الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني:
افتخاره بها رضي الله عنهما
-.
50.
[1] قال أبو جعفر العُقيلي رحمه الله: حدثناه محمد بن أحمد الوراميني، قال: حدثنا يحيى بن المغيرة الرازي، قال: حدثنا زافر، عن رجُلٍ، عن الحارث بن محمد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني، قال أبو الطفيل: كنتُ على الباب يوم الشورى، فارتفعت الأصواتُ بينهم، فسمعتُ علياً يقول: (بايعَ الناسُ لأبي بكر، وإنَّا ـ واللهِ ـ أولى بالأمر منه، وأحقُّ منه، فسمعتُ وأطعتُ مخافةَ أنْ يرجعَ الناسُ كفَّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، ثم بَايع الناسُ عُمَرَ وأنا
…
ـ واللهِ ـ أولى بالأمر منه وأحقُّ بهِ منه، فسمعتُ وأطعتُ مخافةَ أن يرجِعَ الناسُ كفَّاراً يضرب بعضُهم رقابَ بعض بالسيف، ثمَّ أنتم تريدونَ أن تُبَايِعوا عثمان، إذَنْ أسمَعُ وأَطِيعُ، إنَّ عُمَرَ جعَلني في خمسةِ نَفَرٍ أنا سادسهم، لا يَعرِفُ لي فضلاً عليهم في الصلاح، ولا يعرفوه لي، كلُّنَا فيه شرعٌ سواءَ، وايمُ اللهِ لو أشاءُ أنْ أتكلَّم ثُمَّ لا يستَطِيعُ عَربِيُّهُم، ولَا عَجَمِيُّهُم، ولا المعاهِدُ منهم، ولا المشركُ ردَّ خصلة
(1)
(1)
في تحقيق: حمدي السلفي: (خطاة)، والتصويب من: تحقيق السرساوي للضعفاء
…
ـ ط. دار ابن عباس ـ (1/ 556)، و «الموضوعات» لابن الجوزي (2/ 154)،
…
و «تاريخ دمشق» لابن عساكر (42/ 433) ــ وقد روياه من طريق العقيلي ــ.
منها لَفعَلْتُ، ثمَّ قَال:
«نشدتُّكُمُ باللهِ أيها النَّفَرُ جميعَاً، أفيكم أحداً آخى
…
رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غيري»؟ قالوا: اللَّهم لا.
ثم قال: «نشدتُّكم باللهِ أيها النفر جميعاً أفيكم أحدٌ له عمٌّ مثل عمِّي حمزة، أسدُ اللهِ، وأسدُ رسوله، وسيِّدُ الشهداء» ؟ قالوا: اللَّهم لا.
فقال: «أفِيكُم أحَدٌ لهُ أخ مثل أخي جعفر ذي الجناحين الموشَّى بالجوهر، يطير بها في الجنة حيث شاء» ؟ قالوا: اللَّهم لا.
قال: «أفِيكُم أحَدٌ لهُ مثلُ سِبْطَيَّ الحسنِ والحسين سيِّدَي شباب أهل الجنة» ؟ قالوا: اللَّهم لا.
قال: «أفِيكُم أحَدٌ لهُ مثل زوجتي فاطمة بنت رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم» ؟ قالوا: اللَّهم لا.
قال: «أفِيكُم أحَدٌ كان أقتلَ لمشركي قريش عند كلِّ شديدة تنزلُ برسول اللهِ صلى الله عليه وسلم منِّي» ؟ قالوا: اللَّهم لا.
قال: «أفِيكُم أحَدٌ كان أعظم غِنى في رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم حين اضطجعتُ على فراشه، ووقيتُه بنفسي، وبذلتُ له مُهْجَةَ دَمِي» ؟ قالوا: اللَّهم لا.
قال: «أفِيكُم أحَدٌ كان يأخُذُ الخُمُسَ غيري وغيرَ فاطمة» ؟ قالوا: اللَّهم لا.
قال: «أفِيكُم أحَدٌ كان له سهمٌ في الحاضر، وسهم في الغائب الغابر غيري» ؟ قالوا: اللَّهم لا.
قال: «أفِيكُم أحَدٌ تمَّمَ اللهُ نورَه من السَّمَاء غيري حين قال:
…
{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: 26]؟ قالوا: اللَّهم لا.
قال: «أفِيكُم أحَدٌ ناجَاه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثنتا عشرة مرة غيري حينَ قال اللهُ عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12]؟ قالوا: اللَّهم لا.
قال «أفِيكُم أحَدٌ تولى غَمْضَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غيري» ؟ قالوا اللَّهم لا.
قال: «أفِيكُم أحَدٌ آخرَ عهدِه برسول اللهِ صلى الله عليه وسلم حتى وضعَه في حُفْرَتِهِ غيري» ؟ قالوا: اللَّهم لا.
[«الضعفاء» للعقيلي (1/ 229) ترجمة: الحارث بن محمد، رقم (258)]
دراسة الإسناد:
ــ محمد بن أحمد الوراميني، شيخ العقيلي، لم أجد له ترجمة.
ــ يحيى بن المغيرة السعدي الرازي، قال أبو حاتم: صدوق.
