الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ في الاسْتِعَاذَة
قال الله تعالى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)} [النحل: 98].
معناه: إذا أردتَ أن تقرأ، وشَرَعْتَ، فأوقعَ الماضي موقع المستقبل؛ لثبوته.
وأجمع العلماءُ على أن قول القارئ: أعوذُ باللهِ منَ الشيطانِ الرجيم ليس بآيةٍ من كتاب اللهِ تعالى، وأجمعوا على استحسانِ ذلكَ، والتزامِه في كل قراءة في غير صلاةٍ.
ويجهرُ بها عند جميع القراء قبل القراءة.
ورُوي عن حمزةَ إخفاؤها قبلُ حيث قرأ.
ورُوي عنه الإخفاء في غير الفاتحة.
وروي عن قالون إخفاءُ الاستعاذة في جميع القرآن.
ويجوز الوقفُ على الاستعاذة، ووصلُها بما بعدها، بَسْمَلَةً كانَ أو غيرَها من القرآن.
ومعنى (أعوذ بالله) أي: أستجيرُ وأمتنعُ بعظمة الله (من الشيطان) هو إبليسُ، فَيْعالٌ من شَطَنَ؛ أي: بَعُدَ من رحمةِ الله. (الرَّجيمِ)؛ أي:
المرجومِ بالشُّهُبِ عندَ استراقِ السمعِ، فصار المعنى: أستجيرُ وأمتنعُ بعظمة اللهِ من المرجومِ المطرودِ عن رحمةِ اللهِ.
والمختارُ لجميع القراءِ من حيثُ الروايةُ: أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم، كما ورد في سورة النحل، وهو المأخوذ به عند عامة الفقهاء؛ كالشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد بن حنبل (1)، وغيرهم.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قرأتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعوذُ بِاللهِ السَّميعِ العليمِ، فقالَ لي:"قُلْ أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ؛ فَإِنِّي قَرَأْتُ عَلَى جِبريلَ: أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ العَلِيمِ، فَقَالَ لِي: قُلْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ؛ ثُمَّ قالَ لِي جِبْريلُ: هَكَذَا أَخَذْتُ عَنْ مِيكَائِيلَ، وَأَخَذَ مِيكائِيلُ عَنِ اللَّوْحِ المَحْفُوظِ" رواه الحافظُ ابنُ الجزريِّ في "النشر"(2).
والمختار عند أئمة القراءة الجهرُ بها كما تقدَّم، ومحلُّها قبلَ القراءة إجماعًا، وهي مستحبةٌ في القراءة بكل حال، في الصلاةِ وخارجَها ندبًا، وهي في الصلاة للقراءة لا للصلاة، وهو مذهب الأئمة الثلاثة، وأما الإمام مالك، فإنه قال: لا يُستعاذ إلا في قيام رمضان فقط، والله أعلم.
…
(1)"بن حنبل" ساقطة من "ش" و"ت".
(2)
انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (. . .).