الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: فوائد تدبر القرآن وثمراته
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في فوائد تدبر القرآن الكريم:
(فلا تزال معانيه تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل، وتحذره وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل، وتحثه على التخفف من عناء اليوم الثقيل، وتهديه في ظلم الآراء والمذاهب إلى سواء السبيل، وتصده عن اقتحام طرق البدع والأضاليل، وتبعثه على الازدياد من النعم بشكر ربه الجليل، وتبصره بحدود الحلال والحرام وتوقفه عليها لئلا يتعداها فيقع في العناء الطويل، وتثبت قلبه عن الزيغ والميل عن الحق والتحويل، وتسهل عليه الأمور الصعاب، والعقبات الشاقة غاية التسهيل، وتنادي عليه كلما فترت عزماته، وونى في سيره: تقدم الركب وفاتك الدليل. فاللحاق اللحاق، والرحيل الرحيل، وتحدو به، وتسير أمامه سير الدليل. وكلما خرج عليه كمين من كمائن العدو أو قاطع من قطاع الطريق نادته: الحذر الحذر، فاعتصم بالله، واستعن به، وقل حسبي الله ونعم الوكيل. وفي تأمل القرآن وتدبره، وتفهمه أضعاف ما ذكرنا من الحكم والفوائد). (1)
قال العلامة السعدي رحمه الله: (فإن في تدبر القرآن:
1 -
مفتاحاً للعلوم والمعارف، وبه يستنتج كل خير، وتستخرج منه جميع العلوم.
2 -
وبه يزداد الإيمان في القلب، وترسخ شجرته.
3 -
فإنه يُعَرِّفُ بالرب المعبود، وما له من صفات الكمال، وما يتنزه عنه من سمات النقص.
(1) للمزيد من الفائدة انظر مدارج السالكين (1/ 451).
4 -
وبه يُعْرَفُ الطريق الموصلة إليه، وصفة أهلها، وما لهم عند القدوم عليه.
5 -
وبه يُعْرَفُ العدو الذي هو العدو على الحقيقة، والطريق الموصلة إلى العذاب، وصفة أهلها، وما لهم عند وجود أسباب العقاب.
6 -
وكلما ازداد العبد تأملاً في القرآن ازداد علماً، وعملاً، وبصيرة.
ومن فوائد التدبر لكتاب الله: أنه يصل به العبد إلى درجة اليقين، والعلم بأنه كلام الله، لأنه يراه يصدق بعضه بعضاً، ويوافق بعضه بعضاً، فترى الحكم والقصة والأخبار تعاد في القرآن في عدة مواضع، كلها متوافقة متصادقة، لا ينقض بعضها بعضاً؛ وبذلك يُعْلمُ كمال القرآن، وأنه من عند من أحاط علمه بجميع الأمور. فذلك قوله تعالى:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (82) سورة النساء. أي: فلما كان من عند الله؛ لم يكن فيه اختلاف أصلاً) (1).
قال سيد قطب رحمه الله: (تدبر القرآن يزيل الغشاوة، ويفتح النوافذ، ويسكب النور، ويحرك المشاعر، ويستجيش القلوب، ويخلص الضمير، وينشئ حياة للروح تنبض بها وتشرق وتستنير)(2).
(ومن فوائد تدبر القرآن:
- معرفة الرب عز وجل ومعرفة عظيم سلطانه وقدرته والتلذذ بالنظر إليه يوم القيامة.
- تحقيق العبودية لله - تعالى -.
(1) تفسير الكريم المنان للشيخ السعدي (2/ 112 - 113) بتصرف.
(2)
في ظلال القرآن سيد قطب (6/ 3297) طبعة دار الشروق.
- فيه تربية للعقول.
- فيه شفاء لما في الصدور.
- الأجر الكثير والربح الوفير.
- الهداية والتوفيق والنور، والراحة والطمأنينة.
- ذكر الله للمتدبر، وغشيان الملائكة، ونزول السكينة والرحمة.
- حصن من الشيطان) (1).
فهذه بعض فوائد تدبر القرآن الكريم، وثمراته الزكية، فأين أنت منها؟ (فسبحان الله! ماذا حُرم المعرضون عن نصوص الوحي، واقتباس العلم من مشكاته من كنوز الذخائر؟! وماذا فاتهم من حياة القلوب واستنارة البصائر؟! قنعوا بأقوال استنبطتها معاول الآراء فِكْراً، وتقطعوا أمرهم بينهم لأجلها زُبَراً، وأوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً؛ فاتخذوا لأجل ذلك القرآن مهجوراً). (2)
(1) انظر كيف نتدبر القرآن تأليف فواز أحمد زمرلي (82 - 90) طبعة دار البشائر الإسلامية.
(2)
مدارج السالكين (1/ 5)