المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل القاف والدال - عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ - جـ ٣

[السمين الحلبي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الظاء

- ‌فصل الظاء والعين

- ‌فصل الظاء والفاء

- ‌فصل الظاء واللام

- ‌فصل الظاء والميم

- ‌فصل الظاء والنون

- ‌فصل الظاء والهاء

- ‌باب العين

- ‌فصل العين والباء

- ‌فصل العين والتاء

- ‌فصل العين والثاء

- ‌فصل العين والجيم

- ‌فصل العين والدال

- ‌فصل العين والذال

- ‌فصل العين والراء

- ‌فصل العين والزاي

- ‌فصل العين والسين

- ‌فصل العين والشين

- ‌فصل العين والصاد

- ‌فصل العين والضاد

- ‌فصل العين والطاء

- ‌فصل العين والظاء

- ‌فصل العين والفاء

- ‌فصل العين والقاف

- ‌فصل العين والكاف

- ‌فصل العين واللام

- ‌فصل العين والميم

- ‌فصل العين والنون

- ‌فصل العين والهاء

- ‌فصل العين والواو

- ‌فصل العين والياء

- ‌باب الغين

- ‌فصل الغين والباء

- ‌فصل الغين والثاء

- ‌فصل الغين والدال

- ‌فصل الغين والراء

- ‌فصل الغين والزاي

- ‌فصل الغين والسين

- ‌فصل الغين والشين

- ‌فصل الغين والصاد

- ‌فصل الغين والضاد

- ‌فصل الغين والطاء

- ‌فصل الغين والفاء

- ‌فصل الغين واللام

- ‌فصل الغين والميم

- ‌فصل الغين والنون

- ‌فصل الغين والواو

- ‌فصل الغين والياء

- ‌باب الفاء

- ‌فصل الفاء والألف

- ‌فصل الفاء والتاء

- ‌فصل الفاء والجيم

- ‌فصل الفاء والحاء

- ‌فصل الفاء والخاء

- ‌فصل الفاء والدال

- ‌فصل الفاء والراء

- ‌فصل الفاء والزاي

- ‌فصل الفاء والسين

- ‌فصل الفاء والشين

- ‌فصل الفاء والصاد

- ‌فصل الفاء والضاد

- ‌فصل الفاء والطاء

- ‌فصل الفاء والظاء

- ‌فصل الفاء والعين

- ‌فصل الفاء والقاف

- ‌فصل الفاء والكاف

- ‌فصل الفاء واللام

- ‌فصل الفاء والنون

- ‌فصل الفاء والهاء

- ‌فصل الفاء والواو

- ‌فصل الفاء والياء

- ‌باب القاف

- ‌فصل القاف والباء

- ‌فصل القاف والتاء

- ‌فصل القاف والثاء

- ‌فصل القاف والحاء

- ‌فصل القاف والدال

- ‌فصل القاف والذال

- ‌فصل القاف والراء

- ‌فصل القاف والسين

- ‌فصل القاف والشين

- ‌فصل القاف والصاد

- ‌فصل القاف والضاد

- ‌فصل القاف والطاء

- ‌فصل القاف والعين

- ‌فصل القاف والفاء

- ‌فصل القاف واللام

- ‌فصل القاف والميم

- ‌فصل القاف والنون

- ‌فصل القاف والهاء

- ‌فصل القاف والواو

- ‌فصل القاف والياء

- ‌باب الكاف

- ‌فصل الكاف مع الهمزة

- ‌فصل الكاف والباء

- ‌فصل الكاف والتاء

- ‌فصل الكاف والثاء

- ‌فصل الكاف والدال

- ‌فصل الكاف والذال

- ‌فصل الكاف والراء

- ‌فصل الكاف والشين

- ‌فصل الكاف والظاء

- ‌فصل الكاف والعين

- ‌فصل الكاف والفاء

- ‌فصل الكاف واللام

- ‌فصل الكاف والميم

- ‌فصل الكاف والنون

- ‌فصل الكاف والهاء

- ‌فصل الكاف والواو

- ‌فصل الكاف والياء

الفصل: ‌فصل القاف والدال

صلى الله عليه وسلم، بل تديم النظر إليه إعجابًا به وتعظيمًا له صلى الله عليه وسلم. وهذا شأن الإنسان إذا رأى ما لا يعجبه أعرض عنه.

