المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أوصت أن تدفن ليلا - فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - - جـ ٣

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌ أفرد عددٌ من المحدِّثين والمؤرِّخين باباً خاصاً في تزويج فاطمة

- ‌ صفة علي رضي الله عنه الخَلْقِيَّة:

- ‌المبحث الثاني:مهرها رضي الله عنها

- ‌لابن تيمية رحمه الله فتوى طويلة محررة عن الصداق

- ‌المبحث الثالث:تجهيزها رضي الله عنها

- ‌المبحث الرابع:البناء بها رضي الله عنها

- ‌ لباسها حين البناء بها

- ‌وقت البناء:

- ‌البيت الذي ابتنى به عليُّ فاطمة رضي الله عنهما

- ‌المبحث الخامس:وليمة عرسها رضي الله عنها

- ‌الفصل الثالث: حالها مع زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه وفيه خمسة مباحث:

- ‌المبحث الأول:غبطة(1)الصحابة علي بن أبي طالب؛ لزواجه بفاطمة رضي الله عنهم

- ‌المبحث الثاني:افتخاره بها رضي الله عنهما

- ‌ لم يثبت شئٌ في أنَّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه فاخَر بزوجه

- ‌المبحث الثالث:أنها أحد ركنيه رضي الله عنهما

- ‌المبحث الرابع:وقوع المغاضبة بينها وبين زوجها أحيانا رضي الله عنهما

- ‌المبحث الخامس:خدمتها لزوجها، وصبرها على ضيق العيش رضي الله عنهما

- ‌عملُ علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند اليهودي

- ‌ لماذا لم يُعطِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ابنتَه فاطمةَ خادِماً

- ‌الفصل الرابع: حالها مع ابنيها: الحسن والحسين رضي الله عنهم وفيه أربعة مباحث:

- ‌المبحث الأول:ولادتهما رضي الله عنهم

- ‌فائدة: الولادة بلا دم، والحيض بدم يسير جداً دون اليوم والليلة

- ‌قبل الولادة:

- ‌تاريخ الولادة:

- ‌ جعلت الرافضة لِـ السِّقْطِ: «محسِّن» شهادات! وأحاديث وعبر! ، وهو آية من آيات اللَّه…إلخ

- ‌أثناء الولادة:

- ‌ مكان الولادة

- ‌بعد الولادة:

- ‌المبحث الثاني:العقيقة والصدقة عنهما رضي الله عنهم

- ‌المبحث الثالث:ملاطفتها لهما رضي الله عنهم

- ‌المبحث الرابع:طلبها من أبيها صلى الله عليه وسلم أن يورثهما

- ‌لم يصح في المبحث حديث

- ‌الفصل الخامس: وفاتها رضي الله عنها وفيه ثلاثة مباحث:

- ‌المبحث الأول:وقت وفاتها رضي الله عنها

- ‌المبحث الثاني:وصيتها رضي الله عنها

- ‌يُلحظ أنَّ لأسماءَ بنتِ عُميس مع فاطمة رضي الله عنهما وروداً في موضِعَين مُشكَلَين:

- ‌المبحث الثالث:الصلاة عليها ودفنها رضي الله عنها

- ‌لا يصح في الباب أثر أنَّ أبا بكر صلَّى على فاطمة رضي الله عنهما

- ‌أولاً: قبل وفاتها1.الإخبار بأنها أول أهله لحوقاً:

- ‌ مُدَّةُ مَرَضِهَا، ومَن مَرَّضَهَا:

- ‌ نوع مرضها:

- ‌ وصيَّتُهَا، ومَن غَسَّلهَا

- ‌ أوصَتْ أن تُدفن ليلاً

- ‌ثانيا: وفاتها

- ‌ عمرها عند وفاتها

- ‌ثالثاً: بعد وفاتها وتغسيلها

- ‌ مَن صلَّى عليها

- ‌ أول من غُطِّي نعشُها

- ‌ دُفنت ليلاً

- ‌ مَنْ نزَلَ قبرَها

- ‌ مكان قبرها

- ‌لا دليل على تخصيص صيغة معينة للسلام على فاطمة

- ‌نحنُ مُتعبَّدُون بطاعة اللَّهِ ورسولِه صلى الله عليه وسلم بفَهمِ سلف هذه الأمة في القرون المفضلة

