المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل العين واللام - عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ - جـ ٣

[السمين الحلبي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الظاء

- ‌فصل الظاء والعين

- ‌فصل الظاء والفاء

- ‌فصل الظاء واللام

- ‌فصل الظاء والميم

- ‌فصل الظاء والنون

- ‌فصل الظاء والهاء

- ‌باب العين

- ‌فصل العين والباء

- ‌فصل العين والتاء

- ‌فصل العين والثاء

- ‌فصل العين والجيم

- ‌فصل العين والدال

- ‌فصل العين والذال

- ‌فصل العين والراء

- ‌فصل العين والزاي

- ‌فصل العين والسين

- ‌فصل العين والشين

- ‌فصل العين والصاد

- ‌فصل العين والضاد

- ‌فصل العين والطاء

- ‌فصل العين والظاء

- ‌فصل العين والفاء

- ‌فصل العين والقاف

- ‌فصل العين والكاف

- ‌فصل العين واللام

- ‌فصل العين والميم

- ‌فصل العين والنون

- ‌فصل العين والهاء

- ‌فصل العين والواو

- ‌فصل العين والياء

- ‌باب الغين

- ‌فصل الغين والباء

- ‌فصل الغين والثاء

- ‌فصل الغين والدال

- ‌فصل الغين والراء

- ‌فصل الغين والزاي

- ‌فصل الغين والسين

- ‌فصل الغين والشين

- ‌فصل الغين والصاد

- ‌فصل الغين والضاد

- ‌فصل الغين والطاء

- ‌فصل الغين والفاء

- ‌فصل الغين واللام

- ‌فصل الغين والميم

- ‌فصل الغين والنون

- ‌فصل الغين والواو

- ‌فصل الغين والياء

- ‌باب الفاء

- ‌فصل الفاء والألف

- ‌فصل الفاء والتاء

- ‌فصل الفاء والجيم

- ‌فصل الفاء والحاء

- ‌فصل الفاء والخاء

- ‌فصل الفاء والدال

- ‌فصل الفاء والراء

- ‌فصل الفاء والزاي

- ‌فصل الفاء والسين

- ‌فصل الفاء والشين

- ‌فصل الفاء والصاد

- ‌فصل الفاء والضاد

- ‌فصل الفاء والطاء

- ‌فصل الفاء والظاء

- ‌فصل الفاء والعين

- ‌فصل الفاء والقاف

- ‌فصل الفاء والكاف

- ‌فصل الفاء واللام

- ‌فصل الفاء والنون

- ‌فصل الفاء والهاء

- ‌فصل الفاء والواو

- ‌فصل الفاء والياء

- ‌باب القاف

- ‌فصل القاف والباء

- ‌فصل القاف والتاء

- ‌فصل القاف والثاء

- ‌فصل القاف والحاء

- ‌فصل القاف والدال

- ‌فصل القاف والذال

- ‌فصل القاف والراء

- ‌فصل القاف والسين

- ‌فصل القاف والشين

- ‌فصل القاف والصاد

- ‌فصل القاف والضاد

- ‌فصل القاف والطاء

- ‌فصل القاف والعين

- ‌فصل القاف والفاء

- ‌فصل القاف واللام

- ‌فصل القاف والميم

- ‌فصل القاف والنون

- ‌فصل القاف والهاء

- ‌فصل القاف والواو

- ‌فصل القاف والياء

- ‌باب الكاف

- ‌فصل الكاف مع الهمزة

- ‌فصل الكاف والباء

- ‌فصل الكاف والتاء

- ‌فصل الكاف والثاء

- ‌فصل الكاف والدال

- ‌فصل الكاف والذال

- ‌فصل الكاف والراء

- ‌فصل الكاف والشين

- ‌فصل الكاف والظاء

- ‌فصل الكاف والعين

- ‌فصل الكاف والفاء

- ‌فصل الكاف واللام

- ‌فصل الكاف والميم

- ‌فصل الكاف والنون

- ‌فصل الكاف والهاء

- ‌فصل الكاف والواو

- ‌فصل الكاف والياء

الفصل: ‌فصل العين واللام

فقال: الأول في الخير، والثاني في الشر.

