المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أولا: اقتضاء العلم للعمل - فتح الرحمن في بيان هجر القرآن

[محمود الملاح]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة فضيلة الشيخ الدكتور / سعيد بن مسفر القحطاني

- ‌مقدمة فضيلة الشيخ / عبد الله بن مانع الروقي

- ‌مقدمة فضيلة الدكتور / محمود بن أحمد الدوسري

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌سبب تأليف الكتاب:

- ‌منهج الكتاب:

- ‌تمهيدهجر القرآن

- ‌الفصل الأولمعنى هجر القرآن

- ‌الفصل الثانيعاقبة هجر القرآن

- ‌حكم هجر القرآن

- ‌ أنواع هجر القرآن:

- ‌الباب الأولهجر التلاوة

- ‌الفصل الأولأسباب هجر التلاوة

- ‌تمهيد

- ‌معنى التلاوة

- ‌التلاوة لغة:

- ‌التلاوة اصطلاحاً:

- ‌أسباب هجر التلاوة

- ‌أولاً: الجهل بفضل تلاوة القرآن الكريم

- ‌ثانياً: الانشغال بالدنيا:

- ‌ثالثاً: الفتور وضعف الهمة:

- ‌رابعاً: تقديم طلب العلوم الأخرى على القرآن:

- ‌خامساً: الغزو الفكري والحرب المعلنة ضد القرآن:

- ‌الفصل الثانيصور من هجر التلاوة

- ‌أولاً: التلحين في القراءة:

- ‌ثانياً: جمع القراءات في مجلس واحد:

- ‌ثالثاً: بدع قراءة الفاتحة:

- ‌رابعاً: بدعة أخذ الفأل من المصحف:

- ‌خامساً: قراءة القرآن عند القبر:

- ‌سادساً: قراءة القرآن للأموات:

- ‌الفصل الثالثأحوال الناس مع القرآن الكريم

- ‌قال الحافظ ابن حجر رحمه الله

- ‌قال الإمام ابن القيم رحمه الله

- ‌هؤلاء هجروا تلاوة القرآن

- ‌الطائفة الأولى: (بعض الأئمة)

- ‌الطائفة الثانية: بعض الأغنياء

- ‌الطائفة الثالثة: بعض قُرَّاءُ القرآن:

- ‌الطائفة الرابعة: المتصوفة:

- ‌الطائفة الخامسة: بعض المثقفين:

- ‌الطائفة السادسة: بعض العامة:

- ‌الطائفة السابعة: جماعة اللهو والعبث

- ‌الفصل الرابعفضل تلاوة القرآن الكريم

- ‌المبحث الأول: فضل تلاوة القرآن الكريم:

- ‌1 - تلاوة القرآن الكريم تحصيل للأجر العظيم:

- ‌2 - تلاوة القرآن سبب لتنزل السكينة:

- ‌أ - في الدنيا:

- ‌ب - في القبر:

- ‌جـ - في يوم القيامة:

- ‌المبحث الثاني: الترغيب في قراءة سور وآيات مخصوصة:

- ‌1 - الفاتحة أعظم سورة في القرآن:

- ‌2 - سورة البقرة حصن يمنع من الشيطان:

- ‌3 - آية الكرسي أعظم آية في القرآن:

- ‌أ - دبر كل صلاة مكتوبة:

- ‌ب - أذكار الصباح والمساء:

- ‌جـ - عند النوم:

- ‌4 - فضل سورة آل عمران:

- ‌5 - سورة الكهف حصن يعصم من الدجال:

- ‌6 - سورة الفتح يحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌7 - سورة تبارك تمنع من عذاب القبر:

- ‌8 - سورة الكافرون تعدل ربع القرآن:

- ‌9 - سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن:

- ‌10 - فضل المعوذتين:

