الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هشام بن العاص. قال هشام: فلما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى أصعد بها وأصوب، ولا أفهمها؛ حتى قلت: اللهم فهمنيها؛ فألقى الله في قلبي أنها إنما أنزلت فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا، ويقال فينا، قال: فرجعت إلى بعيري فجلست عليه فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة) (1).
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول في دعائه دائماً: (اللهم يا معلم آدم وإبراهيم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني) فيجد الفتح في ذلك (2). فالزم - أخي الحبيب - الدعاء دائماً، وسل الله من فضله أن يرزقك فهم كتابه، وتدبر معانيه، وقل:(اللهم إني عبدك ابن عبدك، ابن أمتك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور بصري، وجلاء حزني، وذهاب همي)(3).
ثالثاً: الجهل باللغة العربية
إن الله - تعالى - أنزل القرآن الكريم بلغة العرب قال تعالى:
{وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} (103) سورة النحل، وقال تعالى:{وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} (192 - 195) سورة الشعراء.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
(وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات،
(1) البداية والنهاية للحافظ ابن كثير (3/ 136 - 137) بتصرف، طبعة دار الكتب العلمية.
(2)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام (4/ 38).
(3)
(حديث صحيح) أخرجه أحمد وابن حبان من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً، انظر السلسلة الصحيحة (199).
وأبينها، وأوسعها، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس؛ فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات) (1).
وبَيَّنَ اللهُ - تعالى - الحكمة من إنزاله بلغة العرب فقال: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (2) سورة يوسف. {قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (28) سورة الزمر. {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (3) سورة فصلت.
وإذا كان العبد لا يعرف لغة العرب ولا أساليب كلامهم؛ فأنى له أن يفهم مقصود ربه سبحانه وتعالى أو يتدبر آيات القرآن الكريم) (2).
ذكر الإمام القرطبي رحمه الله:
(أن أعرابياً قدم المدينة فقال: مَنْ يقرئني مما أُنْزِلَ على محمد صلى الله عليه وسلم؟ فأقرأه رجل سورة براءة حتى أتى على الآية الكريمة: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} (3) سورة التوبة. فقرأها عليه بالجر {وَرَسُولِهِ} - أي بالكسرة تحت اللام -، فقال الأعرابي: وأنا أيضاً أبرأ من رسوله، فاستعظم الناس الأمر. وبلغ ذلك عمر فدعاه، فقال: يا أعرابي! أتبرأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقال: يا أمير المؤمنين! قدمت المدينة فأقرأني رجل سورة براءة، فقلت: إن يكن الله برئ من رسوله فأنا أبرأ منه. فقال عمر: ما هكذا الآية يا أعرابي!. قال: فكيف يا أمير المؤمنين؟ فقرأها عمر عليه بالضم {وَرَسُولُهُ} . فقال الأعرابي: وأنا أبرأ مما برئ اللهُ ورسولُه منه. فأمر عمر ألا يُقْرِئُ الناس إلا عالمٌ بلغة العرب) (3).
(1) تفسير ابن كثير (2/ 467) طبعة دار الفكر.
(2)
كيف يحفظ القرآن لإبراهيم الشربيني ص (81 - 82).
(3)
تفسير القرطبي (1/ 21).