الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وله شعر حسن، ومنه قوله:[من الوافر]
وعدت بأن تزوري كل شهر
…
فزوري قد تقضى الشهر زوري
وشقة بيننا نهر المعلّى
…
إلى البلد المسمى شهرزور
وأشهر هجرك المحتوم صدق
…
ولكن شهر وصلك شهرزور
قال الشيخ اليافعي: (وقد أبدى في الثلاثة الأبيات صنعة حسنة من الجناس؛ فالقافية الأولى مركبة من الشهر والأمر لها بالزيارة، والثانية اسم البلد المعروف، والثالثة إضافة شهر إلى زور؛ أي: الشهر الموعود فيه بوصلك شهر كذب، ولكن القافية الوسطى مشتملة على الإقواء الذي هو من جملة عيوب القافية؛ لأن إعرابه النصب؛ لكونه مفعولا ثانيا على وزان قولك: مشيت إلى الرجل المسمى: زيدا، والقافية التي قبلها مخفوضة بالأمر للمؤنث، والتي بعدها مخفوضة بإضافة شهر إليها، قال: وقد وجهت للقافية الوسطى في دفع الإقواء بأن المراد ب «المسمى»: المرفّع (1)، من السمو، كما قال قبله:«المعلى» ، فيكون قوله بعده:«شهر زور» مخفوضا بدلا من «البلد» المخفوض ب «إلى» ، قال: ولو قال: إلى البلد المشرق أو المروي .. لسلم من الإقواء) اهـ (2)
2122 - [إسحاق بن يوسف الصردفي]
(3)
إسحاق بن يوسف بن يعقوب بن إبراهيم الصردفي-نسبة إلى الصردف، قرية مباركة شرقي الجند تحت الجبل الذي يقال له: سورق-الزرقاني، وزرقان بطن من مراد، ومراد قبيلة من مذحج، مؤلف كتاب «الكافي في الفرائض» الذي لم يتفقه أحد من أهل اليمن في الفرائض بعد تصنيفه إلا منه.
كان المذكور إماما، عالما عاملا، فاضلا، متفننا في علوم كثيرة سيما الدور والفرائض والمساحة.
تفقه بجعفر بن عبد الرحيم المحائي، وإسحاق العشاري.
وبه تفقه كثير من الناس، واتفقت له غرائب لم تتفق لغيره:
(1) في «مرآة الجنان» (3/ 163): (الرّفع).
(2)
«مرآة الجنان» (3/ 163).
(3)
«طبقات فقهاء اليمن» (ص 106)، و «السلوك» (1/ 245)، و «مرآة الجنان» (3/ 167)، و «العطايا السنية» (ص 260)، و «طراز أعلام الزمن» (1/ 198)، و «تحفة الزمن» (1/ 177)، و «هجر العلم» (3/ 1164).
منها: أنه ضرب في الهندي بميل حديد حتى أفناه؛ أي: لم يبق منه ما يمكن لزومه بالأصابع للضرب.
ومنها: أنه سقط في بئر جامع الجند المسماة: زمزم، وهي بعيدة الغور، فدلي له حبل يطلع عليه، فتعلق ونزع، فلما صار قريبا من رأس البئر .. انقطع به الحبل، فوقع في قعر البئر، وهكذا ثلاث مرات كلما تعلق بالحبل وصار قريبا من رأسها .. انقطع الحبل وعاد إلى مكانه، ثم أخرج في الرابعة سالما ليس به بأس.
ومنها: أنه خرج يوما من سير إلى الصردف، فوجد لصوصا قد أخذوا ثورا وهم يسوقونه وقد خرج أصحاب الثور بعدهم، فلما أحس اللصوص بالغارة .. قالوا للفقيه: يا شيخ؛ سق لنا هذا الثور إلى أن نقضي حاجة، فساقه ولا علم له بقضيتهم، فلحقه سرعان الغارة وأساءوا إليه في القول والفعل، وبطشوا به، ووصل بعدهم من عرفه، فكفوهم عنه، وسألوه عن القصة، فأخبرهم الحال، وتحققوا صدقه، فاعتذروا إليه وأكرموه، واعتذر إليه المسرعون، وسألوه الصفح عنهم، ففعل.
ومنها: أن شخصا من الجن كان يقرأ عليه، فبينا هو عنده يوما في حلقة القراءة؛ إذ مر بهم محنش، وهو الذي يصيد الحنشان ويلعب بهم ولا يضره منهم شيء، فقال الجني للفقيه: أريد أن أتصور له حنشا، فإن هو أمسكني .. فأنقذني منه، ولا تدعه يذهب بي، فنهاه الفقيه، فلم ينته، فتصور حنشا، وتعلق بخشبة بالسقف، فطلب أحد الطلبة المحنش وأراه الحنش في السقف، ففتح المحنش جونته، وتلا ما يعتاد تلاوته من الرقى والعزائم، فانخرط الحنش واقعا في الجونة، فأطبقها عليه المحنش واحتملها يريد الخروج به، فلازمه الجماعة وقالوا: هذا جار الفقيه منذ زمن طويل، وإنما دعاك ليختبر صدقك وجودة صنعتك، فتأبّى، فافتداه الفقيه منه بشيء فأطلقه، فغاب الجني عن مجلس الفقيه خمسة عشر يوما، ثم وصل إليه وبه ضعف ظاهر، وفي جسمه ندوب كإحراق النار، فسأله عن حاله فقال: لما رآني المحنش وتلا ما تلاه من العزائم والرقى قبالتي .. رأيت البيت كأنه امتلأ نارا، وليس لي خلاص غير الوقوع في الجونة فدخلتها، وأنا من ذلك الوقت مريض، فقال له الفقيه: قد كنت نهيتك، فلم تنته.
قال الجندي: (توفي بالصردف على رأس الخمس مائة)(1).
(1)«السلوك» (1/ 247).