الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فباعها إلى الشريف المرتضى بستين دينارا، قال الشريف: فتصفحتها فوجدت فيها أبياتا بخط بائعها أبي الحسن الفالي، وهي:[من الطويل]
أنست بها عشرين حولا وبعتها
…
لقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظني أنني سأبيعها
…
ولو خلّدتني في السجون ديوني
ولكن لضعف وافتقار وصبية
…
صغار عليهم تستهل شئوني
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك
…
كرائم من ربّ بهن ضنين
توفي الفالي المذكور سنة ثمان وأربعين وأربع مائة.
1912 - [أبو حفص ابن مسرور]
(1)
أبو حفص ابن مسرور.
قال عبد الغفار: وهو أبو حفص الماوردي الزاهد الفقيه.
كان كثير العبادة والمجاهدة، وكانوا يتبركون بدعائه.
توفي سنة ثمان وأربعين وأربع مائة وعمره تسعون سنة.
1913 - [أبو العلاء المعري]
(2)
أحمد بن عبد الله التنوخي المعروف بأبي العلاء المعري اللغوي، الشاعر المشهور.
ولد عند مغيب شمس يوم الجمعة لثلاث بقين من ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاث مائة بالمعرة، وعمي في صغره أول سنة سبع وستين، غشّى يمنى عينيه بياض، وذهبت اليسرى جملة، وكان متضلعا من فنون الأدب.
قرأ النحو واللغة على أبيه بالمعرة، وعلى محمد بن عبد الله بن سعد النحوي بحلب.
شرح «ديوان المتنبي» ، ولما فرغ من تصنيفه وقرئ عليه .. أخذ الجماعة في وصفه،
(1)«سير أعلام النبلاء» (18/ 10)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 185)، و «مرآة الجنان» (3/ 66)، و «شذرات الذهب» (5/ 206).
(2)
«تاريخ بغداد» (4/ 463)، و «المنتظم» (9/ 396)، و «معجم الأدباء» (1/ 555)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 150)، و «وفيات الأعيان» (1/ 113)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 23)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 198)، و «الوافي بالوفيات» (7/ 94)، و «مرآة الجنان» (3/ 66)، و «بغية الوعاة» (1/ 315).
فقال أبو العلاء: كأنما نظر المتنبي إليّ بلحظ الغيب حيث يقول: [من البسيط]
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
…
وأسمعت كلماتي من به صمم
واختصر «ديوان أبي تمام» وشرحه، وكذا «ديوان البحتري» ، و «ديوان المتنبي» وتولى الانتصار لهم، وانتقد عليهم في مواضع.
وله من النظم «لزوم ما لا يلزم» في نحو خمسة أجزاء، وله «سقط الزند» ، وشرحه بنفسه وسماه:«ضوء السقط» ، وله الكتاب المعروف ب «الهمزة والردف» يقارب المائة جزء في الأدب.
ومن لطيف نظمه قوله: [من البسيط]
لو اختصرتم من الإحسان زرتكم
…
والعذب يهجر للإفراط في الخصر
الخصر-بالخاء المعجمة والصاد المهملة المفتوحتين-: البرد.
ومن نظمه المشير به إلى فضله: [من الطويل]
وإني وإن كنت الأخير زمانه
…
لآت بما لم تستطعه الأوائل
يقال: إنه لما أنشد هذا البيت .. قال له بعض الصغار الذين في المكتب: قد أجمع الأولون على أن حروف الهجاء ثمانية وعشرون، فزد لنا أنت حرفا لا نستغني عنه، أو أنقص منها حرفا لا نحتاج إليه، فأبهته.
وكان فيه ذكاء مفرط.
يحكى أنه لما دخل بغداد .. حضر مجلس الشريف المرتضى، وكان الشريف يغض من شعر المتنبي، والمعري يمدحه، حتى قال: ولو لم يكن من شعره إلا قصيدته التي يقول فيها: [من الكامل]
لك يا منازل في القلوب منازل
.. لكفاه ذلك، فأمر الشريف المرتضى بإخراجه من المجلس مسحوبا، ثم قال:
أتدرون ما عنى الأعمى في القصيدة المذكورة، إنما أومأ فيها إلى قول المتنبي:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص
…
فهي الشهادة لي بأني كامل
وممن أخذ عن المعري أبو القاسم التنوخي، والخطيب أبو زكريا التبريزي وغيرهما.
وأقام ببلدة المعرة، وقصده الطلبة من الآفاق.
نظم الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ومن نظمه:[من الكامل]
لا تطلبن بغير حظ رتبة
…
قلم البليغ بغير حظ مغزل (1)
سكن السماكان السماء كلاهما
…
هذا له رمح وهذا أعزل
قال الشيخ اليافعي: (أشرك بين السماكين في نيل المرتبة مع كون أحدهما ذا آلة يكتسب بها المراتب، وهي الرمح، ولي ثلاثة أبيات خصصت بالمرتبة الخالي منهما عن الآلة، وهو الأعزل حيث قلت:[من الكامل]
لو كان بالآلات حظ يحصل
…
والسعد يأتي والعطايا تجزل
ما كان في عالي المنازل رامح
…
أو لم يحزها دون ذلك أعزل
لكنه من دونه قد حازها
…
في سوحه البدر المتمم ينزل
وكلا النظمين في قوافيهما التزام ما لا يلزم) (2).
قيل: إن المعري مكث خمسا وأربعين سنة لا يأكل اللحم، يرى رأي الحكماء المتقدمين في تحريم إيلام الحيوان وذبحه، وهو خلاف ما جاءت به الشرائع.
توفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر ربيع الأول من سنة تسع وأربعين وأربع مائة، ورثاه تلميذه أبو الحسن بن همام يشير إلى ما كان يراه ويدين به من تحريم ذبح الحيوان مطلقا بقوله:[من الكامل]
إن كنت لم ترق الدماء زهادة
…
فلقد أرقت اليوم من جفني دما
سيّرت ذكرك في البلاد كأنه
…
مسك فسامعه يعطر أو فما
قال الشيخ اليافعي: (يعني: أن طيب ثنائه يعطر سامعه والمتكلم به المثني عليه، واقتصر على الفم لضيق المقام في مساعدة الوزن على عموم المتكلم دون تخصيص فمه، قال: ويحتمل أنه أراد بالتعطير تعميم السامع والمتكلم، وتكون (أو) بمعنى الواو، مثلها في قوله تعالى:{وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} على رأي، والله سبحانه أعلم) (3).
(1) كذا في «مرآة الجنان» (3/ 68)، وفي غيره: لا تطلبنّ بآلة لك رتبة قلم البليغ بغير جدّ مغزل
(2)
«مرآة الجنان» (3/ 68).
(3)
«مرآة الجنان» (3/ 69).