‌فصل القاف والدال

ق د د:

{وإن كان قميصه قد من دبر} [يوسف: 27] القد: قطع الشيء طولا. والقد: المقدود: ومنه قد الإنسان لقامته. والقدة: القطعة من اللحم. وقددت اللحم: فعلت به ذلك، فهو قديد، وغلب فب اليابس منه. واقتد الأمر دبره: كقوله فضله، وصرمه.

و ((قد)) تصحب الأفعال وتقرب الماضي من الحال، وتكون ((قد)) حرف توقع وتقليل وذلك بحسب القرائن، وإذا دخل على المضارع أفاد التقليل غالبا إلا في أفعال الباري تعالى فتكون للتحقيق: نحو: {قد يعلم الله} [الأحزاب: 18] قال الراغب: وقد: حرف يختص بالفعل، والنحويون يقولون: هو للتوقع، وحقيقته أنه إذا دخل على فعل ماض فإنما يدخل على كل فعل كتحدد نحو قوله تعالى:{قد سمع الله} [آل عمران: 181]. ولما قلت لا يصح أن يستعمل في أوصاف الله تعالى الذاتية فيقال: قد كان الله عليما حكيما. وإذا دخل ((قد)) على الفعل المستقبل فذلك لفعل يكون في حالة دون حالة نحو: {قد يعلم الله الذين يتسللون} [النور: 63] فيها علم الله، انتهى.

و ((قد)) يكون اسما بمعنى)) حسب)) نحو: قدك درهم، وقطك درهم، أي حسبك وكافيك درهم؛ فالكاف في محل جر بالإضافة. وتدخل عليها النون للوقاية جوازًا، ومنه قول الشاعر:[من الرجز]

1237 -

قدني من نصر الخبيين قدي

ص: 275

فأثبتها في الأول وحذفها في الثاني، إلا أن الأكثر إثباتها. وزعم بعضهم أنهما اسما فعل ينتصب ما بعدهما وأن الكاف وما معها في محل نصب. وأجاز الفراء: قد زيدا بنصب زيد. قال الراغب: وجعل ذلك مقيسًا على ما سمع من قولهم: قدني وقدك، قال: والصحيح أن ذلك لا يستعمل مع الظاهر وإنما جاء عنهم في المضمر.

قوله تعالى: {كنا طرائق قددا} [الجن: 11] أي فرقًا متفرقين مختلفي الأهواء، وهو جمع قدة نحو: قطعة وقطع.

والقد: السوط. وفي الحديث: ((موضع قدة في الجنة خير من الدنيا وما فيها)). أي موضع قدر السوط.

والقد بالفتح جلد السخلة، وهو أيضًا سقاء صغير يتخذ من جلدها. والقد أيضًا المقدود. وقال طرقة بن العبد:[من الطويل]

1238 -

وخد كقرطاس الشامي ومشفر

كسبت اليماني قده لم يجرد

يروي بكسر القافمع الجيم؛ فالقد: النعل، ومعناه أنه مجرور من شعره فهو ألين له، وبفتحها مع الحاء، والمعنى: مثاله لم يعوج. فالتحريد: الاعوجاج، وهو قطع بعضه دقيقًا وبعضه عريضًا.

ق د ر:

قوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره} [الزمر: 67] أي ما عظموه حق تعظيمه ولا عرفوه حق معرفته. قال الراغب: تنبيهًا أنه كيف يمكنهم أن يدركوا كنهه وهذا وصفه. وهو قوله: {والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة} [الزمر: 67]؟

قوله تعالى: {فظن أن لن نقدر عليه} [الأنبياء: 87] أي أن لن نضيق،

ص: 276

والتقدير: التضييق، ومنه قوله تعالى:{وقدر في السرد} [سبأ: 11]. وعن ابن عباس أن معاوية أرسل خلفي فقال: ضربتني أمواج القرآن قال فيماذا؟ قال: في قوله: {فظن أن لن نقدر عليه} ، أيظن عبد من عبيد الله أن الله لا يقدر عليه، فضلًا عن نبي من الأنبياء؟ فقال له: ليس ذلك من القدرة، إنما هو من التقدير بمعنى التضييق، وتلا قوله تعالى:{فقدر عليه رزقه} [الفجر: 16] قال الهروي: يعني قدرنا عليه من كونه في بطن الحوت.

