المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: جامع في المواقيت - التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام - جـ ٨

[خالد بن ضيف الله الشلاحي]

فهرس الكتاب

- ‌باب فضله وبيان من فرض عليه

- ‌باب: فضل الحج والعمرة

- ‌باب: ما قيل في وجوب العمرة

- ‌باب: ما قيل في عدم وجوب العمرة

- ‌باب: ما جاء في إيجاب الحج بالزاد والراحلة

- ‌باب: ما جاء في صحة حج الصبي

- ‌باب: ما جاء في الحج عن الحي العاجز

- ‌باب: ما جاء في الحج عن الميت

- ‌باب: الصبي يحج قبل البلوغ ثم يبلغ

- ‌باب: نهي المرأة أن تحج بغير محرم

- ‌باب: شرط النيابة في الحج

- ‌باب: ما جاء في أن الحج يجزئ مرة واحدة في العمر

- ‌باب المواقيت

- ‌باب: جامع في المواقيت

- ‌باب وجوه الإحرام وصفته

- ‌باب: أنواع النسك وبما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب الإحرام وما يتعلق به

- ‌باب: من أين أهل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب: رفع الصوت بالإهلال

- ‌باب: الغسل للإهلال

- ‌باب: ما يلبس المحرم

- ‌باب: الطيب عند الإحرام

- ‌باب: ما جاء في نكاح المحرم وخطبته

- ‌باب: ما جاء في لحم الصيد للمحرم

- ‌باب: ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌باب: ما جاء في الحجامة للمحرم

- ‌باب: ما جاء في فدية الأذى

- ‌باب: تحريم حرم مكة

- ‌باب: ما جاء في تحريم المدينة

- ‌باب صفة الحج ودخول مكة

- ‌باب: جامع

- ‌باب: الدعاء عند الفراغ من التلبية

- ‌باب: هل عرفة ومزدلفة كلها موقف

- ‌باب: ما جاء في صفة دخول مكة وفي الخروج منها

- ‌باب: دخول مكة نهارًا والاغتسال له

- ‌باب: ما جاء في السجود على الحجر الأسود

- ‌باب ما جاء في الرمل

- ‌باب: استلام الركنين اليمانيين دون الغربيين

- ‌باب: تقبيل الحجر

- ‌باب: استلام الحجر والركن بالمحجن

- ‌باب: الاضطباع في الطواف

- ‌باب: التلبية والتكبير أثناء الطريق

- ‌باب: تعجيل الضعفة في الدفع ووقت رميهم جمرة العقبة

- ‌باب: الحج عرفة

- ‌باب: متى يدفع من جمع

- ‌باب: متى يقطع الحاج التلبية في الحج

- ‌باب: ما جاء في صفة رمي جمرة العقبة

- ‌باب: ما جاء في وقت رمي الجمار

- ‌باب: ما جاء في الدعاء عند الجمرة الأولى والثانية فقط

- ‌باب: ما جاء في تفضيل الحلق على التقصير

- ‌باب: جواز تقديم شيءٍ من أعمال يوم النحر على غيره

- ‌باب: النحر قبل الحلق

- ‌باب: متى يحل المحرم

- ‌باب: ما جاء في نهي النساء عن الحلق

- ‌باب: ما جاء في ترك المبيت بمنى وتأخير رمي الجمار وجوازه للعذر

- ‌باب: ما جاء أن الإمام يخطب بمنى يوم النحر

- ‌باب: الخطبة في وسط أيام التشريق

- ‌باب: طواف القارن

- ‌باب: ما جاء في ترك الرمل في طواف الإفاضة

- ‌باب: ما جاء في النزول في المحصب

- ‌باب: إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت

- ‌باب: فضل الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب: ما جاء فيمن أحصر بعدو

- ‌باب: جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر لمرض ونحوه

- ‌باب: ما جاء فيمن أحصر بغير عدو

الفصل: ‌باب: جامع في المواقيت

‌باب: جامع في المواقيت

715 -

عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأهلِ المدينةِ ذا الحُلَيفَةِ، ولأهلِ الشامِ الجُحفَةَ، ولأهلِ نَجدٍ قَرْنَ المَنازِلِ، ولأهلِ اليمنِ يَلَملَمَ. هُنَّ لَهُنَّ ولِمَنْ أتَى عليهنَّ مِن غيرهنَّ ممن أرادَ الحجَّ والعمرةَ، ومَن كان من دون ذلك فمن حيثُ أنشأ حتَّى أهلُ مكَّةَ مِن مكَّةَ. متفق عليه.

