الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل الفاء والقاف
ف ق د:
قوله تعالى: {نفقد صواع الملك} [يوسف:72] أي نعدمه. والفقد: عدم الشئ بعد وجوده، فهو أخص من العدم، كان المعدوم يقال فيه وفيما لم يوجد بعد.
قوله تعالى: {وتفقد الطير} [النمل:20] أي تفقد حالها، وحقيقته طلب المفقود. وقيل: التفقد: التعهد لكن حقيقة التفقد تعرف فقدان الشئ والتعهد تعرف العهد المتقدم.
والفاقد: المرأة تفقد ولدها أو زوجها. وفي حديث أبي الدرداء: "من يتفقد يفقد" أي من طلب الخير في الناس يفقده. وفقد وعدم خرجا عن الأفعال، فإن تعديا رافعين الضمير المتصل إلى ضميره المتصل، نحو قولك: فقدتني وعدمتني. ولو قلت: ضربتني لم يجز، وأنشد:[من الطويل]
1215 -
لقد كان لي عن ضرتين عدمتني
…
وعما ألاقي منهما متزحزح
ومثل فقد وعدم في ذلك ظن وبابها، وقد حققنا هذا في غير هذا الموضع.
ف ق ر:
قوله: {إنما الصدقات للفقراء} [التوبة:60] والفقر: الخلة والحاجة الضرورية، ويقال: أشد الحاجة، وهو مأخوذ من فقار الظهر كأنه لاحتياجه انكسر فقارة فهو لا ينهض. كما قيل: إن المسكين من السكون، لاحتياجه سكن وانقطع عن الحركة، وقيل: هو فعيل بمعنى مفعول، فالفقير هو المكسور الفقار على التشبيه، ومنه: فقرته الفارقة، أي الداهية التي تكسر فقار ظهره.
وقولهم: أفقرك الصيد فارمه، أي مكنك من فقاره، ويقال: فقره: أي أصاب فقار ظهره، نحو كبده ورأسه.
والفقر: خرزات الظهر، الواحدة فقرة، كسدرة وسدر.
وقوله تعالى: {تظن أن يفعل بها فاقرة} [القيامة:25] أي داهية عظيمة تكسر منها الفقار. وفي حديث عثمان رضي الله عنه: استحلوا منه الفقر الثلاث" أي الأمور العظام: حرمة الشهر الحرام، والبلد الحرام، وحرمة الخلافة. وقالت عائشة رضي الله عنها في حقه: "المركوب فيه الأربع"، ضربت ذلك مثلًا لما ارتكب منه، لأن الظهر محل الركوب والفقر فيه، وأرادت أنه ارتكب منه أربع حرمٍ فانتهكها وهي: حرمة صحبته وصهره، وحرمة البلد، وحرمة الخلافة، وحرمة الشهر الحرام، وقال الأزهري: هي الفقر/ بضم الفاء.
وقيل: اشتقاق الفقير من قولهم: فقرت البعير، وذلك أن يجز أنف البعير إلى أن يصل الحز إلى العظم ثم يلوي عليه جرير، أي حبل ونحوه ليذل بعد صعوبته، فكذلك الفقير يحصل له من الغل ما يجعله بمنزله البعير المذلل المقيد. وقيل: اشتقاقه من الفقرة أي الحفرة، ومنه قيل لكل حقيرة يجتمع فيها الماء: فقير.
وفقرت للغسيل: حفرت له حفرة غرسته فيه، قال الشاعر:[من الرجز]
1216 -
ما ليلة الفقير إلا شيطان
وقيل: هو اسم بئر.
وفقرت الخرز: ثقبته، وأفقرت البعير: ثقبت حطمه، فكأن الفقير لقلة موجودة قد دفن في فقير.
وأختلف الناس في الفقير والمسكين؛ فذهب الشافعي وجماعة أن الفقير أسوأ حالًا من المسكين؛ وهو من لا يقع ماله ولا كسبه اللائق به غير المانع له من النفقة موقعً من كفايته، والمسكين عنده من يقع ماله أو كسبه موقعًا من كفايته ولا يكفيه. واستدل على ذلك بقوله تعالى:{أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} .