- ‌الكتابة على قبر فاطمة رضي الله عنها

- ‌ لا يدخل شيعي قبة أهل البيت بالبقيع إلا إذا دفع خمسة قروش

- ‌ مكحلة فاطمة، ورحى فاطمة

- ‌«بستان فاطمة»

- ‌والراجح ـ واللَّه أعلم ـ أنه لا يمكن لأحدٍ ـ الآن ـ أن يَعرِف قبراً معيناً من قبور آل البيت والصحابة والتابعين، لأنه لم يكن السلف الصالح يعتنون بها ويشيدون المعالم عليها

- ‌تعليق ختامي مهم حول القباب التي أُحدثت على قبور…آل البيت وغيرهم، ومن ذلك قبر فاطمة رضي الله عنها

- ‌قال الإمام الشافعي (ت 204 هـ) رحمه الله: (ولَمْ أرَ قبورَ المهاجرين والأنصار مجصَّصَة

- ‌هدم القباب المحدثة على القبور في بقيع الغرقد وغيره

- ‌ هُدمت القباب في البقيع مرتين في عهد الدولة السعودية الأولى والثالثة

- ‌ هدم القباب في مكة

- ‌صور القباب في البقيع

الفصل: ‌ أوصت أن تدفن ليلا

3.

أوصَتْ زوجَهَا علياً أن يتزوج بعدها ابنةَ أختها زينب: أمامة بنت أبي العاص رضي الله عنها.

قاله: مصعب الزبيري

(1)

، والزبير بن بكار.

(2)

وقال أبو نعيم الأصبهاني: (أمامة بنت أبي العاص بن الربيع، أمُّها زينبُ بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، تزوَّج بها عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه بعد موت فاطمة رضي الله عنها، عن وصية فاطمة له بها.

ذكره حجاج بن محمد، عن عبد اللَّه بن جعفر المخرمي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه).

(3)

4.

‌ أوصَتْ أن تُدفن ليلاً

.

روى عبدالرزاق في «مصنفه» (3/ 521) رقم (6554) و (6555) عن ابن جريج، وعمرو بن دينار، أنَّ حسن بن محمد، أخبره: «أنَّ فاطمَةَ بنتَ

(1)

«جامع الآثار» لابن ناصر الدين الدمشقي (3/ 513).

(2)

«المعجم الكبير» للطبراني (22/ 443) رقم (1018).

(3)

«معرفة الصحابة» (6/ 3268)، وذكر أنها عن وصية: ابنُ الأثير في «أسد الغابة»

(6/ 22)، والنووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (2/ 331)، والسخاوي في

«استجلاب ارتقاء الغُرف» للسخاوي (1/ 262).

وانظر في زواج أمامة رضي الله عنها: «الاستيعاب» (4/ 1789)، «تاريخ دمشق» (67/ 7)، «الإصابة» (8/ 24).

ص: 484

النبي صلى الله عليه وسلم دُفِنَتْ بالليل، قال: فَرَّ بها عليٌّ مِن أبي بكر أنْ يُصَلِّيَ عَلَيها، كان بينهما شَيءٌ.

وروى عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن حسن بن محمد مثلَه، إلا أنه قال: أوصته بذلك.

قلت: الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب أبوه محمد ابن الحنفية. ثقة.

(1)

وهو منقطع، حسن بن محمد (ت 95 هـ، وقيل: 99 هـ، وقيل: 100 هـ) لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه.

ولم يروِ أحدٌ هذا الحديثَ غيرُه! !

