الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرابحة للآمر بالشراء
المرابحة العادية /50 هي المرابحة التي يبرمها البائع والمشتري دون أن يسبقها أمر ووعد بالشراء ، أما المرابحة للآمر بالشراء فهي المرابحة التي يتفاوض ويتفق فيها شخصان أو أكثر ثم يتواعدان على تنفيذ الاتفاق الذي يطلب بموجبه الآمر من المأمور ، شراء سلعة معينة أو موصوفة ، أو أية سلعة ، ثم يعده بشراء هذه السلعة منه وتربيحه فيها على أن يعقدا على ذلك بيعا جديدا ، إذا اختار الآمر إمضاء الاتفاق ، بعد تملك المأمور للسلعة.
الاختلاف الكبير بين نوعي بيع المرابحة هو: أن البائع في المرابحة العادية يملك السلعة التي يبيعها وقت التفاوض وعند البيع ، في حين أن المطلوب منه السلعة في بيع المرابحة للآمر بالشراء لا يملك السلعة وقت طلبها وحال التفاوض عليها.
وقد نشأت فكرة بيع المرابحة للآمر بالشراء فيما يبدو لتحقيق غرضين:
الأول: نشدان الخبرة كأن يطلب أحد المتعاقدين من الآخر أن يشترى سلعة ويعده بشرائها منه وتربيحة فيها ، معتمدا في كل ذلك على خبرة المأمور. يقول الموصلي: وللناس حاجة إلى ذلك ، لأن فيهم من لا يعرف قيمة الأشياء فيستعين بمن يعرفها ، ويطيب قلبه بما اشتراه وزيادة.
الثاني: طلب التمويل ، إذا يطلب منه شراء السلعة وبعده بشرائها وتربيحه فيها ، باعتبار أن المأمور سيبيعها له بثمن مؤجل كله أو بعضه والشراء مؤجلا هو الدافع الذي يحرك جل إن لم نقل كل طالبي التعامل عن طريق بيع المرابحة للآمر بالشراء. ويمكن أن يجتمع الغرضان في حالة واحدة.
وازدياد التعامل في عالم اليوم في الشراء بالأجل أدى بدوره إلى زيادة الطلب على بيع المرابحة للآمر بالشراء لهذه الخاصية فيه ولاعتبارات أخرى.
وصورة بيع المرابحة للآمر بالشراء:
(أ) أن يطلب أحد المتعاقدين (ويسمى الآمر بالشراء) من الآخر (ويعرف بالمأمور) أن يشتري سلعة مسماة أو موصوفة أو أية سلعة.
(ب) ويعد الآمر بالشراء ، أنه متى اشترى المأمور السلعة ، فإنه أي الآمر سيقوم بشرائها منه ، وسيربحه فيها.
(ج) إذا قبل المأمور الطلب ، فعليه أن يقوم أولا بشراء السلعة المطلوبة شراء صحيحا تؤول بموجبه ملكية السلعة إليه.
(د) على المأمور بعد تمللك السلعة أن يعرضها مجددا على الآمر بالشراء وفقا لشروط الاتفاق الأول
(هـ) عند عرض السلعة على الآمر. يكون له على الصحيح الخيار في أن يعقد عليها بيعا بناء على وعده الأول ، أو أن يعدل عن شرائها. هناك رأي لبعض الفقهاء المحدثين يلزم الآمر بوعده قضاء ولا يتيح له فرصة الخيار.
(ي) إذا اختيار الآمر إمضاء البيع فعندئذ ينعقد البيع على سلعة مملوكة للمأمور.
(ن) وإذا ألزم الآمر إمضاء البيع بناء على فهناك خلاف حول ملكية المأمور للسلعة ومن ثم حول صحة البيع. /50
قد يظن البعض أن بيع المرابحة للآمر بالشراء من البيوع التي استحدثت بعد نشأة المصارف الإسلامية. والصحيح أنه من الصيغ التي عرفها الفقه الإسلامي مبكرا. وتناولتها جل المذاهب الفقهية وبينت أحكامها وشروط صحتها. ونورد فيما يلي عباراتهم عن مشروعية هذه الصيغة.
