الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي مهلكات. قال أبو العبيد: كذا رُوي، والذي تكلمت به العرب مغويات، والمغويات بفتح الواو وتشديدها، واحدتها مغواة: وهو حفرة كالزبية؛ تُحفر ويُجعل فيها جدي ونحوه، فيراه الذئب فيسقط ليأكله. ومنه قيل لكل مهلكة مُغواة. قال: أراد أن تكون مهلكة كإهلاك تلك المغواة للذئب. ومثل للعرب: "من حفر مغواة أوشك أن يقع فيها".
فصل الغين والياء
غ ي ب:
قوله تعالى: {الذين يؤمنون بالغيب} [البقرة: 3] الغيب: مصدر غاب يغيب ضد حضر يحضر. والمراد يؤمنون بأخبار الغيب، كأخبار البعث والنشور والصراط والميزان والحوض، والجنة والنار وعذاب القبر وفتنة منكر ونكير ونحو ذلك، مما ورد عنه الكتاب العزيز والسنة الصحيحة. وقيل: الغيب: مصدر واقع موقع اسم الفاعل، أي يؤمنون بالغائب مما أخبروا له من نحو ما تقدم ذكره. وقيل: أصله غيب بالتشديد فخفف كميت في ميت. ولنا في كلام مشبع في غير هذا الموضوع. وكل ما استرعى العين فهو غائب وغيب وغيب وغاب. وقيل: معناه: يؤمنون بما لا يدخل تحت الحواس ولا تقتضيه بداية العقول، وإنما يعلم بأخبار الصادقين كالأنبياء والرسل والملائكة. وقيل: الغيب القرآن وقيل: القدر، وهو تخصيص إشارة من قائله إلى بعض ما يقتضيه لفظ الغيب. وقيل: معنى"يؤمنون بالغيب" متلبسين بالغيب، فتتعلق الباء بغير الإيمان أي يؤمنون وهم غائبون عنكم وليسوا كالمنافقين الذين يؤمنون بحضرتكم تقيةً وإحرازًا لغنائمكم، ويكفرون في غيبتكم، يشهد له:{وإا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا} [البقرة: 14].
قوله: {حافظات الغيب} [النساء: 34] أي لا يفعلن في غيبة بُعولتهن ما يكرهونه في حضورهم. قوله: {ولا يغتب بعضكم بعضًا} [الحجرات: 12] هو أن تذكر أخاك بما يكرهه من عيبٍ من غير حاجة شرعيةٍ، فإن كان حاجة فلا بأس، بل ربما
يجب كمشاورة الإنسان في خطبة ومعاملة ذلك. والغيبة والغيابة: منهبط من الأرض، ومنه الغابة للأجمة. وفي المثل:"وهم يشهدون أحيانًا ويتغايبون أحيانًا". قوله: {ويقذفون بالغيب من مكان بعيد} [سبأ: 53] أي من حيث لا يدركونهم ببصرهم وبصيرتهم. قال ابن العرابي: الغيب: ما غاب عن العيون وإن كان محصلًا في القلوب. وأنشد: [في البسيط]
1160 -
وللفؤاد وجيب تحت أبهره
…
لدم الغلام وراء الغيب بالحجر
وقال الهروي: أراد وراء الجدار. وفي عهدة الرقيق: "ولا داء ولا خبثة ولا تغييب" قال ابن شميل: التغييب ألا يبعه ضالة ولا لُقطة ولا مرعوعًا، أي معيبًا. وفي الحديث أيضًا:"حتى تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة" أي التي غاب عنها زوجها. وفي حديث أب يبكر الصديق رضي الله عنه: "أن حسانًا لما هجا قريشًا قالت: "لشتم ما غاب عنه ابن أبي قحافة" يعنون أن أبا بكر كان عالمًا بالأنساب والأخبار، وهو الذي علمه، وكان أبو بكر عالمًا بالأنساب يدل لما روي عنه عليه السلام في قوله لحسبان: "سله عن معايب القوم".
غ ي ث:
قوله تعالى: {كمثل غيث} [الحديد: 20] أي مطرٍ. وقيل تقديره مثل نبات ينبت من غيث ولا حاجة إليه لقواه: {نباته} . والغيث يُقال في المطر، والغوث في الصرة. قال ذو الرمة:[من الوافر]
1161 -
سمعت الناس ينتجعون غيثًا
…
فقلت لصيدح: انتجعي بلالًا
واستغثته: طلبت الغيث منه أو الغوث، فغاثني من الغيث، وأغاثني من الغوث. قوله تعالى:{فيه يُغاث الناس} [يوسف: 49] من الغيث ليس إلا. قوله: {فاستغاثه الذي من شيعته} [القصص: 15] هو من الغوث ليس إلا.