وذكر ابن عبدالبر أنَّ فاطمة أشارت على زوجها رضي الله عنهما بأن يدفنها ليلاً.

(2)

قال الوزير ابن هبيرة: (دفنَهَا لَيلاً، لَعلَّهُ بوصِيَّةٍ منها؛ إيثَارَاً لِلْخَفْر).

(3)

قال ابن حجر: (وروى ابنُ سعد من عِدَّةِ طُرُقٍ أنها دُفِنَتْ ليلاً، وكان

(1)

«تقريب التهذيب» (ص 201).

(2)

«الاستيعاب» (4/ 1898).

(3)

«الإفصاح» (1/ 74).

ص: 485

ذلك بوصية منها؛ لإرادة الزيادة في التستر).

(1)

قال السمهودي (ت 911 هـ): (لعلها أرادت بذلك المبالغة في التستر).

(2)

هذا بالنسبة للوصية، أما دفنها ليلاً فهو الثابت باتفاق العلماء، لا أعرف في ذلك مخالفاً.

وهو ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها في «الصحيحين» .

(3)

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دُفنت بلَيلٍ بعد هَدأة.

(4)

وروي أيضاً عن: عروة بن الزبير، والزهري، ومحمد بن علي بن الحسين، والحسين بن محمد، ويحيى بن سعيد رحمهم الله.

(5)

(1)

«فتح الباري» (7/ 494) بتصرف يسير. والمروي من طُرق أنها دفنت ليلاً، أما أنها أوصته بذلك فلم يذكر ابن سعد طرقاً لذلك، ولم أقف على شي سوى ما أوردته هنا

ـ واللَّه أعلم ـ.

(2)

«وفاء الوفاء» (3/ 905).

(3)

سبق برقم (71).

(4)

كما في «الطبقات الكبرى» لابن سعد (8/ 30) وفيه الواقدي، وهو متروك.

(5)

كما في «الطبقات الكبرى» لابن سعد (8/ 29 ـ 30)، وانظر:«أنساب الأشراف» للبلاذري (1/ 405).

فائدة: ذكر النووي أن جماهير العلماء من السلف والخلف على عدم كراهة الدفن ليلاً.

«شرح النووي على مسلم» (7/ 11).

وعرض ابن القيم في «تهذيب السنن» ـ ط. عالم الفوائد ـ (2/ 257 ـ 259) مسألة الدفن ليلاً، وأدلة كل قول، ثم قال مرجحاً: (والذي ينبغي أن يقال في ذلك ـ واللَّه أعلم ـ أنه متى كان الدفن ليلاً لايفوت به شئ من حقوق الميت والصلاة عليه؛ فلا بأس به، وعليه تدل أحاديث الجواز.

وإن كان يفوت بذلك حقوقه والصلاة عليه وتمام القيام عليه؛ نُهيَ عن ذلك، وعليه يدلُّ الزجر، وباللَّه التوفيق).

وانظر: «أحكام المقابر» د. عبداللَّه السحيباني (ص 85 ـ 93).

ص: 486

1.

أوصت ألا يُصلِّي عليها أحدٌ من صحابة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبي بكر، وعمر وعثمان، وغيرهم رضي الله عنهم! !

وهذا من المكذوبات القبيحات التي وردت من كلام الرافضي: ابن المطهِّر الحلِّي، قال الرافضي:(فلما حضَرَتْها الوفَاةُ، أوصَتْ عَلِيَّاً أنْ يدفِنَهَا لَيلاً، ولا يدَعْ أحداً منهم يُصَلِّي عَلَيْهَا).

(1)

(1)

«منهاج السنة» لشيخ الإسلام ابن تيمية (4/ 227).

وانظر: «فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد» للرافضي: محمد كاظم القزويني

(ص 505)، «الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء» للرافضي: إسماعيل الزنجاني الخوئيني (15/ 162).

وانظر كتاب: «بين الزهراء والصديق حقيقة وتحقيق» للشيخ: بدر العمراني (ص 81) فقد ذكر الأسانيد المظلمة للرافضة في دعواهم تلك، وبيَّن كَذِبَها.