(1)
ــ زافر بن سليمان الإيادي القُهُسْتانى، صدوق كثير الأوهام.
(2)
ــ الحارث بن محمد، يروي عن أبي الطفيل عامر.
مجهول.
قال البخاري: (ولم يذكر سماعاً منه، سمع منه: زافر بن سليمان؛ لا يُتابَع في حديثه).
قال ابن عدي: (مجهول لا يُعرف له رواية إلا ما ذكره البخاري).
ذكره ابن حبان في «الثقات» ، وقال: (الحارث بن محمد يروي عن أبي الطفيل ــ إن سمع منه ـ
…
).
(3)
ــ عامر بن واثلة، أبو الطُّفَيل الكِناني الليثي، صحابي جليل رضي الله عنه، وُلِد عام أحد، رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو شابٌّ، وحفظ عنه أحاديث.
(1)
«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (9/ 191)، «تاريخ الإسلام» (5/ 481).
(2)
«تقريب التهذيب» (ص 248).
(3)
. ينظر: «التاريخ الكبير» (2/ 283)، «الكامل» (2/ 194)، «الثقات» لابن حبان
…
(4/ 136)، «الضعفاء» للعقيلي (1/ 230)، «المغني في الضعفاء» (1/ 226)، «لسان الميزان» (2/ 525).
وهو آخر من مات من الصحابة، توفي سنة (110 هـ).
(1)
تخريج الحديث:
ــ أخرجه: العقيلي ـ كما سبق ـ، ومن طريقه: [ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (42/ 433)، وابن الجوزي في «الموضوعات» (2/ 154) رقم
…
(712)] من طريق يحيى بن المغيرة، عن زافر، عن رجل، عن الحارث بن محمد، عن أبي الطفيل.
خالف يحيى بنَ المغيرة: محمدُ بنُ حميد الرازي
(2)
، فرواه عن الحارث، عن أبي الطفيل.
ولم يذكر الرجل المجهول.
ــ أخرجه: العقيلي في «الضعفاء» (1/ 231). وسيأتي تعليقه في نهاية التخريج.
ــ وأخرجه: الآجري في «الشريعة» (4/ 2019) رقم (1487) عن أبي بكر بن أبي داوود السجستياني، عن الحسن بن عبدالرحمن
الكندي
(3)
، عن
(1)
ينظر: «معرفة الصحابة» لأبي نعيم (4/ 2067)، «سير أعلام النبلاء» (3/ 467)،
…
«الإصابة» (7/ 193)، «تقريب التهذيب» (ص 324).
(2)
ضعيف، سبقت ترجمته في الحديث رقم (42).
(3)
لم أجد له ترجمة.
محمد بن سعيد بن زائدة
(1)
، عن أبي الجارود
(2)
، عن أبي الطفيل.
ــ وأخرجه: ابن عبدالبر في «الاستيعاب» (3/ 1098) من طريق إسحاق بن إبراهيم الأزدي، عن معروف بن خربوذ
(3)
، عن أبي الجارود
(4)
، عن سعيد بن محمد الأزدي
(5)
، عن أبي الطفيل.
ــ وأخرجه: الحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 42) رقم (13) عن أبي بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة
(6)
، قال: أخبرنا المنذر بن محمد بن المنذر القابوسي
(7)
، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعيد بن أبي الجهم
(8)
، قال:
(1)
قال أبو حاتم: لا بأس به. «الجرح والتعديل» (7/ 265).
(2)
هو زياد بن المنذر، رافضي كذَّاب، كان يضع في مثالب الصحابة، ويروي في فضائل آل البيت ما لا أصل له. «تهذيب الكمال» (9/ 517)، «تقريب التهذيب» (ص 256).
(3)
صدوق ربما وهم. «تقريب التهذيب» (ص 569).
(4)
وهو زياد بن المنذر، رافضي كذاب ـ سبقت ترجمته أعلاه ـ.
(5)
لم أجد له ترجمة، وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (10/ 655) رقم (4949):(لم أجد من ذكره، وإني لأخشى أن يكون هو محمد بن سعيد الأسدي ــ ويقال: الأزدي ــ؛ وهو المصلوب بالزندقة؛ فقد قيل: إنهم قلبوا اسمه على مئة وجه، فيكون هذا الوجه من تلك الوجوه؛ قلبه ــ تعمية لأمره ــ هذا الرافضي الكذاب. واللَّه أعلم).
(6)
رافضي كذاب، سبقت ترجمته في الحديث رقم (14).
(7)
متروك، سبقت ترجمته في الحديث رقم (14).
(8)
لم أجد له ترجمة.
حدثني أبي، عن أبان بن تغلب
(1)
، عن عامر بن واثلة
…
فذكره مقتصراً على ذكر الشاهد هنا: «الافتخار بزوجه» .
ــ وأخرجه: ابن المغازلي في «مناقب علي» (ص 170) رقم (155) من طريق أبي العباس ابن عقدة
(2)
، عن جعفر بن محمد بن سعيد الأحمسي
(3)
، عن نصر بن مزاحم
(4)
، عن الحكم بن مسكين
(5)
، عن أبي الجارود
(6)
وابن طارق، عن أبي الطفيل عامر.
