المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌السلم الموازي إن السلم كما كان بالغ الأهمية كباب من المداينات - فقه المعاملات - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌تطبيقات البيع

- ‌بيع الوفاء

- ‌بيع العربون

- ‌بيع المزاد

- ‌البيع بأدوات الاتصال الحديثة

- ‌تطبيقات الإجارة

- ‌إيجار الأراضي الزراعية

- ‌إيجار الوقف

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليك

- ‌تطبيقات الهبة

- ‌جوائز الودائع الادخارية

- ‌تبرع طرفي العقد بحصة من الربح لتكوين احتياطي

- ‌تبرع أحد طرفي العقد بحصته من الربح للآخر أو لطرف ثالث

- ‌تبرع المضارب بضمان رأس المال

- ‌التبرع بالإقراض من كل من الطرفين للآخر

- ‌تبرع طرف ثالث بضمان رأس المال

- ‌تغطية النوائب بالتأمين التعاوني

- ‌تطبيقات الحوالة

- ‌الشيك السحب على الحساب الجاري

- ‌الكمبيالة سند السحب

- ‌تظهير الأوراق التجارية

- ‌خصم الأوراق التجارية

- ‌التحويلات المصرفية تطبيق للحوالة

- ‌السفتجة

- ‌تطبيقات الاستصناع

- ‌الاستصناع الموازي

- ‌الاستصناع على أساس سعر بالمرابحة

- ‌تطبيقات الكفالة

- ‌خطابات الضمان

- ‌الاعتمادات المستندية

- ‌تطبيقات المضاربة

- ‌تقسيم رأس مال الصناديق إلى وحدات

- ‌مساهمة جهة الإصدار في رأس مال الصندوق

- ‌المساهمة العينية في رأس مال الصندوق الاستثماري

- ‌دفع مبلغ المشاركة في رأس مال الصناديق على دفعات

- ‌اختصاص أحد طرفي العقد بالربح

- ‌ضمان المضارب لرأس مال المضاربة بالشرط أو بالتبرع

- ‌ضمان رأس مال المضاربة من طرف ثالث

- ‌أحكام التخارج في الصناديق الاستثمارية

- ‌توزيع المصروفات في الصناديق

- ‌نفقات التأسيس في الصناديق

- ‌الاقتطاع من الأرباح لتكوين الاحتياطي في الصناديق

- ‌التقويم أو التنضيض الحكمي في الصناديق

- ‌توزيع الأرباح والخسائر في الصناديق

- ‌تطبيقات المرابحة

- ‌المرابحة للآمر بالشراء

- ‌تطبيقات الشركة

- ‌الأسهم العادية

- ‌الأسهم العادية تشكيل النص

- ‌الأسهم الممتازة

- ‌الحصص العينية للأسهم

- ‌حصص الأسهم حقوق معنوية

- ‌الأسهم لحاملها والأسهم للأمر

- ‌أسهم التمتع

- ‌إصدار أسهم مع رسوم إصدار أو خصم إصدار

- ‌أسهم المنح

- ‌حصص التأسيس

- ‌تطبيقات المزارعة

- ‌المزارعة في حال الأرض والعمل من المزارع ومستلزمات المزارعة من البنك

- ‌المزارعة في حال الأرض مستأجرة من المزارع وباقي المستلزمات من البنك

- ‌المزارعة في حال الأرض من مالكها والعمل من المزارع وتمويل مستلزمات المزارعة من البنك

