الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتلك هي الحجة للتنصل من أحكام الله تعالى، وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم وترك العمل بالقرآن، وتنحيته عن واقع الناس.
إنه التقليد الأعمى والجمود، بل هو الكفران والجحود.
لو نظرت - أخي الحبيب - إلى واقع الناس اليوم لوجدت ذلك واضحاً جلياً في كثير من النماذج والصور لهجر العمل بالقرآن الكريم بسبب العادات والتقاليد منها على سبيل المثال: قضية التبرج والسفور التي أصبحت سمة من سمات نساء هذا العصر حتى أصبح الحجاب غريباً بين نساء المسلمين. فلو دعوت إحداهن إلى الحجاب والطهر والعفاف لتعللت بأن النساء كلهن على هذا، أو أنها لم تقتنع به! أو أنه يخالف العصر والتقدم!! وغيرها من حيل الشيطان.
ثانياً: الخوف على الدنيا والحرص عليها:
لقد كانت الحجة منذ القديم، في ترك العمل بالقرآن الكريم هي ما ذكره الله - جل وعلا - في محكم التنزيل وهو أصدق القائلين.
قال الله تعالى: {وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} (57) سورة القصص.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
(يقول تعالى مخبراً عن اعتذار بعض الكفار في عدم اتباع الهدى حيث قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي نخشى إن اتبعنا ما جئت به من الهدى وخالفنا من حولنا من أحياء العرب المشركين أن يقصدونا بالأذى والمحاربة ويتخطفونا أينما كنا.
قال تعالى مجيباً لهم: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا} يعني هذا الذي اعتذروا به كذب وباطل، لأن الله تعالى جعلهم في بلد أمين وحرم
معظم آمن منذ وضع، فكيف يكون هذا الحرم آمناً لهم في حال كفرهم وشركهم ولا يكون آمناً لهم وقد أسلموا وتابعو الحق؟) (1).
يقول سيد قطب رحمه الله: (وإن الكثيرين ليشفقون من اتباع شريعة الله، والسير على هداه، ويشفقون من أعداء الله ومكرهم، ويشفقون من تألب الخصوم عليهم، ويشفقون من المضايقات الاقتصادية وغير الاقتصادية!!
إن هي إلا أوهام كأوهام قريش يوم قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم {وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} . فلما اتبعت هدى الله سيطرت على مشارق الأرض ومغاربها في ربع قرن أو أقل من الزمان). (2)
فيا من تحرصون على الدنيا وزينتها، وعلى المنصب والجاه والسلطان وعلى الوظيفة والكراسي الزائلة، اعلموا أن الرزق بيد الله، وأن الحمى في جناب الله، يقول تعالى:{وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} (22) سورة الذاريات.
ويقول تعالى في موضع آخر: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} (175) سورة الأعراف.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
(فشبه سبحانه من آتاه كتابه، وعلمه العلم الذي منعه غيره، فترك العمل به، واتبع هواه، وآثر سخط الله على رضاه، ودنياه على آخرته، والمخلوق على الخالق، بالكلب الذي هو من أخبث الحيوانات، وأوضعها قدراً، وأخسها نفساً، وهمته لا تتعدى بطنه، وأشدها شرهاً وحرصاً،
…
وفي تشبيه من آثر الدنيا وعاجلها على الله والدار الآخرة - مع وفور علمه -
(1) تفسير ابن كثير (3/ 523).
(2)
في ظلال القرآن.