقول فيه كالقول في سابقه وقد أخرج له الشيخان مقرونًا. وسبق الكلام عليه، وأنه لا بأس به.
قال الترمذي 3/ 157: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح غريب. اهـ.
رابعًا: حديث عمر بن الخطاب رواه ابن ماجه (2887) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا سفيان بن عيينة عن عاصم بن عبيد الله
عن عبد الله بن عامر عن أبيه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تابعوا بين الحج والعمرة فإن المتابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد".
ورواه أيضًا ابن ماجه قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد بن بشر ثنا عبيد الله بن عمر عن عاصم به.
رواه أبو سعيد الأشج عن أبي خالد الأحمر عن ابن عجلان عن عبيد الله بن عبد الله بن عاصم عن عبد الله بن عامر عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب به مرفوعًا. ولم يذكر في الإسناد عاصم بن عبيد الله. وهذا وهم.
ولهذا قال ابن أبي حاتم في "العلل"(900): سألت أبي عنه فقال إنما هو ابن عجلان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر عن أبيه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
قلت: فالحديث إذًا مداره على عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب وهو ضعيف.
قال يحيى بن سعيد: هو عندي نحو ابن عقيل. اهـ.
وقال علي: سمعت عبد الرحمن ينكر حديثه أشد الإنكار. اهـ.
وقال يعقوب بن شيبة عن أحمد: حديثه وحديث ابن عقيل إلى الضعف ما هو. اهـ.
وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ما أقربهما. قال: وسمعته يقول: عاصم ليس بذاك. اهـ.
وقال ابن معين: ضعيف. اهـ.
وقال أبو حاتم: منكر الحديث مضطرب الحديث ليس له حديث يعتمد عليه وما أقربه من ابن عقيل. اهـ.
وقال البخاري: منكر الحديث. اهـ.
وقال النسائي: لا نعلم مالكًا روى عن إنسان ضعيف مشهور بالضعف إلا عاصم فإنه روى عنه حديثًا وعن .... اهـ.
ولما سئل عنه الدارقطني في "العلل" 2/ 127 قال: يرويه عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر الخطاب. ولم يكن بالحافظ. ورواه عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه عن عمر، وكان يضطرب فيه، فتارة لا يذكر فيه عامر بن ربيعة. فيجعله عن عبد الله بن عامر عن عمر وتارة يذكر فيه. حدث به عنه عبيد الله بن عمر ومحمد بن عجلان، وسفيان الثوري وشريك بن عبد الله واختلف عنهم. رواه ابن عيينة عنه فبان الاضطراب في الإسناد من قبل عاصم بن عبيد الله لا من قبل من رواه عنه
…
اهـ.
ولهذا قال ابن كثير في "مسند الفاروق" 1/ 295: عاصم بن عبيد الله هذا هو العمري، وهو ضعيف جدًا، وقد اختلفوا عليه في هذا الحديث كما قال أبو الحسن الدارقطني: روى هذا الحديث زهير وابن نمير وعبدة بن سليمان وأبو حفص الأبار وابن بدر ومحمد بن بشر كلهم عن عبد الله بن عمر عن عاصم عن عبد الله بن عامر عن أبيه عن عمر بن الخطاب به. وخالفهم علي بن مسهر وأبو
أسامة ويحيى بن سعيد فرووه عن عبيد الله بن عمر لم يذكروا في الإسناد عن أبيه، ورواه سفيان بن عيينة فجود إسناده وبين أن عاصمًا كان يضطرب فيه، غيره ينقص من إسناده رجلًا، ومرة يزيد فيه، ومرة يقفه على عمر اهـ.
وبه أعله البوصيري في تعليقه على "زوائد ابن ماجه" فقال. مدار الإسنادين على عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف. والمتن صحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه رواه الترمذي والنسائي. اهـ يعني ما سبق.
وللحديث طريق آخر لكن موقوف
فقد رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 147 من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: افصلوا بين حجكم وعمرتكم، فإنه أتم لحج أحدكم، وأتم لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج
وذكر الدارقطني في "العلل" 2/ 17 أن إسماعيل بن مسلم المكي رواه عن عبيد الله بن عمر عن نافع به بنحوه وزاد وتابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب
…
وهذه الزيادة وهم.
ولهذا قال الدارقطني في "العلل" 2/ 17: أما قوله الأول فصحيح عن نافع عن ابن عمر. وأما قوله: تابعوا. فهو وهم من حديث نافع، وإنما رواه عبيد الله عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصواب اهـ
خامسًا: حديث جابر رواه البزار في "زوائده على الكتب الستة والمسند" 1/ 438 قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ثنا سفيان ثنا بشر بن المنذر ثنا محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد". وله ألفاظ أخرى.
قال البزار عقبه: لا نعلمه عن جابر إلا بهذا الإسناد. اهـ.
قلت: في إسناده بشر بن الوليد وعند الطبراني وقع ابن المنذر الكندى وثقه الدارقطني ومسلمة.
وقال صالح جزرة: هو صدوق ولكنه لا يعقل. كان قد خرف. اهـ.
وسئل عنه أبو داود أثقة؟ قال: لا. اهـ.
وقد أثنى عليه الإمام أحمد. وقال العقيلي: بشر في حديثه وهم. اهـ.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 277 - 278: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. خلا بشر بن المنذر في حديثه وهم. قاله العقيلي: ووثقه ابن حبان. اهـ.
وقال أيضًا الهيثمي 3/ 207: إسناده حسن. اهـ.
قلت: وكذلك في إسناده محمد بن مسلم بن سوسن الطائفي تكلم في حفظه. وقد أخرج له مسلم.
وقال ابن معين: ثقة لا بأس به وابن عيينة أثبت منه وكان إذا حدث من حفظه يخطئ وإذا حدث عن كتابه فليس به بأس. اهـ.
وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ما أضعف حديثه. اهـ.
وقال البخاري عن ابن مهدي. كتبه صحاح. اهـ.
وقال أبو داود: ليس به بأس. اهـ.
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: يخطئ. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(892): سألت أبي عن حديث رواه بشر بن المنذر الرملي عن محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة كفارة
…
" قال فسمعت أبي يقول: هذا حديث منكر شبه الموضوع وبشر بن المنذر كان صدوقًا. اهـ.
ورواه أحمد 3/ 325 قال: ثنا عبد الصمد ثنا محمد بن ثابت ثنا محمد بن المنكدر، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". قالوا: يا نبي الله ما الحج المبرور؟ قال: "إطعام الطعام وإفشاء السلام".
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه محمد بن ثابت البناني قال ابن معين: ليس بشيء. اهـ.
وقال أبو حاتم: منكر الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به. اهـ.
وقال البخاري: فيه نظر. اهـ
وقال أبو داود والنسائي: ضعيف. اهـ.
وقد رواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 3/ 202.
سادسًا: حديث عامر بن ربيعة رواه عبد الرزاق 5/ 3، ومن طريقه رواه الإمام أحمد 3/ 446، قال عبد الرزاق: أنا ابن جريج عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تابعوا بين الحج والعمرة، فإن المتابعة بينهما تنقي الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد".
قلت: إسناده ضعيف. لأن فيه عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي وهو ضعيف كما سبق (1).
سابعًا: حديث ابن عباس رواه النسائي 5/ 115، ومن طريقه رواه الطبراني في "الكبير" 11/ رقم (11196) قال: النسائي: أخبرنا أبو داود قال: حدثنا أبو عتاب قال: حدثنا عزرة بن ثابت عن عمرو بن دينار قال: قال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد".
قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي ظاهره الصحة.
* * *
(1) راجع باب: فضل الحج والعمرة.