وعن نصر بن مزاحم، عن أبي حمزة، وأبي ساسان، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الطفيل عامر.
ــ وأخرجه: ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (42/ 431) من طريق الدارقطني، عن أبي العباس ابن عقدة، عن يحيى بن زكريا الشيباني
(7)
، عن يعقوب بن معبد
(8)
، عن مثنى أبي عبداللَّه
(9)
، عن سفيان الثوري، عن أبي
(1)
ثقة، شيعي. سبقت ترجمته في الحديث رقم (14).
(2)
ضعيف شيعي، ستأتي ترجمته في الباب الثالث:«مسند فاطمة» ، حديث رقم (9).
(3)
لم أجد له ترجمة.
(4)
رافضي جَلْد. «المغني في الضعفاء» (2/ 456)، «لسان الميزان» (8/ 267).
(5)
لم أجد له ترجمة، ويبدو أنه من رجالات الشيعة.
(6)
هو زياد بن المنذر، رافضي كذاب، سبق قبل قليل.
(7)
لم أجد فيه كلاماً، سوى أن ابن حبان أورده في «الثقات» (9/ 270).
(8)
ثقة. «تاريخ الإسلام» (6/ 457).
(9)
لم أجده. وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (10/ 654): (ولعل آفة هذه الطريق: المثنى هذا؛ فإني لم أجد له ترجمة).
إسحاق السبيعي، عن عاصم بن ضمرة
(1)
وهبيرة
(2)
، وعن العلاء بن صالح، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبداللَّه الأسدي
(3)
، عن أبي الطفيل عامر.
ــ عند ابن المغازلي، وابن عساكر زيادات كثيرة جداً، علامات الوضع عليها ظاهرة.
أقوال العلماء:
1.
قال العقيلي بعد الحديث: (1/ 231): (فيه رجلان مجهولان: أحدهما: رجل لين لم يسمه زافر، والآخر: الحارث بن محمد)
ثم قال بعد طريق محمد بن حميد، عن زافر: (وهذا عمل محمد بن حميد، أسقط الرجل وأراد أن يجوِّد بها الحديث، والصواب ما قاله يحيى بن المغيرة، ويحيى بن المغيرة ثقة.
وهذا الحديث لا أصل له عن علي).
أورد الذهبي في «تلخيص الموضوعات» (ص 126) كلام العقيلي على
(1)
صدوق. «تقريب التهذيب» (ص 321).
(2)
ابن يَرِيم الشِّبَامي، لا بأس به، وقد عِيب بالتشيع. «تقريب التهذيب» (ص 600).
(3)
ضعيف. «تقريب التهذيب» (ص 326).
الرجل الذي أُسقط، ثم قال: فلعله واضعه.
وقال في «الميزان» (1/ 405) معلقاً على قول العقيلي: أراد أن يجوِّد بها الحديث. قال الذهبي: (فأفسده، وهو خبر منكر). وقال أيضاً: (وهذا غير صحيح، وحاشا أميرالمؤمنين من قول هذا).
2.
قال ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (42/ 436) بعد الحديث، وبعد نقله كلام العقيلي: (وفي هذا الحديث ما يدل على أنه موضوع، وهو قوله:«وصلَّى القِبلتين» وكل أصحاب الشورى قد صلَّى القبلتين.
وقوله: «أفيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة» وقد كان لعثمان مثل ما له من هذه الفضيلة وزيادة).
3.
قال ابن الجوزي في «الموضوعات» (2/ 157): (هذا حديث موضوع لا أصل. وزافر مطعون فيه. قال ابن حبان: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وكأن أحاديثه مقلوبة، ثم قد رواه عن رجل لم يسمعه ولعله الذي وضعه .... ثم ذكر كلام العقيلي.
4.
قال الذهبي في «تلخيص الموضوعات» (ص 126) عن الحديث:
…
(في كلام طويل ركيك لم يصح).
5.
قال ابن حجر في «لسان الميزان» (2/ 526): (ولعل الآفة في هذا الحديث من زافر). علَّق الألباني عليه في «السلسلة الضعيفة» (10/ 654) بقوله: (قلتُ: وسواء كانت الآفة منه أو ممن فوقه؛ فلا شك في أنَّ الحديث
موضوع لا أصل له؛ كما صرح بذلك العقيلي، وأشار إلى ذلك الذهبي بتبرئته علياً رضي الله عنه من قوله).
6.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رده على احتجاج الرافضي بهذا الحديث:
(والجواب: أما قوله عن عامر بن واثلة وما ذكره يوم الشورى، فهذا كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث، ولم يقُل علي رضي الله عنه يوم الشورى شيئاً من هذا ولا ما يشابهه، بل قال له عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه: لئن أمَّرتُكَ لتَعْدِلَنْ؟ قال: نعم. قال: وإنْ بايعَتُ عثمان لتسْمَعَنَّ وتُطِيْعَنَّ؟ قال: نعم. وكذلك قال لعثمان.
ومكث عبد الرحمن ثلاثة أيام يشاور المسلمين.
ففي الصحيحين ــ وهذا لفظ البخاري
(1)
ــ عن عمرو بن ميمون في مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبدالرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم. قال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي. وقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان. وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبدالرحمن. فقال عبدالرحمن: أيكم تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه واللَّه عليه والإسلام. لينظرن أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشيخان. فقال
…
(1)
«صحيح البخاري» رقم (1392)، و (3700). ولم أجده في «صحيح مسلم» .