رواه البخاري (1529) ومسلم 2/ 838 وأبو داود (1738) والنسائي 5/ 123 وأحمد 1/ 238 والبغوي في "شرح السنة" 7/ 36 وابن خزيمة 4/ 158 والبيهقي 5/ 29 وابن الجاررد في "المنتقى"(413) كلهم من طريق حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس قال:

فذكره.

ورواه البخاري (1530) ومسلم 2/ 839 والنسائي 5/ 125 وأحمد 1/ 249 والبيهقي 5/ 29 كلهم من طريق عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس بمثله.

* * *

716، 717، 718 - وعن عائشةَ رضي الله عنها: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأهلِ العراقِ ذاتَ عِرْقٍ. رواه أبو داود والنسائي،

ص: 119

وأصله عند مسلم من حديث جابر إلا أنَّ راويَهُ شَكَّ في رفعه. وفي "صحيح البخاري " أنَّ عمرَ هو الذي وَقَّتَ ذاتَ عِرْقٍ، وعندَ أحمدَ وأبي داود والترمذي عن ابنِ عباسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأهلِ المشرقِ العَقيقَ.

حديث عائشة رواه أبو داود (1739) والنسائي 5/ 123 والبيهقي 5/ 28 والدارقطني 2/ 236 كلهم من طريق المعافي بن عمران عن أفلح بن حميد عن القاسم بن محمد عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق.

قلت: رواته كلهم ثقات.

وقد صححه النووي في "المجموع" 7/ 194.

وقال العراقي في "طرح التثريب " 5/ 13: صححه أبو العباس القرطبي. وقال الذهبي: هو صحيح غريب. وقال والدي رحمه الله: إن إسناده جيد. اهـ.

قلت: تفرد به المعافي. قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 244: تفرد به المعافي بن عمران عن أفلح عنه والمعافي ثقة. اهـ.

قلت: أفلح وإن كان ثقة إلا أن له أحاديث أنكرت عليه وقد أنكر الإمام أحمد هذا الحديث.

قال ابن عدي في "الكامل " 1/ 417: قال لنا ابن صاعد: كان أحمد بن حنبل ينكر هذا الحديث مع غيره -أي من الأحاديث-

ص: 120

على أفلح بن حميد، وقال ابن عدي: وإنكار أحمد على أفلح في هذا الحديث قوله: "ولأهل العراق ذات عرق " ولم ينكر الباقي في إسناده ومتنه شيئًا. اهـ.

لهذا قال النووي في "المجموع" 7/ 194: رواه أبو داود والنسائي والدارقطني وغيرهم بإسناد صحيح، ولكن نقل ابن عدي أن أحمد ابن حنبل أنكر على أفلح بن حميد روايته هذه وانفراده مع أنه ثقة. اهـ.

قلت: وقد أخطأ من أنكر هذا على الإمام أحمد؛ لأن هذه العلة التي رد بها الإمام أحمد زيادة "ذات عرق" من العلل التي لا يكاد يعرفها إلا من كان في عصر الرواية من الذين حفظوا أحاديث الراوي وعرفوها وعرفوا أحاديث تلميذه عنه. فهم حفاظ حفظوا الصحيح من الأحاديث وعرفوا خطأها، ولا ينبغي تعقبهم خصوصًا في مثل هذه العلل الدقيقة التي لا يمكن معرفتها إلا عن طريقهم، إلا لمن حفظ كحفظهم أو عرف كمعرفتهم، لأنهم لم يقولوا هذا إلا بدليل ظهر عندهم. ولا يلزم بيانه.

لهذا قال ابن رجب في "رسالة الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة" ص 25 في أثناء كلامه على "الصحيحين": فقل حديث تركاه إلا وله علة خفية؛ لكن لعزة من يعرف العلل كمعرفتهما وينقده وكونه لا يتهيأ الواحد منهم إلا في الإعصار المتباعدة. اهـ.

وقد أخطأ من فهم من هذا المنهج أنه دعوة إلى التقليد والمقام يطول في بيان هذا الأمر.

ص: 121

لكن في مقدمة "العلل" لابن أبي حاتم و"الجرح والتعديل" كلام يكفي ويشفي في بيان حال الأئمة في معرفة العلل.