يقال: قدر وقدر بمعنى واحد، وليس من القدرة في شيء. وقال أبو الهيثم: فظن أن لن نقدر عليه العقوبة. قال: ويحتمل أن يكون تفسيره أن لن نضيق عليه.

قوله تعالى: {والله على كل شيء قدير} [البقرة: 284] وهذا عام خصصه العقل كما حققناه في غير هذا الموضع. ثم القدرة إذا وصف بها الإنسان فاسم لهيئة له بها يتمكن من فعل شيء ما. وأا إذا وصف بها الباري تعالى فنفي العجز عنه. ومحال أن يوصف غير الله تعالى بالقدرة المطلقة معنى، وإن أطلق عليه لفظًا، بل حقه أن يقال: هو قادر على كذا. ومتى قيل: هو قادر فعلى سبيل معنى التقييد، ولهذا لا أحد غير الله يوصف بالقدرة من وجه، إلا ويصح أن يوصف بالعجز من وجه آخر، والباري تعالى هو الذي ينتفي عنه العجز من كل وجه، جل وعز.

والقادر يوصف به الإنسان حسبما تقدم، والقدير لا يوصف به إلا الله تعالى، وذلك لما فيه من المبالغة؛ قال الراغب: والقدير هو الفاعل لما يشاء على قدر ما تقتضي الحكمة لا زائدًا عليه ولا ناقصًا عنه، ولذلك لا يصح أن يوصف به غير الله تعالى. والمقتدر يقاربه لكن قد يوصف به البشر، وإذا استعمل في الله فمعناه معنى القدير، وإذا استعمل في البشر فمعناه المتكلف المكتسب للقدرة. يقال: قدرت على كذا أقدره قدرًا وقدرة ومقدرة وقدرانًا. يقال: اقدر بذرعك، أي أقدر على الأمور

ص: 277

بمقدار ما عندك من الاستقلال، وأنشد لزهير:[من البسيط]

1239 -

تعلمن، هالعمر الله ذا قسمًا

فاقدر بذرعك وانظر: أين تنسلك؟

ويروي: ((فاقصد لذرعك)) وهو في المعنى الأول.

وأقدرني الله وقدرني على كذا، أي قواني وجعل لي قدرة. وتقدير الله الأشياء على وجهين: أحدهما بإعطاء القدرة، والثاني بأن يجعلها على مقدار مخصوص ووجه مخصوص حسبما اقتضت الحكمة. قال الراغب: وذلك أن فعله تعالى ضربان؛ ضرب أوجده بالفعل، ومعنى إيجاده بالفعل أن أبدعه كاملًا دفعة لا تعتريه الزيادة والنقصان إلى أن يشاء أن يبدله ويفنيه، كالسموات وما فيها. وضرب جعل أصوله موجودة بالفعل وأجزاءه بالقوة، وقدره على وجه لا يتأتى غير ما قدر فيه، كتقديره في النواة أن ينبت منها النخل دون التفاح والزيتون، وتقدير مني الآدمي أن يكون منه الإنسان دون سائر الحيوان.

فتقدير الله على وجهين أحدهما بالحكم منه أن يكون كذا أو لا يكون كذا، إما على سبيل الوجوب وإما على سبيل الإمكان. وعلى ذلك قوله تعالى:{قد جعل الله لكل شيء قدرًا} [الطلاق: 3] والثاني بإعطاء القدرة عليه.

قوله: {نحن قدرنا بينكم الموت} [الواقعة: 60] أي حكمنا به وصرفناه بينكم فلا يختص به أحد من المخلوقين بعضهم دون البعض. وفيه منبهة على أن فيه حكمة وهو أن الله تعالى هو المقدر له وليس كما زعم المجوس من قولهم: إن الله يخلق وإن إبليس يقتل. فانظر إلى هذا الكتاب العزيز كيف تعرض لكل مذهب والرد عليه قديمًا وحديثًا؟

قوله: {فقدرنا فنعم القادرون} [المرسلات: 23] تنبية أن ما حكم به فهو

ص: 278

محمود في حكمه، ويجوز أن يكون في معنى {قد جعل الله لكل شيء قدرًا} .

