الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: القياس فناء وإنما ترك لشهرة استعمال غيره. وقيل: هو جمع فن، والمعنى: ذوات ألوانٍ من الثمار، وفي الحديث:"أهل الجنة جرد مكحلون أولو أفانين" جمع أفنان، وأفنان جمع فنن وهو الخصلة من الشعر تشبيهًا بالغصن.
فصل الفاء والهاء
ف هـ م:
قوله تعالى: {ففهمناها سليمان} [الأنبياء: 79] أي عرفناه حقيقة الحكم. والفهم: هيئة للنفس بها تتحقق معاني ما يحسن. وقوله: {ففهمناها سليمان} يحتمل أن يريد: جعلنا له من فضل قوة الفهم ما أدرك به ذلك، أو ألقينا ذلك في روعه، أو أوحينا إليه وخصصناه به. كذا قاله الراغب وعندي أن هذا كله بمعنى واحد.
وأفهمته: أي قلت له قولاً تصور به ذلك. والاستفهام: طلب الفهم عما جهله.
فصل الفاء والواو
ف وت:
{ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} [سبأ: 51] أي لا يفوتون ما فزعوا منه. وأصل الفوت: البعد عن الشيء بحيث يتعذر إدراكه، وهو من فوت الريح أي بحيث لا تدركه الريح. وجعل الله فوت فمه: أي بحيث يراه ولا يصل إلى فمه. والافتيات: افتعال منه، وهو أن يفعل الإنسان الشيء من دون أمر من حقه أن يؤتمر.
قوله: {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} [الملك: 3] التفاوت: الاختلاف والتباين في الأوصاف كأنه يفوت وصف أحدهما الآخر أو وصف كل واحدٍ منهما الآخر. وقرئ "تفوتٍ" بمعنى الأول. ويقال: تفاوت تفاوتًا، وتفوت تفوتًا: إذا اختلف. وفي
الحديث: "إني أكره موت الفوات" أي موت الفجأة. وفيه: "أن رجلاً تفوت على أبيه في ماله" ومعناه أنه فات أباه على مال نفسه فبدره ورهنه دون إذنه.
ف وج:
قوله تعالى: {هذا فوج مقتحم} [ص: 59] الفوج: الجماعة من الناس وغيرهم؛ فهو اسم جمع كقومٍ ورهطٍ يجمع على أفواجٍ، قال تعالى:{ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا} [النصر: 2] وقال الراغب: الفوج: الجماعة المارة المسرعة.
ف ور:
قوله تعالى: {ويأتوكم من فورهم هذا} [آل عمران: 125] أي من وقتهم وساعتهم، وحقيقته أن الفور مصدر فار يفور فورًا: اشتد غليانه، ويطلق على النار نفسها، وفارت القدر وفار الغضب على التشبيه. وفلان يفور من الحمى، فإذا قيل: فعله من فوره فالمعنى في حال غليان الدم واشتداده. وقيل: من فورهم أي من ابتداء أمرهم، وحقيقته ما ذكرته، ومنه قول المتكلمين والفقهاء: الأمر يقتضي الفور والخيار في العيب والشفعة على الفور، كل ذلك يريدون به عدم التأخير.
وقوله: {وهي تفور} [الملك: 7] أي تغلي. والفوارة ماترمي به القدر عند فورانها، وفوارة الماء على التشبيه بذلك.
ف وز:
قوله تعالى: {ذلك هو الفوز المبين} [الجاثية: 30]؛ النجاة والتقصي من الشيء. وقيل: الظفر بالخير مع حصول السلامة. والمفازة: الفلاة المهلكة. وإنما سميت بذلك على سبيل التفاؤل. وقيل: سميت بذلك لأن سالكها إذا قطعها وصل إلى الفوز وهو النجاة؛ فإن القفر كما يكون للهلاك فقد يكون سببًا للفوز.
وقوله: {فلا تحسبنهم بمفازةٍ من العذاب} [آل عمران: 188] أي بمنجاةٍ. وقيل: ببعدٍ وهذا من طريق اللازم لأنهم إذا نجوا منه بعدوا عنه.