أما حديث جابر وابن عباس وأثر عمر التي أشار إليها الحافظ ابن حجر مع هذا الحديث سيأتي تخريجها ضمن أحاديث الباب بعد قليل.

وفي الباب عن ابن عمر وجابر وأثر عن عمر وعن ابن عباس مرفوعًا والحارث بن عمرو السهمي وعبد الله بن عمرو بن العاص وبعضها أشار إليه الحافظ في "البلوغ":

أولًا: حديث ابن عمر رواه البخاري (1528) ومسلم 2/ 840 والنسائي 5/ 125 وابن خزيمة 4/ 158 كلهم من طريق الزهري عن سالم بن عبيد الله عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشام من الجحفة، ويهل أهل نجد من قرن". قال ابن عمر: وذكر لي ولم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ويهل أهل اليمن من يلملم". هذا اللفظ لمسلم.

وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 137: رواه أصحاب نافع كلهم عن نافع عن ابن عمر، ورواه عبد الله بن دينار عن ابن عمر، ورواه ابن شهاب عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. اتفقوا كلهم على أن ابن عمر لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم:"ويهل أهل اليمن من يلملم". اهـ.

وقال العراقي في "طرح التثريب" 5/ 3: قال ابن عبد البر: اتفقوا كلهم على أن ابن عمر لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "ويهل أهل اليمن من يلملم" ولا خلاف بين العلماء أن مرسل الصحابي صحيح

ص: 122

حجة. ثم تعقبه العراقي فقال: قد خالف في ذلك الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني فذهب إلى أنه ليس بحجة. وقد ورد ميقات اليمن مرفوعًا من غير إرسال من حديث ابن عباس في "الصحيحين" وغيرهما. ومن حديث جابر في "صحيح مسلم" إلا أنه قال: أحسبه رفعه، ومن حديث عائشة عند النسائي. ومن حديث الحارث بن عمرو عند أبي داود. اهـ.

ورواه البخاري (1525) ومسلم 2/ 839 وأبو داود (1737) والنسائي 5/ 122 وابن ماجه 2/ 973 كلهم من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا.

ورواه مسلم 2/ 839 من طريق إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار أنه سمع قال:

فذكره.

وروى أحمد 2/ 78 قال: ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة سمعت صدقة بن يسار سمعت ابن عمر يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن، ولأهل العراق ذات عرق، ولأهل اليمن يلملم.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي.

وأصل الحديث في "الصحيحين" وليس فيه "ذات عرق". كما سبق.

وقد خولف في متنه، فقد رواه أحمد 2/ 11 من طريق سفيان وهو ابن عيينة وأيضًا رواه أحمد 2/ 140 من طريق جرير وهو ابن عبد الحميد عن صدقة بن يسار وقال الأول: سمع صدقة ابن عمر

ص: 123

يقول فذكر الحديث دون ذكر التوقيت لأهل العراق وفيه: قيل له: فالعراق؟ قال: لا عراق يومئذ.

وقال الألباني حفظه الله كما في "الإرواء" 4/ 178: هذا سند صحيح وهو ثلاثي؛ وظاهره أن ابن عمر لا يعلم في الحديث ذكر ميقات أهل العراق، ويعلل عدم ذكره أن العراق لم تكن مفتوحة يومئذ؛ فكيف يتفق هذا القول منه مع ذكره ذلك في رواية شعبة؟ قلت: ما دام أن الروايتين عن ابن عمر ثابتتان عنه، ومن رواية صدقة بن يسار عنه؛ فالظاهر أن ابن عمر رضي الله عنه كان في أول الأمر لم يبلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الميقات المذكور، ولو من طريق غيره من أصحابه؛ فلما سئل عنه أجاب بقوله:"لا عراق يومئذ" ثم بلغه من طريق بعض الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره؛ فكان هو بعد ذلك يذكره في الحديث ولا يقول فيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يسمعه بهذا التمام بدليل رواية ميمودن بن مهران المتقدمة عنه؛ كما يظهر أيضًا أن صدقة بن يسار سمع الحديث من ابن عمر على الوجهين؛ فكان تارة يرويه على هذا الوجه، وتارة أخرى على الوجه الآخر. هذا ما بدا لي في الجمع بين الروايتين .. والله أعلم. اهـ.

ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 9 من طريق وكيع قال: ثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر به وليس فيه "ذات عرق".

وقال الطحاوي عقبه: قال ابن عمر رضي الله عنهما: وقال الناس: لأهل المشرق ذات عرق.

