الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2051 - [نظام الملك الوزير]
(1)
الوزير الكبير، الحميد الشهير، نظام الملك قوام الدين أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي.
كان من جلة الوزراء، وكان مجلسه عامرا بالقراء والفقهاء، وأنشأ المدارس في الأمصار، ورغب في العلم، وحدث وأملى.
ولد يوم الجمعة الحادي والعشرين من ذي القعدة سنة ثمان وأربع مائة بطوس.
واشتغل في ابتداء أمره بالحديث والفقه، ثم اتصل بخدمة علي بن شاذان المعتمد عليه بمدينة بلخ، فكان يكتب له، ثم قصد داود بن ميكائيل السلجوقي والد السلطان ألب أرسلان، فظهر له منه النصح والمحبة، فسلمه إلى ولده المذكور وقال: اتخذه والدا، ولا تخالفه فيما يشير به، فلما توفي داود، وملك ولده المذكور .. دبر نظام الملك أمره فأحسن تدبيره، وأحيا السنة، وأمات البدعة التي كانت في أيام الوزير عميد الملك، وبقي في خدمته عشر سنين، ثم توفي ألب أرسلان المذكور، فازدحم أولاده على الملك، ثم آل أمر المملكة لولده ملك شاه، فصار الأمر كله للنظام، وليس للسلطان إلا التخت والصيد، فأقام على ذلك عشر سنين.
وكان مجلسه عامرا بالفقهاء والصوفية، وكان كثير الإحسان إليهم لا سيما الصوفية، فسئل عن سبب ذلك فقال: أتاني صوفي وأنا في خدمة بعض الأمراء فوعظني وقال: اخدم من تنفعك خدمته، ولا تشتغل بمن تأكله الكلاب غدا، فلم أعلم معنى قوله، فشرب ذلك الأمير من الغد وكانت له كلاب كالسباع تفترس الغرباء، فغلبه السكر، فخرج وحده ولم تعرفه الكلاب، فمزقته، فعلمت أن الرجل كوشف بذلك، فأنا أخدم الصوفية لعلّي أظفر بمثل ذلك.
وكان إذا سمع الأذان .. أمسك عن جميع ما هو فيه.
وكان إذا قدم عليه أبو المعالي إمام الحرمين وأبو القاسم القشيري صاحب «الرسالة» ..
بالغ في إكرامهما، وأجلسهما معه في مقعده.
(1)«الكامل في التاريخ» (8/ 354)، و «وفيات الأعيان» (2/ 128)، و «سير أعلام النبلاء» (19/ 94)، و «تاريخ الإسلام» (33/ 142)، و «العبر» (3/ 309)، و «الوافي بالوفيات» (12/ 123)، و «مرآة الجنان» (3/ 135)، و «البداية والنهاية» (12/ 617)، و «شذرات الذهب» (5/ 362).
وبنى المدارس والربط والمساجد في البلاد، فاقتدى به الناس.
أسمع نظام الملك الحديث، وكان يقول: إني لأعلم أني لست أهلا لذلك، ولكني أريد أن أربط نفسي في قطار النقلة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويروى له من الشعر قوله: [من مخلع البسيط]
بعد الثمانين ليست قوة
…
قد ذهبت شرة الصّبوّة
كأنني والعصا بكفي
…
موسى ولكن بلا نبوة
وقيل: إن هذين البيتين لأبي الحسن محمد بن أبي الصقر الواسطي.
توجه في صحبة مخدومه ملك شاه إلى أصبهان، فلما كان ليلة عاشر رمضان من سنة خمس وثمانين وأربع مائة .. أفطر، وركب في محفته، فلما بلغ إلى قرية قريبة من نهاوند ..
قال: هذا الموضع قتل فيه خلق كثير من الصحابة رضي الله عنهم في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فطوبى لمن كان منهم، فاعترضه صبي ديلمي على هيئة الصوفية معه قصة (1)، فدعا له، وسأله تناولها، فمد يده ليأخذها، فضربه بسكين في فؤاده، فحمل إلى مضربه فمات، وقتل القاتل في الحال، وركب السلطان إلى معسكره فسكنهم، وحمل إلى أصبهان، ودفن بها.
وقيل: إن السلطان سئم طول حياته، واستكثر ما بيده من الإقطاعات، فدس إليه من قتله، ولم يعش السلطان بعده إلا خمسة وثلاثين يوما.
وقيل: إنه قتل بسبب تاج الملك أبي الغنائم المرزبان؛ فإنه كان عدو نظام الملك، وكان كبير المنزلة عند مخدومه ملك شاه، فلما قتل .. رتبه موضعه في الوزارة، ثم إن غلمان نظام الملك وثبوا عليه فقتلوه، وقطعوه إربا إربا بعد قتل نظام الملك بدون أربعة أشهر.
وكان نظام الملك من حسنات الدهر، ورثاه شبل الدولة أبو الهيجاء مقاتل بن عطية البكري فقال:[من البسيط]
كان الوزير نظام الملك لؤلؤة
…
نفيسة صاغها الرحمن من شرف
(1) في «مرآة الجنان» (3/ 138): (قصعة)، ولعله تصحيف؛ لأن الذهبي في «تاريخ الإسلام» (33/ 145) قال: (
…
فناوله ورقة
…
).