عبدالرحمن: أتجعلونه إليَّ واللَّهِ عليَّ أن لا آلو عن أفضلكم. قالا: نعم، فأخذ بيد أحدهما، فقال: لك قرابة من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت، فاللَّه عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عليك لتسمعن ولتطيعن. ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان.
وفي حديث المسور بن مخرمة قال المسور: إن الرهط الذين ولاهم عمر اجتمعوا فتشاوروا. قال لهم عبدالرحمن: لست بالذي أتكلم في هذا الأمر ولكنكم إن شئتم اخترت لكم منكم فجعلوا ذلك إلى عبدالرحمن، فلما ولوا عبدالرحمن أمرهم مال الناس على عبدالرحمن حتى ما أرى أحداً من الناس يتبع ذلك الرهط ولا يطأ عقبه، ومال الناس على عبدالرحمن يشاورونه تلك الليالي، حتى إذا كانت الليلة التي أصبحنا منها فبايعنا عثمان.
قال المسور: طرقني عبدالرحمن بعد هجع من الليل، فضرب الباب حتى استيقظت، فقال: أراك نائماً؛ فواللَّه ما اكتحلت هذه الليلة بكبير نوم، انطلق فادع الزبير وسعدا، فدعوتهما له، فشاورهما، ثم دعاني، فقال: ادع لي علياً، فدعوته، فناجاه حتى إبهار الليل، ثم قام عليٌّ من عنده وهو على طمع، وقد كان عبدالرحمن يخشى من علي شيئاً.
ثم قال: ادع لي عثمان، فدعوته فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح؛ فلما صلى الناس الصبح، واجتمع أولئك الرهط عند المنبر أرسل إلي من كان
حاضراً من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد، وكانوا وافوا تلك الحجَّة مع عُمر، فلما اجتمعوا تشهَّد عبدالرحمن، ثم قال: أما بعد، يا علي إني قد نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلنَّ على نفسك سبيلاً. فقال: أبايعك على سنة اللَّه ورسوله والخليفتين من بعده، فبايعه
…
عبد الرحمن، وبايعه الناس والمهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون. هذا لفظ البخاري.
وفي هذا الحديث الذي ذكره هذا الرافضي أنواع من الأكاذيب التي نزَّهَ اللَّهُ عليَّاً عنها، مثل: احتجاجه بأخيه وعمِّه وزوجته، وعليٌّ رضي الله عنه أفضل من هؤلاء، وهو يعلم أنَّ أكرمَ الخلق عند اللَّه أتقاهم. ولو قال العباس: هل فيكم مثل أخي حمزة ومثل أولاد إخوتي محمد وعلي وجعفر؟ لكانت هذه الحجة من جنس تلك، بل احتجاج الإنسان ببني إخوته أعظم من احتجاجه بعمه.
ولو قال عثمان هل فيكم من تزوج بِنْتَيْ نَبِيٍّ؟ لكان من جنس قول القائل: هل فيكم من زوجته كزوجتي؟ وكانت فاطمة قد ماتت قبل الشورى كما ماتت زوجتا عثمان، فإنها ماتت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ستة أشهر.
وكذلك قوله: هل فيكم من له ولد كوَلَدِي؟
وفيه أكاذيب متعددة، مثل قوله:«ما سألتُ اللَّهَ شيئاً إلا وسألتُ لك مثله» .
وكذلك قوله: «لا يُؤدِّي عنِّي إلا علي» من الكذب.
وقال الخطابي في كتاب «شعار الدين»
(1)
:
وقوله: «لا يؤدِّي عنِّي إلا رجلٌ من أهل بيتي» . هو شيءٌ جاء به أهل الكوفة عن زيد بن يثيع، وهو متَّهم في الرواية، منسوبٌ إلى الرفض.
وعامَّة من بلَّغ عنه غيرُ أهلِ بيته، فقد بعثَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أسعدَ بن زُرَارة إلى المدينة يدعو الناس إلى الإسلام، ويُعلِّمُ الأنصارَ القرآن، ويُفقِّهُهم في الدِّين.
وبعثَ العلاءَ بنَ الحضرمي إلى البحرين في مثل ذلك، وبعثَ معاذاً
(1)
الكتاب لم يطبع، وقد أشار محقق «منهاج السنة» إلى أنه مفقود.
ولم يُعلم له ـ الآن ـ نسخة خطية. وقد نقل منه شيخ الإسلام ابن تيمية في عدد من كتبه، منها:«درء تعارض العقل والنقل» (7/ 294 و 316) وسمَّاه: «شعار الدين وبراهين المسلمين» ، ونقل منه أيضاً في «بيان تلبيس الجهمية» ـ ط. المجمع ـ (1/ 172، 501)
…
و (2/ 141)، (3/ 388)، (4/ 283، 491) وذكر أنه في أصول الدين،
…
(6/ 223)، و «مجموع الفتاوى» (3/ 262)، وابن القيم كما في «مختصر الصواعق»
…
(1/ 373، 377).