- ‌تطبيقات القرض

- ‌الوديعة تحت الطلب الوديعة الجارية

- ‌الوديعة لأجل

- ‌الوديعة الادخارية حساب التوفير

- ‌الوديعة بدفتر توفير البريد

- ‌الإيداع لدى البنوك التقليدية بدون فائدة

- ‌التصرف بالفوائد على الإيداعات لدى البنوك التجارية

- ‌القروض بفائدة بين الشركات الشقيقة

- ‌تبادل القروض

- ‌السندات بوجه عام

- ‌سندات الخزانة شهادات الاستثمار ذوات الفوائد

- ‌حسم خصم الكمبيالات

- ‌مصاريف ونفقات القرض الحسن

- ‌تطبيقات الرهن

- ‌الرهن التأميني أو الرسمي

- ‌رهن الغاروقة

- ‌رهن الكمبيالة وسندات الدين

- ‌تطبيقات الصرف

- ‌العملات الورقية من أموال ربا البيوع

- ‌صرف العملات والمتاجرة فيها

- ‌التواعد على الصرف والصرف المستقبلي

- ‌المتاجرة في المعادن عامة وفي الذهب والفضة خاصة

- ‌اجتماع الصرف والحوالة

- ‌تطبيقات السلم

- ‌السلم الموازي

- ‌عقد سلم مع توكيل الغير ببيع البضاعة لحساب المشتري

- ‌تطبيقات الوديعة

- ‌صناديق الأمانات الخزائن الحديدية

- ‌حفظ الأسهم والأوراق المالية

- ‌تطبيقات الوكالة

- ‌خطاب الضمان المغطي

- ‌التحويلات المصرفية تطبيق للوكالة

- ‌خدمة الودائع المستندية

- ‌خدمات التحصيل والوفاء

- ‌خدمات استثمار أموال العميل وإدارتها

- ‌خدمات البيع والشراء بأمر العميل

- ‌خدمات البنوك المراسلة

- ‌إخراج المصرف زكاة الأسهم والودائع الاستثمارية

الفصل: ‌ ‌السلم الموازي إن السلم كما كان بالغ الأهمية كباب من المداينات

‌السلم الموازي

إن السلم كما كان بالغ الأهمية كباب من المداينات في العصور التي خلت والأزمان التي سلفت ، فإنه يعد في عصرنا الحاضر أداة تمويل (ائتمان) ذات كفاءة عالية في الاقتصاد الإسلامي وفي نشاطات المصارف الإسلامية من حيث مرونتها واستجابتها لحاجات التمويل المختلفة ، سواء أكان تمويلا قصير الأجل أم متوسطة أو طويلة ، واستجابتها لحاجات شرائح مختلفة ومتعددة من العملاء ، سواء أكانوا من المنتجين الزراعيين أو الصناعيين أو المقاولين أم من التجار ، واستجابتها لتمويل نفقات التشغيل والنفقات الرأسمالية الأخرى. وعلى هذا فمجالات تطبيق هذه العقد متعددة.

ولا يخفي أن خاصية عقد السلم وهي كونه عقدا على موصوف في الذمة (منضبط بمواصفات محددة طبقا لمقاييس دقيقة معروفة) تجعل نطاقه شاملا للمنتجات الزراعية كالحبوب والزيوت والألبان والمنتجات الصناعية كالحديد والأسمنت والسيارات والطائرات ومنتجات المواد الخام أو نصف المصنعة كالنفط والكلنكر وغيرها.

ويمكن للمسلم (المشتري) فيما بين تاريخ عقد السلم وتاريخ قبض المسلم فيه أن يكون مسلما إليه (بائعا) في سلعة مماثلة وبشروط مماثلة لشروط عقد السلم الأول الذي أبرمه أو بشروط معدلة ، وهو ما يعبر عنه بالسلم الموازي.

فالمصرف الإسلامي يمكنه أن يستخدم هذا الأسلوب المعاصر ، فهو بصفته مشتريا في عقد سلم أول يحصل على السلعة التي يريد المتاجرة بها في الوقت الذي يريده ، فتنشغل بها ذمة البائع الذي يجب عليه الوفاء بما التزم به ، كما أن المصرف يستفيد من رخص السعر إذ إن بيع السلم أرخص من بيع الحاضر غاليا فيأمن بذلك تقلب الأسعار. ويستطيع هذا المصرف أن يعقد سلما موازيا ، فيبيع بعقد سلم جديد بضاعة من نفس النوع الذي اشتراها بالسلم الأول دون ربط بين العقدين.