‌فصل العين واللام

ع ل ق

قوله تعالى: {ثم خلقنا النطفة علقة} [المؤمنون:14]. العلقة: القطعة من الدم، وقيده بعضهم بالجامد. قال: فإذا كان جاريًا فهو المسفوح. وسئل بعض الأعراب عن أصعب ما لقي فقال: وقع الزلق على العلق، يعني زلقه بدم القتل في المعركة. والعمق: جنس للعلقة نحو تمرٍ وتمرةٍ. وأصل العلق: التشبت بالشيء؛ يقال: علق به: تعلق. وعلق الصيد في الحبالة: نشب فيها. وأعلق الصائد على الصيد في حبالته. والمعلاق: ما يعلق به. وعلاقة السوط كذلك. والعلقة: ما يتمسك به من الأكل. وفي الحديث: «تعلق من ثمار الجنة» . ومنه الحديث الآخر: «ويجتزئ بالعلقة» . يقال: علق بالفتح، يعلق -بالضم- عليقًا. وأنشد للكميت:[من الكامل]

1077 -

أو فيق طاوية الحشا رمليةٍ

إن تدن من قنن الألاة تعلق

ولما نزل قوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم} [النور:32] قيل: «يا رسول الله فما العلائق بينهم؟» قال: العلائق: المهور، واحدتها علاقة. قوله تعالى:{فتذروها كالمعلقة} [النساء:129] أي لا ذات بعلٍ ولا أيما، من علقت الشيء: إذا رفعته. وفي حديث أم زرع: «إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق» أي يجعلني كالمعلقة. وفي الحديث: «أن امرأة جاءت له عليه الصلاة والسلام بابنٍ لها [قالت:] وقد أعلقت عنه فقال: علام تدغرن أولادكن بهذه العلق؟» . الإعلاق: معالجة عذرة الصبي ودفعها بالإصبع. والعلق -بفتح اللام وضمها-: الدواهي والمنايا والأشغال. وفي حديث عمر

ص: 110

رضي الله عنه: «إن الرجل ليغالي بصداق امرأته حتى تكون عداوةً في نفسه، وحتى يقول: قد كلفت إليك علق القربة» . قال أبو عبيد: علقها عصامها، أي تكلفت لك كل شيءٍ حتى عصام القربة. ويروى:«عرق القربة» . يقال في هذا الأمر علق وعلاق وعلاقة وعلقة وعلوق ومتعلق بمعنى واحد. وفي الحديث: «رأيت أبا هريرة وعليه إزار فيه علق وقد خيطه بالأصطبة» .

قال ابن السكيت: العلق الذي يكون في الثوب وغيره. وقال غيره: هو أن يمر بالشوكة أو غيرها. فتعلق بالثوب فتخرقه. والأصطبة: مشاقة الكتان. والعلق: دود يتعلق بالحلق. والعلق: الشيء النفيس الذي به يتعلق صاحبه. والعليق: ما يعلق على الدابة من القضيم. والعليقة: مركوب يبعثه الإنسان مع غيره فيعلق أمره به. وأنشد [من الرجز]

1078 -

أرسلها عليقة وما علم

أن العليقات يلاقين الرقم

والعلوق: الناقة التي ترأم ولدها فتعلق به. ويقال للمنية: علوق. والعلقي: شجر يتعلق. وعلقت المرأة: حبلت. ورجل: يتعلق بخصمه. والتعلق أيضًا: ترتيب شيءٍ على شيءٍ. ومنه تعليق المشروط على شرطٍ.

