الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1130 -
كأني غداة البين يوم تحملوا
…
لدى سمرات الحي ناقف حنظلِ
لا يريد بذلك خصوصية زمان الغداة، لأنهم قد يتحملون في غير الغداة. وقد يقال: إن هذه واقعة خاصة وقعت الغداة المعهودة، وهذا هو الظاهر. والغد: اسم لليوم الذي يلي يومك. وقد يعبر به عن مطلق الزمن المستقبل، كما يعبر بأمسٍ عن مطلق الماضي، وباليوم عن الحال. ومنه قول زهيرٍ:[من الطويل]
1131 -
وأعلم علم اليوم والأمس قبله
…
ولكنني عن علم ما في غدٍ عم
لم يرد بالأمس اليوم الذي قبل يومه فقط، ولا بالغد اليوم الذي بعد يومه فقط، لأن ما قبل أمس وما بعد الغد مثلهما في عدم علمه بما فيهما. فالمراد الماضي والحال والمستقبل. واستدل الجمهور من المتكلمين والنحاة إلى أن الأزمنة ثلاثة خلافًا لطائفة، فإنهم ينكرون الحال. وقد حققنا هذه المذاهب في غير هذا. ويقال: غدٍ بالنقص كدمٍ، وهو المشهور. وقد يقال: غدو بزنة دلوٍ، فردوا محذوفة وأنشدوا:[من الرجز]
1132 -
لا تنزعاها وادلواها دلوا
…
إن مع اليوم أخاه غدوا
والغداء: ما يتناول من الطعام وقت الغدوة. قال تعالى: {آتنا غداءنا} [الكهف:62] ويقابله العشاء: وهو ما يتناول وقت العشاء. وفي الحديث: "نهى عن بيع الغدوي" فسره أبو عبيدٍ الهروي بأنه ما في بطون الحوامل. وزعم شمر أنه بالذال المعجمة.
فصل الغين والراء
غ ر ب:
قوله تعالى: {وغرابيب سود} [فاطر: 27] أي شديدة السواد. قيل: وأصله سود غرابيب، فقدمت الصفة على موصوفها، وبه استدل الكوفيون على ذلك، وتأوله البصريون
على البدل. وله موضع قد أوضحناه فيه. والمفرد غربيب. يقال: أسود غربيب (وحالك حالك نحو: أحر قانٍ، واشتقاقه من الغراب لشدة سواده. يقال: هو أسود) من حلك الغراب. والغراب مأخوذ من الغربة. وأصل الغربة البعد. ومنه الغريب لبعده عن وطنه. وهي صعبة شاقة، ولذلك عاقب بها الشارع في الزني؛ غرب الحر عامًا والعبد نصفه. وما أحسن قوله:[من البسيط]
1133 -
إن الغريب الطويل الذيل ممتهن
…
فكيف حال غريب ماله قوت؟
فقيل: له: غراب لإبعاده في المذهب. ومنه قيل لكل متباعد غريب، ولكل قليل النظير في جنسه غريب. ومن ثم قيل للعلماء غرباء بالنسبة إلى قلة نظرائهم. وقيل للدلو غربًا لتصورٍ بعدها وذهابها في قعر البئر، وهي أخص من الدلو كالذنوب كما تقدم. وفي الحديث:"فاستحالت غربًا" أي دلوا عظيمًا، وهو مثل لكثرة ما فتح على يد عمر رضي الله عنه. "وأصابه سهم غربٍ" لا يدري من أين جاء؟ والمشهور سكون عينه. ونقل الهروي في الفتح (وقال: إن سماعه من الأزهري بالفتح) لا غير. ونقل عن أبي زيد أن قولهم: سهم غرب بالسكون إذا أتاه من حيث لا يدري. وسهم غرب بالفتح إذا رماه فأصاب غيره. وذكر الحسن عن ابن عباسٍ رضي الله عنهم فقال: "كان مثجأ يسيل غربًا" أي لا ينقطع عمله، وأصله من سيلان الدلو كما قدمته. قال الشاعر:[من الرجز]
1134 -
ما لك لا تذكر أم عمرو
…
إلا لعينك غروب تجري؟
الغروب هنا الدموع.