ونذكر المثال التالي لذلك:

يوجد مصنع ياباني لسحب وتشكيل قضبان الحديد يحتاج إلى تمويل لشراء كتل الحديد اللازمة ، ويحصل عادة على التمويل اللازم من البنك بالفائدة لأجل يمتد حتى تاريخ تسويق منتجاته.

ففي مثل هذه الحال يقوم المصرف الإسلامي بعرض التمويل اللازم على أساس عقد السلم ، فيأخذ مقابل التمويل المنتجات المصنعة من قضبان الحديد ، وتبرمج مواعيد وأمكنة التسليم ، ويتفق مثلا أن يكون التسليم في ميناء التصدير أو سيف ميناء الاستيراد.

وفيما بين تاريخ إبرام العقد وتاريخ التسليم يمكن للمصرف الإسلامي أن يجري عقدا أو عقودا سلم مع مستثمرين آخرين ، يكون المصرف فيها في موقف المسلم إليه (البائع) ، حيث يلتزم بتوريد قضبان حديد مماثلة لقضبان الحديد التي أبرم عقد السلم عليها من المصنع ، وذلك بشروط مماثلة لعقده مع المصنع أو بشروط معدلة.

ص: 214

لا خلاف بين الفقهاء في أن عقد السلم إذا أبرم بين عاقدين مستجمعا أركانه وشروط صحته فإنه يقتضي انتقال ملكية رأس المال إلى المسلم إليه وانتقال ملكية المسلم فيه إلى رب السلم. وعلى ذلك ، فإذا قبض المسلم إليه رأس المال كان له أن يتصرف فيه بكل التصرفات السائغة شرعا ، لأنه ملكه وتحت يده.

3 أما المسلم فيه ، فمع صيرورته ملكا للمسلم بمقتضى العقد ، إلا أن ملكيته له غير مستقرة.

قال السيوطي: (جميع الديون التي في الذمة بعد لزومها وقبض المقابل لها مستقرة إلا دينا واحدا هو دين السلم ، فإنه وإن كان لازما فهو غير مستقر. وإنما كان غير مستقر ، لأنه بصدد أن يطرأ انقطاع المسلم فيه ، فينفسخ العقد) .

وبناء على كون دين السلم غير مستقر فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه لا يصح بيع المسلم فيه قبل قبضه ، لقوله صلى الله عليه وسلم: من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره. قالوا: وهذا يقتضي ألا يبيع رب السلم دين السلم.

فلا يصح للمصرف الإسلامي أو لأي جهة أخرى بصفتها رب السلم أن تبيع عقد السلم نفسه بمعنى أن يحل المشتري الجديد محل المصرف (رب السلم) ، فتنتقل إليه الحقوق والالتزامات التي للمصرف تجاه البائع الأول المسلم إليه.

ولكن أجاز الفقهاء المعاصرون السلم الموازي باعتباره ليس من قبيل بيع المسلم فيه (أي بضاعة السلم) قبل قبضه ، لأن في السلم الموازي لا يبيع رب السلم نفس بضاعة السلم المتعاقد عليها في العقد الأول ، وإنما يبيع بضاعة من جنس ما أسلم فيه دون أن يربط بين ما أسلم فيه في العقد الأول وبين ما التزم به في العقد الثاني.

ص: 215

الفتاوى الشرعية في الاقتصاد الصادرة عن ندوات البركة للاقتصاد الإسلامي مجموعة دله البركة

ندوة البركة الثانية ، الفتوى رقم (2)

السؤال:

هل يجوز بيع المسلم فيه قبل القبض؟

إذا كان ذلك غير جائز فهل يجوز لرب السلم أن يبيع سلما من جنس ما أسلم فيه اعتمادا على ما سوف يتسلمه في المستقبل ودون أن يربط في العقد بين ما أسلم فيه وبين ما سوف يتسلمه؟ .

