الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في الحج عن الميت
709 -
وعنه رضي الله عنه أنَّ امرأةً مِن جُهَينَةَ جاءتْ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالت: إنَّ أُميِّ نَذَرَتْ أن تَحُجَّ فلم تَحُجَّ حتَّى ماتَتْ، أَفأَحُجُّ عنها؟ قال:"نعم، حُجِّي عنها، أرأيتِ لو كان على أُمِّكِ دَينٌ أكنتِ قاضِيَتَهُ؟ اقضُوا اللهَ، فاللهُ أحُقُّ بالوفاءِ". رواه البخاري.
رواه البخاري (1852) و (6699) والنسائي 5/ 116 وأحمد 1/ 345 وابن خزيمة 4/ 346 والبيهقي 4/ 335 والبغوي في "شرح السنة" 7/ 28 وابن الجارود في "المنتقى"(501).
كلهم من طريق أبي بشر واسمه جعفر بن إياس قال: سمعت سعيد بن جبير حدث عن ابن عباس. أن امرأة
…
فذكره.
وقد اختلفت الروايات في السائل والمسؤول عنه، فعند البخاري (6699). في رواية له وأحمد 1/ 345 والبغوي في "شرح السنة" 7/ 28 وابن الجارود في "المنتقى" (501) كلهم بلفظ: أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أختي نذرت، فالسائل هنا رجل سأل عن أخته.
وعند البخاري (1852) في رواية له: أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن أمي نذرت
…
فذكره بلفظ الباب؛ فالسائل هنا امرأة من جهينة تسأل عن أمها.
وعند النسائي 5/ 116: أن امرأة نذرت أن تحج فماتت فأتى أخوها النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك
…
فجعل السائل الأخ والمسؤول عنها الأخت.
قلت: وهذا الاختلاف لا يُعد قادحًا في صحة الحديث كما ادعى الغماري في "تخريجه لبداية المجتهد" 5/ 274 فقد أجاب الحافظ ابن حجر عن هذا الإشكال في "الفتح" 4/ 65 فقال: فإن كان محفوظًا احتمل أن يكون كل من الأخ سأل عن أخته والبنت سألت عن أمها. اهـ.
وفي الباب عن بريدة بن الحصيب وأبي الغوث بن حصين وأنس بن مالك وابن عباس وأبي هريرة وعقبة بن عامر:
أولًا: حديث بريدة بن الحصيب رواه مسلم 2/ 805 والبيهقي 4/ 335 كلاهما من طريق عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: بينما أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة فقالت: إني تصدّقت على أمي بجارية وأنها ماتت، قال: فقال: "وجب أجرك وردها عليك الميراث". قالت: يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: "صومي عنها": قالت: إنها لم تحج قط أفأحج عنها قال: "حجي عنها".
وفي رواية له "صوم شهرين".
ثانيًا: حديث أبي الغوث بن حصين رواه ابن ماجه (2905) قال: حدثنا هشام بن عمار ثنا الوليد بن مسلم ثنا عثمان بن عطاء
عن أبيه عن أبي الغوث بن حصين - رجل من الفُرْعِ - أنه استفتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن حِجَّة كانت على أبيه، مات ولم يحج، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"حُجَّ عن أبيك". وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وكذلك الصيام في النذر يقضَى عنه".
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني. قال النسائي ليس بثقة. اهـ.
وقال ابن معين: ضعيف الحديث. اهـ.
وقال عمرو بن علي: منكر الحديث. اهـ.
وقال مرة: متروك الحديث. اهـ.
وقال الحاكم: روى عن أبيه أحاديث موضوعة. اهـ.
وبه أعله البوصيري في تعليقه على "زوائد ابن ماجه".
وتابعه شعيب بن رزاق كما هو عند البيهقي 4/ 335 لكن إسناد هذه المتابعة ضعيف كما نص عليه البيهقي.
قلت: ووالد عثمان اسمه عطاء بن أبي مسلم الخراساني ذكره البخاري في "الضعفاء".
وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ يخطئ ولا يعلم، فبطل الاحتجاج به. اهـ.
ولعل الصواب فيه أنه صدوق، وقد وثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي.
وأخرج له مسلم.
وذكر الطبراني أنه لم يسمع من أحد من الصحابة إلا من أنس. اهـ.
وقال الحافظ في "التقريب"(8304): أبو الغوث بن حصين الخثعمي تفرد عنه عطاء الخراساني، ولم يسمع منه.
وهكذا قال في "التهذيب" 12/ 220: ولما ذكر له هذا الحديث قال: ولعله حمل الحديث عن بعض أصحاب ابن عباس عن أبي الغوث بن حصين
…
اهـ.