- ‌المبحث الثالثأحاديث ضعيفة للتحذير منها

- ‌أولاً: أحاديث ضعيفة في فضل القرآن

- ‌ثانياً: أحاديث ضعيفة في فضل قراءة القرآن عند المقابر

- ‌ثالثاً: أحاديث ضعيفة في فضائل السور

- ‌1 - سورة الفاتحة

- ‌2 - سورة البقرة

- ‌3 - سورة آل عمران

- ‌4 - سورة الكهف

- ‌5 - سورة الرحمن

- ‌6 - سورة يّس

- ‌7 - سورة الدخان

- ‌8 - سورة الواقعة

- ‌9 - سورة الحشر

- ‌10 - سورة الإخلاص والمعوذتين

- ‌رابعاً: دعاء الحفظ الضعيف

- ‌الفصل الخامسآداب وأحكام تلاوة القرآن الكريم

- ‌1 - آداب تلاوة القرآن

- ‌1 - الإخلاص:

- ‌2 - الطهارة:

- ‌3 - السواك:

- ‌4 - نظافة المكان:

- ‌5 - استقبال القبلة:

- ‌6 - الاستعاذة والبسملة:

- ‌7 - الترتيل:

- ‌2 - صفة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن

- ‌3 - في كم يقرأ القرآن

- ‌4 - أيهما أفضل القراءة من المصحف أم عن ظهر قلب

- ‌5 - هل الجهر بالقراءة أفضل أم الإسرار

- ‌6 - هل يجوز مس المصحف على غير طهارة

- ‌7 - هل يجوز قراءة القرآن للجنب والحائض

- ‌8 - سجود التلاوة

- ‌9 - حكم نسيان القرآن

- ‌10 - حكم تقليد صوت القارئ

- ‌11 - حكم القراءة من المصحف في صلاة التراويح

- ‌الباب الثانيهجر استماع القرآن

- ‌الفصل الأولاستماع القرآن الكريم

- ‌أولاً: معنى السماع

- ‌ثانياً: فضائل استماع القرآن

- ‌ثالثاً: آداب استماع القرآن الكريم

- ‌رابعاً: سبب هجر استماع القرآن

- ‌الفصل الثاني

- ‌أولاً: أقسام الناس في سماع القرآن

- ‌(الصنف الأول)

- ‌(الصنف الثاني)

- ‌(الصنف الثالث)

- ‌(الصنف الرابع)

- ‌ثانياً: فتاوى مهمة في استماع القرآن

- ‌الفصل الثالثنماذج من استماع القرآن الكريم

- ‌أولاً: استماع الله سبحانه وتعالى

- ‌قال الحافظ ابن حجر رحمه الله

- ‌قلت: (الحافظ):

- ‌قال العلامة ابن القيم رحمه الله

- ‌‌‌قال الإمام النووي رحمه الله

- ‌قال الإمام النووي رحمه الله

- ‌قال الإمام القرطبي رحمه الله

- ‌قلنا:

- ‌ثانيًا: استماع الملائكة

- ‌استماع الملائكة لقرآن الفجر

- ‌استماع الملائكة القرآن من ثابت بن قيس رضي الله عنه

- ‌استماع الملائكة القرآن من قارئه

- ‌ثالثاً: استماع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌استماع النبي صلى الله عليه وسلم القرآن من ابن مسعود رضي الله عنه

- ‌استماع النبي صلى الله عليه وسلم القرآن من سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه

- ‌استماع النبي صلى الله عليه وسلم القرآن من أبي موسى رضي الله عنه

- ‌استماع النبي صلى الله عليه وسلم القرآن من الأشعريين رضي الله عنه

- ‌استماع النبي صلى الله عليه وسلم القرآن من جبريل عليه السلام

- ‌رابعاً: استماع الكفار

- ‌استماع زعماء قريش للقرآن

- ‌استماع الوليد بن المغيرة للقرآن

- ‌استماع نساء المشركين وأبنائهم للقرآن

- ‌استماع عتبة بن ربيعة للقرآن

- ‌استماع الطفيل بن عمرو الدوسي للقرآن

- ‌استماع جبير بن مطعم للقرآن

- ‌حادثة سجود المشركين عند استماع القرآن

- ‌خامساً: استماع الجن

- ‌استماع الجن للقرآن

- ‌سجود الجن عند استماع القرآن

- ‌استماع الجن لسورة الرحمن

- ‌سادساً: استماع النصارى

- ‌تأثر النصارى عند استماع القرآن

- ‌استماع النجاشي وأساقفته للقرآن الكريم

- ‌الفصل الرابعصور من هجر استماع القرآن

- ‌1 - الصياح والغشي عند استماع القرآن

- ‌2 - شرب الدخان في مجلس القرآن

- ‌3 - الاستماع إلى الغناء

- ‌الباب الثالثهجر تدبر القرآن

- ‌الفصل الأولتدبر القرآن الكريم

- ‌أولاً: معنى التدبر

- ‌ثانياً: حكم التدبر

- ‌ثالثاً: فوائد تدبر القرآن وثمراته

- ‌الفصل الثانيهجر تدبر القرآن

- ‌أولاً: أسباب هجر تدبر القرآن الكريم

- ‌أولاً: الذنوب والمعاصي

- ‌ثانياً: ترك الدعاء

- ‌ثالثاً: الجهل باللغة العربية

- ‌رابعاً: عدم التخلي عن موانع الفهم

- ‌خامساً: هجر كتب التفسير

- ‌النموذج الأول: الهداية هدايتان:

- ‌النموذج الثاني: أين الله

- ‌ثانياً: كيف نتدبر القرآن الكريم

- ‌أولاً: الطريق العلمي:

- ‌ثانياً: الطريق العملي:

- ‌1 - الالتزام بآداب التلاوة

- ‌2 - تفريغ القلب من الشواغل

- ‌3 - ترتيل القرآن

- ‌4 - ترديد الآية حتى يتحصل على التدبر

- ‌5 - التفاعل مع الآيات، وإظهار الحزن والتأثر، أثناء القراءة

- ‌الفصل الثالثالمقامات العليا في التدبر

- ‌أولاً: التدبر في القرآن الكريم

- ‌الحث على التدبر

- ‌القلب وتدبر القرآن

- ‌تنكير القلوب:

- ‌بركة القرآن الكريم

- ‌عظمة القرآن الكريم

- ‌تدبر القرآن من صفات المؤمنين:

- ‌عتاب من الله للمؤمنين

- ‌ثانياً: تدبر الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم

- ‌1 - أبو بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌2 - عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌3 - عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌4 - عباد بن بشر رضي الله عنه

- ‌5 - الحسن البصري رحمه الله

- ‌6 - الربيع بن خثيم رحمه الله

- ‌7 - مطرف بن عبد الله رحمه الله

- ‌من قصص تدبر القرآن الكريم:

- ‌تدبر أعرابي:

- ‌تدبر جارية:

- ‌الباب الرابعهجر العمل بالقرآن الكريم

- ‌الفصل الأولالعمل بالقرآن بين الترغيب والترهيب

- ‌أولاً: اقتضاء العلم للعمل

- ‌ثانياً: وجوب العمل بالقرآن الكريم

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الخلاصة:

- ‌ثالثاً: الترغيب في العمل بالقرآن الكريم

- ‌1 - العمل بالقرآن الكريم سبب للهداية في الدنيا والآخرة:

- ‌2 - العمل بالقرآن سبب للفلاح في الدنيا والآخرة:

- ‌3 - العمل بالقرآن سبب للرحمة في الدنيا والآخرة:

- ‌4 - العمل بالقرآن سبب للشفاعة في الآخرة:

- ‌5 - العمل بالقرآن سبب لتكفير الذنوب وإصلاح البال:

- ‌رابعاً: الترهيب من هجر العمل بالقرآن الكريم

- ‌1 - هاجر العمل بالقرآن الكريم له مثل السوء:

- ‌2 - هاجر العمل بالقرآن الكريم يعذب في قبره إلى قيام الساعة:

- ‌3 - هاجر العمل بالقرآن الكريم وقود النار يوم القيامة:

- ‌4 - هجر العمل بالقرآن الكريم سبب من أسباب الفتنة وعلامة من علامات الساعة:

- ‌الفصل الثانيأسباب هجر العمل القرآن الكريم

- ‌أولاً: العادات والتقاليد:

- ‌ثانياً: الخوف على الدنيا والحرص عليها:

- ‌ثالثاً: فتنة الأئمة المضلين

- ‌الفصل الثالثالعمل بالقرآن الكريم في واقع السلف الصالح

- ‌تمهيد:

- ‌نماذج من عمل الصحابة بالقرآن الكريم

- ‌أولاً: نماذج عامة:

- ‌1 - الصحابة كلهم مستجيبون لله ورسوله عاملون بالقرآن الكريم

- ‌2 - نساء الصحابة عاملات بالقرآن الكريم

- ‌ثانياً: نماذج خاصة:

- ‌1 - صديق الأمة وخليفة رسول الله

- ‌2 - فاروق الأمة والخليفة العادل

- ‌3 - أبو طلحة الأنصاري

- ‌4 - أبو الدحداح والعذق الرداح

- ‌5 - ثابت بن قيس من أهل الجنة

- ‌6 - معقل بن يسار بين السمع والطاعة

- ‌7 - زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌الباب الخامسهجر التداوي والاستشفاء بالقرآن الكريم

- ‌الفصل الأولالمرض

- ‌أولاً: تعريف المرض:

- ‌ثانياً: أنواع المرض:

- ‌ثالثاً: ماذا يعني المرض عند المسلم

- ‌1 - المرض عقوبة:

- ‌2 - المرض كفارة:

- ‌3 - المرض منزلة ودرجة:

- ‌رابعاً: الأمر بالتداوي:

- ‌خامساً: الدعاء من أنفع الأدوية:

- ‌سادساً: القرآن علاج وشفاء:

- ‌سابعاً: أحاديث ضعيفة وردت في فضل التداوي بالقرآن:

- ‌الفصل الثانيالصرع

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً: تعريف الصرع:

- ‌ثانياً: الأدلة على إثبات الصرع:

- ‌أولاً: الأدلة من القرآن:

- ‌ثانياً: الأدلة من السنة:

- ‌ثالثاً: أنواع الصرع:

- ‌رابعاً: أسباب الصرع:

- ‌أولاً: أسباب الصرع الجني:

- ‌ثانياً: أسباب الصرع الطبي:

- ‌أسباب المرض في الطفولة:

- ‌الأسباب في البالغين:

- ‌خامسًا: أسباب انتشار ظاهرة الصرع:

- ‌1 - الوهم:

- ‌2 - الفراغ:

- ‌3 - كثرة كتب الجن والشياطين:

- ‌4 - حب الاستطلاع:

- ‌5 - جهل كثير من المعالجين:

- ‌الفصل الثالثالرقية الشرعية

- ‌أولاً: تعريف الرقية الشرعية:

- ‌ثانياً: حكم الرقية وشروطها:

- ‌ثالثاً: أقسام الرقى:

- ‌أولاً: باعتبار الراقي

- ‌ثانياً: أقسام الرقي باعتبار الزمن:

- ‌رابعاً: بعض الرقى لعلاج الصرع والسحر والحسد وسائر الأمراض:

- ‌1 - الرقي من القرآن الكريم:

- ‌2 - الرقى النبوية:

- ‌خامساً: بدع وأخطاء المعالجين:

- ‌أولاً: الحوار مع الجن وتصديقهم:

- ‌ثانياً: الاستعانة بالجن في العلاج:

- ‌ثالثاً: استرضاء الجن والذبح له:

- ‌رابعاً: الاعتماد على التجربة:

- ‌خامساً: التفرغ للرقية:

- ‌سادساً: التوسع في أخذ الأجر على الرقية:

- ‌سابعاً: علاج النساء:

- ‌ثامناً: الابتداع في الأذكار:

- ‌الفصل الرابعصور من هجر التداوي والاستشفاء بالقرآن الكريم

- ‌أولاً: إتيان السحرة والعرافين:

- ‌ثانياً: تعليق التمائم:

- ‌ثالثاً: الاستشفاء بتربة القبور:

- ‌رابعاً: إتيان الكنائس:

- ‌خامساً: حرز أبي دجانة:

- ‌الباب السادسهجر التحاكم بالقرآن الكريم

- ‌الفصل الأولأسباب الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌أولاً: الجهل بأحكام الشريعة الإسلامية:

- ‌ثانياً: انعدام الإيمان وضعفه:

- ‌ثالثاً: الجمود الفكري والتعصب المذهبي:

- ‌رابعاً: عقبة أعداء الإسلام:

- ‌1 - دعاة على أبواب جهنم:

- ‌2 - عقبة الحكام:

- ‌3 - عقبة الكفار:

- ‌الفصل الثانيوجوب تحكيم الشريعة الإسلامية

- ‌ وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌ ثمرات تطبيق الشريعة الإسلامية:

- ‌الفصل الثالثالحكم بغير ما أنزل الله في الميزان

- ‌ خطورة التكفير

- ‌أقوال علماء الإسلام في تحكيم القوانين

- ‌أحوال الحاكم بغير ما أنزل الله:

- ‌الآثار السيئة المترتبة على الحكم بغير ما أنزل الله:

- ‌الفصل الرابعصور من تحكيم الشريعة الإسلامية

- ‌النموذج الأول:

- ‌النموذج الثاني:

- ‌النموذج الثالث:

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌أولا: اقتضاء العلم للعمل

‌أولاً: اقتضاء العلم للعمل

اعلم - رحمك الله - أن طلب العلم مما تتنوع فيه الأغراض، وتختلف فيه المقاصد والنيات، كما أنه وسيلة من الوسائل التي يتوصل بها الإنسان إلى الأهداف والغايات، فمن الناس مَنْ يطلب العلم لغرض دنيوي، وذلك بأن يكون له به جاه وهيبة، وشرف ومكانة، ومنزلة وكرامة، ومنهم من يبتغي به الرياسة والقيادة، والهيمنة والزعامة، ومنهم مَنْ يتوصل به إلى أغراض دنيئة، ومقاصد خسيسة، كحب السيطرة والاستبداد، والجدل والمباهاة والمماراة. وأسعد الناس بالعلم، وأحسنهم حظاً وأزكاهم، وأشرفهم منزلة عند الله من يطلبه لمرضاة الله، والعمل به، والاهتداء بنوره، والامتثال لأمره.

عن إياس بن عامر قال: أخذ علي بن أبي طالب بيدي، ثم قال:(إنك إن بقيت، سيقرأ القرآن ثلاثة أصناف: فصنف لله، وصنف للجدال، وصنف للدنيا، ومَنْ طلب به أدرك)(1) فالمقصود الأعظم من العلم ليس أن يتزين به الإنسان، ولا أن يتشرف بتحصيله وجمعه، ودراسته وروايته، وتحقيقه ونشره من غير أن يكون له رغبة في العمل به، والالتزام بمقتضاه.

(1) رواه الدارمي (2/ 526). وهو ضعيف فيه إياس بن عامر ليس بالمعروف. راجع أخلاق حملة القرآن للآجري ص (41) تحقيق فواز أحمد زمرلي، طبعة دار الكتاب العربي.

ص: 249

ولقد ورد في تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (69) سورة العنكبوت.

قال عباس الهمداني أبو أحمد رحمه الله: والذين يعملون بما يعلمون نهديهم الله لما لا يعلمون (1).

قال عمر بن عبد العزيز: إنما قصر بنا عن علم ما جهلنا تقصيرنا في العمل بما علمنا، ولو عملنا ببعض ما علمنا لأورثنا علماً لا تقوم به أبداننا، قال الله تعالى:{وَاتَّقُواْ اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ} (282) سورة البقرة (2).

عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسْألَ عن أربع: عن عمره فيمَ أفناه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه، وعن شبابه فيمَ أبلاه» (3).

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لا يغرنكم مَنْ قرأ القرآن، فإنما هو كلام يتكلم به، ولكن انظروا من يعمل به)(4).

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل).

قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (اعلموا ما شئتم أن تعلموا، فلن يأجركم الله بعلمه حتى تعملوا).

(1) تفسير ابن كثير (3/ 559).

(2)

تفسير القرطبي (13/ 324).

(3)

(حديث صحيح) رواه الترمذي، والدارمي، والطبراني في الكبير، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

(4)

صحيح الترغيب والترهيب ص (58).

ص: 250

قال الخطيب البغدادي رحمه الله: (ثم إني موصيك يا طالب العلم! بإخلاص النية في طلبه، وإجهاد النفس على العمل بموجبه، فإن العلم شجرة، والعمل ثمرة، وليس يعد عالماً من لم يكن بعلمه عاملاً.

وقيل: العلم والد، والعمل مولود، والعلم مع العمل، والرواية مع الدراية، فلا تأنس بالعمل وما دمت مستوحشاً من العلم، ولا تأنس بالعلم مادمت مقصراً في العمل، ولكن اجمع بينهما وإن قلَّ نصيبك منهما.

والعلم يراد للعمل، كما العمل يراد للنجاة، فإذا كان العمل قاصراً عن العلم، كان العلم كلاًّ على العالِم، ونعوذ بالله من علم عاد كلاًّ، وأورث ذلاً، وصار في رقبة صاحبه غِلاً.

قال بعض الحكماء: العلم خادم العمل، والعمل غاية العلم، فلولا العمل لم يطلب علم، ولولا العلم لم يطلب عمل، ولأن أدع الحق جهلاً به، أحب إليَّ من أدعه زهداً فيه.

وقال بعضهم: وهل جامع كتب العلم إلا كجامع الفضة والذهب، وهل المنهوم بها إلا كالحريص الجشع عليهما، وهل المغرم بحبها إلا كتاركهما، وكما لا تنفع الأموال إلا بإنفاقها، كذلك لا تنفع العلوم إلا لمن عمل بها، وراعى واجباتها، فلينظر امرؤٌ لنفسه، وليغتنم وقته، فإن الثواء (1) قليل، والرحيل قريب، والطريق مخوف، والاغترار غالب، والخطر عظيم، والناقد بصير، والله تعالى

(1) ثوى: المكان، و - به يثوي ثِواءٌ وثُويّاً، بالضم، وأثوى به: أطال الإقامة به، أو نزل. راجع القاموس المحيط للفيروز آبادي ص (1268) طبعة مؤسسة الرسالة.

ص: 251

بالمرصاد، وإليه المرجع والمعاد {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (7_ 8) سورة الزلزلة.

قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله:

(الناس كلهم سكارى إلا العلماء، والعلماء كلهم حيارى إلا من عمل بعلمه).

قال أبوعبد الله الروزباري رحمه الله:

(العلم موقوف على العمل، والعمل موقوف على الإخلاص، والإخلاص لله يورث الفهم عن الله عز وجل).

وقد أحسن القائل:

يا أيها الرجل المُعلم غيره

هلَاّ لنفسك كان ذا التعليم

لاتنه عن خُلُق وتأتي مثله

عارٌ عليك إذا فعلت عظيم

وابدأ بنفسك فانهها عن غيها

فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك تقبل إن وعظت ويقتدي

بالقول منك وينفع التعليم

تصف الدواء لذي السقام من الضنا

كيما يصح به وأنت سقيم

وأراك تلقح بالرشاد عقولنا

نصحاً وأنت من الرشاد عديم

وقال عبد الملك بن إدريس الوزير الكاتب:

والعلم ليس بنافع أربابه

مالم يفد عملاً وحسن تبصر

سيَّان عندي علم من لم يستفد

عملاً به وصلاة من لم يطهر

فاعمل بعلمك توف نفسك وزنها

لا ترض بالتضييع وزن المخسر

وأنشد محمد بن علي الأصبهاني لبعضهم:

اعمل بعلمك أيها الرجل

لا ينفع العلم إن لم يحسن العمل

والعلم زين وتقوى الله زينته

والمتقون لهم في علمهم شغل

ص: 252