وانظر: «الإمام الخطابي وآثاره الحديثية» أ. د. أحمد الباتلي (1/ 213 ـ 214)، و «الإمام الخطابي ومنهجه في العقيدة» لأبي عبدالرحمن الحسن العلوي ــ ط. الوطن ـ (ص 47).
وأبا موسى إلى اليمن، وبعثَ عتَّابَ بنَ أُسَيد إلى مكة.
فأين قول من زعم أنه لا يُبَلِّغُ عنه إلا رجلٌ من أهل بيته؟ ! ). انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
(1)
هذا، وقد ورد حديث آخر فيه افتخاره بزوجه:
أخرج: الحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 43) رقم (14)، وابن المغازلي في «مناقب علي» (ص 168) رقم (154) من طريق أبي عمر محمد بن عبدالواحد الزاهد اللغوي ـ صاحب ثعلب ـ، قال: حدثنا محمد بن عثمان العبسي، قال: حدثنا عَبَادَة بن زياد الأسدي
(2)
، قال: حدثنا يحيى بن العلاء الرازي
(3)
، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نظَرَ عليٌّ في وُجُوهِ الناس، فقال: «إني لأخو رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ووزيرُه، ولقد علمتم أني أوَّلكم إيماناً باللَّهِ ورسولِه، وأبو ولَدِيه، وزوجُ ابنتِه سيِّدة
(1)
«منهاج السنة النبوية» (5/ 59). وله رحمه الله كلام آخر جميل في «منهاج السنة النبوية» (8/ 244) في دفع استدلال مَن يستدل مِن الرافضة بتفضيل عليِّ بنِ أبي طالب عَلَى أبي بكر وعمر وعثمان؛ لأنه زوَّجَه فاطمة رضي الله عنهم. فليُراجع.
(2)
ويقال: عبَّاد، وهو الساجي، صدوق رمي بالقدر وبالتشيع. «تقريب التهذيب»
…
(ص 325).
(3)
وضَّاع. ينظر: «ميزان الاعتدال» (5/ 134)، وفي «التقريب» (ص 626).
ولده، وسيدة نساء العالمين، وسيدة نساء أهل الجنة».
وهو حديث موضوع، آفته يحيى بن العلاء، وهو وضاع.
قال ابن المغازلي عقبه: (قال أبو الحسن علي بن عمر بن مهدي الدارقطني الحافظ: هذا حديث غريب من حديث جعفر بن محمد عن أبيه، تفرَّد به يحيى بن العلاء الرازي، ولم يروه غير عبادة بن زياد).
حديث آخر فيه مفاخرة علي بن أبي طالب بزوجه فاطمة رضي الله عنهما:
قال أبو بكر محمد بن الحسن بن دُريد الأزدي (ت 321 هـ)
(1)
رحمه الله في «المجتنى» (ص 71) رقم (102)، ومن طريقه: [ابن عساكر في «تاريخ
(1)
من أئمة اللغة، له كتاب «الجمهرة» ، و «الاشتقاق» ، وغيرهما.
قدح الأزهريُّ في عدالته، ولم يوثقه في اللغة. وقال الدارقطني: تكلموا فيه. وضعَّفَه مَسلمة بن القاسم.
قال الخطيب: (كان رأس أهل العلم، والمقدم في حفظ اللغة والأنساب وأشعار العرب، وله شعر كثير).
قال ابن حجر: (وكان شاعراً مجيداً نحوياً مطلعاً، يُضرَبُ بحفظه المثَل، وكان يُقال: هو أشعر العلماء وأعلم الشعراء). (ت 321 هـ) رحمه الله.
ينظر: «تهذيب اللغة» للأزهري (1/ 27)، «تاريخ بغداد» (2/ 594)، «معجم الأدباء» (6/ 2489)، «إنباه الرواة» للقفطي (3/ 92)، «وفيات الأعيان»
…
(4/ 323)، «سير أعلام النبلاء» (15/ 96)، «لسان الميزان» (7/ 79).
دمشق» (42/ 520 ـ 521)]: أُخْبِرْنَا عن دَمَاذَ
(1)
، عن أبي عُبَيْدة
(2)
،
قال:
(1)
دَمَاذ، هو أبو غسان رُفَيع بن سلمة بن مسلم بن رفيع العبدي اللبابي.
دماذ لقب، ومعناه الفسيلة. كان كاتباً لأبي عُبيدة معمر بن المثنى وصاحبَه المختص به.
قال الزبيدي الأندلسي: (وكان أوثق الناس عن أبي عبيدة في الأخبار).
قال ياقوت: (وكان شاعرا هجَّاءً خبيثَ اللسان، فلمَّا أسنَّ، أنكر ما هجا به الناس).
ينظر: «طبقات النحويين واللغويين» للزبيدي (ص 181)، «معجم الأدباء» لياقوت
…
(3/ 1307)، «إنباه الرواة على أنباه النحاة» للقفطي (2/ 5) رقم (249)، «بغية الوعاة» للسيوطي (1/ 568).
(2)
أبو عبيدة مَعمر بن المثنى التيمي البصري النحوي. صدوق، أخباري، لغوي، رُمي برأي الخوارج، وكان شعوبياً مبغضاً للعرب.