قوله: {ولله المشرق والمغرب} [البقرة:115] هما مكانا شروقها وغروبها؛ يقال: غربت الشمس تغرب غربًا وغروبًا ومغربًا. وكان القياس فتح الغين لضمها في
المضارع، وتقدم ذلك محققًا. والغرب أيضًا لغربته بين جواهر الأرض، أي لخروجه عنها بالنفاسة. والغرب أيضًا حدة السنان واللسان، ومنه أحده لغربٍ سنانه ولسانه. وغرب السيف أيضًا حده. وسئل الحسن أيضًا عن قبلة الصائم فقال:"إني أخاف عليك غرب الشباب" أي حدته ومن ثم كرهها أصحابنا للشباب. وما أفصح هذه العبارة وأعذبها!
غ ر ر:
قوله تعالى: {فلا تغرنكم الحياة الدنيا} [لقمان:33]. الغرر والغرور مصدر أغره يغره: إذا أوهمه إعجباً بشيءٍ وأطعمه فيه. قال تعالى: {فدلاهما بغرورٍ} [الأعراف: 22] وذلك لتقدم قوله: {ما نهاكما ربكما} إلى قوله: {لمن الناصحين} [الأعراف: 20 - 21]. وقال في موضع أخر: {هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلي} [طه:120] ومن ثم نهى عن بيعٍ الغرر لما فيه من التدليس، وأصله من غررت فلانًا، أي أصبت غرته ونلت منه ما أريد. قال بعضهم: الغرة: غفلة في اليقظة. والغرار: غفلة من غفوةٍ. وأصل ذلك من الغرور. وهو الأثر الظاهر من الشيء. ومنه غرة الفرس. وغرار السيف: حده. وغر الثوب: كسر مطاويه، ومنه: اطوه على غره. ومنه: غره يغره غرورًا: كأنما طواه على غره.
والغرة: الخيار، ومنه الحديث:"في الجنين غرة عبدًا أو أمة". والغرير: الخلق الحسن اعتبارًا بأنه يغر، ومنه المثل:"أدبر غريرة وأقبل هريرة". والأغر: الرجل الكريم المشهور بالكرم، مأخوذ من غرة الفرس لظهورها وشهرتها من بين سائر لونها. والجمع غرر. وفي الحديث:"أن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين". والغرر: لثلاث ليالٍ
من أول الشهر لكونها من الغرة. والغرار أيضًا: لبن قليل. وغارت الناقة: قل لبنها بعد أن ظن أنه لا يقل، فكأنها غرت صاحبها. وغرار: رجل مشهور. ومنه قول أبيه فيه: [من الطويل]
1135 -
أرادت عرارًا بالهوان، ومن يرد
…
عرارًا لعمري بالهوان فقد ظلم
فإن عرارًا إن يكن غير واضحٍ
…
فإني أحب الجون ذا المنكب العمم
ومن ظريف ما يحكى أن بعض سرايا عبد الملك بن مروان غزوا قوومًا فأرسلوا رسولًا يخبر عبد الملك. فجعل لا يسأله عن شيءٍ إلا إجابة بأحسن جوابٍ. وسلى عبه فيه، وكان رجلًا أسود طويلًا، فأنشد عبد الملك:"فإن عرارًا إن يكن غير واضحٍ" البيت.
فقال: يا أمير المؤمنين أتدري من القائل ومن المقول فيه ذلك؟ قال: لا. قال: هو أنا (يا أمير المؤمنين) والقائل أبي. فعجب عبد الملك من ذلك.
قوله تعالى: {ولا يغرنكم بالله الغرور} [لقمان:33]. قال ابن عرفة: ما رأيت له ظاهرًا تحبه وفيه باطن تكرهه أو تجهله، وفي الحديث:"المؤمن غر كريم" أي ينخدع لانقياده ولينه، وضده الحب اللئيم، والأنثى غر أيضًا فيستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع غرار. ومنه حديث ظبيان:"إن حمير ملكوا معاقل الأرض وقرارها وكهول الناس وغمارها ورؤوس الملوك وغراها" وغرار النوم: قلته، كغرار اللبن. ومنه قول الأوزاعي:"كأنوال لا يرون بغرار النوم بأسًا" أي قليلة لا ينقض الوضوء. وغرار الصلاة: نقصانها، وهو راجع لمعنى القلة. وفي الحديث:"إياكم ومشارة الناس فإنها تدفن الغرة وتطهر العرة" الغرة: الحسن. والعرة: القبح. وفي الحديث: "أن الله يقبل توبة العبد ما لم يغر غر" أي ما لم تبلغ روحه حلقومه، فتكون بمنزلة الشيء الذي
يتغرغر به، وذلك الشيء هو الغرور. وفي حديث عائشة وقد ذكرت أباها:"رد نشر الإسلام على طيه" أي رده على ما كان؛ من قولهم: اطو هذا الثوب على غرة وأخناثه وخناثه، أي على كسره وقد تقدم، وضرب ذلك مثلًا وهي فصاحة وبلاغة. والغرور بالضم مكاسر الجلد. وذكر الزهري قومًا أهلكهم الله فقال:"جعل عنبهم الأراك ودجاجهم الغر غر" هو دجاج الجيش، قيل: هو مصن لتغذيه بالعذرة.