قوله تعالى: {والله يقدر الليل والنهار} [المزمل: 20] لإشارة إلى قوله: {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} [الزمر: 5]{يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل} [الحج: 61] وأنه ليس أحد يمكنه معرفة ذلك على حقيقته، وأنه جعل ذلك علامة على توقيت العبادة وغيرها. قوله:{من نطفة خلقه فقدره} [عبس: 19] إشارة إلى ما أوجد فيه بالقوة فيظهر حالًا فحالًا إلى الوجود بالصورة.

قوله: {وكان أمر الله قدرًا مقدروًا} [الأحزاب: 38] فقد إشارة إلى ما سبق به القضاء والكتابة في اللوح المحفوظ، وإشارة إلى قوله عليه الصلاة والسلام ((فرغ ربك من أربع: الخلق والأجل والرزق)). والمقدور إشارة إلى ما يحدث حالًا فحالًا، وهو المشار إليه بقوله تعالى:{كل يوم هو في شأن} [الرحمن: 29]، وعليه قوله:{وما ننزله إلا بقدر معلوم} [الحجر: 21]. قال أبو الحسن: يقال: خذ بقدر كذا أو بقدر كذا.

قوله تعالى: {على الموسع قدره وعلى المقتر قدره} [البقرة: 236] قرئ بالفتح والإسكان، والمعنى: ما يليق بحاله مقدرًا عليه، والمعنى أنه أعطى كل شيء ما فيه مصلحته وهداه لما فيه خلاص له إما بالتسخير وإما بالتعليم كقوله [أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} [طه: 50]

والتقدير من الإنسان على وجهين؛ أحدهما التفكر في الأمر بحسب نظر العقل وبناء الأمر عليه. والثاني أن يكون بحسب التمني والشهوة وذلك مذموم، كقوله:{إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر} [المدثر: 18 - 19].

وتستعار القدرة والمقدور للجاه والسعة والمال.

ص: 279

والقدر: وقت الشيء المقدر له والمكان المقدر له. قوله: {فسألت أودية بقدرها} [الرعد: 17] أي بقدر المكان لأن يسعها. وقريء ((بقدرها)) أي تقديرها.

قوله: {وغدوا على حرد قادرين} [القلم: 25] أي معينين لوقت قدروه، ومثله:{فالتقى الماء على قدر قد قدر} [القمر: 12].

وليلة القدر لأن الأمور يقدر فيها وتقضى، فيسعد فلان ويشقى فلان ويحرم فلان.

اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، نسألك بجاه كلامك ونبيك أن تعطينا أمانك وتمنعنا نقمتك.

قول: {ومن قدر عليه رزقه} [الطلاق: 7] أي ضيق عليه، ومنه اشتق الأقدر أي القصير العنق.

وفرس أقدر: يضع حافر رجله موضع حافر يده.

قوله: {وقدر في السرد} أي أحكمه، وهو أن يجعل المسامير طبق الحلق، فإنه لو عملها غليظة لانفصمت الحلق، ولو عملها دقيقة لقلعت.

ومقدار الشيء: المقدر له وبه، وقتًا كان أو مكانًا أو غيرهما، ومنه قوله تعالى:{وكل شيء عنده بمقدار} [الرعد: 8].

قوله: {وقدور راسيات} [سبأ: 13] هي التي يطبخ فيها؛ سميت بذلك لأنها مقدرة على هيئة لها، وما يطبخ فيها يقال له القدير اشتقاقًا منه، كقول امرئ القيس:[من الطويل]

1240 -

فظل طهاة اللحم ما بين منضج

صفيف شواء أو قدير معجل

وفي البيت مسألة نحوية. يقال: قدرت اللحم، أي طبخته في القدر، والقدار، أي ينحر ويقدر، أي يطبخ. وفي الحديث:((فإن غم عليكم فاقدروا له)) أي قدروا له عدد

ص: 280

الشهر حتى تكملوه ثلاثين يومًا، ويدل له حديث آخر ((كملوا العدة))، وقيل: قدروا له منازل القمر فإن ذلكم يدل على أن الشهر تسع وعشرون أو ثلاثون. وبهذا يستدل من رأي وجوب الصوم بقول أهل التقويم العالمين بسير القمر. ولقد أحسن أبو العباس بن سريج حيث قال: هذا خطاب لمن خصه الله تعالى بهذا العلم فهو له. وقوله: {فأكملوا العدة} خطاب للعامة التي لم تعن به.