ص: 487

ردَّ عليه ابن تيمية رحمه الله فقال: (وكذلك ما ذكَره من إيصائها أن تُدفَن ليلاً، ولا يُصَلِّي عليها أحدٌ منهم؛ لا يَحكيه عن فاطمةَ ويحتجُّ بهِ إلا رجُلٌ جَاهِلٌ، يطرُقُ علَى فاطمةَ ما لا يَلِيقُ بها، وهذا لَو صحَّ لكَان بالذنْبِ المغفورِ أولى منه بالسَّعْي المشكُور، فإنَّ صلاةَ المسلِمِ عَلى غيره زيادةُ خَيرٍ تَصِلُ إليه، ولا يَضُرُّ أفضلَ الخَلْقِ أنْ يُصَلِّيَ عليه شرٌّ الخَلْقِ، وهذا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُصلِّي عليه ويُسَلِّمُ عليه الأبرارُ، والفجارُ، بلْ والمنافقون؛ وهذا إنْ لم ينْفَعْهُ لمْ يضُرَّهُ، وهُو يَعْلَمُ أنَّ في أمَّتِهِ مُنَافِقِين، ولمْ يَنْهَ أحداً من أمَّتِهِ عَن الصلاةِ عَليه، بَلْ أمرَ النَّاسَ كلَّهم بالصلاةِ والسَّلامِ عَلَيْهِ، مَعَ أنَّ فيهم المؤمنَ والمنَافِقَ، فكيفَ يُذكَرُ في مَعْرضِ الثَّنَاءِ عليها، والاحتجاج لها، مثلُ هذا الذي لا يحكِيْهِ ولا يحْتَجُّ بِهِ إلَّا مُفْرِطٌ في الجَهْلِ، ولَو وَصَّى مُوْصٍ بأنَّ المسلمينَ لا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ لمْ تُنَفَّذْ وصِيَّتُهُ، فإنَّ صَلاتَهَمْ عَليهِ خَيْرٌ لَهُ بِكلِّ حَالٍ.

ومِنَ المعلومِ أنَّ إنسَاناً لو ظَلمَهُ ظَالِمٌ، فَأَوْصَى بأنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَيْهِ ذلك الظَّالمُ، لمْ يَكُنْ هَذَا من الحسناتِ التي يُحْمَدُ عَليها، ولا هَذا مما أمَرَ اللَّهُ بِهِ ورَسُولُهُ.

فمَن يَقْصِدُ مدْحَ فاطِمَةَ وتعظِيْمَهَا، كَيفَ يَذْكُرُ مثلَ هَذا الذي لا مَدْحَ فِيْهِ، بَلْ المدْحُ فِي خِلَافِهِ، كمَا دلَّ عَلَى ذلك الكتابُ والسُّنَّةُ والإجماع؟ ! ).

(1)

(1)

«منهاج السنة» لابن تيمية (4/ 247 ـ 248).

ص: 488

2.

خطبة لها طويلة، قُبيل وفاتها على أنها وصيتُها، وليس فيها وصية! !

تناقلها الرافضة في كتبهم، وتداولها بعضُ أهلِ الأدب، والعجبُ أن الحاكم أخرجها! ! متوثقاً مِن نقلها، ولم يُنبِّه عليها، وذكر أنها وصية فاطمة! !

مع أنَّ فيها تنقصَ الصحابة، وأنهم غصبوا الخلافة، و

أخرج: الحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 74) رقم (82) قال: قرأتُ بخطِّ الشيخ أبي بكر محمد بن داوود في تصنيفه «المناقب» : ذِكرُ وصيَّةِ فاطمة بنت رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - عند وفاتها: أنبأني الشيخ الزاهد أبو بكر محمد بن داوود بن سليمان

(1)

ــ وكتبتُه من كتابه بخطِّ يده ـ

قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن حُميد بن الربيع الخزاز الكوفي

(2)

، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي

(3)

، قال: حدثنا محمد بن عبدالرحمن المهلبي

(4)

،

(1)

الصوفي النيسابوري، ثقة. (ت 342 هـ). «تاريخ بغداد» (3/ 171)، «سيرأعلام النبلاء» (15/ 420)

(2)

مختلف فيه، وقد وثِّق. «تاريخ بغداد» (3/ 26)، «تاريخ الإسلام» (7/ 346)، «لسان الميزان» (7/ 107).

