الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهيئتها التي كانت بها زينةً.
يقال: عيشٌ أكدر. والكدرة في اللون خاصة، والكدورة في الماء وفي العيش. وانكدر القوم على كذا أي قصدوا متناثرين عليه. ويقال لكل ما انتثر ومر مرًا سريعًا: قد انكدر، وأنشد لذي الرمة:[من البسيط]
1329 -
فانصاع جانبه الوحشي وانكدرت
…
يلحبن لا يأتلي المطلوب والطلب
ك د ي:
قوله تعالى: {وأعطى قليلً وأكدى} [النجم: 34] أي قطع عطاءه. وأصله أن الحافر يحفر الأرض فيبلغ الكدية وهي الأرض الصلبة. وفي حديث الخندق: «فعرضت فيه كديةٌ لا يعمل فيها المعول» والجمع كدىً، نحو: دمية ودمىً؛ فشبه قاطع العطاء بقاطع الجفر حتى يبلغ الكدية. ولما ذكرت عائشة رضي الله عنها أباها قالت: «سبق إذ ونيتم ونجح إذا أكديتم» . ولما عزت فاطمة رضي الله عنها بعض جيرانها قال: «لعلك بلغت معهن الكدرى» أراد المقابر لأن مقابرهم كانت في مواضع صلبةٍ. قال الهروي: قلت للأزهري: رواه بعضهم «الكرى» بالراء فأنكره.
فصل الكاف والذال
ك ذ ب:
قوله تعالى: {والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} [المنافقون: 1] أي لكاذبون في شهادتهم وقيل: كذبهم في اعتقادهم. وتقدم القول في الصاد أن الكذب غير الصدق.
قوله: {ولهم عذابٌ أليمٌ بما كانوا يكذبون} [البقرة: 10] قرئ بالتثقيل
والتخفيف مع فتح الياء وسكون الكاف، وهما واضحان لأن المنافقين، لعنهم الله، قد فعلوا النوعين: كذبوا الرسول وكذبوا في قولهم: آمنا وليسوا بمؤمنين.
وقوله: {فإنهم لا يكذبونك} [الأنعام: 33] قرئ -أيضًا -بالتثقيل والتخفيف؛ فمن قرأه مثقلًا فمعناه أنهم لا يقولون لك: كذبت؛ يقال: كذبته إذا قلت له كذبت. ومن قرأه مخففًا فمعناه أنهم لا يرون ما أتيت به كذبًا. والمعنى أنك صادقٌ عندهم، ولكنهم يجحدونه بألسنتهم.
وأكذبته -أيضًا -: إذا وجدته كاذبًا. وقيل: كذبته: نسبته إلى الكذب، نحو: فسقته: نسبته إلى الفسق، صادقًا كان أو كاذبًا. وقيل: معناه لا يجدونك كاذبًا ولا يستطيعون أن يبينوا كذبك لأنه أمرٌ محالٌ.
قوله: {ليس لوقعتها كاذبةٌ} [الواقعة: 2] الكاذبة -قيل -هي مصدرٌ، كالعاقبة والعافية، أي ليس لوقوعها كذبٌ أي هي كائنةٌ لابد منها ولا التفاف إلى من كذب بها، وقيل: المعنى نفسٌ كاذبةٌ. وقيل: نسب الكذب إلى نفس الفعل كقولهم: فعلةٌ صادقةٌ وفعلةٌ كاذبةٌ.
قوله: {وظنوا أنهم قد كذبوا} [يوسف: 110] قرئ بالتثقيل والتخفيف أيضًا. والمعنى أنهم قد كذبوا من جهة قومهم وأن قومهم كذبوهم أي نسبوهم إلى التكذيب هذا في من ثقل، فأما قراءة التخيفف فاستشكلها جماعةٌ، وتكلم بعض الناس فيها بما لا يليق، والحق فيها أن معناها كذبوا من جهة قومهم. وغلب على ظنهم أن قومهم كذبوهم فيما وعدوا الرسل أنهم يؤمنون بهم. وعن عائشة رضي الله عنها:{حتى إذا أستيأس الرسل} [يوسف: 110] ممن كذبهم من قومهم أن يصدقوهم، وظنت الرسل أن من آمن منهم من قومهم قد كذبوهم {جاءهم نصرنا} عند ذلك. وروى ابن جريرٍ
عن ابن عباس أن الضمير في «ظنوا» للكفرة وفي أنهم «كذبوا» للرسل؛ أي ظن قوم الرسل أن الرسل كذبوا فيما وعدوا به من نصرهم عليهم بإمهال الله تعالى إياهم، وقيل: الضمائر كلها للقوم، أي أن الرسل وعدتهم العذاب إن لم يؤمنوا. فلما طال الأمر عليهم بالإمهال لا بالإهمال ظنوا أنهم قد كذبوا فيما وعدتهم به الرسل من العذاب، ولذلك كانوا يستعجلون به كما قال تعالى:{فلا تستعجلون} [الأنبياء: 37] أي بالعذاب، وهذا شأن المتمردين المغترين بحلم الله عليهم. فنسأل الله تعالى ألا يجعلنا ممن يملى لهم ويستدرجهم من حيث لا يعلمون. وقد تكلمت في هذه الآية كلامًا مشبعًا في «الدر» و «العقد» و «التفسير الكبير» بما يليق بكل منها، وهذا القدر هنا كافٍ.
