الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيء ليس الجنابة) رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن حبان وضعف بعضهم بعض رواته، والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة (1)، لكن قيل: في الاستدلال به نظر لأنه فعل مجرد فلا يدل على تحريم ما عداه، وأجاب الطبري عنه بأنه محمول على الأكمل جمعاً بين الأدلة) (2).
والخلاصة:
أنه لم يثبت في منع الحائض أو الجنب من القراءة حديث صحيح صريح، فيبقى الأمر على البراءة الأصلية، وعلى الرغم من هذا فإننا نرى أن الأولى أن يكون الإنسان على طهارة لقوله صلى الله عليه وسلم:" إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر "(3).
8 - سجود التلاوة
هل يشترط لسجود التلاوة طهارة؟ وهل يُكبَّر إذا خفض ورفع سواء كان في الصلاة أو خارجها؟ وماذا يُقال في هذا السجود؟ وهل ما ورد من الدعاء صحيح؟ وهل يشرع السلام من هذا السجود إذا كان خارج الصلاة؟
الجواب: قال العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله:
(سجود التلاوة لا تشترط له الطهارة في أصح قولي العلماء وليس فيه تسليم ولا تكبير عند
(1) الحديث (ضعيف) قال النووي: (خالف الترمذي الأكثرون، فضعفوا هذا الحديث) وضعفه الإمام الشافعي وأحمد والبيهقي والخطابي والألباني في الإرواء (133،485)، تمام المنة ص (108 - 110)، وضعفه الترمذي (22).
(2)
فتح الباري (1/ 485 - 487) طبعة الريان.
(3)
(حديث صحيح) راجع السلسة الصحيحة (834).
الرفع منه في أصح قولي أهل العلم.
ويشرع فيه التكبير عند السجود لأنه قد ثبت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ما يدل على ذلك. أما إذا كان سجود التلاوة في الصلاة فإنه يجب فيه التكبير عند الخفض والرفع لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك في الصلاة في كل خفض ورفع وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " صلوا كما رأيتموني أصلي"(1)
ويشرع في سجود التلاوة من الذكر والدعاء ما يشرع في سجود الصلاة لعموم الأحاديث ومن ذلك: " اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، فتبارك الله أحسن الخالقين "(2) روى ذلك مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول هذا الذكر في سجود الصلاة وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا في سجود التلاوة بقوله: " اللهم اكتب لي بها عندك أجراً وامح عني بها وزراً واجعلها لي عندك ذخراً وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود عليه السلام "(3).
والواجب في ذلك قوله: (سبحان ربي الأعلى) كالواجب في سجود الصلاة. ومازاد عن ذلك من الذكر والدعاء فهو مستحب، وسجود التلاوة في الصلاة، وخارجها سنة وليس بواجب لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث زيد بن ثابت ما
(1) رواه البخاري.
(2)
رواه مسلم ح (771) من حديث علي، ورواه أحمد من حديث عائشة وأبوداود والنسائي بإسناد حسن وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(3)
(حديث حسن) رواه الترمذي من حديث ابن عباس وابن ماجه وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي ، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (2710).
يدل على ذلك (1) وثبت عن عمر رضي الله عنه ما يدل على ذلك أيضاً. (2) والله ولي التوفيق (3).
حكم سجود التلاوة في الأوقات المكروهة:
قال الإمام الشوكاني رحمه الله:
(روي عن بعض الصحابة أنه يكره سجود التلاوة في الأوقات المكروه، والظاهر عدم الكراهة، لأن السجود المذكور ليس بصلاة والأحاديث الواردة بالنهي مختصة بالصلاة)(4)
سجود المستمع لسجود القارئ:
من استمع إلى قارئ، فقرأ آية فيها سجدة؛ فالمستحب ألا يسجد المستمع حتى يسجد القارئ، لأنه بمثابة الإمام، وأما إن لم يسجد القارئ فلا يسجد المستمع.
قال ابن مسعود لتميم بن حذلم - وهو غلام - فقرأ عليه سجدة فقال: اسجد، فأنت إمامنا فيها (5).
(1) عن زيد بن ثابت قال: (قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم النجم فلم يسجد فيها) رواه البخاري (1073)، ورواه مسلم وأبوداود والترمذي.
(2)
حديث عمر: رواه البخاري (ح 1077) وفيه قال عمر: (يا أيها الناس إنما نَمُرُّ بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه) راجع الفتح (2/ 649).
(3)
تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام ص (129/ 130) تأليف الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله وأشرف على تجميعه وطبعه محمد بن شايع بن عبد العزيز الشايع. نشرة دار طيبة. الطبعة الثانية.
(4)
عون المعبود شرح سنن أبي داود (4/ 203،204) طبعة دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى.
(5)
رواه البخاري (2/ 647) باب من سجد لسجود القارئ معلقاً بصيغة الجزم، وقال الحافظ:(وهذا الأثر وصله سعيد بن منصور من رواية مغيرة عن إبراهيم .. وقد رُوي مرفوعاً أخرجه ابن أبي شيبة من رواية ابن عجلان عن زيد بن أسلم ورجاله ثقات إلا أنه مرسل). الفتح (2/ 648).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد حتى ما يجد أحدنا موضع جبهته)(1).
وفرق بعض العلماء بين السامع والمستمع، لما ورد من الآثار ما يفيد ذلك، ومنها: قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: (إنما السجدة على من استمعها)(2).
وعن سعيد بن المسيب أن عثمان مَرَّ بقاصٍ فقرأ سجدة ليسجد معه عثمان، فقال عثمان:(إنما السجود على من استمع ثم مضى ولم يسجد)، وعنه أيضاً أنه قال: قال عثمان: (إنما السجدة على مَنْ جلس لها واستمع)(3)
وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: (مَرّ سلمان على قوم قعود فقرأوا السجدة فسجدوا، فقيل له، فقال: ليس لهذا غدونا)(4)
قال الشافعي في البويطي:
(لا أؤكده - السجود - على السامع؛ كما أؤكده على المستمع)(5)
قال الإمام النووي رحمه الله: إذا سجد المستمع مع القارئ لا يرتبط به ولا ينوي الاقتداء به، وله الرفع من السجود قبله) (6).
(1) رواه البخاري (1075).
(2)
رواه البخاري (2/ 648 الفتح) معلقاً بصيغة الجزم.
(3)
(الطريقان صحيحان) الأول رواه عبد الرزاق، والثاني رواه ابن أبي شيبة، الفتح (2/ 649)
(4)
(إسناده صحيح) رواه عبد الرزاق. الفتح (2/ 649).
(5)
فتح الباري (2/ 650).
(6)
التبيان في آداب حملة القرآن للنووي ص (101) طبعة مكتبة ابن عباس بالمنصورة.