ثالثًا: حديث أنس بن مالك رواه البزار كما في "زوائده على الكتب الستة والمسند" 1/ 468 قال: ثنا عبد الله بن محمَّد بن الهادي ثنا إسماعيل بن نصر ثنا صدقة بن موسى عن ثابت عن أنس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي مات ولم يحج حجة الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت تقضيه عنه؟ ". قال: نعم. قال: "فإنه دين عليه فاقضه".
قال البزار عقبه: لا نعلم رواه عن ثابت إلا صدقة وهو بصري ليس به بأس ولم يتابع على هذا واحتمل حديثه. اهـ.
وتعقبه الحافظ ابن حجر فقال: بل هو ضعيف لكن توبع. اهـ.
وقد ضعفه ابن معين وأبو داود والنسائي والترمذي وأبو حاتم.
وقال الحافظ في "التقريب"(2921): صدوق له أوهام. اهـ.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 282: إسناده حسن. اهـ.
قلت: والمتابعة التي يشير إليها الحافظ ابن حجر في تعقبه للبزار هو ما رواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 3/ 205
وفي "المعجم الكبير" 1/ 258 (748) قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان ثنا أبو عبيدة بن فضيل بن عياض ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عباد بن راشد عن ثابت عن أنس: أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم
…
فذكره.
قلت: عباد بن راشد التميمي مولاهم البصري أخرج له البخاري. وقد تكلم فيه.
قال ابن معين: حديثه ليس بالقوي ولكن يكتب. اهـ.
وقال مرة أخرى: صالح. اهـ.
لهذا قال الذهبي في "الميزان" 2/ 365. ولابن معين فيه قولان. اهـ.
وقال مرة ثالثة: ضعيف. اهـ.
وقال البخاري: روى عنه عبد الرحمن وتركه يحيى بن القطان. اهـ.
وقال أبو داود: ضعيف. اهـ.
وقال أبو حاتم: صالح. اهـ.
وقال الأزدي: تركه يحيى بن القطان وكان صدوقًا. اهـ.
وقال النسائي: ليس بالقوي. اهـ.
وقال الساجي: ضعيف صدوق. اهـ.
وقال الحافظ في "التقريب"(3126): صدوق له أوهام. اهـ.
وقد ضعف أيضًا ابن الجوزي أبا عبيدة بن فضيل بن عياض.
وقال ابن حجر في "لسان الميزان" 7/ 80: وقد وثقه الدارقطني فلا يلتفت إلى تضعيف ابن الجوزي بلا سبب وذكره ابن حبان في "الثقات". اهـ
وأخرجه الدارقطني 2/ 260 من وجه آخر عن عباد بن راشد به.
رابعًا: حديث عبد الله بن عباس رواه ابن ماجه (2904) قال: حدثنا محمَّد بن عبد الأعلى الصنعاني ثنا عبد الرازق أنبأنا سفيان الثوري عن سليمان الشيباني عن يزيد الأصم عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أحُجّ عن أبي؟ قال: "نعم حج عن أبيك. فإن لم تزده خيرًا لم تزده شرًّا".
قلت: رجاله رجال مسلم وهو معلول سندًا ومتنًا كما سيأتي.
وقد صححه البوصيري في تعليقه على "زوائد ابن ماجه".
ورواه الطبراني في "الكبير" 12/ رقم (13009) قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا أبي أنا عبد الرزاق به.
وقد أُعل بتفرد عبد الرزاق به وبغرابة في متنه.
لهذا قال ابن عبد البر في "التمهيد" 9/ 129 - 130 ونقله عنه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 2/ 336: تفرد به عبد الرزاق. ولا يوجد في الدنيا عند أحد غيره، وخَطَّؤوا عبد الرزاق لانفراده به وإن كان ثقة وقالوا: لفظ منكر لا يشبه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وقال ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 5/ 458: وممن قال بهذا البزار، قال: لا نعلم رواه إلا الثوري، ولا عن الثوري إلا عبد الرزاق، فجعل المنفرد به الثوري. اهـ.
وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 9/ 129: أما هذا الحديث؛ فقد حملوا فيه على عبد الرزاق؛ لانفراده به عن الثوري من بين سائر أصحابه، وقالوا: هذا حديث لا يوجد في الدنيا عند أحد بهذا الإسناد إلا في "كتاب عبد الرزاق" أو في كتاب من أخرجه من "كتاب عبد الرزاق"، ولم يروه أحد عن الثوري غيره، وقد خَطَّؤوه فيه، وهو عندهم خطأ. فقالوا: هذا لفظ منكر لا تشبهه ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمر بما لا يدري هل ينفع أم لا ينفع، حدثني خلف بن سعيد قال: حدثنا عبد الله بن محمَّد قال: حدّثنا أحمد بن خالد قال: حدّثنا عبيد بن محمَّد الكشوري. قال: لم يرو حديث الشيباني عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس أحد غير عبد الرزاق عن الثوري، ولم يروه عن الثوري لا كوفي ولا بصري ولا أحد.