ع ل م:

قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} [البقرة:31] أي عرفه إياها. وأصل العلم إدراك الشيء على حقيقته، وهو معرفة الشيء على ما هو عليه. وقد اختلف الناس فيه: هل يدرك بالحد أم لا، ومن منع تحديده اختلفوا فقال بعضهم: لا يحد لعسره، وآخرون ليسره. وقال بعضهم: العلم ضربان: الأول إدراك ذات الشيء، والثاني الحكم على الشيء بوجود شيءٍ هو موجود له، أو نفي شيءٍ هو منفي عنه. فالأول يتعدى لواحدٍ؛ قال تعالى:{لا تعلمهم نحن نعلمهم} [التوبة:101]. والثاني يتعدى لاثنين

ص: 111

كقوله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمنات} [الممتحنة:10]. قوله تعالى: {يوم يجمع الله الرسل} إلى قوله: {لا علم لنا} [المائدة:109]. قال بعضهم: إشارة إلى أن علمهم قد تضاءل مع علمه ولذلك عقبوه بقولهم: {إنك أنت علام الغيوب} [المائدة:109].

والعلم من وجهٍ آخر نوعان: نظري وعملي؛ فالنظري ما إذا علم فقد كمل، نحو العلم بموجودات العالم، والعملي ما لا يتم إلا بأن يعمل كالعلم بالعبادات. ومن وجهٍ آخر ضربان: عقلي وسمعي. والعلم قد يتجوز به عن الظن كقوله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمناتٍ} لا سبيل إلى القطع بالإيمان الباطن. كما يستعار الظن للعلم كقوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم} [البقرة: 46] وقد تقدم تحرير ذلك في باب الظن. قوله تعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله} [محمد:19] أمر بالقطع والبت. وهو لم يزلٍ كذلك، وإنما هو تعليم لأمته. ودل ذلك على وجوب علم التوحيد وما شاكله من أصول الدي. وأعلمته -بالهمزة والتضعيف-: واحد، إلا أن الاستعمال خص الإعلام بإخبارٍ سريعٍ، والتعليم بما يكون فيه تكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر في نفس المتعلم.

وقال بعضهم: التعليم: تنبيه النفس لتصوير المعاني، والتعلم: تنبيه النفس لتصور ذلك. وربما استعمل في معنى الإعلام إذا كان فيه تكثير نحو قوله: {أتعلمون الله بدينكم} [الحجرات:16] وقوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} فتعليمه الأسماء هو أن جعل له قوةً بها نطق، ووضع أسماء الأشياء وذلك بإلقائه في روعه، وكتعليمه الحيوانات كل واحد فعلًا يتعاطاه وصوتًا يتحراه. قوله:{وعلمناه من لدنا علمًا} [الكهف:65] قيل: عنى به العلم الخاص الخفي على البشر الذي يرونه، ما لم يعرفهم، منكرًا بدلالة ما رآه موسى عليه السلام منه لما تبعه فأنكره بظاهر شريعته حتى عرفه، وعلى هذا العلم في قوله:{قال الذي عنده علم من الكتاب} [النمل:40]. وقوله تعالى: {والذين أوتوا العلم درجات} [المجادلة:11] تنبيه منه تبارك وتعالى على تفاوت منازل العلوم وتفاوت أربابها.

قوله: {وفوق كل ذي علم عليم} [يوسف:76] إشارة إلى الإنسان الذي

ص: 112

فوقه آخر. ويكون تخصيص لفظ العليم الذي هو للمبالغة تنبيهًا على أنه بالإضافة إلى الأول عليم لما ذكر معه، وإن لم يكن بالإضافة إلى من فوقه كذلك. قيل: ويجوز أن يكون {عليم} عبارة عن الله تعالى وإن كان لفظه منكرًا إذ كان الموصوف بالعليم هو الله تبارك وتعالى فيكون قوله: {وفوق كل ذي علمٍ عليم} إشارة إلى الجماعة بأسرهم لا إلى كل واحد بانفراده. وعلى الأول يكون إشارةً إلى واحدٍ بانفراده. قوله تعالى: {علام الغيوب} إشارة إلى أنه لا تخفى عليه خافية. قوله: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسولٍ} [الجن:26 - 27] إشارة إلى أن الله تعالى يخص به أولياءه. والعالم في وصفه تعالى هو الذي لا يخفي عليه شيء لقوله: {لا تخفى منكم خافية} [الحاقة:18] وذلك لا يصح إلا في وصف الله تعالى.

