الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: تحريم حرم مكة
731 -
وعن أبي هريرة قال: لما فَتَحَ الله على رسوله مكَّةَ. قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الناس فحَمِدَ اللهَ وأثنَى عليه. ثم قال: "إنَّ اللهَ حَبَسَ عن مَكَّةَ الفيلَ، وسَلَّطَ عليها رسولَهُ والمؤمنينَ، وإنَّها لم تَحِلَّ لأحدٍ كان قَبلي، وإنَّما أُحِلَّت لي ساعةً مِن نهارٍ، وإنَّها لن تَحِلَّ لأحدٍ بَعدِي. فلا يُنَفَّرُ صَيدُها. ولا يُختلَى شَوكُها، ولا تَحِلُّ ساقِطَتُها إلّا لِمُنشِدٍ، ومَن قُتِلَ له قَتيلٌ فهو بخيرِ النَّظَرينِ" فقال العباس: إلّا الإذخِرَ يا رسولَ الله، فإنّا نَجعلُهُ في قُبورِنا وبُيوتنا فقال:"إلّا الإذخِرَ". متفق عليه.
رواه البخاري (2434) ومسلم 2/ 988 وأبو داود (2017) والدارمي 2/ 265 والبيهقي 5/ 195 والطحاوي عن "شرح معاني الآثار" 4/ 140 كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن حدثني أبو هريرة به مرفوعًا.
وفي "الصحيحين" وغيرهما زيادة: فجاء رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاة فقال: اكتب لي يا رسول الله. فقال: "اكتبوا لأبي شاة".
وفي الباب عن ابن عباس وأبي شريح العدوي وصفية بنت شيبة وابن عمر وأبي سعيد الخدري:
أولًا: حديث ابن عباس رواه البخاري (3189) ومسلم 2/ 986 وأبو داود (2018) والنسائي 5/ 203 وأحمد 1/ 259 والبيهقي 5/ 195 والبغوي في "شرح السنة" 7/ 294 كلهم من طريق منصور عن مجاهد عن طاووس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: "لا هجرة لكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا" وقال يوم الفتح: "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحلّ القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلّا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلّا من عرفها. ولا يختلي خلاه" فقال العباس: يا رسول الله إلّا الإذخر، فإنه لقينهم ولبيوتهم فقال:"إلّا الإذخر".
ورواه البخاري (2433) من طريق عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يعضد عضاهها ولا ينفر صيدها ولا تحلُّ لقطتها إلّا لمنشد ولا يختلى خلاها". فقال ابن عباس: يا رسول الله إلّا الإذخر، فقال:"إلّا الإذخر".
وروى البخاري (1739) وأحمد 1/ 230 كلاهما من طريق فضيل بن غزوان عن عكرمة عن ابن عباس به مرفوعًا بلفظ: "يا أيها الناس أي يوم هذا؟ " قالوا: يومٌ حرام. قال: "فأي بلد هذا؟ " قالوا: بلد حرام. قال: "فأي شهر هذا؟ " قالوا: شهر حرام. قال: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا، في شهركم هذا". فأعادها مرارًا. . . .
وروى أبو نعيم في "معرفة الصحابة" 3/ 199 (1271) وابن سعد في "الطبقات" 4/ 295 كلاهما من طريق ابن خثيم قال: حدثني أبو الطفيل عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث تميم بن أسيد الخزاعي يجدد أنصاب الحرم، وكان إبراهيم عليه السلام وضعها يريها إياه جبريل عليه الصلاة والسلام.
قلت: في إسناد أبي نعيم عمرو بن مالك الراسبي وهو ضعيف.
وفي إسناد ابن سعد الواقدي وهو متروك كما سبق (1).
ورواه الأزرقي 2/ 127 وفي إسناد الأزرقي إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وهو متروك كما سبق (2).
وقد حسنه الحافظ ابن حجر فقال في "الإصابة" 1/ 191. أخرجه أبو نعيم. . إسناده حسن. اهـ.
ورواه الفاكهي في "تاريخ مكة" 2/ 273 والأزرقي 2/ 129 كلاهما من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس بنحوه ولم يذكر فيه تميمًا.
ثانيًا: حديث أبي شريح العدوي الكعبي رواه البخاري (104) ومسلم 2/ 987 والنسائي 5/ 205 والبغوي في "شرح السنة" 7/ 300 كلهم من طريق ليث عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن
(1) راجع باب: الأكل يوم الفطر.
(2)
راجع باب: المني يصيب الثوب، وباب: الدعاء عند الفراغ من التلبية.
لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم الغدَ من يوم الفتح.
سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به. أنه حَمِد الله وأثنى عليه. ثم قال:"إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها شجرة، فإنْ أحدًا ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها. فقولوا له: إن الله أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب"، فقيل لأبي شريح: ما قال عمرو؟ قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح إن الحرم لا يعيذ عاصيًا ولا فارًا بدم ولا فارًا بخربة.