ص: 124

قال أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" 7/ 5492 إسناده صحيح. وقد مضى بنحوه (4584) عن سفيان بن عيينة عن صدقه. ولكن في آخره قالوا له: فأين أهل العراق؟ قال ابن عمر: "لم يكن يومئذ

". اهـ.

وذكر الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 13: أن إسحاق بن راهويه روى في "مسنده" قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: سمعت مالكًا يقول: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل العراق ذات عرق. فقلت له: من حدثك بهذا؟ قال: حدثني به نافع عن ابن عمر. قال الدارقطني في "علله": روى عبد الرزاق عن مالك ص نافع عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق. ولم يتابع عبد الرزاق على ذلك، وخالفه أصحاب مالك فرووه عنه ولم يذكروا فيه ميقات أهل العراق

اهـ.

ورواه ابن عدي في "الكامل" 5/ 314 من طريق ابن عسكر ثنا عبد الرزاق به. وقال: سمعت ابن صاعد يقول: قرأ علينا ابن عسكر كتاب "المناسك" عن عبد الرزاق فليس هذا الحديث منها فذكره ابن صاعد مرسلًا عن إسحاق بن راهويه عن عبد الرزاق وهذا الحديث يعرف بابن راهويه عن عبد الرزاق. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 3/ 389: قال الدارقطني: تفرد به عبد الرزاق. ثم قال الحافظ: الإسناد إليه ثقات أثبات وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" عنه وهو غريب جدًّا. وحديث الباب يرده. اهـ. يعني أثر عمر الآتي.

ص: 125

ثانيًا: حديث جابر الذي أشار إليه الحافظ في "البلوغ" رواه مسلم 2/ 841 وابن خزيمة 4/ 159 والبيهقي 5/ 27 والبغوي في "شرح السنة" 7/ 37 والدارقطني 2/ 237 - 238 كلهم من طريق ابن جريج قال: أخبرني ابن الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن المُهلِّ؟ فقال: سمعت -أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "مهل أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر الجحفة. ومهل أهل العراق من ذات عرق ومهل أهل نجد من قرن ومهل أهل اليمن من يلملم".

ورواه ابن ماجه (2914) من طريق إبراهيم بن يزيد عن أبي الزبير عن جابر. قال: خطبنا رسول الله فقال:

فذكره. وفيه قال: "ومهل أهل المشرق من ذات عرق" ثم أقبل بوجهه للأفق ثم قال: "اللهم أقبل بقلوبهم".

قلت: تفرد بهذه الزيادة إبراهيم بن يزيد الخوزي وهو متروك كما سبق (1).

قال الألباني حفظه الله كما في "الإرواء" 4/ 175: هذا إسناد ضعيف جدًّا من أجل إبراهيم هذا هو الخوزي. اهـ.

وقال البوصيري في تعليقه على "زوائد ابن ماجه": في إسناده إبراهيم الخوزي قال فيه أحمد وغيره: متروك الحديث. وقيل: منكر. وقيل: ضعيف. وأصل الحديث رواه مسلم من حديث جابر ولم يقل: ثم أقبل بوجهه. ولا ذكر مهل أهل الشام. اهـ.

(1) راجع باب: إيجاب الحج بالزاد والراحلة، وباب: رفع الصوت بالإهلال.

ص: 126

قلت: ومن المتقرر أن البخاري ومسلم لا يعرضا عن زيادة ما في حديث إلا لأمر جعلهما يعرضا عنها، فالغالب أن الزيادات خارج "الصحيحين" لا تسلم من علة كما نص عليه شيخ الإسلام.

وقال ابن رجب في "رسالة الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة" ص 25 في أثناء كلامه على "الصحيحين": فقلَّ حديث تركاه إلا وله علة خفيَّة؛ لكن لعزة من يعرف العلل كمعرفتهما وينقده، وكونه لا يتهيأ الواحد منهم إلا في الأعصار المتباعدة. صار الأمر في ذلك إلى الاعتماد على كتابيهما والوثوق بهما والرجوع إليهما، ثم بعدهما إلى بقية الكتب المشار إليها. اهـ.

وروى أحمد 2/ 181 والدارقطني 2/ 235 والبيهقي 5/ 280 كلهم من طريق الحجاج عن عطاء عن جابر قال: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل العراق ذات عرق.

قلت: في إسناده الحجاج بن أرطاه وقد سبق الكلام عليه (1).

