الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
تمكين الجني المتلبس ببدن الإنسي بالبقاء أطول مدة ممكنة لترك قراءة القرآن والأذكار النبوية.
ثانياً: الاستعانة بالجن في العلاج:
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله -:
(الاستعانة بالجن سواءً أكانوا مسلمين أم غير مسلمين وسيلةً من وسائل الشرك، والاستعانة معناها: طلب الإعانة؛ ولهذا فمن المتقرر عند أهل العلم أنه لايجوز طلب الإعانة من مسلمي الجن؛ لأن الصحابة - رضوان الله عليهم - لم يطلبوا ذلك منهم، وهم أولى أن تخدمهم الجن، وأن تعينهم.
وأصل الاستعانة بالجن: من أسباب إغراء الإنسي بالتوسل إلى الجني، وبرفعة مقامه، وبالاستمتاع به، وقد قال - جل وعلا -:{وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا} (128) سورة الأنعام. فحصل الاستمتاع - كما قال المفسرون - من الجني بالإنسي: بأن الإنسي يتقرب إليه، ويخضع له، ويذل، ويكون في حاجته، ويحصل الاستمتاع من الإنسي بالجني بأن يخدمه الجني، وقد يكون مع ذلك الاستمتاع ذبحٌ من الإنسي للجني، وتقربٌ بأنواع العبادات، أو بالكفر بالله - جل وعلا - والعياذ بالله، بإهانة المصحف، أوبامتهانه أو نحو ذلك؛ ولهذا نقول إن تلك الاستعانة بجميع أنواعها لا تجوز، فمنها ماهو شرك - كالاستعانة بشياطين الجن - يعني: الكفار - ومنها ماهو وسيلةٌ إلى الشرك، كالاستعانة بمسلمي الجن.
وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إن الجن قد تخدم
الإنسي. وهذا المقام فيه نظر وتفصيل؛ ذلك أنه رحمه الله ذكر في آخركتاب النبوات: أن أولياء الله لا يستخدمون الجن إلا بما فعله معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أمرهم، ونهاهم، أي: بالأوامر، والنواهي الشرعية، أما طلب خدمتهم وطلب إعانتهم: فإنه ليس من سجايا أولياء الله، ولا من أفعالهم قال: مع أنه قد تنفع الجن الإنس، وقد تقدم له بعض الخدمة ونحو ذلك، وهذا صحيح من حيث الواقع.
فالحاصل أن المقام فيه تفصيل: فإذا كان الاستخدام بطلب الخدمة من الجني المسلم، فهذا وسيلة إلى الشرك، ولا يجوز أن يعالج عند أحد يعرف منه أنه يستخدم الجن المسلمين. وإذا كانت الجن تخدم بعض الناس بدون طلبه، فإن هذا قد يحصل، لكن لم يكن هذا من خلق أولياء الله، ولا مماسخره الله - جل وعلا - لخاصة عباده، فلا يسلم من هذا حاله من نوع خلل جعلت الجن تكثر من خدمته، وإخباره بالأمور، ونحو ذلك.
فالحاصل: أن هذه الخدمة إذا كانت بطلب منه، فإنها لاتجوز، وهي نوع من أنواع المحرمات؛ لأنها نوع استمتاع، وإذا كانت بغير طلبٍ منه فينبغي له أن يستعيذ بالله من الشياطين ويستعيذ بالله من شر مردة الجن؛ لأنه قد يؤدي قبول خبرهم، واعتماده، إلى حصول الأنس بهم، وقد يقوده ذلك الاستخدام إلى التوسل بهم والتوجه إليهم - والعياذ بالله - فإذا تبين ذلك: فإن خبر الجن عند أهل العلم ضعيف، لايجوز الاحتجاج به عند أهل الحديث، وذكر ذلك أيضاً الفقهاء. وهذا صحيح؛ لأن البناء على الخبر وقبوله: هو فرعٌ عن تعديل المخبر، والجني غائب، وعدالته غير معروفة، وغير معلومة عند السامع، فإذا بنى الخبر عمَّن جاءه به من الجن وهو لم يرهم، ولم يتحقق عدالتهم إلا بما سمع من خطابهم
- وهي لا تكفي - فإنه يكون قد قبل خبر من يحتمل أنه فاسق؛ ولهذا قال الله - جل وعلا -: {ياأيها الذين آمنوا إن جائكم فاسق بنبإٍ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (6) سورة الحجرات. والذين يقبلون إخبار الجن، وإعلام الجن لهم ببعض الحوادث، تحصل منهم مفاسد متنوعة كثيرة ....
فهذه المسألة يجب على طلاب العلم أن يسعوا في إنكارها وبذل الجهد في إقامة الحجة على من يستخدم الجن، ويتذرع بأن بعض العلماء أباح ذلك، والواقع أن هذا العمل وسيلة من وسائل الشرك بالله - جل وعلا - واقرؤوا أول كتاب ((تاريخ نجد)) لابن بشر، حيث قال إن سبب دخول الشرك إلى قرى نجد أنه كان بعض البادية إذا أتى وقت الحصاد أو أتى وقت خرف النخيل، فإنهم يقطنون بجانب تلك القرى ومعهم بعض الأدوية والأعشاب فإذا كانوا كذلك فربما سألهم بعض جهلة تلك القرى حتى حببوا إليهم بعض تلك الأفعال المحرمة من جراء سؤالهم وحببوا إليهم بعض الشركيات أوبعض البدع حتى فشا ذلك بينهم فبسب هؤلاء المتطببين الجهلة، والقراء المشعوذين انتشر الشرك - قديماً - في الديار النجدية وما حولها، كما ذكر ابن غنَّام. وقد حصل أن بعض مستخدمي الجن، كثر عنده الناس، فلما رأى من ذلك، صار يعالج علاجاً نافعاً، فزاد تسخر الجن له، حتى ضعف تأثيره، فلما ضعف تأثيره ولم يستطع مع الحالات التي تأتيه للقراءة أوللعلاج شيئاً: صار تعلقه بالجن أكثر، ولا زال ينحدر مافي قلبه من قوة اليقين، وعدم الاعتماد بقلبه على الجن، حتى اعتمد عليهم شيئاً فشيئاً، ثم حرفوه - والعياذ بالله - عن السنة، وعما يجب أن يكون في القلب من توحيد الله، وإعظامه، وعدم استخدام الجن في