الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن هذا استعير للحرب التي تكررت فقيل: الحرب العوان. وقيل للنخلة القديمة: عوانة. والعانة: قطيع حمر الوحش، والجمع عون وعانات. والعانة أيضًا من الآدمي: الشعر النابت على فرجه. والعون والمعاونة: المظاهرة. ومنه قوله تعالى: {وإياك تستعين} [الفاتحة:5] أي نطلب عونك. وأعانه يعينه إعانة. قال تعالى: {فأعينوني بقوةٍ} [الكهف:95] أي ساعدوني. وفي الحديث: «والله في عون العبد ما دام العبد في عون اخيه» .
فصل العين والياء
ع ي ب:
قوله تعالى: {فأردت أن أعيبها} [الكهف:79] أي أجعل فيها عيبًا. والعيب والعاب: ما يصير به الشيء عيبةً، أي مقرأ للنقص. وعبته: جعلته معيبًا إما بالفعل كقوله: {أن أعيبها} ، وإما بالقول وذلك إذا ذممته. والعيبة: ما يستر فيه الشيء، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«الأنصار كرشي وعيبتي» أي موضع سري. وفي حديث آخر: «أن بيننا وبينهم عيبةً مكفوفةً» روي عن الأعرابي في تفسيره: إن بيننا صدرًا نقيًا من الغل والدغل. والعرب تكني عن الصدر بالعياب على الاستعارة؛ فإن العيبة وعاء المتاع كالصدور فإنها وعاء الضمائر. ومنه قول الشاعر: [من الطويل]
1117 -
وكادت عياب الود منا ومنكم
…
وإن قيل: أبناء العمومة تصفر
أراد الصدر. وقيل: أراد أن بيننا وبينهم موادة ومكافةً تجري مجرى المودة بين المتحابين.
ع ي ر:
قوله تعالى: {أيتها العير} [يوسف:7] قيل: هم أصحاب الإبل والإبل الحاملة للميرة، فهواسم للمجموع. وقد يطلق على كلً واحدٍ منهما على انفراده. ونسبة السرقة إنما تصح للناس فقط. وقيل: العير: الإبل والحمير التي تحمل عليها الأحمال، وأراد أصحاب العير كقوله عليه الصلاة والسلام:«يا خيل الله اركبي» والعير لفظ مشترك بين ما ذكرنا وبين الحمار الوحشي وبين الناشز على ظهر القدم وبين إنسان العين وبين العظم الذي تحت غضروف الأذن وبين ما يعلو الماء من الغثاء وبين الوتد وبين حرف النصل. وأراد بعضهم أن يجعل بين الجميع قدرًا مشتركًا فيكون متواطئًا قال الراغب. ومناسبة بعضها لبعضٍ فيها تعسف.
والعيار: تقدير المكيال والميزان، ومنه عيرت الدنانير، أي جعلت لها عيارًا. وعيرته: ذممته، من العار. وتعاير بنوفلانٍ: تذاكروا العار. وتعاطوا العيارة، أي الحيلة، وأصله انفلات العير وانحلاله. ومنه العيار وهو المحتال. وعيرته بكذا، أي ذكرت له مذمة ما يخشاه. قال الشاعر:[من البسيط]
1118 -
وعيرتني بنو ذبيان خشيته
…
وهل علي بأن أخشاك من عار؟
وعارت الدابة تعير: انفلتت. وفي الحديث: «مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين الغنمين» أي المترددة. وجمع العير عيران بفتح الياء وهو شاذ. قال امرؤ القيس: [من الطويل]
1119 -
غشيت ديار الحي بالبكرات
…
فعارمةٍ فبرقة العيرات
وجمع العير أعيار. قال الشاعر: [من الطويل]
1120 -
أفي السلم أعيارًا جفاءً وغلظةً
…
وفي الحرب أمثال النساء العوارك
وفي الحديث: «إذا توضأت فأمر الماء على عيار الأذنين» . العيار: جمع عيرٍ وهو الناتئ المرتفع من الأذنين، وقد تقدم.