قال عنه ابن معين: ليس به بأس. قال عنه ابن حبان: الغالب عليه معرفة الأدب والشعر.
وقال الدارقطني: لا بأس به، إلا أنه يُتهم بشئ من رأي الخوارج، ويُتهم أيضاً بالأحداث.
وقال أبو منصور الأزهري (ت 370 هـ) في «تهذيب اللغة» : (وله كتُب كثيرة في أيام العرب ووقائعها، وكان الغالبُ عليه الشعرَ، والغريبَ، وأخبارَ العرب، وكان مخلاً بالنحو، كثيرَ الخطأ، وكان مع ذلك مُغْرَى بنشرِ مثالبِ العرب، جامعاً لكل غثِّ وسَمين، وهُو مَذموم من هذه الجهة، ومَوثوقٌ به فيما يروي عن العرب من الغريب).
وقال ابن قتيبة: (كان الغريب وأخبار العرب وأيامها أغلب عليه، وكان مع معرفته ربما لم يقم البيت إذا أنشده حتى يكسره. وكان يخطئ إذا قرأ القرآن نظرا، وكان يبغض العرب. وألَّفَ في مثالبِها كتباً. وكان يرى رأي الخوارج).
وثقه الذهبي في «الكاشف» . ووصفه في «السير» بِـ: (الإمام، العلامة، البحر .... ، النحوي، صاحب التصانيف)، وقال في آخرها:(قد كان هذا المرء من بحور العلم، ومع ذلك فلم يكن بالماهر بكتاب اللَّه، ولا العارف بسنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولا البصير بالفقه واختلاف أئمة الاجتهاد، بلى، وكان معافى من معرفة حكمة الأوائل، والمنطق، وأقسام الفلسفة، وله نظر في المعقول، ولم يقع لنَا شَيءٌ من عوالي روايته).
قال الذهبي في «السير» : ولم يكن صاحب حديث، وإنما أوردته لتوسعه في علم اللسان، وأيام الناس.
قال ابن حجر في «التقريب» : صدوق أخباري، وقد رُمي برأي الخوارج.
(ت 210 هـ) رحمه الله.
تنظر ترجمته في: «تهذيب اللغة» للأزهري (1/ 13)، «الثقات» لابن حبان (9/ 196)، «تاريخ بغداد» (15/ 338)، «تهذيب الكمال» (28/ 316)، «سير أعلام النبلاء»
…
(9/ 445)، «الكاشف» (4/ 322)، «إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (11/ 303)
…
ـ مهم ـ، «تقريب التهذيب» (ص 571).
كتب معاويةُ إلى علي بن أبي طالب: يا أبا الحسن، إنَّ ليَ فضائلَ كثيرةً، وكانَ أبي سيِّداً في الجاهلية، وصِرْتُ مَلِكَاً في الإسلام، وأنا صِهْرُ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وخالُ المؤمنين، وكاتِبُ الوحي.
فقال عليٌّ رضي الله عنه: أَبِالْفَضَائلِ يَفْخَرُ عَليَّ ابنُ آكلةِ الأكباد؟ ! ثمَّ قال: اكْتُبْ يا غلام:
محمَّدٌ النبيُّ أخي وصِهْرِي
…
وحمزةُ سيِّدُ الشهداءِ عَمِّي
وجعفرٌ الذي يُمْسِي ويُضْحِي
…
يَطيرُ مع الملائكةِ ابنُ أُمِّي
وبنتُ محمَّدٍ سَكَنِي وعِرْسِي
…
مَسُوطٌ لحمُهَا بدَمِي ولَحْمِي
وسِبْطَا أحمَدٍ ولَدَاي منها
…
فأيُّكُمْ لَه سَهْمٌ كَسَهْمِي
سَبقْتُكُم إلى الإسلام طُرَّاً
…
صَغِيراً مَا بَلغْتُ أوَانَ حِلْمِي
فقال معاوية: أَخْفُوا هذا الكتاب، لا يَقرَؤهُ أهلُ الشام؛ فيَمِيْلُونَ إلى ابنِ أبي طالب».
قال ابن كثير في «البداية والنهاية» (11/ 117): (وهذا منقطع بين أبي عبيدة وزمان علي ومعاوية).
قلت: ومنقطع ــ أيضاً ــ بين ابن دريد وابن دماذ، فإنه قال: أُخبرنا عن ابن دماذ. وهو مسلسل بأهل اللغة والأدب، وفي متنه نكارة ـ كما سيأتي بيانها ـ فالأثر ضعيف جداً سنداً ومتناً.
قال السفاريني عقبه: (قال الحافظ أبو حَسن البيهقي
(1)
:
إن هذا الشعر
(1)
كذا قال في السفاريني (ت 1188 هـ) في «لوائح الأنوار السنية ولواقح الأفكار السنية شرح قصيدة ابن أبي داود الحائية في عقيدة أهل الآثار السلفية» (2/ 33).
وقال في «لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار البهية لشرح الدرة المضية في عَقْد الفرقة المرضيَّة» (3/ 490): (قال الإمام الحافظ البيهقي). فأوهم أنه الإمام الحافظ المحدث أبو بكر صاحب «السنن» وغيره. ولعل الوهم من أحد النساخ فذكر كلمة: الإمام الحافظ.
