الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقوال علماء الإسلام في تحكيم القوانين
(1):
هذا بعض ما قاله علماء الإسلام المعتبرين على مدار القرون تسليم كف بكف وكابر عن كابر .. في تأويل آيات الحكم بغير ما أنزل الله، من الصدر الصالح وعلى رأسهم ابن عباس رضي الله عنهما إلى التابعين كعكرمة وغيرهما
…
من أئمة التفسير والأثر إلى علماء الملة المعاصرين الذين شهدوا على العصر، وشهد لهم بالعلم والصلاح - رحم الله الجميع -.
1 -
روى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ، قال: مَنْ جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومَنْ أقر به، ولم يحكم به فهو ظالم فاسق (2).
2 -
قال القرطبي: وقال ابن مسعود والحسن: هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله، أي معتقداً ومستحلاً له) (3).
وكذلك قال السدي وإبراهيم النخعي (4).
3 -
وقال مجاهد في هذه الآيات الثلاث: من ترك الحكم بما أنزل الله رداً لكتاب الله فهو كافر ظالم فاسق (5).
(1) راجع مجلة السلفية ص (45 - 47) العدد (6) لعام 1422 هـ.
(2)
صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (179). وأخرجه ابن جرير في تفسيره: (10/ 357) وابن المنذر وغيرهم).
(3)
الجامع للأحكام القرآن (6/ 190).
(4)
انظر تفسير الطبري (10/ 356 - 357).
(5)
مختصر تفسير الخازن (1/ 310).
4 -
وقال عكرمة: ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به فقد كفر، ومَنْ أقر به، ولم يحكم به فهو ظالم فاسق (1).
قال الخازن وهو قول ابن عباس - أيضاً -.
5 -
وهو اختيار الزجاج (2).
6 -
وقال شيخ المفسرين الطبري: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب مَنْ قال: (نزلت هذه الآيات في كُفَّار أهل الكتاب، لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات فيهم نزلت، وهم المعنيون بها، وهذه الآيات سياق الخبر عنهم، فكونها خبراً عنهم أولى.
فإن قال قائل: فإن الله - تعالى ذكره - قد عَمَّ بالخبر بذلك عن جميع مَنْ لم يحكم بما أنزل الله، فكيف جعلتها خاصاً؟
قيل: إن الله تعالى عم بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرين، وكذلك القول في كل مَنْ لم يحكم بما أنزل جاحداً به، هو بالله كافر، كما قال ابن عباس (3).
7 -
وقال أبوالسعود: أي مَنْ لم يحكم بذلك مستهيناً منكراً. {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} . (4).
8 -
وقال النسفي: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ} مستهيناً به لاستهانتهم به (5).
(1) مختصر تفسير الخازن (1/ 310).
(2)
مختصر تفسير الزجاج (1، 310).
(3)
تفسير الطبري (10/ 358).
(4)
تفسير أبو السعود (2/ 64).
(5)
تفسير النسفي (10/ 285).
9 -
وقال أبو بكر الجصاص: وقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} لا يخلو من أن يكون مراده الشرك والجحود، أو كفر النعمة من غير جحود، إن كان المراد جحود حكم الله، أو الحكم بغيره مع الإخبار بأن حكم الله فهذا كفر يخرج عن الملة، وفاعله مرتد وإن كان قبل ذلك مسلماً.
وعلى هذا تأوله مَنْ قال: إنها أنزلت في بني إسرائيل وجرت فينا يعنون: (أن من جحد حكم الله، أو حكم بغير حكم الله ثم قال: إن هذا حكم الله فهو كافر، كما كفرت بنو إسرائيل حين فعلوا).
وإن كان المراد به كفر النعمة، فإن كفران النعمة قد يكون بترك الشكر عليها من غير جحود، فلا يكون فاعله خارجاً من الملة.
والأظهر هو المعنى الأول لإطلاقه اسم الكفر على من لم يحكم بما أنزل الله).
10 -
وقال شارح الطحاوية: (وهنا أمر يجب التفطن له، وهو أن الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفراً ينقل عن الملة، وقد يكون معصية كبيرة أو صغيرة، ويكون كفراً إما مجازياً وإما كفراً أصغر وذلك حسب حال الحاكم:
فإنه إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب، وأنه مُخَيَّر فيه، أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله، فهذا كفر أكبر.
وإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله، وعَلِمَه في هذه الوقعة، وعدل عنه، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا عاصٍ، ويُسَمَّى كفراً مجازياً، أو كفراً أصغر) (1).
(1) شرح العقيدة الطحاوية (323، 324).
11 -
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر، فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله هو كافر، فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل، وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرهم، بل كثير من المنتسبين يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله سبحانه وتعالى، كسوالف البادية، وكأوامر المطاعين فيهم، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة وهذا هو الكفر، فإن كثيراً من الناس أسلموا، ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية لهم التي يأمر بها المطاعون، فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك، بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار، وإلا كانوا جهالاً)(1).
12 -
وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى -:
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} لأنهم جحدوا حكم الله قصداً منهم وعناداً وعمداً، وقال ههنا:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ، لأنهم لم ينصفوا المظلوم من الظالم في الأمر الذي أمر الله بالعدل والتسوية بين الجميع فيه، فخالفوا وظلموا وتعدوا) (2).
