الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكم بغير ما أنزل الله جائز فهو كافر كفراً أكبر.
4 -
ومن قال: أنا أحكم بهذا وهو يعتقد أن الحكم بغير ما أنزل الله لا يجوز، ويقول الحكم بالشريعة الإسلامية أفضل، ولا يجوز الحكم بغيرها، ولكنه متساهل أو يفعل هذا الأمر أو يفعل هذا الأمر صادر عن أحكامه فهو كافر كفراً أصغر ولا يخرج من الملة ويعتبر من أكبر الكبائر) (1).
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث في المملكة العربية السعودية السؤال التالي:
س: مَنْ لم يحكم بما أنزل الله هو مسلم أم كَفَرَ كُفْراً أكبر وتقبل منه أعماله؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
…
وبعد:
ج - قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} لكن إن استحل ذلك واعتقده جائز فهو كفر أكبر وظلم أكبر، وفسق أكبر يخرج من الملة، أما إن فعل ذلك من أجل الرشوة أو مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك فإنه آثم ويعتبر كافراً كفراً أصغر، وفاسقاً فسقاً أصغر لا يخرجه من الملة، كما أوضح ذلك أهل العلم في تفسير الآيات المذكورة. أ. هـ. (2)
الآثار السيئة المترتبة على الحكم بغير ما أنزل الله:
قد أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم لتسعد به البشرية من خلال تطبيق أحكامه وتنفيذ ما جاء فيه، ولما أعرض الناس عنه - إلا مَنْ رحم الله - وحكموا
(1) التكفير بين أهل السنة وفرق الضلال (72 - 73).
(2)
راجع مجلة السلفية ص (44) العدد (6) لعام 1422 هـ.
أقوال الرجال في الأموال والأعراض والدماء نزل بهم عقاب الله من سخط وغضب وها هي بعض الآثار المترتبة على الحكم بغير ما أنزل الله في واقع الناس:
1 -
فساد عقيدة التوحيد بين المسلمين، وانتشار مظاهر الشرك في بلاد الإسلام حيث يُذْبَحُ لغير الله ويُنْذَر ويُطْلَبُ جلبُ النفع ودفع الضر من الأولياء والصالحين
…
2 -
انتشار المذاهب العلمانية والكفرية بين أبناء المسلمين والانتساب لها والعمل في صفوفها.
3 -
ظهور البدع في الدين والأقوال والأعمال المحدثة في العبادات التي قلما يسلم منها مسلم إلا من اتبع الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة بفهم السلف الصالح.
4 -
السخرية والاستهزاء بشريعة الإسلام ومَنْ يدعو إليها ويطبقها في واقع الحياة، بل وصل الحال في بعض الأحيان إلى السخرية من الله - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً - ومن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن القرآن الكريم.
5 -
صارت الغلبة والمكانة لأهل الكفر والنفاق وصارت بلاد الإسلام كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: " يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " قالوا: فمن قلة يومئذ؟ قال: " لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن في قلوبكم وينزع الرعب من قلوب عدوكم؛ لحبكم الدنيا وكراهية الموت "(1).
وهكذا عندما نحيت الشريعة الإسلامية عن واقع الحياة نُكَّسَتْ معها راية الجهاد في سبيل الله فأصاب المسلمين الذل والصغار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما
(1)(حديث صحيح) رواه أحمد وأبو داود عن ثوبان، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (956).
جُعِلَ رزقي تحت ظل رمحي، وجُعِلَ الذلُّ والصغارُ على مَنْ خالف أمري ".
6 -
تعطيل تطبيق الحدود الشرعية كعقوبة ربانية لبعض الذنوب والمعاصي مما أدى إلى الكثير من العواقب الوخيمة ومنها:
أ - اجتراء الناس على محارم الله ومواقعتهم لحمى الله، والله يغار أن تنتهك محارمه أو يعتدى على حماه.
فترى الحوادث والجرائم تكثر بشكل مذهل وبنسبة عظيمة متزايدة عاماً بعد عام، وهذا ما يلمس واضحاً من واقع أرقام الإحصائيات الرسمية للجرائم والجنايات في الأقطار والبلاد المبتلاة بتلك الأنظمة والقوانين سواءً من البلاد غير الإسلامية أو بلاد المسلمين التي تطبق القوانين الوضعية.
ب - انتشار الخوف وظاهرة القلق والاكتئاب مما ترتب عليه انتشار العيادات النفسية، وارتفاع نسبة الانتحار، والإفراط في شرب الخمور والمسكرات والتدخين.
جـ - انعدام الروح الجماعية في الأسرة والمجتمع وشدة بروز الروح الفردية والأنانية.
د - انقسام المجتمع إلى طبقات اجتماعية متفاوتة بدرجة كبيرة جداً في نظام المعيشة، وارتفاع معدل الفقر والبطالة بين الناس.
7 -
إهمال الشعائر الإسلامية وعدم الحرص على إقامتها بين الناس مثل: الصلاة عمود الدين فترى أعداداً لا حصر لها من المسلمين لا يدخلون المساجد ولا يعرفون شيئاً من أحكام الصلاة، وكذلك الزكاة فقد عطلت ولم تقم الحكومات على جمعها وتوزيعها على مصارفها الشرعية، حتى لم تعنف تاركها ومانعها، فضلاً عن قتاله كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع مانعي الزكاة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم -
وقال: (والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه).
8 -
عدم الاستقرار، والتفرق والاختلاف، والتنازع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وإذا خرج ولاة الأمور عن الحكم بغير ما أنزل الله، وقع بأسهم بينهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما حكم قوم بغير ما أنزل الله إلا وقع بأسهم بينهم " وهذا من أعظم أسباب تغير الدول كما جرى مثل هذا مرة بعد مرة في زماننا وغير زماننا، ومن أراد الله سعادته جعله يعتبر بما أصاب غيره فيسلك مسلك من أيده الله ونصره، ويجتنب مسلك من خذله الله وأهانه، فإن الله يقول في كتابه: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (40 - 41) سورة الحج.
فقد وعد الله بنصر من ينصره، ونصره هو نصر كتابه ودينه ورسوله، لا نصر من يحكم بغير ما أنزل الله ويتكلم بما لا يعلم) (1).
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (35/ 388).