قوله تعالى: {في البحر كالأعلام} [الشورى:32] أي الجبال. ويقال لكل أثرٍ يعلم به الشيء علم. ومنه الحديث: «تكون الأرض يوم القيامة كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحدٍ» . ومعالم الحرم وأعلامه: حدوده، ومنه: العلم للراية، شبه السفن في البحر بالجبال الظاهرة لكل أحدٍ، والواحد علم. وأنشد:

1079 -

ربما أوفيت في علمٍ

ترفعن ثوبي شمالات

وقرئ شاذًا: {وإنه لعلم} [الزخرف:61] بالفتح في الفاء والعين. والعلمة: شق الشفة العليا لكونها أظهر علامةٍ. وفي الشفة السفلى يقال شرم. ورجل أعلم ورجل أشرم. وكان صاحب الفيل أشرم. وأنشد: [من الرجز]

1080 -

وألا شرم المغلوب ليس الغالب

وكل جملٍ أعلم، ويتجوز بذلك عن الرجل المشهور فيقال: فلان علم في كذا

ص: 113

كقولهم: جبل. ومعالم الطريق والدين، واحدها معلم. والعلام: الحناء. قوله: {الحمد لله رب العالمين} العالمون ليس جمع عالمٍ بدليلٍ أن عالمًا يطلق على كل موجودٍ سوى الله تعالى، وعالمون لا يطلق إلا على العقلاء؛ فاستحال أن يكون المفرد أم والجمع أخص، وهذا نظير ما منع سيبويه من جعله أعرابًا جمع عرب، لأن عربًا يعم البدوي والقروي، والأعراب مخصوص بالبدويين. وقيل: العالم لا يطلق إلا على أولي العلم ومنه اشتق. وكأن هذا الخلاف مبني على الخلاف في اشتقاقه مماذا؟ فإن قيل إنه مشتق من العلامة بمعنى أن كل موجود دال (على صانعه وموجده، فلا شك أن هذا المعنى موجود) سوى الله تعالى، فتطلق على العاقل وغيره من حيوانٍ وجمادٍ. وإن قيل: إنه مشتق من العلم فلا يطلق إلا على ذوي العلم، قيل: وحينئذ يصح جعله جمعًا لعالمٍ، إلا أن الأول هو المشهور. ولذلك يروى عن ابن عباسٍ:«إن لله تعالى ألف اسمٍ؛ ست مئةٍ في البحر وأربع مئةٍ في البر» . وقال الراغب: والعالم: اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأعراض. وهو في الأصل اسم لما يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع به ويختم. وجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالآلة. فالعالم آلة في الدلالة على صانعه. ولهذا أحالنا تعالى على ذلك في معرفة وحدانيته فقال: {أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض} [الأعراف:185]. وأما جمعه فلأن كل نوعٍ من هذه قد يسمى عالمًا؛ فيقال: عالم الإنسان، وعالم الماء، وعالم النار. وأيضًا فقد روى «أن لله تعالى بضعة عشر عالمًا وألف عالمٍ» .

وأما جمعه جمع السلامة فلكون الناس في جملتهم. والإنسان إذا شارك غيره في اللفظ غلب حكمه. وقيل؛ إنما جمع هذا الجمع لأنه عنى به أصناف الخلائق من الملائكة والجن والإنس دون غيرها، وقد روي هذا عن ابن عباسٍ. وقال جعفر بن محمدٍ الصادق: عني به الناس، وجعل لكل واحد منهم عالمًا. وقال: العالم عالمان: الكبير وهو الفلك بما فيه. والصغير وهو الإنسان لأنه مخلوق على هيئة العالم؛ فقد أوجد