هل يجوز لرب السلم أن يتخذ من ذلك العمل تجارة؟

الجواب:

ألا يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه.

ب ولكن يجوز لرب السلم أن يبيع سلما من جنس ما أسلم فيه دون أن يربط في بيع السلم بين ما أسلم فيه في العقد الأول وبين ما التزم به في العقد الآخر.

ج ولا يجوز اتخاذ هذا العمل (الجائز في الفقرة الثانية) تجارة ، لأن السلم أجيز استثناء من القواعد الأصلية لحاجة المنتجين ويسدها جواز السلم كحالات فردية دون الاتجار به ، فإذا وجدت ظروف اقتصادية في بعض البلاد الإسلامية ومصلحة كبرى تدعو إلى الاتجار به في حالات خاصة دفعا لظلم واقع ، جاز ذلك لهذه المصلحة الكبرى التي تقدرها هيئات الفتوى والرقابة الشرعية.

بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الأول) فتوى رقم (19)

السؤال:

هل يجوز شرعا أن أبيع بضاعة السلم (المسلم فيه) لشخص آخر يحل محلي قبل أن استلم البضاعة وتسلم هذه البضاعة له عوضا عني وربما يتكرر البيع بعد ذلك لأكثر من مشتر؟

الجواب:

أن بيع المسلم فيه قبل قبضه فلا نعلم في تحريمه خلافا هكذا نقل في المغني لابن قدامة وهو كتاب معتمد عند العلماء جميعا لصحة نقوله.

شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية قرار رقم (41)

السؤال:

نرجو التكرم بإفادتنا بالرأي الشرعي حول قيام الشركة بشراء سلع (كبترول أو معادن أو غيرها من السلع) شراء سلم وذلك بدفع قيمتها حالا على أن يتم استلام السلعة بعد فترة زمنية علما بأن الشركة قد تبيع هذه السلع بيع سلم وذلك باستلام قيمة السلعة عند البيع على أن يتم تسليم البضاعة بتاريخ لاحق.

وبعد تأمل الهيئة في السؤال توصلت لما يلي:

إن خاصية عقد السلم أنه عقد على شيء موصوف في الذمة (سلعة مثلية) سواء كان مكيلا أم موزونا أم مذروعا أم معدودا غير مختلف الآحاد وسواء في ذلك المنتجات الزراعية كالحبوب والزيوت والألبان ، والمنتجات الصناعية كالحديد ، والأسمنت والسيارات والطائرات ، ومنتجات المواد الخام أو نصف المصنعة كالنفط والكلنكر.

ويمكن للمسلم (المشتري) فيما بين تاريخ عقد السلم وتاريخ قبض المسلم فيه أن يكون مسلما إليه (بائعا) في سلعة مماثلة وبشروط مماثلة لشروط عقد السلم الذي أبرمه أو بشروط معدلة وعقد السلم بهذا الوصف أداة ذات كفاءة عالية للوفاء بحاجة المصرف الإسلامي باعتبار أن الوظيفة الأساسية للمصرف هي تقديم خدمة الائتمان ، وأن موارده تعتمد بالدرجة الأولى على الاستفادة من عوض الأجل عند تقديم تلك الخدمة.

وتظهر مدى كفاءة عقد السلم كأداة لنشاط المصرف الإسلامي في مرونتها واستجابتها لحاجات التمويل المختلفة سواء كان تمويلا قصير الأجل أم متوسطه أم طويله ، واستجابتها لحاجات شرائح مختلفة ومتعددة من العملاء سواء من المنتجين الزراعيين أو الصناعيين أو المقاولين أم من التجار ، واستجابتها لتمويل نفقات التشغيل والنفقات الرأسمالية.