17 -
(*) وقال علامة الشام الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله:
(كفر الحاكم بغير ما أنزل الله بقيد الاستهانة والجحود له، هو الذي نحاه كثيرون
(1) منهاج السنة النبوية (5/ 130).
(2)
تفسير القرآن العظيم (2/ 337).
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع (17) بعد (12)
وآثروه عن عكرمة وابن عباس) (1).
18 -
وقال صاحب المنار رحمه الله:
(وقد استحدث كثير من المسلمين من الشرائع والأحكام نحو ما استحدث الذين من قبلهم، وتركوا - بالحكم بها - بعض ما أنزل الله عليهم، فالذين يتركون ما أنزل الله في كتابه من الأحكام من غير تأويل يعتقدون صحته، فإنه يصدق عليهم ما قاله الله في الآيات الثلاث أو في بعضها، كل بحسب حاله:
- فمَنْ أعرض عن الحكم بحد السرقة، أو القذف، أو الزنى، غير مذعن له لاستقباحه إياه، وتفضيل غيره من أوضاع البشر عليه فهو كافر قطعاً.
- ومَنْ لم يحكم به لعلة أخرى فهو ظالم إن كان في ذلك إضاعة الحق أو ترك العدل والمساواة فيه، وإلا فهو فاسق فقط.
- فإننا نرى كثيرين من المسلمين المتدينين يعتقدون أن قضاة المحاكم الأهلية الذين يحكمون بالقانون كفاراً أخذاً بظاهر قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ، ويستلزم الحكم بتكفير القاضي الحاكم بالقانون تكفير الأمراء والسلاطين الواضعين للقوانين، فإنهم وإن لم يكونوا ألفوها بمعافهم، فإنها وضعت بإذنهم، وهم الذين يولون الحكام ليحكموا بها ..
أما ظاهر الآية فلم يقل به أحد من أئمة الفقه المشهورين، بل لم يقل به أحد (قط)!!! (2).
(1) محاسن التأويل (6/ 1998).
(2)
تفسير المنار (6/ 405 - 406).
19 -
وقال العلامة الشنقيطي رحمه الله:
(واعلم أن تحرير المقام في هذا البحث أن الكفر والظلم والفسق، كل واحد منها أطلق في الشرع مراد به المعصية،
…
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} معارضة للرسل، وإبطالاً لأحكام الله، فظلمه وفسقه وكفره كلها مخرج عن الملة.
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} معتقداً أنه مرتكب حراماً، فاعل قبيحاً، فكفره وظلمه وفسقه غير مخرج من الملة) (1).
20 -
وقال العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ - رحمه الله تعالى -:
(.. وجاءت السنة بأن الطاعة في المعروف، وهو ما أمر الله به ورضيه من الواجبات والمستحبات. وإنما يحرم التحكيم إذا كان المستند إلى شريعة باطلة تخالف الكتاب والسنة، كأحكام اليونان والإفرنج والتتر وقوانينهم التي مصدرها آراؤهم وأهواؤهم، وكذلك سوالف البادية وعاداتهم الجارية، فمَنْ استحل الحكم بهذا في الدماء أو غيرها فهو كافر، قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}، وهذه الآية ذكر فيها بعض المفسرين: أن الكفر المراد هنا كفر دون الكفر الأكبر، لأنهم فهموا أن تتناول من حكم بغير ما أنزل الله، وهو غير مستحل لذلك، ولكنهم لا ينازعون في عمومها للمستحل، وأن كفره مخرج عن الملة ..) أ. هـ (2).
(1) أضواء البيان (2/ 104).
(2)
عن كتاب منهاج التأسيس والتقديس، للعلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ، (70 - 71).
21 -
وقال المفتي العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي المملكة العربية السعودية الأسبق رحمه الله:
(وكذلك تحقيق معنى محمد رسول الله من تحكيم شريعته، والتقيد بها، ونبذ ما خالفها من قوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي من حكم بها أو حاكم إليها معتقداً صحة ذلك وجوازه فهو كافر الكفر الناقل عن الملة، وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه فهو كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملة) أ. هـ (1).
22 -
وقال العلامة الشيخ السعدي رحمه الله:
(فالحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، وقد يكون كفراً ينقل عن الملة، وذلك إذا اعتقد حله وجوازه، وقد يكون كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أعمال الكفر قد استحق من فعله العذاب الشديد .. {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} قال ابن عباس: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم وفسق دون فسق، فهو ظلم أكبر عند استحلاله، وعظيمة كبيرة عند فعله غير مستحل له)(2).
23 -
وقال العلامة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله:
(فقد اطلعت على الجواب المفيد القيم الذي تفضل به صاحب الفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني وفقه الله المنشور في صحيفة (المسلمون)(نقلاً عن المجلة السلفية) الذي أجاب به فضيلته على من سأله عن (تكفير من حكم بغير ما أنزل الله من غير تفصيل) فألفيتها كلمة قيمة أصاب فيها الحق وسلك فيها سبيل المؤمنين وأوضح - وفقه الله -
(1) فتاواه (1/ 80).
(2)
تيسير الكريم الرحمن (2/ 396 - 397).