ع ي س:
قوله تعالى: {يا عيسى ابن مريم} [المائدة:110] عيسى صلى الله عليه وسلم ليس عربيًا، وقد جعله بعضهم عربيًا، وتكلم في اشتقاقه. قال الراغب: إذا جعل عربيًا أمكن أن يكون من قولهم: بعير أعيس وناقة عيساء، وجمعها عيس؛ وهي إبل بيض يعتري بياضها ظلمة. أو من العيس وهو ماء الفحل. يقال: عاسها يعيسها: إذا طرقها عيسًا، فهو عائس، والصحيح أنه معرب لا عربي كموسى.
ع ي ش:
قوله تعالى: {وجعلنا لكم فيها معايش} [الأعراف:10] هو جمع معيشة، وهو ما يعاش به من زرعٍ وضرعٍ وغيرهما. والمشهور معايش بالياء صريحةً لأنها أصل والميم زائدة. وقد خرج خارجة في همزها، وهذا كما شذوا فقالوا: مصائب ومنائر والأصل مصاوب ومناور حملًا للأصل على الزائد. ومعيشة قياس عند سيبويه إذ وزنها مفعلة بضم العين فقبلت الضمة كسرةً لتصح الياء، وشاذ عند الأخفش إذ الأصل عنده في مثله أن تقر الحركة ويغير لها الحرف، هذا إذا قلنا:(وزنها مفعلة بالكسر فلا شذوذ على المذهبين. وزعم الفراء أن عينها) مفتوحة في الأصل وليس بصوابٍ؛ إذ لو أن كذلك لقالوا معاشةً مثل مقامة، وهو في الأصل مصدر لعاش أي بقي حيًا. ومثلها المعاش والعيش والمعيش. قال تعالى:{وجعلنا النهار معاشًا} [النبأ:11] وقال آخر [من الرجز]
1121 -
أشكو إليك شدة المعيش
…
وجهد أعوامٍ برين ريشي
والعيشة بمعناها أيضًا قال تعالى: {في عيشةٍ راضيةٍ} [الحاقة:21] وهي في الأصل حالة المعايش. وعائشة: علم مشهور للتفاؤل نحو يعيش ويحيا. قال بعضهم: العيش: الحياة المختصة بالحيوان، وهو أخص من الحياة، لأن الحياة تقال في الحيوان وفي الباري تعالى وفي الملك، ومنه قوله عليه السلام:«لا عيش إلا عيش الآخرة» كان إذا رأى شيئًا من متاع الدنيا قاله تعليمًا لنا وتسلية لقلوبنا
ع ي ل:
قوله تعالى: {وإن خفتم عيلةً} [التوبة:28] أي فقرأ. يقال: عال يعيل عيلةً فهو عائل، أي افتقر، ومنه قوله تعالى:{ووجدك عائلًا فأغنى} [الضحى:8] أي أزال عنك فقر النفس، وجعل لك الغنى الأكبر المعني بقوله عليه الصلاة والسلام:«إنما الغني غنى النفس» . وقيل: معناها: وجدك فقيرًا إلى رجمته وعفوه فأغناك بما غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، ولا غنى أفضل من ذلك. ويقال: ما عال من اقتصد، أي افتقر من سلك في نفقته القصد، كقوله:{لم يسرفوا ولم يقتروا} [الفرقان:67] الآية. وفي الحديث: «إن الله يبغض العائل المختال» .
والعالة: جمع عائلٍ نحو القادة جمع قائدٍ، ومنه الحديث:«خير من أن تتركهم عالة» أي فقراء. وفي الحديث: «وإن من القول عيلًا» . قال صعصعة: هو عرضك حديثك وكلامك على من لا يريده وليس من شأنه. وقال أبو عبيدة عن أبي زيد: علت الضالة أعيلها عيلًا: إذا لم تدر أي وجهةٍ تبغيها، كأنه لم يهتد لمن يطلب كلامه فعرضه على من لا يريده. وقال أبو بكرٍ: عال الرجل في الأرض يعيل، أي ضرب فيها. وقال الأحمر: يقال: عالني الشيء يعيلني عيلًا ومعيلًا: إذا أعجزك.