وفاز يفوز، وفوز يفوز: إذا مات. قال بعضهم: سميت مفازةً لأنها مهلكة من قولهم: فوز الرجل: إذا مات؛ قال الراغب: فإن يكن فوز بمعنى هلك صحيحًا فذلك راجع إلى الفوز، وتصور أن من مات فقد فاز ونجا من حبالة الدنيا؛ فالموت وإن كان من وجه هلكًا فمن وجه فوز، ولذلك قيل: ما من أحدٍ إلا والموت خير له، هذا إذا اعتبر بحال الدنيا. فأما إذا اعتبر بحال الآخرة فما يصل إليه من النعيم فهو الفوز الكبير. وقد أشار إلى ذلك بقوله:{فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز} [آل عمران: 185].
وقوله: {إن للمتقين مفازًا} [النبأ: 31] يجوز أن يكون مصدرًا وأن يكون مكانًا أي موضع فوزٍ. وقوله: {حدائق وأعنابا} [النبأ: 32] تفسير لذلك الفوز أو مكان الفوز على المبالغة والمجاز. وقوله: {ولئن أصابكم فضل من الله} [النساء: 73] إلى قوله: {فاز فوزًا عظيمًا} أي يحرصون على أعراض الدنيا ويعدون ما ينالونه من الغنيمة فوزًا وليس كما زعموا، وفي شعر صاحب سطيح:[من الرجز]
1226 -
أم فاز فازلم به شأو العنن
وقيل: فاز بمعنى مات، وقد تقدم وجه مجازه. ويروى "فاد" وهو بمعنى مات أيضًا؛ يقال: فاد يفود أي مات، وفاد يفيد أي تبختر.
ف وض:
قوله تعالى: {وأفوض أمري إلى الله} [غافر: 44] أي أرده إليه، يقال: فوض فلان أمره إلى فلانٍ، وأصله من قولهم: مالهم فوضى بينهم أي غير متعينٍ لواحدٍ بعينه، ومنه شركة المفاوضة، وهي أن يتفقا على أن يكون كسبهما بينهما، وما يعرض من غرامةٍ تكون عليهما.
ف وق:
قوله تعالى: {وفوق كل ذي علمٍ عليم} [يوسف: 76] أي ليس من عالمٍ إلا وفوقه من هو أعلم منه، وهذه الصفة ليست لأحدٍ إلا للباري تعالى، وأما البشر فيتفاوتون فلا تجد أحدًا يتقن شيئًا إلا وفوقه في ذلك العلم من يفوقه فيه إلى أن ينتهي ذلك العلم إلى واحدٍ مخصوصٍ، ففوق ذلك الواحد الباري تعالى.
وقوله: {وهو القاهرة فوق عباده} [الأنعام: 18] فالفوقية هنا ليست حقيقتها مرادة -تعالى الله عن الجهة- وإنما المراد أن قهره وسلطنه وقدرته استعلت على عباده؛ فهم تحت قهره وسلطنه لا يخرجون عن إرادته ولا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا ولا خيرًا ولا شرًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا.
واعلم أن فوق من ظروف الأمكنة المقابل لتحت وتصرفه قليل جدًا، ويضاف فيعرف، ويقطع فيبنى كقبل، ويكون ظرفًا حقيقةً ومجازًا نحو: ثوبك فوقك، ونعمته فوقك، ولما ذكرته من المجاز قال بعضهم: فوق تستعمل في المكان والزمان والجسم والعدد والمنزلة، وذلك أضرب.
الأول: باعتبار العلو، ويقابله تحت نحو قوله تعالى:{قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم} [الأنعام: 65] ولذلك قابله بقوله: {أو من تحت أرجلكم} .
والثاني: باعتبار الصعود والحدور كقوله تعالى: {إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم} [الأحاب: 10]. قلت: ولذلك قوبل هنا بأسفل دون تحت.
الثالث: أن يقال في العدد، أي باعتبار الزيادة، كقوله تعالى:{فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك} [النساء: 11] أي ائدة على اثنتين. ولما رأى بعضهم أن حكم الثنتين حكم ما فوقهما في ذلك زعم أن فوق زائدة، وجعل مثله:{فاضربوا فوق الأعناق} [الأنفال: 12]. وقال: تقديره فاضربوا الأعناق، وهذا وهم، وتحقيقه في غير هذا.