ص: 114

الله تعالى فيه كل ما في العالم الكبير، انتهى. وقال الهروي: العالمون المخاطبون هم الجن والإنس، ولا واحد له من لفظه. والعالمون: أصناف الخلق كلهم، الواحد عالم. ويقال: دهر عالم. وأنشد لجرير بن الخطفي: [من الوافر]

1081 -

تنصفه البرية وهو سامٍ

ويضحي العالمون له عيالا

ثم إن المفسرين خصوا كل موضعٍ بما يليق به مما يطلق عليه أصناف العالم. فقالوا في قوله تعالى: {أو لم ننهك عن العالمين} [الحج:70] أي عن أن تضيف أحدًا. وفي قوله تعالى: {ليكون للعالمين نذيرًا} ؛ الجن والإنس لأنه لم يكن نذيرًا للبهائم. قوله: {أنزله بعلمه} [النساء:166] أي مصاحبًا لعلمه. والمعنى: أنزل القرآن الذي فيه علمه. قوله: ({وليعلم الله} [الحديد:25] يعني علم المشاهدة الذي يوجب العقوبة، وذلك أن علم الغيب لا يوجب ذلك). قوله: {إنما أوتيته على علمٍ عندي} [القصص:78] أي شرف وفضل، يوجب لي ما خولته.

قوله: {وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم} [الشورى:14] أي عن علم أن الفرقة ضلالة ولكنهم فعلوه بغيًا. قوله: {وأضله الله على علمٍ} [الجاثية:23]، يعني من الله، أي على ماسبق ي علمه. وقيل: على علمٍ من الضال. جعل علمه سبب فتنته وضلاله. قوله: {وإنه لذو علم لما علمناه} [يوسف:68] قال ابن عيينة: لذو علمٍ. دل على صحة ذلك قول ابن مسعودٍ: العلم خشية. قلت: ويدل عليه أيضًا قوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر:28] وقرئ برفع الجلالة ونصب العلماء، بمعنى يوقر ويعظم، سماه خشيةً مجازًا. وعن الشعبي أنه قيل له: أفتني أيها العالم. فقال: العالم من خشي الله، يشير إلى الآية. قوله:{في أيامٍ معلوماتٍ} [الحج:28] هي عشر ذي الحجة الأول، والمعدودات أيام التشريق. نقل ذلك أكثر أهل علم التفسير منهم أبو عبيدٍ. قوله:{وما يعلمان من أحدٍ حتى يقولا إنما نحن فتنة} [البقرة:102] أي يعلمانهم السحر ويأمران باجتنابه.

ص: 115

قوله: {الذي علم بالقلم} [العلق:4] أي علم الكتابة. وقوله: {تعلمون علم اليقين} [التكاثر:5] أي لو علمتم الشيء حق علمه لارتدعتم. وقال أهل الحقيقة: الأشياء رتب ثلاث: علم اليقين، وحق اليقين، وعين اليقين، وأعلاها هذا، وأدناه الأول. قوله:{وأني فضلتكم على العالمين} [البقرة:47] أي عالمي زمانهم، وقيل: أراد فضلاء زمانهم الذي يجري كل واحدٍ منهم مجرى عالمٍ بما أعطاهم ومكنهم. وتسميته بذلك كتسمية إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه «أمة» لأنه يقوم مقامهم.

ع ل ن:

قوله تعالى: {ثم إني أعلنت لهم} [نوح:9] أي أظهرت. يقال: أعلن يعلن إعلانًا. والإعلان يقابل الإسرار؛ قال تعالى: {سرًا وعلانية} [البقرة:274]. وأكثر ما يقال ذلك في المعاني دون الأعيان يقال: أعلنته فعلن، ومنه علوان الكتاب، لأنه يعرف به مدلوله، وهل هو من العلن اعتبارًا بظهور المعنى فيه لا بظهور ذاته. وفيه لغة: العنوان، فكان اللام والنون متعاقبان نحو أصيلان وأصيلال. يقال: عنونت الكتاب وعلونته عنونه: إذا جعلت عليه علامة يعرف بها من قصد به، قيل: فهم معناه.