(3)

رمي بالوضع، وهو آفة هذا الحديث. سبقت ترجمته في الحديث رقم (3).

(4)

لم أجد له ترجمة، وهو من شيوخ الغلابي، وهو من الأدباء يروي عنه الغلابي، ينظر:

«أشعار أولاد الخلفاء وأخبارهم» للصولي (ص 310)، «روضة العقلاء» لابن حبان

(ص 248)، «غريب الحديث» للخطابي (3/ 167)، «الجليس الصالح» للجريري

(4/ 130)، «تاريخ بغداد» (1/ 338) و (15/ 7).

ص: 489

قال: حدثنا عبداللَّه بن محمد بن سليمان

(1)

، عن أبيه

(2)

، عن عبداللَّه بن الحسين

(3)

، عن أمه فاطمة بنت الحسين، قالت: لما اشتدت عِلَّةُ فاطمة بنت رسول اللَّه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - اجتمهنَ عندها نساء المهاجرين والأنصار، فقلن لها: يابنةَ رسول اللَّه، كيف أصبحتِ عن ليلتكِ؟ فقالت: أصبحتُ واللَّهِ عائفةً لدنياكم، قاليةً لرجالكم، لفظتُهُم بعد أن عَجَمتُهُم، وشَنِئتُهُم بعد أن سَبَرْتُهُمْ، فقُبْحَاً لفُلُول الحدِّ، وخَوَرِ القَنَاةِ، وخَطَلِ الرأي {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} (المائدة: 80)

(1)

عبداللَّه بن محمد بن سليمان بن جعفر بن سليمان الهاشمي، روى عنه محمد بن إسحاق السرَّاج. لم أجد له ترجمة. وهو من رجال الحاكم في «المستدرك» رقم (4760)

و (6848)، وانظر:«حلية الأولياء» (3/ 207)، «الاستيعاب» (4/ 1893).

(2)

محمد بن سليمان بن جعفر بن سليمان الهاشمي، لم أجد له ترجمة. وانظر المصادر في الحاشية السابقة.

(3)

كذا، والمعروف هو عبداللَّه بن حسن بن حسن بن علي، عن أمه فاطمة بنت الحسين، وهما ثقتان، كما في ترجمتهما في الباب الثالث، حديث رقم (35)، وفاطمة بنت الحسين لم تدرك جدتها فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 490

لاجرم لقد قلَّدتُهُم رِبقتَها، وشنَنتُ عليهم عارَها، فجدْعاً وعَقْراً وسُحْقاً للقوم الظالمين؛ ويحَهُم أنَّى زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة، ومهبط الوحي الأمين، والضنين بأمر الدنيا والدين {

أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (الزمر: 15) وما نقموا من أبي حسن؟ ! نقموا ـ واللَّهِ ـ نكير سيفه، وشِدَّة وطأته، ونَكال وقعَته، وتَشمُّرَه في ذات اللَّه، وتاللَّه لو تكافُّوا عن زمام نبَذَه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إليه لاعتَقَلَه، ولسار بهم سيراً سجحاً، لا يُكْلَم خُشاشه، ولايُتعْتَع راكبه، وأوردهم منهلاً نميراً فضفاضاً، تطفحُ ضفَّتاه، ولأصدرهم بِطاناً قد غمرهم الرِّيُّ، غيرَ متحَلٍّ منه بطائل إلا بغَمْر الماء، ورَدْغَة سَورة السَّاغِب، ولَفُتِحَتْ عليهم بركات من السماء والأرض، وسيأخذهم اللَّه بما كانوا يكسبون.

