الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هدم القباب المحدثة على القبور في بقيع الغرقد وغيره
.
نحمد اللَّه سبحانه وتعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه أن ردَّ البقيع إلى حالته الأولى، التي كانت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين، والقرون المفضَّلة، فيسَّر اللَّهُ عز وجل لهذه الدولة السُّنِّيَّةِ السَّنِيَّة السلفية
…
«المملكة العربية السعودية» ، إزالة مظاهر الشرك والغلو والبدع من الأبنية على القبور، وغيرها، أدام اللَّه علينا وعلى المسلمين نعمة الإسلام والسُّنَّة، وحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من الضلالات والشركيات والبدع، وجزى اللَّهُ خيراً ولاة أمرنا وعلماء المسلمين على جهودهم في التحذير من الشرك والغلو ومظاهره، والسعي في إزالته، فالحمدُ للهِ حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728 هـ) رحمه الله: (فهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياءِ والصالحين، والملوكِ وغيرِهم، يتعيَّنُ إزالَتُهَا بهدْمٍ أوْ بَغيرِهِ، هذا مما لا أعلَمُ فيه خلافَاً بين العلماء المعروفين، وتُكرَهُ الصلاةُ فيها مِن غيرِ خِلافٍ أعلَمُه، ولا تصِحُّ عندنا في ظاهر المذهَبِ لِأجلِ النهي واللعن الوارِدِ في ذلك، ولأحَادِيثَ أُخَر، وليس في هذه المسألة خِلَافٌ لِكَونِ المدفون فيها واحِدَاً، وإنما اختَلَفَ أصحَابُنا في المقبرة المجرَّدَةِ عَن مَسجِدٍ، هَل حدُّهَا
ثلاثة أقبر، أو يُنهَى عن الصلاة عند القبر الفَذِّ وإنْ لم يَكُن عندَهُ قَبْرٌ آخَر؟ على وجهين.
(1)
قال ابن القيم (ت 751 هـ) رحمه الله بعد بيان: (
…
وأبلَغُ من ذلك: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَدَمَ مسجدَ الضِّرار، ففي هذا دليلٌ على هَدْمِ ما هُو أعظَمُ فَسَادَاً منه، كالمساجِدِ المبنيَّةِ عَلى القَبور؛ فإنَّ حُكمَ الإسلام فيها أن تُهدَم كلُّها، حتَّى تُسوَّى بالأرض، وهي أولى بالهدْمِ مِنْ مَسجِدِ الضِّرار، وكذلك القِبَابُ التي عَلى القُبور يجبُ هدمُهَا كلها؛ لأنها أُسِّستْ على معصية الرسُولِ، لأنه قد نَهى عن البنَاءِ على القُبور كما تقدم؛ فبناءٌ أُسِّس على مَعصِيتِهِ ومخالَفَتِهِ؛ بِناءٌ محرَّمٌ، وهُو أولى بالهدمِ مِن بناءِ الغَاصِبِ قَطعَاً.
وقد أمَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بهدمِ القُبورِ المُشْرِفَةِ كما تقدم؛ فهَدْمُ القِبَابِ والبناءِ والمساجدِ التي بُنيتْ عليها أولى وأحرَى؛ لأنه لَعَنَ مُتَّخِذِي المساجدَ عليها، ونهَى عن البناءِ عليها؛ فيجبُ المبادرةُ والمساعدةُ إلى هَدمِ ما لعنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فاعلَه، ونهى عنه، واللهُ يُقيم لِدِينِهِ وسُنَّةِ رسولِه مَن ينصرُهُما، ويَذُبُّ عنهما، فهو أشدُّ غيرةً وأسرَع تَغيِيرَاً.
وكذلك يجبُ إزالةُ كلِّ قِنديل أو سِراج على قَبرٍ وطَفْيُهُ؛ فإنَّ فاعِلَ ذلك مَلعُونٌ بلَعْنَةِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ولا يصحُّ هذا الوَقْفُ، ولا يحِلُّ
(1)
«اقتضاء الصراط المستقيم» (2/ 675).
إثباتُه وتَنفِيذُه.
(1)
وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله: (ولا تحسبْ أيُّهُا المُنْعَمُ عليه باتباع صراطِ اللهِ المستقيم، صِراطِ أهلِ نعمتِه ورحمتِه وكرامَتِه أنَّ النهيَّ عن اتخاذ القبور أوثَانَاً وأعيادَاً وأنصابَاً، والنهيَّ عن اتخاذِها مساجِد، وبناءَ المساجد عليها، وإيقادَ السُّرج عليها، والسفرَ إليها، والنذرَ إليها، واستلامَها، وتقبِيلَها، وتعْفِيرَ الجِباه في عَرَصَاتها؛ غَضٌّ مِن أصحابها، ولا تنقيصٌ لهم، كما يحسبُهُ أهلُ الإشراك والضلال؛ بل ذلك مِن إكرَامِهِم، وتَعظيمِهِم، واحتَرامِهِم، ومُتابَعتِهِم فيما يُحبونَه، وتجنُّبِّ ما يكرهَونَه، فأنتَ ـ واللهِ ـ وليُّهُم ومُحِبُّهُم، وناصِرُ طَريقتِهم وسُنَّتِهم، وعلى هَدْيهم ومنهَاجِهِم، وهؤلاء المشركون أعصَى الناسِ لهم، وأبعدَهُم من هَدْيهم ومتابعتهم، كالنصارى مع المسيحِ عليه السلام، واليهودِ مع موسى عليه السلام، والرافضةِ معَ علي رضي الله عنه إلى آخر كلامه النفيس، فليراجع
(2)
(1)
«إغاثة اللهفان» لابن القيم (1/ 380).
(2)
«إغاثة اللهفان» لابن القيم (1/ 385).