الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هي السنبلة، وقيل: العنب، وقيل: التين، وقيل: شجرة الكافور، وقيل: شجرة العلم، وفيها من كلِّ شيء. قال ابنُ عطية: وإنما الصوابُ أن يُعتقَدَ أن الله نهى آدمَ عن شجرة، فخالفَ هو إليها، وعصى في الأكل منها، قال: وفي حظرِه تعالى على آدمَ ما يدلُّ على أن سكناه في الجنة لا يدومُ؛ لأن المُخَلَّد لا يُحظر عليه شيءٌ، ولا يؤمرُ ولا يُنهى (1).
{فَتَكُونَا} أي: فتصيرا.
{مِنَ الظَّالِمِينَ} أي: الضارِّينَ بأنفسِكما بالمعصيةِ. وأصلُ الظلم: وضعُ الشيء في غيرِ موضعه.
{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ
(36)}
.
[36]
{فَأَزَلَّهُمَا} يعني: استزلَّ آدمَ وحواءَ؛ أي: دعاهما إلى الزلَّة. قرأ حمزةُ (فَأَزَالَهُمَا) بألفٍ مخففًا؛ أي: نَحَّاهما عن الجنة. وقرأ الباقون: بغير ألف مشدَّدًا على المعنى الأول (2).
{الشَّيْطَانُ} تقدم تفسيره في الاستعاذة.
{عَنْهَا} أي: عن الجنة.
(1) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (1/ 128).
(2)
انظر: "الحجة" لأبي زرعة (ص: 94)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: 153)، و"الحجة" لابن خالويه (ص: 74)، و"الكشف" لمكي (1/ 236)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 106)، و"تفسير البغوي"(1/ 37)، و"التيسير" للداني (ص: 73)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 2111)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 134)، و"معجم القراءات القرآنية"(1/ 47).
{فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} من النعيم، وذلك أن إبليسَ أرادَ أن يدخلَ الجنةَ ليوسوسَ لآدمَ وحواءَ، فمنعَتْهُ الخزنَةُ، فأتى الحيَّةَ، وكانت صديقًا لإبليسَ، وكانتْ من أحسنِ الدوابِّ، لها أربعُ قوائمَ كقوائمِ البعيرِ، وكانتْ من خُزَّانِ الجنة، فسألها إبليسُ أن تُدخلَه في فَمِها، فأدخلَتْه، فمرَّتْ به على الخزنَةِ وهم لا يعلمون، فلما دخل الجنةَ، وقفَ بينَ يدَيْ آدمَ وحواءَ، وهما لا يعلمان أنه إبليسُ، فبكى وناحَ نياحة أحزنهما، وهو أولُ مَنْ ناحَ، فقالا له: ما يبكيك؟ فقال: أبكي عليكما، تموتان فتفارقان ما أنتما فيه من النعمة، فوقع ذلك في أنفسهما، واغتمَّا، ومضى إبليسُ، ثم أتاهما فقال:{قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ} ؟ [طه: 120] فأبى أن يقبل منه، فقاسَمَهما بالله إنَّه لهما لمن الناصحين، فاغترَّا، وما ظَنَّا أن أحدًا يحلفُ بالله كاذبًا، فبادرتْ حواءُ إلى أكلِ الشجرةِ، ثم ناولتْ آدمَ حتى أكلها، فلما أكلا منها، فُتَّتْ عنهما ثيابُهما، وبدَتْ سوءاتهما، وأُخرجا من الجنة (1)، فذلك قوله تعالى:
{وَقُلْنَا اهْبِطُوا} أي: انزلوا إلى الأرض، يعني: آدم وحواء وإبليس والحية، والهبوطُ: الانحطاطُ من عُلُوٍّ إلى سُفْلٍ، فهبطَ آدمُ بِسَرَنْديبَ من أرضِ الهندِ على جبل يقال له: نَوْد، وحواء بجدة، وإبليس بأيلةَ، والحيةُ بأصفهان.
{بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} أراد: العداوة التي بين ذرية آدم والحية، وبين المؤمنين من ذرية آدم وإبليس.
{وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} موضعُ قرار.
(1) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(1/ 235).