ألا هلُمَّ فاسْمَعْ ـ وما عِشتَ أراك الدهْرُ العجَبَ ـ وإن تعجبْ فقد أعجبكَ الحادثُ، إلى أيِّ لجأ استنَدوا، وبأي عُروة تمسَّكوا، استبدلوا الذُّنَابى ــ واللَّه ــ بالقوادِم، والعجُزَ بالكاهل، فرُغْماً لمعاطِس {يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} الكهف: 104، {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} البقرة: 12

{أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (يونس: 35)

أما لعَمْرُ إلَهِكَ لقد لَقِحَتْ، فنظرةٌ ريثما تُنتِج، ثم احتلبوا طلاع العُقَب

ص: 491

دمَاً عَبيطاً، وذُعاقاً مُمقِراً، هنالك يخسر المبطلون، ويعرفُ التالون غِبَّ ما سنَّ الأولون، ثم طِيبوا عن أنفسكم أنفُسَاً، وطامنوا للفتنة جأشاً، وأبشروا بسيفٍ صارم، وهرْجٍ شامل، واستبداد من الظالمين، يدعُ فيئكم زهيداً، وجمعكم حصيداً، فيا حسرتي بكم، وأنَّى لكم؟ وقد عمِيَت عليكم {

أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} (هود: 28) والحمدُ لله رب العالمين، وصلَّى اللَّه على محمد أبي، سيِّد المرسلين). انتهت.

هذا حديث موضوع، لوائح الوضع عليه ظاهرة سنداً ومتناً، والعلة في إسناده: الغلابي الوضاع، وثلاثة بعده مجاهيل.

ذكر بعضَ هذه الخطبة المجدُ أبو السعادات ابنُ الأثير (ت 606 هـ) ثم قال: (هذا طَرَفٌ من حديث أطول منه، يُروى من طريق أهل البيت، وحكمه حكم الحديث الذي قبله، في الرد والقبول، فإن لفظهما ومعناهما مغترفان من بحر واحد، واللَّه أعلم).

(1)

والحديث الذي قبله: خطبة طويلة لفاطمة في مجمع من الصحابة، قال ابن الأثير عقبها:

(هذا الحديث أكثر ما يُروى من طريق أهل البيت، وإن كان قد رُوي

ص: 492

من طرق أخرى أطولُ من هذا وأكثر.

وأهل الحديث يقولون: إنه موضوع على فاطمة.

وقال ابن قتيبة: قد كنتُ كتبتُه وأنا أرى أن له أصلاً، وسألتُ عنه رجال الحديث، فقال لي بعض نقلة الأخبار: أنا أسنُّ من هذا الحديث، وأعرف مَن عَمِلَه.

(1)

قلتُ ــ القائل ابن الأثير ـ: هذا الحديث ـ وإن كان موضوعاً ـ كما ذكروا، فهو من أفصح الكلام وأحسنه مأخذاً واحتجاجاً، ولعلَّ واضعه لاينقص درجة عن الحجاج بن يوسف الثقفي، وكُتبُ غريب الحديث مشحونة بشرح كلامه وخُطبه، فلا بأس أن يُجرى هذا الحديث مجراها في شرح غريبه ومعانيه، ولعلَّ أكثر ما يُروى من أحاديث الغريب الطِّوال، جاريةٌ هذا المجرى في التصَنُّع، واللَّه أعلم).

(2)

وللقصة المكذوبة هذه وجهٌ آخر في «بلاغات النساء» لأبي الفضل أحمد

(1)

. «غريب الحديث» (1/ 590)، وانظر أيضاً ما سبق في الفصل الأول، المبحث السادس، الدراسة الموضوعية.

(2)

«منال الطالب في شرح طوال الغرائب» لابن الأثير (2/ 507).