وأبو حسن هذا، ليس هو الإمام المحدث الحافظ أبو بكر البيهقي، بل هو: محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي، أبو الحسن النيسابوري الكيدري، من كتبه:«أنوار العقول من أشعار وصي الرسول» ـ مطبوع 1419 هـ ـ، و «الحديقة الأنيقة الأنس» ، كان حيَّاً سنة (576 هـ). ينظر:«معجم المؤلفين» لكحالة (3/ 248).
ولا يظهر أن أبا حسن حافظ محدث، بل يبدو أنه من الشيعة.
مما يجب على كل مُتوانٍ في علي رضي الله عنه حفظه؛ لِيَعْلَمَ مفاخرَهُ في الإسلام). انتهى.
وقد أوردها بلا إسناد: البلاذري في «أنساب الأشراف» (5/ 111) رقم (331) وفيه زيادة في قول معاوية: وولَّاني عمر في الإسلام.
وفيه: فلما قرأ عليٌّ كتابَه قال:
…
وقال معاوية: ياغلام، مزِّق الكتابَ ..
قال البلاذري عقبه: (قالوا: وانتحل السيد الحميري هذه الأبيات، فأدخلها في شعره).
وذكرها سعد اللَّه بن نصر الحنبلي المعروف بابن الدجاجي
…
(ت 564 هـ) في كتابه «سفط الملح وزوح الترح» (ص 140) قال: يُروى عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج يوماً على أصحابه، وقد أعلنوا بمفاخرهم في الجاهلية، فقال لعلي عليه السلام:«قم فاذكُرْ مفاخرك في الإسلام» .
قال، فقال شعراً:
محمَّدٌ النبيُّ أخي وصِهْرِي
…
وحمزةُ سيِّدُ الشهداءِ عَمِّي
إلى آخر الأبيات.
(1)
ولها إسناد آخر:
قال ابن المغازلي
(2)
في «مناقب علي» (ص 469) رقم (458): أخبرنا
(1)
ذكرها عدد من العلماء والأدباء ــ دون تحقيق في صحتها أو نقدها ــ:
ابن داوود الأصبهاني البغدادي (ت 297) في «الزهرة» (2/ 648)، والجريري
…
(ت 390 هـ) في «الجليس الصالح الكافي» (3/ 305) ـ البيت الأول فقط ـ، والبلوي (ت 604 هـ) في «ألف باء للألباء» (1/ 439)، والجرَّاوي التادلي (ت 609 هـ) في
…
«الحماسة المغربية» (1/ 567)، وياقوت في «معجم الأدباء» (4/ 1812)، وعن ياقوت:[الصفدي في «الوافي بالوفيات» (21/ 184)]، ومغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال»
…
(9/ 346)، والصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (11/ 301)، والعصامي في «سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي» للعصامي (3/ 78)، وأبو مدين الفاسي
…
(ت 1132 هـ) في «مستعذب الإخبار بأطيب الأخبار» (ص 325)، والسفاريني
…
(ت 1188 هـ) في كتابَيه «لوائح الأنوار السنية» (2/ 33)، وفي «لوامع الأنوار البهية»
…
(3/ 490). وذكر الزبيدي (ت 1205 هـ) في «تاج العروس» (26/ 455) أنه تواتر عن علي، ذكر الزبيدي في معرض الرد على بعض أئمة اللغة الذين قالوا بأن لم يثبت عن علي من الشعر إلا بيتين اثنين.
قلت: ودعوى التواتر فيها نظر.
زاد: ابن داوود، والتادلي، والصالحي، وأبو مدين بيتاً في آخرها:
وأوجب بالولاية لي عليكم
…
رسولُ اللَّه يوم غدير خُم
(2)
ضعيف، ستأتي ترجمته في الباب الثالث:«مسند فاطمة» ، حديث رقم (9).
أحمد بن محمد بن طاوان إذناً
(1)
، قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن الحسين
(2)
، قال: أنشدني أبو محمد لؤلؤ بن عبد اللَّه
(3)
، قال: قرأتُ على أبي عمر الزاهد
(4)
، لأمير المؤمنين عليه السلام لله در القائل:
محمَّدٌ النبيُّ أخي وصِهْرِي
…
وحمزةُ سيِّدُ الشهداءِ عَمِّي
فذكرها، وزاد بيتين:
وأوجب بالولاية لي عليكم
…
رسولُ اللَّه يومَ غدِير خُمْ
فويلٌ ثمَّ ويلٌ ثمَّ وَيلٌ
…
لمن يَلقى الإلهَ غداً بظلمي
وهذا منقطع، فأبو عمر الزاهد من طبقة الحاكم (أول القرن 5 هـ)، مع ضعف بعض رجاله، وجهالة آخرين، ولاشك أن الزيادة من رافضي.
(1)
أبو بكر السمسار، يُعرف بِـ «شرارة» ، ضعيف، أكثر عنه ابن المغازلي في «المناقب». انظر ترجمته في:«سؤالات السلفي لخميس الحوزي» (ص 105) رقم (90).
وذكر اسمَه ولم يتكلم عنه: الذهبي في «تاريخ الإسلام» (9/ 704).