ثالثًا: حديث صفية بنت شيبة رواه ابن ماجه (3109) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا يونس بن بكير ثنا محمد بن إسحاق ثنا أباد بن صالح عن الحسن بن مسلم بن يناف عن صفية بنت شيبة قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب عام الفتح فقال: "يا أيها الناس إن الله حرّم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى يوم القيامة، لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يأخذ لقطتها إلّا منشد" فقال العباس: إلّا الإذخر فإنه للبيوت والقبور. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلّا الإذخر".
قال البوصيري في تعليقه على "زوائد ابن ماجه": هذا الحديث وإن كان صريحًا في سماعها من النبي صلى الله عليه وسلم لكن في إسناده أبان بن صالح وهو ضعيف. اهـ.
قلت: أبان بن صالح بن عمير بن عبيد القرشي مولاهم.
قال أبو حاتم وأبو زرعة ويعقوب بن شيبه وابن معين ثقة. اهـ.
وقال النسائي: ليس به بأس. اهـ.
وضعفه ابن عبد البر في "التمهيد" فقال: أبان بن صالح ضعيف. اهـ.
وقال ابن حزم في "المحلى" أبان. ليس بالمشهور. اهـ.
وتعقبهما الحافظ ابن حجر في "التهذيب" 1/ 82 فقال: وهذه غفلة منهما وخطأ تواردا عليه. فلم يضعف أبان بن صالح أحد قبلهما ويكفي فيه قول ابن معين. اهـ.
وقال الألباني حفظه الله كما في "الإرواء" 4/ 249: سند جيد. اهـ.
قلت: إسناده إذًا لا بأس به ويشهد له الأحاديث السابقة.
رابعًا: حديث ابن عمر رواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 3/ 264 قال: حدثنا محمد بن علي المكي الصائغ ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ثنا عبد الله بن موسى التيمي عن عيسى بن أبي عيسى الخياط. عن نافع عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله حرَّم حَرَمَه [مكة] فهو حرام إلى يوم القيامة لا يعضد شجره ولا يحتش حشيشه ولا ترفع لقطته إلّا لإنشادها ولا يستحل صيده".
قال الطبراني عقبه: لم يروه عن نافع إلّا عيسى. اهـ.
قلت: هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ لأن عيسى بن أبي عيسى الحناط ويقال له كذلك: الخياط كما نص عليه الحافظ في "التقريب"(5317) ونص كذلك على أنه متروك. اهـ.
قال عمرو بن علي: سمعت يحيى بن سعيد وذكر عيسى الحناط فلم يرضه، وذكر له حفظًا سيئًا، وقال: كان منكر الحديث وكان لا يحدث عنه. اهـ.
وقال عنه ابن معين: ليس بشيء. اهـ.
وقال أبو داود والنسائي والدارقطني: متروك الحديث. اهـ.
وقال أبو حاتم: ليس بالقوي مضطرب الحديث. اهـ.
ولهذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 283: فيه عيسى بن أبي عيسى الحناط. وهو ضعيف. اهـ.
قلت: كذلك في إسناده عبد الله بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن طلحة التيمي تكلم فيه.
قال عنه يحيى بن معين: صدوق كثير الخطأ. اهـ.
وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه: ما أرى بحديثه بأسًا.
قلت: يحتج بحديثه؟ قال: ليس محله ذاك. اهـ.
وقال الآجري عن أبي داود عن أحمد: كل بلية منه. اهـ.
وقال ابن حبان: يرفع الموقوف ويسند المرسل لا يجوز الاحتجاج به. اهـ.
وقال العقيلي: لا يتابع. اهـ.
خامسًا: حديث أبي سعيد رواه مسلم 2/ 1001 من طريق يحيى بن أبي إسحاق أنه حدث عن أبي سعيد مولى المهري: أنه أصابهم بالمدينة جهد وشدة، وأنه أتى أبا سعيد الخدريَّ فقال له: إني كثير
العيال، وقد أصابتنا شدة، فأردت أن أنقل عيالي إلى بعض الريف. فقال أبو سعيد: لا تفعل، الزم المدينة، فإنا خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم -أظن أنه قال: - حتى قدمنا عُسفان. فأقام بها ليالي، فقال الناس: والله ما نحن ها هنا في شيء، وإن عيالنا لخلوف ما نأمن عليهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"ما هذا الذي بلغني من حديثكم؟ -ما أدري كيف قال- والذي أحلف به، أو والذي نفسي بيده: لقد هممت أو إن شئتم -لا أدري أيتهما قال- لآمُرَنَّ بناقتي تُرحَل، ثم لا أَحُلّ لها عقدة حتى أقدم المدينة".
وقال: "اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حرمًا، وإني حرمت المدينة حرامًا ما بين مأزميها، أن لا يهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاحٌ لقتالٍ. ولا تخبط فيها شجرة إلّا لعلف. . .".
الشاهد قوله صلى الله عليه وسلم: "إن إبراهيم حرم مكة".
وسيأتي أحاديث أخرى في باب ما جاء أن الإمام يخطب بمنى يوم النحر.
* * *