ص: 493

بن أبي طاهر ابن طيفور

(1)

(ص 23)

قال أبو الفضل: وما وجدت هذا الحديث على التمام إلا عند أبي حفان

(2)

، وحدثني هارون بن مسلم بن سعدان

(3)

، عن الحسن بن علوان

(4)

، عن عطية العوفي

(5)

قال: لما مرضت فاطمة

فذكر بنحوه.

وقد أوردَها عددٌ من الأدباء منهم: الآبي (ت 421 هـ)

(6)

وغيرُه.

(1)

من الشعراء الرواة، له كتاب «بغداد» ـ وهو مطبوع ـ، وكذا «بلاغات النساء» .

(ت 280 هـ). ينظر: «تاريخ بغداد» (5/ 345)، «معجم الأدباء» لياقوت (1/ 282)، «الوافي بالوفيات» (7/ 7)، «الأعلام» للزركلي (1/ 141).

(2)

كذا في المطبوعة، ولعله أبو هفان عبد اللَّه بن أحمد بن حرب البغدادي الأديب الشاعر المشهور، أتى عن الأصمعي بحديث باطل. «تاريخ الإسلام» (5/ 1157)، «لسان الميزان» (4/ 421).

(3)

لم أجد فيه كلاماً للأئمة، وقد ترجم له الخطيب في «تاريخ بغداد» (16/ 33).

(4)

أخو الحسين بن علوان، لم أجد فيه كلاماً للأئمة، وقد ذكره الخطيب في «تالي التلخيص»

(1/ 264).

(5)

ضعيف، شيعي، مدلِّس. سبقت ترجمته في الحديث رقم (14).

(6)

«نثر الدر» (4/ 8).

وقد احتفلت بها كتب الرافضة، وادَّعوا تواترها، انظر: [«معاني الأخبار» للصدوق

(1/ 354)، «الأمالي» للطوسي (374/ 804)، «الدلائل» للطبري (125/ 37)،

«كشف الغمة» للأربلي (1/ 492)، و «الاحتجاج» للطبرسي (1/ 108)، و «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد (16/ 233)، و «بحار الأنوار» للمجلسي

(43/ 158)]. أفاد هذه المراجع: الشيخ: عبدالفتاح محمود سرور في كتابه: «القاصمة في بيان وضع خطبة الزهراء فاطمة» (ص 64 ـ 65).

وانظر: «فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد» للرافضي: محمد كاظم القزويني

(ص 294) و (ص 479)، و «الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء» للرافضي: إسماعيل الزنجاني الخوئيني (13/ 163).

ص: 494

والعجيب أن كتب الشيعة طافحة برواية خطبة فاطمة، وهي بعد التأمل خطبتان:

1.

حينما ذهبت رضي الله عنها ـ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ـ لمجمع الصحابة وفيهم أبو بكر رضي الله عنهم، تطلب ميراثها، ونصيبها من فدك.

2.

دخل عليها نسوة ـ وهي مريضة قبيل وفاتها ـ يسألنها عن حالها.

والخطبتان بينهما تشابه في بعض الجمل، والعبارات، وكلاهما مكذوبتان، وقد أشار ابن الأثير ـ كما سبق ـ إلى أن لفظهما ومعناهما مغترفان من بحر واحد.

(1)

(1)

عرض هاتين الخطبتين من كتب الرافضة: [«السقيفة وفدك» للجوهري] ونقدهما

الشيخُ: بدر العمراني المغربي في كتابه: «بين الزهراء والصديق رضي الله عنهما حقيقة وتحقيق»

(ص 60 ـ 69).

ص: 495

7.

وصية لفاطمة مكتوبة ـ وهي مكذوبة ــ

تضمَّنَتْ وقفَها على بني هاشم وبني المطلب، وصدقات أخرى.

(1)

* * *

(1)

سيأتي ذكرها وبيان كذبها في الباب الثاني: الفصل الرابع: المبحث السادس: صدقتها على بني هاشم وبني المطلب.

ص: 496