يقال: قدرت الأمر كذا: أقدره وأقدره: إذا دبرته ونظرت فيه. وكان ابن سريج يقول: إن ذلك يختص بمن يعلم الحساب في خاصة نفسه ولا يلزم غيره أن يصوم بقوله.

ق د س:

قوله تعالى: {وأيدناه بروح القدس} [البقرة: 87] هو جبريل. والقدس: الطهارة ويضم داله ويسكن وذلك لأنه خلق من طهارة محضة ملك نوراني. وقيل: سمي بذلك من حيث أنه ينزل من الله تعالى بالقدس أي بما يطهر به نفوس عباده من القرآن والحكمة والفيض الإلهي.

قوله: {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} [البقرة: 30] أي نصفك بالقدس وهو التطهير والتنزيه مما لا يليق بجلاله وصفاته، عكس ما فعله جهله بني آدم حسبما وصفوه به من اتخاذ الولد والزوجة والحلول والاتحاد والجسم والتحيز تعالى الله عما يقزل الظالمون علوًا كبيرًا. وقيل: المعنى نصفك بالقدس حيث يقولون: ((سبوح قدوس رب الملائكة والروح)). وقسل نظهر لك الأشياء ارتسامًا لك. والتقديس: التطهير الإلهي المذكور في قوله: {ويطهركم تطهيرًا} [الأحزاب: 33] دون التطهير الذي هو إزالة النجاسة. وقيل معناه: نطهر أنفسنا لك مما يخالفك.

قوله: {يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة} [المائدة: 21] المطهرة. ومنه: بيت المقدس لأنه يتطهر فيه من الذنوب. ومنه قيل للسطل قدس لأنه يتطهر منه ويتوضأ.

قوله: {الملك القدوس} [الحشر: 23] أي البليغ في الطهارة والتطهير. وجاء

ص: 281

في التفسير: القدوس: المبارك، ويقال بفتح القاف. وفي الحديث:((لا قدست أمة لا يؤخذ لضعيفها من قويها)) أي لا طهرت. وقال الشاعر [من البسيط]

1241 -

إن السفاهة في خلائقكم

لا قدس الله أرواح الملاعين

وحظيرة القدس: الجنة، وقيل: الشريعة، وكلاهما صحيح؛ فإن الشريعة حظيرة منها يستفاد القدس، وقال صلى الله عليه وسلم:((إن روح القدس نفث في روعي)) قيل: هو جبريل، وقيل هو الله تعالى، يعني هو معك بقوته وبقدرته كقوله تعالى:{وإني معكما أسمع وأرى} [طه: 46]{إلا هو معهم أينما كانوا} [المجادلة: 58] أي بعلمه.

ق د م:

قوله تعالى: {لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات: 1] معناه لا تتقدموا. وتحقيقه لا تسبقوه بالقول والفعل، بل افعلوا ما يرسمه لكم وقفوا عند حده كما تفعله الملائكة الذين وصفهم ربهم بكونهم عبادًا مكرمين، حيث أخبر عنهم بقوله تعالى:{لا يسبقونه بالقول وهو بأمره يعملون} [الأنبياء: 27] وفي التفسير أنهم ذبحوا قبل ذبحه فنهوا عن ذلك. وقال ابن عرفة: أي لا تعجلوا بأمر قبل أن يأمر الله فيه أو ينهي عنه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. وقيل: معناه: لا تتقدموا، وهذا في معنى ما قدمته.

زقزله تعالى: {يقدم قومه يوم القيامة} [هود: 98] أي يتقدمهم؛ يقال: قدمته أتقدمه قدمًا. وقدم يقدم أيضًا: إذا تقدم عليه قوله تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل} [الفرقان: 23] أي قصدنا وعمدنا. وأقدم يقدم مثله، وأنشد لعنترة:[من الكامل]

ص: 282

1242 -

ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها

قيل الفوارس: ويك عنتر أقدم

مثله: قدم بالتشديد يقدم: إذا تقدم وأنشد لبيد: [من الرمل]