وبه أعله الحافظ ابن حجر في تعليقه على "المطالب"(1156).

وقال الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 112: حجاج لا يحتج به. اهـ.

ورواه البيهقي 5/ 27 من طريق عبد الله بن وهب أخبرني ابن لهيعة عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مهل العراق من ذات عرق".

كذا جزم ابن لهيعة برفعه وخالف ابن جريج رواية الشك.

(1) راجع باب: ما جاء أن الوتر سنة.

ص: 127

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه ابن لهيعة وهو ضعيف مطلقًا حتى في رواية العبادلة عنه وإن كانت أحسن حالًا من غيرها؛ كما يفهم من كلام الأئمة المتقدمين عليه كما سبق بيانه (1).

ولهذا قال البيهقي عقب هذا الحديث: كذا قاله عبد الله بن لهيعة، وكذلك قيل عن ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن أبي الزبير، والصحيح رواية ابن جريج، ويحتمل أن يكون جابر سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول ذلك في مهل العراق. اهـ.

وقوى الألباني هذا الحديث كما في "الإرواء" 4/ 176 بناءً على أن رواية العبادلة عن ابن لهيعة صحيحة. اهـ.

ثالثًا: أثر عمر الذي أشار إليه الحافظ في "البلوغ" فقد رواه البخاري (1531) قال: حدثنا علي بن مسلم حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما فُتِحَ هذان المصران أتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرنًا، وهو جورٌ عن طريقنا، وإنّا إن أردنا قرنًا شق علينا قال: فانظروا حَذْوَها من طريقكم، فحدّ لهم ذاتَ عِرْق.

قلت: وقد اختلف في الذي وقت "ذات عرق" هل النبي صلى الله عليه وسلم أو عمر، والذي يفهم من عموم الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم وقتها -ولم أجزم بهذا- ثم وقتها عمر بن الخطاب، ولعله لم يكن علم بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم فوافق الوحي كما وافقه في أسرى بدر وغيرها من القضايا.

(1) راجع باب: نجاسة دم الحيض.

ص: 128

قال ابن مفلح في "الفروع" 3/ 275: قال الشافعي في "الأم" وأومأ إليه أحمد أن ذات عرق باجتهاد عمر، والظاهر أنه خفي النص فوافقه، فإنه موفق للصواب. اهـ.

وقال المرداوي في "الإنصاف" 3/ 424 - 495: ويجوز أن يكون عمر ومن سأله لم يعلموا بتوقيته -عليه أفضل الصلاة والسلام- ذات عرق، فقال: ذلك برأيه. فأصاب فقد كان موفقًا للصواب. ثم قال صاحب "الإنصاف": يتعين ذلك ومن المحال أن يعلم أحد من هؤلاء بالسنة؛ ثم يسألونه أن يوقت لهم. اهـ.

وعلى كلٍّ فالثابت أن عمر بن الخطاب هو الذي وقت ذات عرق، أما كون أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي وقتها ففي الحديث إما شك أو ضعف، ومع هذا فإن عمر بن الخطاب من الصحابة الذين لهم سنة متبعة وقد وقت ذات عرق ووافق الصحابة ولم يرد مخالف، ولهذا نقل ابن مفلح في "الفروع" 3/ 275 عن ابن عبد البر أنه قال: ذات عرق ميقاتهم بإجماع والاعتبار بمواضعها. اهـ.

أما من أعل الأحاديث المرفوعة التي فيها توقيت ذات عرق من حيث المتن وذلك لأن العراق لم يفتح بعد ففي هذا نظر؛ لأن الحديث علم من أعلام النبوة، كما أنه وقت للشام الجحفة ولم تفتح بعد، فالحديث يؤخذ منه أن العراق والشام ستفتح كما قرر هذا ابن عبد البر والطحاوي كما في "الجوهر النقي" 5/ 28 - 29 و"شرح معاني الآثار" للطحاوي 2/ 119 - 120.

ص: 129

وقال العراقي في "طرح التثريب" 5/ 12 لما ذكر إعلال الدارقطني الحديث بأن العراق لم تكن فتحت، قال: استدلاله لضعفه بعدم فتح العراق ففاسد؛ لأنه لا يمتنع أن يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم لعلمه بأن سيفتح ويكون ذلك من معجزات النبوة والإخبار بالمغيبات والمستقبلات كما أنه صلى الله عليه وسلم وقت لأهل الشام الجحفة، ومعلوم أن الشام لم يكن فتح يومئذ، وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة أنه أخبر بفتح الشام واليمن والعراق. اهـ.