وإذا كان التعامل في سوق الائتمان في البلاد المتقدمة يتم في نطاق منافسة تتسم بالحدة والحرج ، وإذا كانت البلاد الأخرى التي تتم المنافسة فيها بدرجة مرونة أكبر ، تقوم فيها عقبات حقيقية أمام أدوات الاستثمار الأخرى ، فأن هذه الأداة (عقد السلم) تعتبر وسيلة حيوية وهامة تتيح بأمان اقتحام الأسواق التي تتسم المنافسة فيها بالمرونة والسعة ، وفي الوقت نفسه تكون قابلة للتدرع بالضمانات الكافية ضد المخاطر المعتادة في تلك الأسواق كالمخاطر السياسية أو مخاطر التضخم.

مثال أول:

يوجد مصنع ياباني لسحب وتشكيل قضبان الحديد يحتاج إلى تمويل لشراء كتل الحديد اللازمة ، ويحصل عادة على التمويل اللازم من البنك بالفائدة ، لأجل يمتد حتى تاريخ تسويق منتجاته. ففي مثل هذه الحال يقوم المصرف الإسلامي بعرض التمويل اللازم على أساس عقد السلم فيأخذ مقابل التمويل المنتجات المصنعة من قضبان الحديد ، وتبرمج مواعيد وأمكنة التسليم ويتفق مثلا أن يكون التسليم في ميناء التصدير أو سيف ميناء الاستيراد.

وفيما بين تاريخ إبرام العقد وتاريخ التسليم يمكن للمصرف الإسلامي أن يجري عقدا أو عقودا سلم مع مستثمرين آخرين يكون المصرف فيها في موقف المسلم إليه (البائع) ، حيث يلتزم بتوريد قضبان حديد مماثلة لقضبان الحديد التي أبرم عقد السلم عليها من المصنع ، وذلك بشروط مماثلة لعقده مع المصنع ، أو بشروط معدلة. كما يمكن للمصرف بدلا عن ذلك أن ينتظر حتى يتسلم القضبان فيبيعها للموردين في البلد المستورد أو لتجار التجزئة بثمن حال أو مؤجل.

وعلى العكس من الصورة السابقة يمكن أن يسبق زمنيا عقد السلم الذي يبرمه المصرف مع المستثمرين ويكون فيه مسلما إليه ملتزما بقضبان الحديد عقد السلم الذي أبرمه المصرف مع المصنع الياباني وكان المصرف فيه في موقف المسلم (المشتري) .

ويمكن للمصرف التوغل لمرحلة سابقة بأن يقوم بإبرام عقد سلم مع مصنع للصلب ينتج كتل الحديد ويحتاج لتمويل شراء خام الحديد حيث يقوم المصرف بالتمويل النقدي في مقابل الحصول على كمية مناسبة من كتل الحديد يتم بيعها لمصنع القضبان.

مثال ثان:

يحتاج مصنع أسمنت الجنوب إلى تمويل لنفقات التشغيل فيتقدم المصرف الإسلامي بعرض التمويل في نظير أخذ كمية مناسبة من الأسمنت يتفق على تسليمها في موعد واحد أو مواعيد مختلفة ، وذلك تسليم المصنع أو تسليم مواقع أخرى.

فإذا احتيج إلى تدرج التدفق النقدي بالنسبة للمصنع فيمكن بدلا من إبرام عقد واحد إبرام عقود متعددة لهذا الغرض وفي الوقت نفسه بين تاريخ تقديم التمويل وتاريخ التسليم. ويمكن للمصرف الإسلامي إبرام عقود سلم مع المقاولين مباشرة أو مع مستثمر وسيط ، يكون محلها أسمنتا مصنعا بمواصفات الأسمنت الذي تعاقد المصرف مع المصنع عليه ، كما يمكن للمصرف الانتظار حتى يتسلم من المصنع الأسمنت الذي التزم به فيبيعه على المقاولين بثمن ناجز أو مؤجل.

