الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن حجر العسقلاني: (ونقل أبو عُمر في قصَّة وفاتها
(1)
أن فاطمة أوصت عليَّاً أن يُغسِّلَهَا هُو، وأسماءُ بنتُ عُمَيس.
واستبعده ابن فتحون، فإنَّ أسماءَ كانت حينئذ زوج أبي بكر الصِّديق، قال: فكيف تنكشف بحضرة عليٍّ في غسل فاطمة؟ ! وهو محلُّ الاستبعاد).
(2)
ملحظ:
يُلحظ أنَّ لأسماءَ بنتِ عُميس مع فاطمة رضي الله عنهما وروداً في موضِعَين مُشكَلَين:
1.
في زفاف فاطمة، وقد كانت أسماء حينها تحت جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهم في الحبشة، وقد ورد من طرق كثيرة، تدل على أنه له أصلاً، لذلك استظهر ابن حجر والذهبي أنها سلمى بنت عميس أخت أسماء ـ وقد سبق بيان ذلك في مبحث زواجها ـ.
2.
في تغسيلها فاطمة، مع أنها ـ وقتئذ ـ تحت أبي بكر رضي الله عنهم، وكانت تغسيلها والصلاة عليها ودفنها في الليل، وأسماء ليست محرماً لعلي،
(1)
«الاستيعاب» (4/ 1897).
(2)
«الإصابة» (8/ 266).
فكيف تشاركه التغسيل وتنفرد به، كما في بعض الروايات؟ !
وهذا يعارض الصحيح الثابت في «الصحيحين» قالت عائشة رضي الله عنها: (
…
فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلَاً، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ، وَصَلَّى عَلَيْهَا
…
).
(1)
فأبوبكر لم يعلم بوفاتها، ولا يُظن بأسماء خروجها من دون علم زوجها بالخروج، وبالوفاة، وما قيل حول دفع هذا ظنونٌ مستبعدة.
ذكر بعضُ المترجمين لِـ «سَلْمى» خادمِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، امرأةِ أبي رافع مولى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أنها غسَّلَت فاطمة مع زوجها علي، ومع أسماء بنت عميس.
(2)
ولم أقف عليه مسنداً.
والفرق بين الموضعَين المشكلَين: أن الأول (في الزفاف) ورد في عدد من الأحاديث، وأما الثاني (في الوفاة) فمَخْرَجُه واحدٌ معلول.
(1)
سبق تخريجه في الحديث رقم (27).
(2)
ذكره في: «الاستيعاب» (4/ 1862)، و «أسد الغابة» (6/ 147)، «تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس» للبكري (2/ 180). ولم يذكره ابن حجر في «الإصابة»
…
(8/ 187).
وانظر ترجمتها مفصَّلة في الباب الثالث، الحديث رقم (32).
الحكم على الحديث:
الحديثُ ضعيفٌ، فيه عِلل:
جهالة: عون بن محمد، وعمارة بن المهاجر، وأم جعفر، فإنها مقبولة إن توبعت، ولم تتابَع.
وفي متنه نكارة، في مشاركة أسماء بنت عميس ــ وهي حيئنئذ تحت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم ــ مشاركتَها علياً تغسيل فاطمة في جنح الليل، وهي ليست محرماً له.
وهذا ـ كما سبق ـ يخالف الثابت في «الصحيحين» أن أبا بكر لم يعلم بوفاتها، وأنها غُسِّلَتْ وصُلِّيَ عليها ودُفِنَتْ لَيلاً.
نعم، قد يُقبل الحديث لوروده من طريق آل البيت ــ وهم أعلم من غيرهم في مثل هذا ــ، مع اشتهاره عند العلماء وأهل السِّيَر؛ لولا الضعف الشديد في إسناده، والإشكال الكبير الذي أورده البيهقي وابن فتحون، ولا دافع له، مع المخالفة للصحيح الثابت بلا منازع.
الدراسة الموضوعية:
ستكون الدراسة الموضوعية لهذا الفصل: وفاتها بمباحثه الثلاثة، في موضع واحد في آخره، نظراً لترابط مسائله، واشتمال كثير من آثارها على وقت الوفاة، والصلاة، والدفن.
* * *