غ ي ر:
قوله تعالى: {غير المغضوب عليهم} [الفاتحة: 7] غير تكون صفة بمعنى مُغاير، ولذلك لا تتعر فبالإضافة. وقال بعضهم: إلا إذا حضرت المغايرة بين ضدين ونحوهما، نحو الآية الكريمة، والوصفية أصلها. وقد تكون بمعنى لا النافية، ومن ثم عطف عليها. قوله:{ولا الضالين} ، فأعيدت لا لما كانت بمعناها. ولذلك يقدم معمول ما بعدها عليها كقول الشاعر:[من البسيط]
1162 -
إن امرأ خصني يومًا مودته
…
على التنائي لعندي غير مكفور
ولهذا يقول النحوي: يجوز أنا زيدًا غير ضاربٍ، ويمتنع أنا زيدًا مثل ضارب لما بيناه في غير هذا الموضوع وأومأنا إليه هنا. وتكون غير بمعنى إلا فيستثنى بها وتُعطى حكم ما بعد إلا في النصب وغيره كما هو مبين في علم العربية، وكما حملت غير على إلا في الاستثناء حملت إلا عليها في الوصفية بشروطٍ معينة عند النحاة كقوله تعالى:{لم كان فيها آلهة إلا الله لفسدتا} [الأنبياء: 22]. وقد قسم بعضهم غير تقسيمًا آخر فقال: غير تقال على أوجهٍ: الأول أن تكون للنفي المجرد من غير إثبات معنى [به]، نحو: مررت برجلٍ غير قائمٍ، قال تعالى:{وهو في الخصام غير مبين} [الزخرف: 18]. الثاني بمعنى إلا فيستثنى بها وتوصف بها النكرة قال تعالى: {ما علمت لكم من إله غيري} [القصص: 38]. الثالث لنفي صورةٍ من غير مادتها
نحو: الماء حاراً غيره إذا كان باردًا؛ قال تعالى: {بدلناهم جلودًا غيرها {[النساء: 56]. الرابع أن يكون ذلك متناولًا لذات، نحو: {تقولون على الله غير الحق} [الأنعام: 93] أي الباطل. {أغير الله أبغي ربًا} [الأنعام: 164] قوله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الرعد: 11] التغيير: التحول من صفة إلى صفة، ومن حال إلى حالٍ. ويكون على وجهين أحدهما تغيير صورة الشيء دون ذاته نحو غيرت داري، أي بنيتها بناءً غير الذي كان. والثاني بتبديله بغيره نحو: غيرت غلامي ودابتي، أي أبدلتهما بغيرهما. وقوله:{يوم تبدل الأرض غير الأرض} [إبراهيم: 8] محتمل للأمرين، وقد قيل: بكل منهما. وفي الحديث: "ومن يكفر الله يلق الغير" أي تغيير الحال من صلاح إلى فساد. والغير أيضًا الدية، وجمعها أغيار. وسميت الدية غيرًا لأنها غيرت القود إلى غيره. وقد فرق بعضهم بين الغيرين والمختلفين بأن الغيرين أعم، فإنهما قد يكونا مختلفين وقد يكونان متفقين. فالجوهران المتحيزان هما غيران وليسا مختلفين. قال: وكل خلافين غيران وليس كل غيرين خلافين.
غ ي ض:
قوله تعالى: {وما تغيض الأرحام} [الرعد: 8] الغيض: النقص، ولذلك قوبل بقوله:{وما تزداد} [الرعد: 8] والمعنى: وما تفسده الأرحام فتجعله كالماء الذي تبتلعه الأرض. والغيضة: الضوء. وقيل معنى: {وما تغيض الأرحام} وما تنقص عن التسعة أشهر التي وقعت الوضع وما تزداد على التسعة المذكورة. وقيل: معناها ما الولد عن تمامه. ويقال لذلك السقط الغيض. قوله: {وغيض الماء} [هود: 44] أي نقص.
يُقال: غاض الماء يغيض غيضًا، وغاضه الله يغيضه غيضًا، أي نقصه فيكون لازمًا ومتعديًا نحو نقص وزاد فإنهما يكونان لازمين ومتعديين. وفي الحديث:"وغاضت بحيرة ساوة" أي نضب ماؤها. وفي المثل: "أعطى غيضًا من فيضٍ" أي قليلًا من
كثير. وفي الحديث: "إذا كان الشتاء قيظًا وغاضت الكرام غيظًا" أي فوا وبادوا من أجل القيظ. وقولهم: "غاضت الدرة" أي نقص اللبن.
غ ي ظ:
قوله تعالى: {والكاظمين الغيظ} [آل عمران: 134]. الغيظ: أشد الغضب؛ وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه، فهو أخص من الغضب؛ فكل غيظ غضب وليس كل غضب غيظًا:{سمعوا لها تغيظًا ونفيرا} [الفرقان: 12] أي سمعوا لجهنم غليانًا وأزيزًا كما يُسمع ذلك من غليان القدر. والمعنى سمعوا غليان تغيظ. وقوله تعالى: {تكاد تميز من الغيظ} [الملك: 8] قال ابن عرفه: أي من شدة الحر والمعنى: تكاد ينفصل بعضها من بعضٍ من شدة حرها غيظًا على الكافرين.
يقال: تغيظت الهاجرة: إذا اشتد حرها. وأنشد للأخطل: [من الطويل]
1163 -
لدن غدوة حتى إذا ما تغيظت
…
هواجر من سفيان حام أصيلها
وقيل: التغيظ: إظهار الغيظ، ثم إنه قد يكون مع ذلك صوت كقوله تعالى:{سمعوا لها تغيظًا} وقد لا يكون ذلك. قوله {إنهم لنا لغائظون} [الشعراء: 55] أي حاملون لنا على الغيظ. وقيل: معناه أنهم داعون بفعلهم إلى أن ينتقم منه انتقام المغيظ. وإذا وصف به الباري تعالى فالمراد به الانتقام على حد وصفه بالغضب كما قدمته. وقد غظته فهو مغيظ. قالت قتيلة بنت الحارث: [من الطويل]
1164 -
ما كان ضرك لو مننت وربما
…
من الفتى وهو المغيظ المحنق
في قصيدة تخاطب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.