وعلى العكس من الصورة السابقة يمكن أن يسبق زمنيا عقد السلم الذي يكون المصرف فيه مسلما إليه (بائعا للأسمنت) عقد السلم الذي يبرمه المصرف مع المصنع ويكون المصرف فيه مسلما (مشتريا) .

وهناك تفصيلات أخرى حول هذه الطريقة الثانية لاستخدام عقد السلم نفصل بيانها في المثال الثالث التالي:

مثال ثالث:

يمكن تطبيق عقد السلم لتمويل شراء المصرف للسلع التي تنتجها المصانع المحلية ، ثم قيامه ببيعها من خلال الوسطاء الذين يتولون أمر توزيعها حاليا في السوق الداخلية. ويقتضي تطبيق هذا الاقتراح أن يختار المصرف بعناية السلع التي سيتعامل بها بحيث تكون مما يقبل التخزين مدة ملائمة ، مع تحديد سعر شراء البنك لها على نحو يأخذ بالحسبان الدورة الزمنية المعتادة لتصريفها وكذلك تكاليف التخزين وسواها من التكاليف ، وتقلبات الأسعار المعتادة في هذه السلع.

وفي الوقت الذي يدخل فيه المصرف بعقد سلم لشراء السلع يدخل بعقود مع الوسطاء الموزعين لتلقى السلع نيابة عن المصرف وتخزينها لديهم ثم بيعها لحساب المصرف. ويمكن للمصرف أن يتفق مع أولئك الوسطاء على أن يبيعوا السلع لأجل مع أخذ الضمانات الملائمة. وبذلك يكون المصرف قد استخدم أمواله في تمويل شراء السلع سلما بأسعار منخفضة نسبيا ثم بيعها بعد قبضها لأجل بأسعار مرتفعة نسبيا.

وهذا التمويل يحيط بالسلعة من الجانبين (عقد سلم للشراء ، ثم عقد بيع لأجل للتسويق) ، ويتيح للمصرف مجالا واسعا لاستثمار موارده.

مثال رابع:

يمكن للمصرف الإسلامي أن يعقد عقد سلم مع أرامكو السعودية بموجبه تلتزم أرامكو بتسليم كمية من النفط في تاريخ معين على الناقلة الراسية في ميناء التصدير برأس تنورة.

ويمكن للمصرف بين تاريخ إبرام عقد السلم ودفعه الثمن والتاريخ المتفق عليه لتسليم النفط أن يبرم المصرف عقود سلم مع المستهلكين مباشرة أو مستثمر وسيط يكون محل التزام المصرف في تاريخ العقود نفطا مماثلا في المواصفات وبشروط مماثلة أو معدلة.

ويمكن للمصرف الانتظار حتى تسلم النفط ثم يبيعه للمستهلكين بثمن ناجز أو مؤجل.

مثال خامس:

يشتري المصرف الإسلامي كمية من الأسمنت على أساس عقد سلم كما وصفناه ويتضمن العقد أن يضع المصنع كمية الأسمنت بعد إنتاجها في مستودعاته باسم المصرف بصورة متميزة ، ويوكله المصرف ببيعها لحساب المصرف بسعر ناجز أو مؤجل لا يقل عن المقدار الذي يحدده المصرف. ويمكن للمصرف أن يجعل للمصنع أجرة على البيع مبلغا محددا أو نسبة من ثمن البيع.

ويمكن أن يكون البيع المذكور نقدا ، كما يمكن للمصرف أن يأذن للمصنع بأن يبيع لأجل بشروط يرتضيها المصرف ومنها أخذ ضمانات كافية للوفاء بالثمن.

ويجب التنبيه إلى أنه حيثما ذكر عقد السلم فانه مأخوذ في الاعتبار التقيد بالشروط الشرعية للعقد ومن أهمها فورية دفع الثمن ، وبهذا الشرط الأخير يقوم رادع يحول عمليا دون استغلال عقد السلم لاتخاذه حيلة لتوصل للتمويل بالفائدة الربوية.