رابعًا: حديث ابن عباس الذي أشار إليه الحافظ في "البلوغ" رواه أحمد 344/ 1 وأبو داود (1740) والترمذي (832) والبيهقي 5/ 28 وابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 142 كلهم من طريق سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن محمد بن علي عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق العقيق.

قال أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" 5 / (3205) إسناده صحيح. اهـ.

قلت: في إسناده يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف كما سبق (1).

قال البيهقي في "المعرفة" 2/ 533: تفرد به يزيد بن أبي زياد والعقيق أقرب إلى العراق من ذات عرق بيسير

اهـ.

وذكره عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 4/ 110 وقال: في إسناده يزيد بن أبي زياد. اهـ.

(1) راجع باب: القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء في الوضوء، وباب عدد التكبيرات على الجنازة

ص: 130

وانتقده ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 2/ 558 فقال: لم يزد على هذا. وإنما ذلك منه اتكال على ما تقدم في يزيد بن أبي زياد من كونه لا يحتج به. والمقصود الآن بيانه هو أن هذا الحديث مشكوك في اتصاله، وذلك أن أبا داود قال: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا وكيع حدثنا سفيان

فأقول: إن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس إنما هو معروف الرواية عن أبيه عن جده ابن عباس وبذلك ذكر في كتب الرجال وفي "كتاب مسلم" حديث حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن عبد الله بن عباس: أنه رقد عند رسول الله فاستيقظ فتسوك، وتوضأ وهو يقول:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 190] الحديث وعند البزار حديث هشام بن عروة عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن ابن عباس. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتفًا أو لحمًا ثم صلى ولم يمس ماءً

فهو كما ترى إنما عهد يروي عن أبيه عن جده. ولا أعلمه يروي عن جده إلا هذا الحديث. وأخاف أن يكون منقطعًا، ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم أنه يروي عن جده وقد ذكرا أنه يروي عن أبيه وقال مسلم في كتاب "التمييز": لا يعلم له سماع من جده، ولا أنه لقيه فاعلم ذلك. اهـ.

ونقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 14 مختصرًا.

والحديث حسنه الترمذي.

ص: 131

وتعقبه النووي فقال في "المجموع" 7/ 195: رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وليس كما قال فإنه من رواية يزيد بن زياد وهو ضعيف باتفاق المحدثين. اهـ.

وتُعقِّب النووي في بعض ما قاله.

فقد قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 244: لما نقل تحسين الترمذي. قال النووي: ليس كما قال، ويزيد ضعيف باتفاق المحدثين. قلت -أي الحافظ-: في نقل الاتفاق نظر يعرف ذلك من ترجمته وله علة أخرى قال مسلم في "الكنى": لا يعلم له سماع من جده يعني محمد بن علي. اهـ.

وقال ابن مفلح في "الفروع" 3/ 275: تفرد به يزيد بن أبي زياد، شيعي مختلف فيه. قال ابن معين وأبو زرعة: لا يحتج به. قال الجوزجاني: سمعتهم يضعفونه، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، وقال ابن عدي: مع ضعفه يكتب حديثه. وقال أبو داود: لا أعلم أحدًا ترك حديثه. وقال العجلي: جائز الحديث

اهـ.

وضعفه أيضًا العراقي في "طرح التثريب" 5/ 11.

وقال الألباني حفظه الله كما في "الإرواء" 4/ 181: والحديث عندي منكر لمخالفته للأحاديث المتقدمة قريبًا عن عائشة وجابر وابن عمر في: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق، والعقيق قبلها بمرحلة أو مرحلتين كما ذكر ابن الأثير في "النهاية" فهما موضعان متغايران؛ فلا يعقل أن يكون لأهل العراق وهم أهل المشرق ميقاتان مع ضعف حديث العقيق

اهـ.

ص: 132

وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 142: أخبرنا عبد الوارث بن سفيان وأحمد بن قاسم. قالا: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس قال: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الطائف قرن وهي نجد ولأهل الشام الجحفة ولأهل اليمن يلملم ولأهل العراق ذات عرق. ورواه البزار في "مسنده" عن مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: وقت رسول الله عليه وسلم لأهل المشرق ذات عرق.

وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي وقد تكلم فيه كما سبق (1).