أقوال الفقهاء في بيع المرابحة /50 قال محمد بن الحسن الشيباني: (قلت أرأيت رجلا أمر رجلا أن يشتري دارا بألف درهم ، ومائة درهم ، فأراد المأمور شراء الدار ، ثم خاف إن اشتراها أن يبدو للآمر فلا يأخذها ، فتبقى في يد المأمور ، كيف الحيلة في ذلك؟
قال يشتري المأمور الدار على أنه بالخيار ثلاثة أيام ويقبضها. ويجيء الآمر (ويبدأ) فيقول: قد أخذت منك هذه الدار بألف ومائة درهم. فيقول المأمور: وهي لك بذلك. فيكون ذلك الأمر لازما ويكون استيجابا مكن المأمور للمشتري. وإن لم يرغب الآمر في شرائها تمكن المأمور من ردها بشرط الخيار فيدفع عنه الضرر بذلك) .
وقال الإمام الشافعي: وإذا أرى الرجل الرجل السلعة فقال: أشتر هذه وأربحك فيها كذا ، فاشتراها الرجل ، فالشراء جائز. والذي قال أربحك فيها بالخيار ، إن شاء أحدث فيها بيعا وإن شاء تركه. وهكذا إن قال اشتر لي متاعا ووصفه له أو متاعا أي متاع شئت وأنا أربحك فيه ، فكل هذا سواء. يجوز البيع الأول ، ويكون هذا فيما أعطى من نفسه بالخيار وسواء في هذا ما وصفت إن كان قال ابتاعه واشتريه منك بنقد أو دين ، يجوز البيع الأول ويكونان بالخيار في البيع الآخر. فإن جدداه جاز وان تبايعا به على أن الزما أنفسهما الأمر الأول فهذا مفسوخ من قبل شيئين: أحدهما: تبايعاه قبل أن يملكه البائع ، والثاني: أنه على مخاطرة أنك أن اشتريه على كذا أربحك فيها (الأم 3 / 33)
وفي الموطأ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة. وقال مالك بلغني أن رجلا قال لرجل ابتع لي هذا البعير بنقد حتى ابتاعه منك إلى أجل فسأل عن ذلك عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه.
هذا وإن الذين تناولوا بيع المرابحة للآمر بالشراء من الأقدمين وبينوا أحكامه اشترطوا لصحته عدم الزام الآمر بوعده. ولذلك جعلوا له الخيار في إمضاء البيع المتواعد عليه أو رده. والمقصود من إعطاء الخيار للآمر عند هؤلاء الأئمة الأعلام هو تفادي المحظورات الشرعية التي تترتب على الإلزام وهي:
(أ) بيع الإنسان ما ليس عنده.
(ب) بيعتان في بيعة.
(ج) سلف بزيادة.
حالات تطبيق المرابحة لدى المصارف الإسلامية /50 وقد يقع التساؤل هل تطبق المصارف الإسلامية ومؤسساتها الفرعية عقود بيع المرابحة؟
والإجابة بالطبع نعم. وفيما يلي بعض الحالات التي يطبق فيها هذا البيع.
(أ) إذا اشترى المصرف سلعة تنفيذا لاتفاق بينه وبين الآمر في بيع المرابحة للآمر بالشراء. واستخدم الآمر الخيار المتاح له وعدل عن شراء السلعة بعد أن تملكها المصرف في هذه الحالة تبقى السلعة في ملكية وحيازة المصرف وله أن يتصرف فيها بكل التصرفات الجائز في الشريعة الإسلامية ومن تلك التصرفات الجائزة أن يبيعها لأي عميل آخر عن طريق بيع المرابحة.
(ب) إذا دخل المصرف في عمليه مشاركة مع أي عميل آخر ، فهناك تفصيل:
(1)
للشريكين أن يبيعا موجودات المشاركة عن طريق بيع المرابحة أو المساومة.
(2)
إذا أراد المصرف أن يبيع نصيبه في المشاركة لشريكه أو لطرف ثالث فله أن يبيع هذا النصيب بأسلوب المرابحة أو المساومة.
(3)
كذلك إذا المصرف أن يشتري نصيب شريكه قله أن يشتريه بالمرابحة.
(ج) هناك بعض مصارف لها فروع متخصصة في تمويل الحرفين والمهنيين والأسر المنتجة وتقوم هذه الفروع بتوفير المعدات التي تحتاجها هذه الفئات وعادة ما يتم البيع لهذه الفئات من هذه الفروع عن طريق بيع المرابحة.
