الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
أهل التواضع وعدم الكبر.
2 -
التدبر لما يسمع.
3 -
البكاء والخشية عند استماع القرآن.
4 -
الاستجابة السريعة، وذلك يتضح في سرعة إيمانهم بالله
5 -
الدعاء الصالح بعد العمل الصالح.
6 -
مراقبة الله في السر والعلن، ولذا وصفهم الله بالمحسنين
7 -
جزاؤهم يوم القيامة جنات تجري من تحتها الأنهار.
استماع النجاشي وأساقفته للقرآن الكريم
وهذه قصة أخرى في استماع النصاري للقرآن، وتأثرهم به، ترويها لنا أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنهما وذلك عندما هاجر المسلمون بدينهم إلى الحبشة فراراً من أذى الكفار والمشركين، ولكنه عز على المشركين أن يجد المهاجرون مأمناً لأنفسهم ودينهم، فاختارو رجلين جلدين لبيبين، وهما: عمرو بن العاص وعبد الله ابن أبي ربيعة - قبل أن يُسْلمَا - وأرسلوا معهما الهدايا المستطرفة للنجاشي ولبطارقته، وبعد أن ساق الرجلان تلك الهدايا إلى البطارقة، وزوداهم بالحجج التي يطرد بها أولئك المسلمون، وبعد أن اتفقت البطارقة أن يشيرو على النجاشي بإقصائهم، حضرا إلى النجاشي، وقدما له الهدايا ثم كلماه، فقالا له: أيها الملك، إنه قد ضوى إلى بلدك غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم، لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عيناً، وأعلم بما عابوا عليهم، وعاتبوهم فيه.
وقالت البطارقة: صدقا أيها الملك، فأسلمهم إليهما، فليرداهم إلى قومهم وبلادهم ولكن رأى النجاشي أنه لابد من تمحيص القضية، وسماع أطرافها جميعاً، فأرسل إلى المسلمين، ودعاهم، فحضروا، وكانوا قد أجمعوا على الصدق كائناً ما كان، فقال لهم النجاشي: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلو ابه في ديني أو دين أحد من هذه الملل؟
قال جعفر بن أبي طالب: أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام ونأكل الميتة، نأتي الفواحش ونقطع الأرحام، ونسىء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام - فعدد عليه أمور الإسلام - فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ماجاء من دين الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئاً، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك واخترناك على مَنْ سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك.
فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟ فقال جعفر: نعم: فقال النجاشي: فاقرأه عليَّ. فقرأ عليه صدراً من (كهيعص) فبكى والله النجاشي
حتى اخضلت لحيته، وبكت أساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم حين سمعو ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا - يخاطب عمرو وعبد الله - فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يكادون، فخرجا
…
" (1).
(1)(سنده صحيح) أخرجها ابن إسحق في المغازي (1/ 211 - 213) من ابن هشام وأحمد برقم (1740) من طريق ابن إسحق بسند صحيح، من حديث أم سلمة رضي الله عنها قاله الألباني في تخريج فقه السيرة ص (154)، وقال الأرناؤوط: وهذا سنده صحيح، في تخريج زاد المعاد (3/ 29).