ورواه الشافعي مرسلًا كما في "المسند"(757) قال: أخبرنا سعيد بن سالم قال: أخبرني ابن جريج به مرسلًا.

وللحديث طريق آخر عند ابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 142.

خامسًا: حديث الحارث بن عمرو السهمي رواه أبو داود (1742) والبيهقي 5/ 28 والدارقطني 2/ 236 كلهم من طريق عتبة بن عبد الملك السهمي قال: حدثني زرارة بن كريم أن الحارث بن عمرو السهمي حدثه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمنى أو بعرفات. وقد طاف به الناس قال: فتجيء الأعراب فإذا رأوا وجهه قالوا: هذا وجه مبارك. قال: ووقت ذات عرق لأهل العراق.

(1) راجع باب: شرط النيابة في الحج، وباب الفطر يوم يفطر الناس.

ص: 133

قال البيهقي في "المعرفة" 2/ 533: في إسناده من هو غير معروف. اهـ.

وتعقبه العراقي في "طرح التثريب" 5/ 13 فقال: زرارة بن كريم بفتح الكاف روى عنه جماعة وذكره ابن حبان في "الثقات" والراوي عنه في "سنن أبي داود" عتبة بن عبد الملك كذلك. وباقي رجاله لا يحتاج إلى الفحص عنهم فليس في إسناده من هو غير معروف فإن كان فيهم من ليس معروفًا عند البيهقي، فهو معروف عند غيره. اهـ.

قلت: في إسناده عتبة بن عبد الملك هو معروف العين لكن مجهول الحال.

لهذا ذكره الحافظ في "التقريب"(4436) فقال: عتبة بن عبد الملك السهمي مقبول. اهـ. أي: في المتابعات.

وأورده في "التهذيب" ولم ينقل فيه جرحًا ولا تعديلًا.

وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/ 773 ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.

سادسًا: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه أحمد 2/ 181 والبيهقي 5/ 28 والدارقطني 2/ 236 كلهم من طريق يزيد بن هارون أنبأ الحجاج عن عطاء عن جابر بن عبد الله وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قالا: وقت رسول صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث وقال: "لأهل العراق ذات عرق".

قال أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" 10 / رقم (6697): إسناده صحيح. اهـ.

ص: 134

قلت: في إسناده الحجاج وسبق الكلام عليه (1).

ولهذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 216: فيه الحجاج بن أرطاة وفيه كلام وقد وثق. اهـ.

سابعًا: حديث أنس بن مالك رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 119 قال: حدثنا يحيى بن عثمان وعلي بن عبد الرحمن قالا: ثنا سعيد بن أبي مريم قال: أخبرني إبراهيم بن سويد قال: حدثني هلال بن زيد قال: أخبرني أنس بن مالك: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل البصرة ذات عرق ولأهل المدائن العقيق. موضع قرب ذات عرق.

ورواه ابن عدي في "الكامل" 7/ 117 من طريق ميمون بن الأصبغ ثنا ابن أبي إبراهيم ثنا إبراهيم بن سويد به.

ورواه الطبراني في "الكبير" 1 / رقم (721) عن سعيد بن أبي مريم ثنا إبراهيم بن سويد حدثني هلال به بنحوه.

قلت: مدار الحديث على هلال بن زيد بن يسار أبي عقال، قال أبو حاتم والنسائي: منكر الحديث. اهـ.

زاد النسائي: ليس بثقة. اهـ.

وقال البخاري: في حديثه مناكير. اهـ.

وذكر الذهبي في "الميزان" 4/ 313 هذا الحديث في ترجمته ثم قال: هذا باطل؛ فإن البصرة إنما بصِّرت زمن عمر. اهـ.

(1) راجع باب: ما جاء أن الوتر سنة.

ص: 135

وكذلك ذكر هذا الحديث ابن عدي في ترجمته 7/ 117 - 119 وقال: هذه الأحاديث بهذه الأسانيد غير محفوظة. اهـ.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 216: وفيه أبو ظلال "عقال" هلال بن زيد وثقه ابن حبان وضعفه جمهور الأئمة وبقية رجاله رجال الصحيح. اهـ.

قلت: ذكره ابن حبان في "الثقات" 5/ 506 ثم غفل فذكره في "المجروحين" 2/ 87 وقال: كان ممن يروي عن أنس بن مالك أشياء موضوعة ما حدَّثَ بها أنس قط

اهـ.

* * *

ص: 136