(د) معظم المصارف الإسلامية لها شركات متخصصة تعمل في مجالات مختلفة منها شركات صناعية وزراعية وعقارية وخدمية وتقوم بتوفير عدد من السلع والخدمات.
وغالبا ما تبيعها للجمهور عن طريق بيع المرابحة وغيره من أنواع البيوع.
جاء في توصيات وقرارات المؤتمر الأول للمصرف الإسلامي بدبي (24) ما يلي:
(يرى المؤتمر أن هذا التعامل يتضمن وعدا من عميل المصرف بالشراء في حدود الشروط المنوه عنها ، ووعدا آخر من المصرف بإتمام هذا البيع بعد الشراء طبقا لذلك الشرط. إن مثل هذا الوعد ملزم للطرفين قضاء طبقا لأحكام المذهب المالكي ، وملزم للطرفين ديانة طبقا لأحكام المذاهب الأخرى. وما يلزم ديانة يمكن الإلزام به قضاء ، إذا اقتضت المصلحة ذلك وأمكن للقضاء التدخل فيه.
تحتاج صيغ العقود في هذا التعامل إلى دقة شرعية فنية. وقد يحتاج الإلزام القانوني بها في بعض الدول الإسلامية إلى إصدار قانون بذلك.)
المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي بالكويت
يقرر المؤتمر أن المواعدة على بيع المرابحة للآمر بالشراء ، بعد تملك السلعة المشتراة وحيازتها ، ثم بيعا لمن أمر بشرائها بالربح المذكور في الموعد السابق هو أمر جائز شرعا ، طالما كانت تقع على المصرف الإسلامي مسئوليه الهلاك قبل التسليم ، وتبعة الرد فيما يستوجب الرد بعيب خفي.
وأما بالنسبة للوعد ، وكونه ملزم للآمر ، أو المصرف ، أو كليهما ، فإن الأخذ بالإلزام هو الأحفظ لمصلحة التعامل ، واستقرار ، المعاملات ، فيه مراعاة لمصلحة المصرف والعميل.
وأن الأخذ بالإلزام أمر مقبول شرعا ، وكل مصرف مخير في الأخذ بما يراه في مسألة القول بالإلزام حسب ما تراه هيئة الرقابة الشرعية لديه.
ندوة البركة للاقتصاد الإسلامي المنعقدة في المدينة المنورة
وأما صورة المرابحة للآمر بالشراء فإن اللجنة تؤكد ما ورد في المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي المنعقدة في الكويت ، مع ما تضمنت من تحفظات بالنسبة للإلزام.
مجمع الفقه الإسلامي قراره رقم 302
أولا: إن بيع المرابحة الآمر بالشراء إذا وقع على سلعة دخولها في ملك المأمور وحصول القبض شرعا ، هو بيع جائز طالما كانت تقع على المأمور مسئولية التلف قبل التسليم وتبعة الرد بالعيب الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم وتوفرات شروط البيع وانتفت موانعه.
ثانيا: الوعد (وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد يكون ملزما للواعد ديانة إلا لعذر ، وهو ملزما قضاء إذا كان معلقا على سبب ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد. ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد. وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلا بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر.
ثالثا: المواعدة (وهي التي تصدر من الطرفين) تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين كليهما أو أحدهما. فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز. لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه ، حيث يشترط حينئذ أن يكون البائع مالكا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده.
ويوصي المؤتمر في ضوء ما لاحظه من أن أكثر المصارف الإسلامية اتجه في أغلب نشاطاته إلى التمويل عن طريق المرابحة للآمر بالشراء ، بما يلي:
أولا: أن يتوسع نشاط جميع المصارف الإسلامية في شتى أساليب تنمية الاقتصاد ولا سيما إنشاء المشاريع الصناعية أو التجارية بجهود خاصة أو عن طريق المشاركة والمضاربة مع أطراف أخرى.
ثانيا: أن يدرس الحالات العملية لتطبيق المرابحة للآمر بالشراء لدى المصارف الإسلامية لوضع أو الخاصة ببيع المرابحة بالشراء. والله أعلم.