ع ي ن:
قوله تعالى: {والعين بالعين} [المائدة:45] العين: الجارحة وهي أشهر الألفاظ المشتركة، ولها معانٍ كثيرة منها الجارحة كما تقدم، ومنها عين الماء، وعين الميزان، وعين الذهب، وعين الشمس. والعين أيضًا: المرئية للقوم تسميةً للكل باسم الجزء المقصود. قوله تعالى: {واصنع الفلك بأعيننا} [هود:37] أي بحفظنا وكلاءتنا. ومثله: {ولتصنع على عيني} [طه:39] أي لتربى على حفظٍ مني لك ومراعاةٍ، فاستعير ذلك من حفظ العين، لأن الحراسة فيما يتعارفه الناس تكون بملاحظة النظر. والباري تعالى منزه عن الجوارح. ومن كلامهم: فلان بعيني، أي احفظه وأراعيه، فجاء القرآن على هذا الأسلوب. وحاول الراغب أن يجعل العين من باب المشترك في المعنى، وهو المتواطئ لا المشترك اللفظي فقال: وتستعار العين لمعانٍ هي موجودة في الجارحة بنظراتٍ مختلفةٍ. واستعير للثقب في المزادة تشبيهًا بها في الهيئة وفي سيلان الماء منها، واشتق منها: سقاء عين ومعين: إذا سال منها الماء.
وقولهم: عين قربتك، أي صب فيها ما ينسد بسيلانه آثار خرزه. قال: وقيل للمتجسس: عين، تشبيهًا بها في نظرها، وذلك كما تسمى المرأة فرجًا والمركوب ظهرًا، فيقال: فلان يملك كذا كذا فرجًا وكذا كذا ظهرًا لما كان المقصود منهما العضوين. وقيل للذهب عين تشبيهًا في كونها أفضل الجوارح. ومن ثم قالوا لأفاضل القوم أعيان. ويقولون لبني أب أو أم أعيان. وقال بعضهم: العين إذا استعمل غي معنى ذات الشيء يقال لكل ماله عين كاستعمال الرقبة في المماليك وتسمية النساء بالفرج من حيث إنه المقصود منهمن. ويقال لمنبع عين تشبيهًا بها لما فيها من الماء. ومن عين الماء اشتق: ماء معين، وعنته: أصبته بعيني، نحو سفته: أصبته بسيفي، وذلك أنه يجعل تارةً من الجارحة المضروبة نحو: رأسته، وتارةً من الجارحة التي هي آلة الضرب فيجري مجرى سفته ورمحته. وعلى نحوه في المعنيين قولهم: يديت؛ فإنه يقال إذا أصبت يده وإذا أصبته بيدك. وعنت البئر: أثرت عينها.
قوله تعالى: {وحور عين} [الواقعة:22] جمع عيناء، وأصله في بقر الوحش فقولهم: رجل أعين وامرأة عيناء، أي حسنة العين. قوله:{فمن يأتيكم بماءٍ معينٍ} [الملك:30] قيل: هو مشتق من العين، أي ظاهر للعين. وقيل: معناه: جارٍ ظاهر. قال ثعلب: يقال: عان الماء يعين: إذا ظهر جاريًا، وأنشد لجريرً:[من الكامل]
1122 -
إن الذين غدوا بلبك غادروا
…
وشلا بعينك لا يزال معينا
وأنشد للأخطل: [من الكامل]
1123 -
حبسوا المطي على قديم عهدٍ
…
طامٍ يعين وغائر مسدوم
وقال الفراء: ميمه أصلية من الماعون وهو الزكاة، وسيأتي بيانه في باب الميم. قوله:{فأتوا به على أعين الناس} [الأنبياء:61] أي على مشهدٍ.
ع ي ي:
قوله تعالى: {ولم يعي} [الأحقاف:33] أصل الإعياء عجز يلحق البدن من المشي. والعي يلحق من تولي الأمر والكلام، ويقال: هو عيي بمنطقة، استعارة من ذلك. وعيي الأمر: ضاق به. وقال الشاعر: [مجزوء الكامل]
1124 -
عيوا بأمرهم، كما
…
عيت ببيضتها الحمامه
وفي حديث أم زرعٍ: «زوجي عياياء» قيل: هو هنا العنين الذي تعييه مباضعة النساء. ويقال: العجز والعجيز والحريك والعياياء من الإبل: الذي لا يضرب ولا يلقح، وهو من الرجل كذلك. وقيل: رجل عياياء طباقاء، إذا عيي بالأمر والكلام، وداء عياء: لا دواء له.