[الكهف:79]. فأثبت لهم ملكًا، وذهب أبو حنيفة وغيره إلى أن المسكين أسوأ حالًا، مستدلًا بقوله تعالى:{أو مسكينًا ذا متربة} [البلد:16] أي لصق جلده بالتراب لعدم موجودة، وبقول الشاعر:[من البسيط]
1217 -
أما الفقير الذي كانت حلوبته
…
وفق العيال فلم يترك له سبد
ورد أصحابنا هذا بأنه قال"كانت" أي ثم عدمت. وقال ابن عرفة: أخبرني أحمد ابن يحيي عن محمد بن سلام قال: قلت ليونس: أفرق لي بين الفقير والمسكين. فقال: الفقير الذي لا يجد القوت، والمسكين الذي لا شيء له. وقال ابن عرفة: الفقير عند العرب: المحتاج؛ قال تعالى: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله} [فاطر: 15] أي المحتاجون إليه.
قلت: هذا بالنسبة إلى الفقير لغة، أما الفقير شرعًا فكما قدمنا ذكره. ونقل عن الشافعي أنه قال: الفقراء الزمني الذين لا حرقة لهم، وأهل الحرف الذين لا تقع حرفتهم من حاجتهم موقعًا، والمساكين: السؤال ممن له حرفة تقع موقعًا ولا تغنيه وعياله. وقد قسم بعضهم الفقر إلى أربعة أقسام فأجاد فيها فقال: الفقر يستعمل على أربعة أوجهٍ، الأول عدم وجود الحاجة الضرورية، وذلك عام للإنسان ما دام في دار الدنيا بل هو عام للموجودات كلها، وإلى هذا الفقر أشار بقوله في وصف الإنسان:{وما جعلناها جسدًا لا يأكلون الطعام} [الأنبياء:8] والثاني: عدم المقتنيات وهو المذكور في قوله: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربًا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} [البقرة:273] والثالث: فقر النفس، وهو الشره المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم:"كاد الفقراء أن يكون كفرًا" وهو المقابل بقوله: "إنما الغنى غنى النفس" وهو المعنى بقولهم: "من عدم القناعة لم يفده المال غنى". والرابع: الفقر إلى الله تعالى،
وهو المشار إليه بقوله: " اللهم أغنتي بالافتقار إليك ولا تفقرني بالاستغناء عنك" وإياه عني بقوله صلى الله عليه وسلم: {رب إني لما أنزلت إلي من خيرٍ فقير} [القصص:24]. وقد ألم الشاعر بهذا المعنى فأجاد بقوله: [من الطويل]
1218 -
ويعجبني فقري إليك ولم يكن
…
ليعجبني، لولا محبتك، الفقر
ف ق ع:
قوله تعالى: {إنها بقرة صفراء فاقع لونها} [البقرة:69] أي خالص، يقال: أصفر فاقع أي صادق الصفرة، وأسود حالك وحانك من قولهم: أسود من حلك الغراب ومن حنك الغراب- باللام والنون- وأبيض يفق وأخضر ناصع وأحمر قاني.
والفقع: ضرب من الكمأة، وبه شبه الذليل، فيقال: أذل من فقعٍ. وقال كعب ابن زهير قال الخليل بن أحمد: وسمي الفقاع فقاعًا لما يرتفع من زبده.
وفقاقيع الماء: نقاطاته- على التشبيه- وفي حديث ابن عباس: "نهى عن التفقيع في الصلاة" هي الفرقعة وغمز الأصابع حتى يسمع نقيضها، ومنه تفقيع الورد. ويقال للزبد الذي يطفو على وجه الماء فقاقيع. وفي الحديث:"إذا تفاقعت عيناك" أي رمصتا، وفي الحديث:"عليهم خفاف لها فقع" أي خراطيم. يقال: خف مفقع أي مخرطم.
ف ق هـ:
قوله تعالى: {ليتفقهوا في الدين} [التوبة:122]. أي يطلبون أن يفقهوا دين الله. وأصل الفقه الفهم. وقيل: فقه الأشياء الخفية، فهو أخص من مطلق الفهم، وقيل: