الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: استماع الملائكة
إن الملائكة الكرام يحبون استماع القرآن الكريم، وتحف مجالسه، وأحياناً تتنزل لاستماعه والإنصات إليه، وقد وضحت الأدلة الصحيحة هذا الأمر وبينته بياناً شافياً، فمنها:
استماع الملائكة لقرآن الفجر
قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (78) سورة الإسراء.
والمقصود بـ {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} : قال مجاهد: صلاة الفجر.
أي أن القرآن الذي يتلوه الإمام في صلاة الفجر تشهده الملائكة (ملائكة الليل وملائكة النهار)؛ ولذلك كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، أنه كان يطيل القراءة فيها أكثر من غيرها من سائر الصلوات، فكان يقرأ فيها ما بين الستين إلى المائة آية.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فضل صلاة الجمع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح" يقول أبوهريرة: اقرءوا إن شئتم: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (1).
عن أُسَيْد بن حُضَير رضي الله عنه قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه
(1) رواه البخاري ح (4717) باب (إن قرآن الفجر كان مشهوداً).
وأما حديث " إذا قام أحدكم من الليل يصلي فليجهر بقراءته فإن الملائكة وعمار الدار يستمعون إلى قراءته ويصلون بصلاته " هذا حديث منكر منقطع قاله الحافظ العراقي في تخريج إحياء علوم الدين (1/ 328) طبعة الريان.
مربوطة عنده إذ جالت الفرس، فسكت فسكت، فقرأ فجالت الفرس، فسكت وسكت الفرس، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف، وكان ابنه يحيى قريباً منها فأشفق أن تصيبه، فلما اجْتَرَّهُ رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراه، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:"اقرأ يا ابن حضير، اقرأ يا ابن حضير" قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى، وكان منها قريباً، فرفعت رأسي فانصرفتُ إليه، فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثلُ الظُلَّة فيها أمثالُ المصابيح، فخرجتُ حتى لا أراها، قال:" وتدري ما ذاك؟ " قال: لا، قال:" تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها، لا تتوارى منهم"(1).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
قوله: " اقرأ يا ابن حضير " أي كان ينبغي أن تستمر على قراءتك، وليس أمراً له بالقراءة في حاله التحديث، وكأنه استحضر صورة الحال فصار كأنه حاضر عنده لما رأى ما رأى، فكأنه يقول: استمر على قراءتك لتستمر لك البركة بنزول الملائكة واستماعها لقراءتك، وفهم أُسَيْد ذلك فأجاب بعذره في قطع القراءة أن تطأ الفرس ولدي، ودل سياق الحديث على محافظة أسيد على خشوعه في صلاته لأنه كان يمكنه أول ما جالت الفرس أن يرفع رأسه، وكأنه كان بلغه حديث النهي عن رفع المصلي رأسه إلى السماء فلم يرفعه حتى اشتد به الخطب؛ ويحتمل أن يكون رفع رأسه بعد انقضاء صلاته فلهذا تمادى به الحال ثلاث مرات. ووقع في رواية ابن أبي ليلى المذكورة " اقرأ أبا عتيك " وهي كنية أسيد. قوله:" دنت لصوتك " في رواية إبراهيم بن سعد " تستمع لك " وفي رواية ابن كعب المذكورة " وكان أسيد حسن الصوت" وفي رواية يحيى بن أيوب عن يزيد بن الهاد
(1) رواه البخاري (5018) ومسلم والنسائي.