قوله: {لا يسمعون فيها لغوًا ولا كذابًا} [النبأ: 35] قرئ بالتشديد بمعنى التكذيب، والمعنى: لا يكذبون فيكذب بعضهم بعضًا، ونفي التكذيب عن الجنة يقتضي نفي الكذب عنها، قال الراغب، وهو صحيحٌ في هذه المادة التي نحن فيها، وأما في غيرها فلو قيل: لاتكذيب في الدار، لا يلزم منه نفي الكذب من أصله. وقال الهروي في قوله:{وكذبوا بآيتنا كذابًا} [النبأ: 28]، وقرئ مخففًا. قال: وفعالٌ في مصدر فعل أكثر من فعل يعني أن مصدر فعل مشددًا على فعالٍ مشددًا أكثر منه على فعالٍ مخففًا، وفيه نظرٌ من وجهين: أحدهما أنه لم يقرأ بذلك إلا في قوله «ولا كذابًا» . والثاني: أن فعلًا مخففًا ليس مصدر الفعل المشدد.
قوله: {بدمٍ كذبٍ} [يوسف: 18] أي ذي كذب، أي مكذوب فيه، أو جعل نفس الدم كذبًا مبالغةً. نحو: رجلٌ عدلٌ وصومٌ، وتقدم أنه قرئ بالدال المهملة.
قوله: {ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ} [العلق: 16] أي كاذبٍ صاحبها خاطئٌ، فنسب
الكذب إليها مبالغةً نحو: نهاره صائمٌ. وقيل: عبر بالبعض عن الكل وأتى بأشرف ما فيه وأعلى، فوصفه بأقبح الصفات وهو الكذب والخطأ، وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام:«كذب عليك الحج» قال بعضهم: معناه وجب عليك فعليك به، قال: وحقيقته أنه في حكم الفائت لبطء وقته كقولك: قد فات الحج فبادر أي كاد يفوت. و «كذب عليك العسل» أي عليك العسل، فهو إغراءٌ، واختلف الناس فيما بعد عليك من هذا الكلام؛ فبعضهم يرويه بالرفع على أنه فاعل «كذب» ويقول: هو بمعنى وجب ونقل عن معناه الأصلي إلى هذا المعنى، ووجه النقل ما قدمته من البطء؛ قال الهروي: وفي حديث عمر «كذب عليكم الحج، كذب عليكم الجهاد» قال أبو عبيد؛ قال الأصمعي: معناه الإغراء، قال: وكان وجهه النصب ولكنه جاء شاذًا مرفوعًا ومثله حديثه الآخر: «شكا إليه رجلٌ النقرس فقال: كذب عليك الظهائر» أي عليك بالمشي فيها. ومنه الحديث في من احتجم يوم الخميس والأحد: «كذباك» أي عليك بهما. وفي حديث علي كرم الله وجهه: «كذبتك الحارفة» أي عليك بمثلها. وقال الفراء: معنى كذب عليك: وجب عليك، وهو الكذب في الأصل في معنى قوله:«كذب عليكم الحج» أن قيل: لا حج فهو كذبٌ، وقال أبو سعيد: معناه الحض؛ يقول: إن الحج ظن بكم حرصًا عليه ورغبةً فيه فكذب ظنه. قلت: ورواه الراغب بالنصب؛ لكنه في العسل فقال «وكذب عليك العسل» بالنصب أي عليك بالعسل، وذلك إغراءٌ، وقيل: العسل هنا العسلان؛ وهو ضربٌ من السير، ولم يذكر في لفظ الحج شيئًا من رفعٍ ولا نصبٍ. والظاهر أنه لا فرق بين لفظٍ ولفظٍ مع إيجاد المعنى، ويؤخذ من كلام الفراء أن «كذب» ردٌ لكلامٍ متكلمٍ مرادٍ كأن قائلًا قال: لا حج، فقيل في جوابه: كذب. ويكون