الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالكلب في حال لهثه سر بديع، وهو أن الذي هذا حاله ما ذكره الله من انسلاخه من آياته، واتباعه هواه، إنما كان لشدة لهفه على الدنيا لانقطاع قلبه عن الله والدار الآخرة، فهو شديد اللهف عليها، ولهفه نظير لهف الكلب الدائم في حال انزعاجه وتركه). (1)
ثالثاً: فتنة الأئمة المضلين
ومن الأسباب القوية في صرف الناس عن العمل بالقرآن الكريم وأحكامه وتعاليمه، الأئمة المضلون الذي يحلون ما حرم الله، ويلبسون على الناس أمورهم. ورأينا منهم من يبارك الفجور والعرى، وإشاعة الفاحشة بين الناس، ثم هو يخلع على هذا الوحل رداء الدين وشاراته وعناوينه.
قال ميمون بن مهران رحمه الله:
(لو صلح أهل القرآن صلح الناس)(2) وصدق الله إذ يقول: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (5) سورة الجمعة.
يقول سيد قطب رحمه الله: (إنه مثل لكل من آتاه الله من علم الله، فلم ينتفع بهذا العلم، ولم يستقم على طريق الإيمان، وانسلخ من نعمة الله، ليصبح تابعاً ذليلاً للشيطان، ولينتهي في المسخ إلى مرتبة الحيوان!.
ولقد رأينا من هؤلاء - والعياذ بالله - في زماننا هذا من كان كأنما يحرص على ظلم نفسه، أو كمن يعض بالنواجذ على مكان له في قعر جهنم يخشى أن ينازعه
(1) إعلام الموقعين (1/ 151) طبعة دار الحديث.
(2)
رواه أبونعيم في الحلية (4/ 93) نقلاً من أخلاق حملة القرآن للآجري ص (51) تحقيق فواز أحمد زمرلي طبعة دار الكتاب العربي.
إياه أحد المتسابقين معه في الحلبة!. فهو ما يني يقدم كل صباح ما يثبت به مكانه هذا في جهنم! وما يني يلهث وراء هذا المطمع لهاثاً لا ينقطع حتى يفارق هذه الحياة الدنيا!. (1)
وقد بين النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حال الأمة مع الأئمة المضلين:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "(2).
وصدق النبي الكريم إذ يقول: " أشد ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان"(3). وما أكثرهم في هذه الأمة لا كثرهم الله.
وصدق القائل: زَلْةُ العَالمِ، زَلْةُ العَالَمِ.
وصدق الشاعر إذ يقول:
رأيت الذنوب تميت القلو
…
ب وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلو
…
ب وخير لنفسك عصيانها
وهل بدل الدين إلا الملوك
…
وأحبار سوء ورهبانها
(1) في ظلال القرآن
(2)
رواه البخاري مع فتح الباري (1/ 234) كتاب العلم حديث رقم (100)، ومسلم كتاب العلم حديث رقم (6670).
(3)
السلسلة الصحيحة للعلامة الألباني حديث رقم (1267).
الله نسأل أن يصلح أئمتنا ويوفقهم للعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويقودوا الأمة إلى ما فيه صلاح دينها ودنياها إنه ولي ذلك والقادر عليه.