غ ر ض:
الغرض: الهدف المقصود بالرمي، ثم جعل اسمًا لكل غاية يتحرى إدراكها، والجمع أغراض. ثم الغرض ضربان: ضرب يتشوق بعده شيء آخر كالرئاسة واليسار ونحوهما من الأغراض الدنيوية، وتام وهو الذي لا يتشوق بعده شيء أخر كالجنة. وأما الغرض بسكون الراء فهو ما يشد به الرحل على بطن الناقة. وهو الغرضة أيضًا، وموضع الشد المغرض. ومنه الحديث:"لا تشد الغرض إلا إلى ثلاثة مساجد".
غ ر ف:
قوله تعالى: {لهم غرف من فوقها غرف} [الزمر:20] هي البيوت المرتفعة، الواحدة غرفة. وقد قرئ:{وهم في الغرفات آمنون} و {في الغرفة} [سبأ:37] جمعًا وإفرادًا. وأصل الغرف الرفع للشيء والتناول له؛ يقال: غرقت الماء. قوله تعالى: {إلا من أغترف غرفة بيده} [البقرة: 249] قرئ بفتح الفاء على أنها المرة، وبالضم على أنها اسم لما يغترف كالمضغة والمضغة. وغرفت الطعام غرفًا، وغرفت عرف الفرس: جررته. وغرقت الشجرة: قطعت عروقها. والغرف: شجر معروف. وغرقت الإبل: تأذت بأكل الغرف. وفي الحديث: "نهى عن الغارقة"، قال الأزهري: هو أن تسوى
ناصيتها مقطوعة على وسط جبينها. قيل: والغارقة مصدر جاء على فاعله، نحو راعية الإبل. وقوله:{لا تسمع فيهل لاغيه} [الغاشية: 11]
غ ر ق:
قوله تعالى: {وأغرقنا آل فرعون} [الأنفال:54]. الإغراق: التغييب في الماء وشبهه، ثم استعير لكل متعد في شيء. قوله تعالى:{والنازعات غرقًا} [النازعات:1] قيل: هي الملائكة تنزع نفوس الكفرة من صدورهم إغراقًا، أي مبالغة من قولهم: أغرق الباري في القوس، أي بالغ قيل: والمصدر الإغراق. والغرق اسم المصدر. وفي الحديث: "يأتي على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا دعاء الغرق". قال أبو عدنان: الغرق الذي شارف الغرق. ولما أفاد: غرق فهو غريق. واستغرق فلان في كذا استعارة، كأن ذلك في الشيء المتفكر فيه أحاط بالمتفكر فيه إحاطة الماء بالغريق.
غ ر م:
قوله تعالى: {إنما لمغرمون} [الواقعة:66] أي خاسرون. والمعنى أنا قد أغرمنا ولم يحصل لنا من زرعنا ما أملنا. وأصله من الغرم وهو ما ينوب الإنسان في ماله من ضررٍ لغير جناية منه. قوله: {إن عذابها كان غرامًا} [الفرقان:65] أي هلاكًا. وأصل الغرام ما يصيب الإنسان من شدةٍ ومصيبةٍ. وقيل: هو من قولهم: فلان مغرم بالنساء، أي ملازمهن ملازمة الغريم. وعن الحسن:"كل غريمٍ مفارق غريمه إلا بالنار". وقيل: معناه مشغوف بإهلاكه. والغريم يطلق على له الدين تارة باعتبار ملازمته من عليه الدين، وعلى من عليه الدين أخرى باعتبار لزوم الدين له. وفي الحديث أيضا:"الزعيم غارم" أي ملزم نفسه ما ضمنه. والغرم: أداء شيءٍ لازمٍ، ومنه الحديث:"الرهن لمن رهنه، له غنمه وعليه غرمه" قيل: غنمه: نماؤه، وغرمه: أداء ما يفك به. فالمعنى أن عذابها كان ملازمًا لهم لا ينفك عنهم. قال ابن عرفة: الغرام عند العرب ما كان ملازمًا،