(2)
لم أستطع معرفته.
(3)
الرومي الخصي، روى عنه الحاكم في المستدرك. صدوق.
انظر: «تاريخ بغداد» (14/ 546)، «الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم» للمنصوري (2/ 791) رقم (689).
(4)
لم أستطع معرفته.
ومنها: ما أخرجه الزبير بن بكار ــ فيما ذكره ابن كثير «البداية والنهاية» (11/ 117 ـ 118)
(1)
ــ ومن طريق الزبير بن بكار: [ابن عساكر في
…
«تاريخ دمشق» (42/ 521)].
وأخرجه: أبو نعيم الأصبهاني في «تاريخ أصبهان» ـ (2/ 98)، ومن طريقه:[ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (42/ 521)]، وأبو عبداللَّه ابن الحطاب الرازي (ت 525 هـ) في «أحاديثه» ــ مخطوط في «المكتبة الشاملة التقنية» ــ رقم (1) من طريق عبداللَّه بن محمد البلوي
(2)
، عن عمارة بن زيد.
كلاهما: (الزبير بن بكار
(3)
، وعمارة بن زيد
(4)
) عن بكر بن حارثة
(5)
، عن الزهري، عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك
(6)
، عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري رضي الله عنه قال: «سمعت علياً يَنشُدُ ورسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم
(1)
قال ابن كثير: قال الزبير بن بكار، وغيرُه: ثم ساق السند.
(2)
وضَّاع. «لسان الميزان» (4/ 563).
(3)
القرشي الزبيري، ثقة. «سير أعلام النبلاء» (12/ 311)، «تقريب التهذيب»
…
(ص 249).
(4)
وضَّاع. «لسان الميزان» (6/ 57)، «ذيل اللآلئ المصنوعة» للسيوطي (1/ 351) ضمن حديث (413).
(5)
لم أجد له ترجمة، ووجدت له رواية عن ابن إسحاق.
(6)
تابعي ثقة، «تقريب التهذيب» (ص 381).
يسمَع:
أنا أخو المصطفى لا شك في نسبي
…
معه رُبِيتُ وسِبطاهُ هما وَلَدِي
جَدِّي وجدُّ رسول اللَّه منفرد
…
وفاطمُ زوجتي لا قول ذي فند
صدقته وجميع الناس في نَهض
(1)
…
من الضلالة والشراك والنكد
فالحمد لله شكراً لا شريك له
…
البر بالعبد والباقي بلا أمد
قال: فتبسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقال:«صَدَقَتَ يَا عليٌّ» .
فهذا الحديث موضوع، فيه اثنان وَضَّاعَان، وفيه بكر بن حارثة، مجهول، تفرَّد به عن أصحاب الإمام الزهري رحمه الله، وفي الشعر ركاكة، كما قال ابن كثير في «البداية والنهاية» (11/ 117 ـ 118) عقب إيراده:
…
(الإسناد مُنكر، والشعر فيه ركاكة، وبَكرٌ هذا لا يُقبل منه تفرُّده بهذا السند والمتن، واللَّه أعلم).
هذه المفاخرات لا يمكن أن تصدر من علي رضي الله عنه وقد سبق نقدُ ابن تيمية لمثل هذه.
وقال الشيخ: سليمان بن سحمان (ت 1349 هـ) رحمه الله ضمن ردوده
…
ـ عن المفاخرة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما ـ: (فهذه المفاخرة التي ذكرها الشارح لم يذكرها عن علي رضي الله عنه بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف، ولا
(1)
في مطبوعة «تاريح دمشق» ، و «جزء الرازي» ، و «البداية والنهاية»: بُهمٍ .... والإشراك.
عزاها إلى شيء من الكتب المعتمدة، ولا ذكرها عن أحدٍ من أئمة أهل الحديث، ولا غيرهم؛ فالأشبه بها أن تكون من أوضاع الرافضة.
والصحابة رضي الله عنهم لم يكن من هديهم وأخلاقهم التفاخر بينهم بالأحساب والأنساب، بل كان السلف ـ رضوان اللَّه عليهم ـ ينهون عن الفخر والخيلاء والاستطالة على الخلق بحقٍّ أو بغير حقِّ، كما هو مذكور في عقائد أهل السنة والجماعة.
وعلي رضي الله عنه أخشَى للهِ عز وجل وأتقى له من أن يفتخر بهذه المفاخرة على أحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم على ما ذكرَه الرافضي أنه افتخر بذلك على أهل الشورى، أو على معاوية لما بلغته مفاخرته كما ذكره السفاريني
…
وذكر ابن سحمان بعض النصوص الشرعية في أن التفاضل بالتقوى، والنهي عن الفخر بالأحساب، وذكر أن فضائل ومناقب علي مشهورة مذكورة لا تخفى على أهل العلم، قال: فالعدول عنها إلى هذه المفاخرة التي لم تُذكر في شيء من الكتب المعتمدة من الغفلة التي لا ينبغي لمن نصَحَ نفسَه وأراد نجاتها أن تُنسب إليه ويُذكر بها
…
ثم نقل كلام ابن تيمية رحمه الله من
…
«منهاج السنة» ـ وهو السابق ذكرُه في آخر تخريج الحديث ـ.
(1)