الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الديك من غير فصل ومن غير ركوع وتشهد، وضرط في آخره من غير نية السلام، وقال:
أيها السلطان؛ هذه صلاة أبي حنيفة.
فقال السلطان: إن لم تكن هذه صلاة أبي حنيفة .. قتلتك؛ لأن مثل هذه الصلاة لا يجوزها ذو دين، وأنكرت الحنفية أن تكون هذه صلاة أبي حنيفة، فأمر السلطان نصرانيا كاتبا يقرأ المذهبين جميعا، فوجدت الصلاة على مذهب أبي حنيفة على ما حكاه القفال، فأعرض السلطان عن مذهب أبي حنيفة، وتمسك بمذهب الشافعي رضي الله عنهما انتهى كلام إمام الحرمين (1).
يحكى أنه كان يود معرفة ثلاثة أشياء:
إحداها: أنه كان يتكلم في صحة نسبته إلى أبيه سبكتكين، فيود معرفة حقيقة ذلك.
الثانية: يود معرفة أنه من أهل الجنة أم لا؟
الثالثة: معرفة من هم العلماء الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «العلماء ورثة الأنبياء» فإن كل طائفة تزعم أنها المعنية بالحديث، فمر ليلة في موكبه والمشاعل تضيء بين يديه، فلمح شخصا أخرج من محفظته كراسة لينظر فيها في ضوء المشعل، وأظن ذلك الشخص من المحدثين، فوقف السلطان محمود، ووقف العسكر لوقوفه، ولم يدروا ما سبب وقوفه حتى انتهى غرض ذلك الشخص من الكراسة وطبقها، فسار السلطان، فرأى تلك الليلة في النوم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له: غفر الله لك يا بن سبكتكين كما وقفت لوارثي حتى انتهى غرضه من الكتاب، أو معنى ذلك، فاستفاد من ذلك معرفة الثلاثة.
توفي سنة إحدى وعشرين وأربع مائة.
1839 - [ابن درّاج الأندلسي الشاعر]
(2)
أحمد بن محمد المعروف بابن دراج الأندلسي الشاعر.
(1)«مغيث الخلق» (ص 57)، وفي نسبة الكتاب لمؤلفه إمام الحرمين الجويني مقال، وممن رد عليه الشيخ زاهد الكوثري في «إحقاق الحق بإبطال الباطل في مغيث الخلق» .
(2)
«يتيمة الدهر» (2/ 119)، و «بغية الملتمس» (ص 158)، و «وفيات الأعيان» (1/ 135)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 365)، و «تاريخ الإسلام» (29/ 49)، و «الوافي بالوفيات» (8/ 49)، و «شذرات الذهب» (5/ 104).
قال الثعالبي: (كان بصقع الأندلس كالمتنبي بصقع الشام)(1).
ومن أشعاره ما عارض بها قصيدة أبي نواس التي مدح بها الخصيب صاحب ديوان خراج مصر، ومن قصيدة أبي نواس قوله:[من الطويل]
تقول التي من بيتها خف محملي
…
عزيز علينا أن نراك تسير
أما دون مصر للغنى متطلّب
…
بلى إن أسباب الغنى لكثير
فقلت لها واستعجلتها بوادر
…
جرت فجرى من جريهن عبير
ذريني أكثّر حاسديك برحلة
…
إلى بلدة فيها الخصيب أمير
فما جازه جود ولا حل دونه
…
ولكن يصير الجود حيث يصير
فتى يشتري حسن الثناء بماله
…
ويعلم أن الدّائرات تدور
فمن كان أمسى جاهلا بمقالتي
…
فإن أمير المؤمنين خبير
وقال في آخرها بعد ذكر المنازل:
زها بالخصيب السيف والرمح في الوغا
…
وفي السلم يزهو منبر وسرير
جواد إذا الأيدي قبضن عن النّدى
…
ومن دون عورات النساء غيور
فإني جدير إن بلغتك للغنى
…
وأنت بما أمّلت منك جدير
فإن تولني منك الجميل فأهله
…
وإلا فإني عاذر وشكور
فقال ابن دراج معارضا لها:
دعيني أرد ماء المفاوز آجنا
…
إلى حيث ماء المكرمات نمير
فإن خطيرات المهالك ضمّن
…
لراكبها أن الجزاء خطير
ولما تدانت للوداع وقد هفا
…
بصبري منها أنّة وزفير
تناشدني عهد المودة والهوى
…
وفي المهد مبغوم النداء صغير
عييّ بمرجوع الخطاب ولحظه
…
بموقع أهواء النفوس خبير
تبوّأ ممنوع القلوب ومهّدت
…
له أذرع محفوفة ونحور
فكلّ مفدّاة الترائب مرضع
…
وكل محيّاة المحاسن ظير
عصيت شفيع النفس فيه وقادني
…
رواح لتدآب السّرى وبكور
(1)«يتيمة الدهر» (2/ 119).