الرابع: يقال في الكبير والصغير كقوله تعالى: {بعوضة فما فوقها} [البقرة: 26] قيل: معناه هو الظاهر فما فوقها في الكبر، وذلك كضربه تعالى الأمثال بالعنكبوت والذباب وغيرها مما هو أكبر جرمًا من البعوضة وبما هو دونها، وأصغر جرمًا منها فما فوقها في الصغر بهذا الاعتبار. وهذا المعنى هو الذي قصده بعضهم بتفسيره فوق بمعنى دون فقال: أراد فما دونها لكنه لم يلخص عبارته ولم يخلصها. قال بعض أهل اللغة: تصور بعض أهل اللغة أنه يعني أن فوق تستعمل بمعنى دون فأخرج ذلك من جملة ما صنفه من الأضداد، وهذا توهم منه.
الخامس: يقال باعتبار زيادة الفضيلة، ثم هذه الفضيلة تكون دنيوية كقوله تعالى:{ورفعنا بعضهم فوق بعضٍ درجاتٍ} [الزخرف: 32] وأخروية كقوله: {والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة} [البقرة: 212].
السادس: باعتبار القهر والغلبة كقوله تعالى: {وهو القاهرة فوق عباده} . ومن فوق، المراد الزيادة في الفضل، اشتقوا قولهم: فاق فلان فلانًا: إذا زاد عليه فيما يشاركه فيه وعلاه من لفظ فوق اشتق فوق السهم. وسهم أفوق: انكسر فوقه.
قوله تعالى: {ما لها من فواقٍ} [ص: 15] قرئ بفتح الفاء وضمها؛ فقيل: لغتان، ومعناه: ما لها من رجوعٍ. إلى راحة. وقال أبو
عبيدة: من قرأ بالضم فهو من فواق الناقة. وقال غيره: هما واحد نحو: جمامٍ وجمامٍ. وقيل: الإفاقة هي الرجوع، فقولك: أفاق المريض والمجنون والسكران أي ثاب إليهم عقلهم وقوتهم بعد المرض والسكر والجنون.
والإفاقة -في الحلب: رجوع الدر، وكل درةٍ رجعت بعد الحلب تسمى الفيقة، ومنه حديث أم زرعٍ:"وترويه الفيقة" وقد اشتقوا من ذلك: تفوقت الشيء أي شربته. وفي حديث أبي موسى، وقد ذكر القرآن العزيز:"وأما أنا فأتفوقه اللقوح". يقول: أتدبره وأفهمه شيئًا فشيئًا ولا أهده هدًا من غير تفهم لمعناه، وهذا شأن العلماء. ولذلك ذم الله اليهود حيث قال تعالى:{لا يعلمون الكتاب إلا أماني} [البقرة: 78]. وقد ذكرنا في مقدمة التفسير الكبير من ذلك جملة صالحة.
وقالوا: استفق ناقتك: أي اتركها ساعة بعد الحلب، والمعنى حتى يفوق لبنها. وفوق فصيلك: أي اسقه ساعةً بعد أخرى. وظل فلان يتفوق المحض: أي يشرب اللبن الخالص، يقال ذلك لمن يتخير الأشياء ويصطفيها. وفي الحديث:"قسم غنائم بدرٍ عن فواقٍ" قيل: بقدر ما بين الحلبتين. وقيل: أراد التفضيل كأنه جعل بعضهم أفوق من بعضٍ. وقال ابن مسعودٍ رضي الله عنه: "فأمرنا عثمان ولم نأل عن خيرنا ذا فوقٍ" ولم يقل خيرنا سهمًا لأنه قد يقال له سهم. وإن لم يصلح فوقه فهو سهم، فإن لم يكن تامًا فكأنه قال: خيرنا سهمًا تامًا في الإسلام والسابقة والفضل.
ف وم:
قوله تعالى: {وفومها} [البقرة: 61] اختلف الناس في ذلك اختلافًا كثيرًا؛ فقيل: هو الثوم المعهود بدلالة ذكره مع ما يناسبه من العدس والبصل. والفاء والثاء يتعاقبان في كثيرٍ نحو: جدث وجدف. وقيل: هو الحنطة ومنه: فوموا لنا، أي اختبزوا لنا الحنطة.