ع ل و:

قوله تعالى: {الكبير المتعال} [الرعد:9]. المتعال: صفة لله تعالى بمعنى علو أمره وصفاته لا باعتبار مكانٍ تعالى عن ذلك. وكذا قوله: {سبحانه وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا} [الإسراء:43]. والعلو ضد السفل منسوب إليهما. والعلو: الارتفاع، وقد علا يعلوا علوا، وعلي يعلى علا: ارتفع، فهو علي. قال بعضهم: علا بالفتح أكثر ما يقال في الأمكنة والأجسام. قوله: {وهو العلي العظيم} [البقرة:255] هو الرفيع القدر من علي يعلى. قيل: معناه أنه يعلو أن يحيط به وصف الواصفين بل علم العارفين، وعليه قوله تعالى:{تعالى الله عما يشركون} [النمل:63]. قيل: ونخصيص لفظ المتعال لمبالغة ذلك منه لا علي سبيل التكلف، والأعلى الأشرف، ومنه قوله تعالى:{ربك الأعلى}

ص: 116

والاستعلاء قد يكون طلب العلو المذموم، وقد يكون طلب العلاء وهي الرفعة. فقوله:{وقد أفلح اليوم من استعلى} [طه:64] يحتمل الأمرين جميعًا. وقوله: {سبح اسم ربك الأعلى} أي أعلى من أن يقاس به أو يعتبر بغيره. قوله: {تنزيلًا ممن خلق الأرض والسموات العلى} [طه:4] جمع عليا تأنيث أعلى أفعل تفضيل. والمعنى هن الأشرف والأفضل بالنسبة إلى هذا العالم.

قوله: {عاليهم ثياب} [الإنسان:21]. يجوز أن يكون ظرفًا وأن يكون وصفًا، ونصبه على الحال وما بعده مرفوع به، ولذلك موضع حققناه فيه وقرئ {عليهم} جار ومجرور، وكلا المعنيين متقارب. قوله تعالى:{كلاه إن كتاب الأبرار لفي عليين} [المطففين:18] قيل: هو موضع في أعلى الجنة وهو اسم علمٍ لذلك المكان كمكة، وجمع جمع العقلاء، وهو اسم أشرف الجنان كما انه سجينها اسم شر النيران. وقيل: بل ذلك في الحقيقة اسم سكانها. قال الراغب: وهذا أقرب في العربية؛ إذ كان هذا الجمع يختص بالناطقين. قال: والواحد على نحو بطيخ. ومعناه أن الأبرار في جملة هؤلاء فيكون ذلك كقوله: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم} [النساء:69]. وباعتبار العلو قيل للمكان الشرف والمشرف العلياء. وقال مجاهد: عليون: السماء الرابعة. وقال الزجاج: أعلى الأمكنة. وقال قتادة: هو تحت قائمة العرش اليمني. وقال الفراء: هو واحد كما تقول: لقيت منه الرحيين وهو واحد. ويراد به المبالغة. وأنشد قول النابغة: [من البسيط]

1082 -

يا دار مية بالعلياء فالسند

أقوت وطال عليها سالف الأبد

قيل: والعلياء من عليت أعلى، لا من علوت أعلو، وإلا لوجب العلواء. وقد حققنا

ص: 117

هذا في شرح هذه القصيدة المذكورة في مصنفٍ مفردٍ كثير الفوائد. والعلية: الغرفة المرتفعة. وعالية الرمح: ما دون سنانه. قال أبو طالبٍ: [من الطويل]