وفي الأمثلة السابقة حيث أشير إلى الصور العكسية فربما يتبادر إلى الذهن أن صور هذه المعاملات ستكون قليلة في مجال العمل ، وليس الأمر كذلك إذا لاحظنا وجود عملاء جاهزين للدخول في هذه العمليات ومنهم محافظ الاستثمار المستقلة في المصرف المعني وغيره من المصارف.

بقيت إشارة مهمة إلى أن الرجل المصرفي سوف يلاحظ لأول نظرة الفرق بين التمويل بأداة عقد السلم والتمويل بأداة الفائدة الربوية ، الممول في الحالة الأولى (عقد السلم) عائده عن التمويل الربح. والممول في الحالة الثانية عائده عن التمويل الفائدة ، والفائدة مضمونة محددة المقدار في حين أن الربح قد يقل أو يكثر ، كما أنه ليس مضمونا.

لكن هذا الفارق هو السبب الجوهري في أن عقد التمويل بالسلم حلال وعقد والقرض بالفائدة حرام.

غير إننا إذا قلنا بأن الربح لا يمكن أن يكون مضمونا عقدا فهذا لا يعني أنه لا يكون موثوقا به واقعا ، إذا يمكن للمصرف بالدراسة والتبصر والانتفاع بالخبرة أن يهيأ ظروفا ملائمة توصله إلى درجة من الاطمئنان إلى الحصول على الربح دون أن يؤثر ذلك على مشروعية العقد.

ويساعد على الثقة بالربح أن عائد التمويل وهو الفرق بين ثمن الشراء المدفوع نقدا وثمن البضاعة المؤجلة لا يقل في الظروف العادية عن عائد الفائدة بل يدخل عند حساب الفرق المذكور ما يوفره البائع المنتج من نفقات التخزين والتسويق ومقابل العامل النفسي في اطمئنان المنتج مسبقا إلى أنه ينتج سلعة قد ضمن بيعها وعرف ربحها.

ونلاحظ في عقد السلم سهولة اطمئنان المسلم إليه (البائع) ، إلى إمكانية الوفاء بدين السلم (البضاعة) عند تعذر مصدره المتوقع ، وذلك عن طريق الحصول عليه من مصدر آخر بملاحظة أن المسلم فيه هو من السلع النقدية عادة أي مما يتيسر الحصول عليها أو تسييلها في أي وقت.

كما نلاحظ سهولة اطمئنان المسلم (المشترى) إلى وفاء المسلم إليه بدين السلم (البضاعة المبيعة) بإمكانية أخذ الرهن أو الكفالة به ، وهذا وإن كان يوجد قول في المذهب الحنبلي بعدم جوازه فإن الصحيح من المذهب الجواز وهو المفتى به وهو رأي المذاهب الثلاثة الأخرى ، ولذلك لا تتردد الهيئة الشرعية في إجازة أخذ الرهن والكفيل بدين السلم (البضاعة) وفق ما نص عليه الفقهاء.

في الختام نشير إلى الجزء الثاني من السؤال:

وهو بيع المصرف لبضاعة السلم قبل استلامها فإذا كان هذا السؤال يراد به صورة غير الصور التي أوردناها في الأمثلة الثلاثة ، فنظرا لأن عقد السلم عقد على موصوف في الذمة لا على عين معينة فلا بد أن يكون قصد السائل صورة وراء كل تلك الصور المتعددة التي أوردناها أي بيع عقد السلم نفسه بأن يحل المشترى محل المصرف بحيث تنتقل إليه الحقوق والالتزامات التي للمصرف تجاه المسلم إليه ، وهذا بالطبع غير جائز إذا لا يجوز بيع الدين قبل قبضه فلابد من الاستغناء بالصور المتعددة الجائزة.

ص: 216