الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها: توفي شيخ الشيوخ ببغداد أبو سعد أحمد بن محمد النيسابوري الصوفي، وأبو عبد الرحمن طاهر بن محمد المستملي الشّحّامي والد زاهر، وأبو الحسن علي بن فضال المجاشعي القيرواني، وأبو الفضل محمد بن عبيد الله النيسابوري الرجل الصالح، وأبو نصر محمد بن محمد بن علي الهاشمي العباسي الزينبي مسند العراق.
وفيها: مات بهاء الدولة منصور بن دبيس بن علي، وتقلد الإمارة ابنه سيف الدولة أبو الحسين بن صدقة، كذا في بعض التواريخ، فلعل اسم أبيه: صدقة بن منصور بن دبيس (1).
***
السنة الموفية ثمانين وأربع مائة
فيها: تزوج الخليفة المقتدي بأمر الله على ابنة السلطان ملك شاه، وكان وقتا مشهودا، أنفق فيه الخليفة أموالا كثيرة، وخلع على سائر الأمراء، ومد سماطا هائلا (2).
وفيها: توفي السيد المرتضى ذو الشرفين أبو المعالي محمد بن محمد بن زيد العلوي الحسيني الحافظ، ومقرئ الأندلس عبد الله بن سهل الأنصاري المرسي، وفاطمة بنت الشيخ أبي علي الدقاق الزاهدة، وأم الفضل فاطمة بنت الحسن بن علي الأقرع البغدادية الكاتبة، والله سبحانه أعلم.
وفيها: قتل ملك تهامة اليمن أبو الفتح سعيد الأحول بن نجاح، توفي أبوه سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة، فقصدهم علي بن محمد الصليحي إلى زبيد في سنة خمس وخمسين، فهرب بنو نجاح إلى جزيرة دهلك، وكانوا خمسة: سعيد الأحول، وجياش-وهما رجلا البيت-ومعارك-قتل نفسه غيظا وغبنا-ومنصور، والذخيرة، فأقاموا بدهلك مدة، وأراد سعيد الغدر بصاحب دهلك، فنهاه أخوه جياش عن ذلك، ولم يوافقه، فخرج سعيد من دهلك مغاضبا لأخيه، ودخل زبيد مستترا، فلما علم بتهيؤ الصليحي للحج .. كتب إلى أخيه جياش، فلحق به إلى تهامة وكان قد شاع على ألسنة المنجمين وأهل الملاحم أن سعيد
(1) الصواب أنه: أبو الحسن صدقة بن منصور بن دبيس، فاسم أبيه: منصور بن دبيس، أمير مشهور، انظر «المنتظم» (9/ 596)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 306)، و «البداية والنهاية» (12/ 604).
(2)
«المنتظم» (9/ 611)، و «الكامل في التاريخ» (8/ 315)، و «تاريخ الإسلام» (32/ 34)، و «العبر» (3/ 298).
الأحول بن نجاح يقتل عليا الصليحي، فرقت همة سعيد إلى ذلك، وتهيأ لأسبابه، وتوجه الصليحي إلى مكة في ألفي فارس فيها خمسون ملكا من ملوك اليمن.
قال جياش: فسرنا طريق الساحل، وتركنا الجادة السلطانية؛ خوفا من العسكر، فلما علم الصليحي بخروجنا .. سير من ركابه خمسة آلاف حربة من الحبشة أكثرهم مماليكنا وبنو عمنا وقال لهم: خذوا رأس الأحول ورأس أخيه ومن معهما، قال: فخالفناهم في الطريق إلى أن دخلنا طريق المخيم وأهل المخيم يعتقدون أنا من جملة العسكر وحواشيه ولم يشعر بنا إلا عبد الله بن محمد الصليحي أخو الداعي، فركب فرسه وقال لأخيه: اركب؛ فهذا- والله-الأحول، فقال: إني لا أقتل إلا عند الدهيم وبئر أم معبد؛ ظنا منه أنها التي مر عليها النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته، فقال له شخص: هذا الدهيم، وهذا البئر يسمى:
بئر أم معبد، فأيقن الصليحي بالموت، ودخل موضع الخلاء، فلحقه جياش وقتله وحز رأسه، وركب فرسه الذبال (1)، ثم قتل أخوه (2)، ثم كانت الهزيمة في عسكره، وأرسل سعيد الأحول إلى الحبشة الذين سيرهم الصليحي لقتل سعيد الأحول وأصحابه وقال لهم:
إني أخذت بثأري، واستنقذت الملك الذي أخذ مني، وأنتم أصحابنا وبنو عمنا، فرجعوا إليه، واستعان بهم في قتل أصحاب الصليحي، واستولى على محطة الصليحي بأسرها، وأسر أسماء بنت شهاب زوج الصليحي، ودخل بها إلى زبيد، فأشار عليه جياش بأن يردها إلى ابنها المكرم ويعفو عن بقية آل الصليحي، وأنه إن فعل ذلك .. لم ينازعه قحطان في ملك تهامة أبدا، وإن خالف ذلك .. لتهجمن حفائلها، ولتطلبن بثأرها؛ فإنهم أهل نفوس أبية، وهمم عربية، فلم يجبه إلا بقول القائل:[من البسيط]
لا تقطعن ذنب الأفعى وتتركها
…
إن كنت شهما فأتبع رأسها الذنبا
ثم إن المكرم غزا زبيد، واستنقذ أمه من الأسر، وقتل من الحبشة عالما، وهرب سعيد الأحول إلى دهلك كما ذكرناه في ترجمة الملك المكرم (3)، ورجع المكرم إلى صنعاء، وترك خاله أسعد بن شهاب بزبيد، ثم عاد سعيد بن نجاح إلى زبيد في سنة تسع وسبعين وأربع مائة، فأخرج ولاة المكرم منها، ولم يزل مالكها إلى أن دبرت الحرة السيدة بنت أحمد زوج المكرم على قتله بأن أمرت الحسن بن علي التبعي صاحب حصن الشعر أن يكاتب سعيدا
(1) في (م): (الذيال)، وفي «اللطائف السنية» (ص 72):(الديان).
(2)
في هامش (ت): (أخوه؛ أي: عبد الله بن محمد الصليحي).
(3)
بل ستأتي ترجمته في العشرين بعد هذه، انظر (3/ 503).
الأحول ويقول له: إن المكرم قد أصابه الفالج، وجعل أمره بيد امرأته، وأنت أقوى ملوك اليمن، فإن رأيت أن تطبق على ذي جبلة أنت من تهامة ونحن من الجبل .. فافعل، فدولتكم أحب إلى المسلمين، فحسن موقع ذلك عند سعيد، واستحضر الفرج، فخرج من زبيد إلى ذي جبلة في ثلاثين ألف حربة، وكان خروجه من زبيد في يوم قد واعده فيه ابن التبعي المذكور، فلما خرج من زبيد .. خالفه عمران بن المفضل وأسعد بن شهاب إلى زبيد في ثلاثة آلاف فارس بأمر الحرة، فأخذوها، وهرب بقية بني نجاح، ولما صار سعيد بجيشه المذكور تحت حصن الشعر .. أطبق عليه الجيش، فقتل هو ومن معه، ولم ينج منهم إلا اليسير، وذلك في التاريخ المذكور (1).
والله سبحانه أعلم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
***
(1)«وفيات الأعيان» (2/ 51) و (3/ 411)، و «السلوك» (2/ 487)، و «بهجة الزمن» (ص 77)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 476)، و «تحفة الزمن» (2/ 452)، و «بغية المستفيد» (ص 75)، و «اللطائف السنية» (ص 71).