ثم قال ابن عبد البر: أما ظاهر إسناد هذا الحديث فظاهر جميل؛ لأن الشيباني ثقة، وهو سليمان بن أبي سليمان. وروى عنه شعبة والثوري وهشيم. وكذلك يزيد بن الأصم ثقة ولكنه حديث لا يوجد عند أصحاب الثوري الذين هم أعلم بالثوري من عبد الرزاق مثل القطان وابن مهدي وابن المبارك ووكيع
…
اهـ.
خامسًا: حديث أبي هريرة رواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 3/ 204 قال: حدثنا محمَّد بن عبد الله الحضرمي ثنا علي بن بهرام ثنا عبد الملك بن أبي كريمة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حج عن ميت
فللذي حج عنه مثل أجره، ومن فَطَّر صائمًا فله مثل أجره، ومن دعا إلى خير فله مثل أجر فاعله".
قال الطبراني عقبه: لم يروه عن ابن جريج إلا ابن أبي كريمة تفرد به علي. اهـ.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 282: فيه علي بن يزيد بن بهرام ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات. اهـ. هكذا نسبه إلى جده.
قلت: قد ترجم له الخطيب في "تاريخه" 11/ 353: ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا وفي الإسناد أيضًا ابن جريج وهو مكثر من التدليس ولم يصرح بالتحديث.
سادسًا: حديث عقبة بن عامر رواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 3/ 205 قال: حدّثنا العباس بن الفضل الأسفاطي ثنا هريم بن عثمان الراسبي ثنا سويد أبو حاتم عن قتادة عن موسى بن سلمة عن ابن عباس عن عقبة بن عامر: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقالت: يا رسول الله أحج عن أمي؟ وقد ماتت قال: "أرأيت إن كان عليها دَينٌ فقضيته أليس قد كان مقبولًا منك؟ " قالت: بلى. فأمرها أن تحج عنها. وقالت امرأة: أحج بابني وهو مرضع أو صغير؟ قال: "نعم".
قال الطبراني عقبه: لم يروه عن قتادة إلا سويد. وتفرد به هريم. اهـ.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 282: فيه شريك أبو حاتم وثقه أبو زرعة وابن معين في رواية، وضعفه النسائي وابن معين في رواية. اهـ. كذا قال شريك: والصواب سويد، وقال ابن المديني: ذاكرت يحيى بحديثه فقال: هات غير ذا. اهـ.
وقال الدارقطني: ليس يعتبر به. اهـ.
وقال الحافظ في "التقريب"(2687): صدوق سيئ الحفظ له أغلاط، وقد أفحش ابن حبان فيه القول. اهـ.
وهريم بن عثمان قال عنه أبو حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 118: صدوق. اهـ.
سابعًا: حديث جابر رواه الحارث كما في "المطالب"(1154) قال: حدثنا إسحاق بن بشر ثنا أبو معشر عن ابن المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدخل الله تعالى بالحجة الواحدة ثلاثة نفر الجنة: الميت والحاج والمنفذ ذلك".
ورواه البيهقي 5/ 180 وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 2/ 367 (294) وابن الجوزي في "الموضوعات" 2/ 129 كلهم من طريق أبي معشر به.
قلت: الحديث مداره على أبي معشر واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي وهو ضعيف كما سبق (1).
وبه أعله البيهقي 5/ 180.
(1) راجع باب. من طلب باجتهاده القبلة
وفي إسناد الحارث إسحاق بن بشر وهو متروك.
وبه أعله الكتاني في "تنزيه الشريعة" 2/ 172.
وروي عن جابر بوجه آخر ولفظ آخر وهو ضعيف جدًا.
قال ابن أبي حاتم كما في "العلل"(823): سألت أبي عن حديث رواه عثمان بن عبد الرحمن الطرايفي قال: حدّثنا محمَّد بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حج عن أبيه أو عن أمه فقد قضى عنه حجه وكان فضل عشر حجج". قال أبي: ليس هذا محمَّد بن عمرو إنما هذا هو محمَّد بن عمر الذي يعرف بالمحرم، وكان واهي الحديث، وهذا عندي حديث باطل. اهـ.
* * *