الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسرار أبعد عن الرياء والتصنع فهو أفضل في حق من يخاف ذلك على نفسه، فإن لم يخف ولم يكن في الجهر ما يشوش الوقت على مصلٍ آخر، فالجهر أفضل لأن العمل فيه أكثر، ولأن فائدته من اللازم، ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر فيه، ويصرف إليه سمعه، ولأنه يرجو بجهره تيقظ نائم فيكون هو سبب إحيائه، ولأنه قد يراه بَطَّال غافل فينشط بسبب نشاطه ويشتاق إلى الخدمة، فمتى حضره شيء من هذه النيات، فالجهر أفضل، وإن اجتمعت هذه النيات تضاعف الأجر، وبكثرة النيات تزكو أعمال الأبرار، وتتضاعف أجورهم، فإن كان في العمل الواحد عشر نيات، كان فيه عشر أجور) (1).
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: (يراعى فيه الأصلح للقارئ من الجهر أو الأسرار مما يجمع قلبه على القراءة وتدبر معاني ما يتلوه من معاني القرآن الكريم. (2)
6 - هل يجوز مس المصحف على غير طهارة
؟
ذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز مس المصحف للمحدث مطلقاً سواء أكان حدثاً أصغر أو حدثاً أكبر فمنعوا غير المتوضئ والجنب والحائض والنفساء من مس المصحف؛ واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (79) سورة الواقعة، وقوله صلى الله عليه وسلم:" لا يمس القرآن إلا طاهر "(3).
(1) إحياء علوم الدين للغزالي (1/ 329)، وانظر البرهان في علوم القرآن (1/ 547)، التبيان ص (58 - 59).
(2)
فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة الثانية، المجلد الثالث، ص 80
(3)
(حديث صحيح) صححه الألباني في صحيح الجامع (7780)، المشكاة (465) والإرواء (122) وقال:(وجملة القول: أن الحديث طرقه كلها لا تخلو من ضعف لكنه ضعف يسير إذ ليس في شيء منها من اتهم بالكذب، وإنما العلة بالإرسال أو سوء الحفظ وكثرة الطرق يقوي بعضها بعضاُ).
وفعل الصحابة رضي الله عنهم ومنهم سعد بن أبي وقاص كما رواه الإمام مالك في الموطأ كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص؛ أنه قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص، فاحتككت. فقال سعد: لعلك مسست ذكرك؟ قال: فقلت نعم. فقال: قم، فتوضأ. فقمت، فتوضأت، ثم رجعت.
وأجاب عن ذلك القائلون بالجواز بأن الاستدلال بالآية الكريمة لا يسلم للقائلين بالمنع وذلك لأن جمهور المفسرين ذهبوا إلى أن الضمير في الآية في قوله: {لَّا يَمَسُّهُ} المقصود به الكتاب المكنون الذي في السماء، والمطهرون هم الملائكة، وهذا ما يشعر به سياق الآيات الكريمة، قال تعالى:{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} ويؤيد ذلك قوله تعالى {فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ} .
أما الحديث " لا يمس القرآن إلا طاهر " فلفظ " طاهر " لفظ مشترك، يطلق على الطاهر من الحدث الأكبر، والطاهر من الحدث الأصغر، ويطلق على المؤمن، وعلى من ليس على بدنه نجاسة، ولابد لحمله على معين من قرينه، والأحاديث التي احتجوا بها في المنع لا يثبت منها شيء. قال الإمام ابن حزم رحمه الله: (وأما مس المصحف فإن الآثار التي احتج بها من لم يجز للجنب مسه فإنه لا يصح