1083 -

كذبتم وبيت الله محمدًا

ولم تختصب سمر العوالي بالدم

وفي الحديث: «بعث إلى أهل العوالي» ؛ مواضع مرتفعة بالمدينة. وشذوا في النسب إليها فقالوا: علوي والقياس عالي وعالوي كقاضي وقاضوي. والعلاة: السندان حجرًا كان أو حديدًا، وغلب في الحديد. والعلية: الغرفة المرتفعة. قال الراغب: والعلية تصغير عاليةٍ، وصارت في التعارف اسمًا للغرفة، وجمعها علالي فهي فعاليل. والكلامان مشكلان جدًا؛ أما الأول فلا يجوز أن يكون علية تصغير عاليةٍ؛ إذ يجب ان يكون عويلية نحو صويرية تصغير صارية، جريًا بالمعتل مجرى نظيره من الصحيح. وإنما عليه بوزن فعليةٍ ولا تصغير البتة، فأصلها عليوة فقبلت الواو ياء وأدغمت فيها فصارت عليه كما ترى. وأما الكلام الثاني فكيف يكون علالي بزنة فعاليل وإنما هو بزنة فعاعيل، ولم يكن له حاجة بذلك إذ لا تعلق له بما هو من صدده. وعجبت كيف يخفى على مثله ذلك! والعليان: البعير الضخم. وعلاوة الشيء: أعلاه كالرأس ونحوها. ويقال لما فوق الحمل من زيادةٍ علاوة. وعلاوة الريح وسفالها -تضم الفاء فيهما- والمعلى: هو القدح السابع. واستعير للحظ فقيل: له القدح المعلى. واعل: أمر من العلو، وغلب في الاستدعاء. ويقال: أمر من التعالي وهو الارتفاع. قيل: أصله أن يدعى الإنسان إلى مكانٍ مرتفعٍ ثم جعل للدعاء من كل مكان. وقيل: أصله من العلو وهو ارتفاع المنزلة، فكأنه دعاه إلى ما فيه رفعة نحو قولهم: قم غير صاغرٍ. وهو تشريف للمقول له. ثم جعل لكل مدعو وإن لم يقصد تشريفه. والمشهور أن يعتد بما حذف منه وهو اللام، فتفتح لامه أمرًا للواحد المكر والمؤنث والمثنى والمجموع فيهما، فيقال: تعال، تعالوا، تعالي،

ص: 118

تعالين؛ قال تعالى: {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينكم} [آل عمران:64]{فتعالين أمتعكن} [الأحزاب:28]. ونقل فيه عدم الاعتداد بالحذف فيقال تعالى -بالكسر- وتعالوا- بالضم وأنشد: [من الطويل]

1084 -

تعالي أقاسمك الهموم تعالي

والشعر لبعض الحمدانيين فيستأنس به ولا يستشهد به. وعليته فتعلى. قوله تعالى: {وأنتم الأعلون} [آل عمران:139] أي المنصورون على أعدائكم بالحجة والظفر. علوت قرني، أي غلبته. قوله:{إن فرعون علا في الأرض} [القصص:4] هذا علو في الأرض تكبرًا منه وطغيانًا. ومثله: {ألا تعلوا علي} [النمل:31]. قوله: {ولتعلن علوًا كبيرًا} [الإسراء:4] أي لتطغون ولتعظمن. قوله تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوًا في الأرض} [القصص:83] أي تكبرًا وطغيانًا. وأما الرفعة في الأمور الدنيوية من طلب مالٍ ورياسة عقلٍ فلا يسلم منها كالأنبياء ومن والاهم.

قوله: {هذا صراط علي مستقيم} [الحج:41] قرئ {علي} أي مرتفع. ومعنى قراءة العامة أن طريق الخلق كلهم علي فلا يفوتني منهم أحد، اللهم بجاه كتابك القرآن ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم اعصمنا منه ومن نزغاته. واعلم أن «علي» قال النجاة فيها: إنها تكون مترددة بين الفعلية والاسمية والحرفية؛ فتكون فعلًا ماضيًا متعديًا؛ تقول: علا زيد السطح، وأنشد:[من الطويل]

1085 -

علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم

بأبيض ماضي الشفرتين يماني

وتكون حرفًا إذا جرت ما بعدها نحو: {وعلى الله فليتوكل المؤمنون} [آل عمران:160] وتكون اسمًا إا دخل عليها حرف جرٍ نحو من في قول الشاعر؛ هو مزاحم العقيلي: [من الطويل]

ص: 119