1243 -

قدموا إذ قال: قيس قدموا

واحفظوا المجد بأطراف الأسل

وبمعناه أيضًا استقدم يستقدم، وعليه قوله تعالى:{ولقد علمنا المستقدمين منكم} [الحجر: 24] وأصل ذلك كله من القدم، وهو قدم الرجل وجمعه أقدام. وبه اعتبر التقدم والتأخر. والتقدم على أربعة أضرب حسبما بيناه فيما قبل. ويستعار القدم للسابقة؛ ومنه قوله تعالى:{أن لهم قدم صدق} [يونس: 2]. ويقال: قديم وحديث وذلك إما باعتبار الزمانين، وإما بالشرف، وإما لما لا يصح وجود غيره إلا بوجوده، نحو: الواحد متقدم على العدد بمعنى أنه لو تصور ارتفاعه لارتفع الأعداد. والقدم وجود فيما مضى، والبقاء وجود فيما يستقبل، كذا قاله بعضهم. وينبغي أن يزيد فيما يستقبل وفي الحال. والمتكلمون يصفون الباري تعالى بالقديم، وقد اشتهر ذلك في عباراتهم، ولم يرد في شيء من القرآن والآثار الصحيحة وصفه تعالى بالقديم، ولكنه قد ورد في بعض الأدعية، وأحسبها مأثورة:((يا قديم الإحسان)). وأكثر ما يستعمل القديم باعتبار الزمان كقوله: {كالعرجون القديم} [يس: 39].

قوله: {وقد قدمت إليكم بالوعيد} [ق: 28] أي قد نبهتكم على ما بين أيديكم قبل أن يفاجئكم. يقال: قدمت لإلى فلان بكذا: أعلمته قبل الحاجة إلى فعله وقبل أن يدهمه الأمر.

قوله: {لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} [الأعراف: 7] أي لا يريدون تقدمًا ولا تأخرًا. قوله: {ونكتب ما قدموا} [يس: 12] أي ما فعلوه قبل. قوله: {ربنا من قدم لنا هذا} [ص: 61] أي من سنه وشرعه. قوله: {أن لهم قدم صدق} [يونس: 2] قد تقدم أنها السابقة، وقال الأزهري هي المنزلة الرفيعة. وقيل: معناه لهم سابقة في

ص: 283

الخير، أي سبق لهم السعادة في الذكر الأول. ويقال: تفسير القدم في العربية الشيء تقدمه قدامك ليكون عدة لك حتى تقدم عليه. وقال القتيبي: عملًا صالحًا فيما قدموه. وفي التفسير أنه شفاعة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث: ((حتى يضع الرحمن فيها قدمه)) يعني في النار. واضطراب الناس في تفسيره، وأحسن ما قيل فيه ما قاله الحسن البصري: حتى يجعل الله فيها الذين قدمهم من شرار خلقه فهم قدم الله للنار كما أن المسلمين قدمًا للجنة. وقال ثعلب: كل ما قدمت من خير فهو قدم، وتقدمت لفلان فيها قدم: أي تقدم في الخير، ورجل قدم: إذا كان شجاعًا، ومنه حديث علي رضي الله عنه:((غير نكل في قدم ولا واهنًا في عزم)). وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما ((أن ابن الزبير مشى القهقرى وأن ابن أبي العاص مشى القدمية))، وروي ((اليقدمية)) يعني في الشف والفضل. وذلك عنى الشاعر بقوله:[من الطويل]

1244 -

مشى ابن الزبير القهقرى وتقدمت

أمية حتى أحرزوا القصبات

أي قصبات السبق. وفي الحديث ((إن إبراهيم على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء أفضل الصلاة والسلام اختتن بالقدوم)) يقال: هو مقيل له، ويقال: قرية بالشام. واستبعد رواية القدوم بمعنى الآلة المعروفة لعسر ذلك عرفًا وعدم إمكانه عادة.

وقوله عليه الصلاة والسلام: ((أنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي)) أي على أثري. وركب فلان مقاديمه: إذا ركب على وجهه. وقادمة الرحل، وقادمة الجناح، وقادمة الأطباء. ومقدمة الجيش بفتح الدال وكسرها والقدوم: كل ذلك معتبر فيه معنى التقدم. وقدام بمعنى أمام عكس خلف وتصغيرها قديدمة، ودخول الهاء فيها شاذ ولذلك يصغرون وراء وريئة، حسبما بينا ذلك في كتب النحو.

ص: 284