الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولاً: معنى السماع
السماع لغةً:
قال ابن منظور رحمه الله: سمع: السَّمْعُ حسُّ الأذن، وفي التنزيل:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (37) سورة ق؛ وقال ثعلبُ: معناه: خلا له فلم يشتغل بغيره، وقد سمعه سَمْعاً وسِمْعاً وسَمَاعاً وسَمَاعة وسَمَاعية
…
قال ابن السكيت: (السَّمْعُ) سَمْعُ الإنسان وغيره، ويكون واحداً وجمعاً، كقوله تعالى:{خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ} (7) سورة البقرة. لأنه في الأصل مصدر قولك (سَمِعَ) الشيء بالكسر (سَمْعاً) و (سَمَاعاً) وقد يجمع على (أسماع) وجمع الأسماع (أسامع).
وقوله تعالى: {وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ} (81) سورة النمل. أي ما تسمع إلا من يؤمن بها، وأراد بالإسماع ههنا القبول والعمل بما يسمع، لأنه إذا لم يقبل ولم يعمل فهو بمنزلة من لم يسمع. وسَمَّعه الصوت وأسمعه: استمع له. وتَسَّمع إليه أي أصغى.
وقد تأتي (سَمِعَ) بمعنى أجاب، ومن أمثلة ذلك:(سمع الله لمن حمده) أي
أجاب الله حمده وتقبله، وفي الحديث:(اللهم إني أعوذ بك من دعاء لا يُسمع) أي لا يستجاب ولا يعتد به فكأنه غير مسموع.
والسميع: من صفاته عز وجل وأسمائه، لا يعزب عن إدراكه مسموع، وإن خفي، وسع سمعه الأصوات كلها، قال تعالى:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} . وقال: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى} (80) سورة الزخرف.
قال الأزهري: وهو سبحانه سميع ذو سمع بلا تكييف ولا يشبه بالسمع من خلقه ولا سمعه كسمع خلقه، ونحن نصف الله بما وصف به نفسه بلا تحديد ولا تكييف.
ورجل سمَّاع إذا كان كثير الاستماع لما يقال وينطق به، قال تعالى:{سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} (42) سورة المائدة.
فُسِّر قوله: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} على وجهين: أحدهما: أنهم يسمعون لكي يكذبوا فيما سمعوا. الثاني: ويجوز أن يكون أنهم يسمعون الكذب ليشيعوه في الناس. والله أعلم بما أراد (1).
السماع اصطلاحاً: قال الإمام ابن القيم: (وحقيقة السماع تنبيه القلب على معاني المسموع وتحريكه عنها طلباً أو هرباً، وحباً أو بغضاً)(2).
(1) لسان العرب لابن منظور (6/ 363 - 365) بتصرف، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى.
(2)
(مدارج السالكين (1/ 517) انظر نضرة النعيم (6/ 2301)).