الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هواك أتاني وهو ضيف أعزّه
…
فأطعمته لحمي وأسقيته دمي
لم يزل ابن رشيق مقيما بالقيروان إلى أن هجم العرب عليها، وقتلوا أهلها وأخربوها، فانتقل إلى جزيرة صقلية، وأقام بمازر-وهي قرية في الجزيرة المذكورة-إلى أن توفي سنة ست وخمسين وأربع مائة (1).
1935 - [ابن حزم الظاهري]
(2)
علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري الأموي مولاهم، الفارسي الأصل، الأندلسي القرطبي، صاحب المصنفات الشهيرة.
قال ابن خلكان: (كان حافظا، عالما بعلوم الحديث وفقهه، مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة)(3).
انتقل إلى مذهب أهل الظاهر بعد أن كان شافعيا، وفي ذلك يقول:[من الطويل]
وذي عذل فيمن سباني حسنه
…
يطيل ملامي في الهوى ويقول
أفي حسن وجه لاج لم تر غيره
…
ولم تدر كيف الجسم أنت قتيل
فقلت له أسرفت في اللوم ظالما
…
وعندي ردّ لو أردت طويل
ألم تر أني ظاهريّ وأنني
…
على ما بدا حتى يقوم دليل
قال الشيخ اليافعي: (وفي قوله هذا مناقشة، وهي ألاّ يكون الوجه الظاهر مستحيلا في العقل كما في صفات الله تعالى في الاستواء والنزول إلى سماء الدنيا، وألاّ يكون مخالفا للقياس الجلي كما هو معلوم في التشنيع على داود الظاهري في تنجيس الماء بالبول فيه وعدم تنجيسه بالتغوط فيه)(4).
قال الحافظ أبو عبد الله الحميدي: (ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء، وسرعة
(1) صحح ابن خلكان رحمه الله تعالى في «وفيات الأعيان» (2/ 86) وفاته سنة (463 هـ) بعد أن ذكر القول الأول، وتبعه الذهبي.
(2)
«جذوة المقتبس» (ص 308)، و «الصلة» (12/ 415)، و «بغية الملتمس» (ص 415)، و «معجم الأدباء» (4/ 479)، و «وفيات الأعيان» (3/ 325)، و «سير أعلام النبلاء» (18/ 184)، و «تاريخ الإسلام» (30/ 403)، و «تذكرة الحفاظ» (3/ 1146)، و «مرآة الجنان» (3/ 79)، و «نفح الطيب» (2/ 77).
(3)
«وفيات الأعيان» (3/ 325).
(4)
«مرآة الجنان» (3/ 80).
الحفظ، وكرم النفس، والتدين، وما رأيت من يقول الشعر على البديهة أسرع منه، ثم قال: أنشدني لنفسه: [من الوافر]
لئن أصبحت مرتحلا بجسمي
…
فروحي عندكم أبدا مقيم
ولكن للعيان لطيف معنى
…
له سأل المعاينة الكليم
وروى الحافظ الحميدي له أيضا: [من الوافر]
أقمنا ساعة ثم ارتحلنا
…
وما يغني المشوق وقوف ساعة
كأن الشمل لم يك ذا اجتماع
…
إذا ما شتّت البين اجتماعه) (1)
وكان عاملا بعلمه، زاهدا بعد الرئاسة التي كانت له ولأبيه من قبله في الوزارة وتدبير الملك والممالك، فإن والده كان وزير أبي عامر المنصور في بلاد المغرب، وكان من أهل العلم والأدب والخير، قال ولده المذكور (2): أنشدني والدي في بعض وصاياه لي: [من الطويل]
إذا شئت أن تحيى غنيا فلا تكن
…
على حالة إلا رضيت بدونها
ومن تصانيف أبي محمد المذكور كتاب «الخصال الجامعة لجمل شرائع الإسلام في الواجب والحلال والحرام والسنة والإجماع» أورد فيه أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين، وكتاب «إظهار تبديل اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل، وبيان تناقض ما بأيديهم من ذلك بما لا يحتمله التأويل» وهو شيء لم يسبق إليه.
ومع فضائله المذكورة كان كثير الوقوع في العلماء المتقدمين، لا يكاد أحد يسلم من لسانه، حتى قال أبو العباس ابن العريف: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج بن يوسف شقيقين، فنفرت عنه القلوب، واستهدف لفقهاء وقته، فتمالئوا على بغضه، وردوا قوله، وأجمعوا على تضليله، وشنعوا عليه، وحذروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامهم عن الدنو إليه والأخذ عنه، فأقصته الملوك وشردوه عن بلادهم حتى انتهى إلى بادية، فمات بها في سنة ست وخمسين وأربع مائة.
(1)«جذوة المقتبس» (ص 309) إلا البيتين الأخيرين فلم نجدهما فيه.
(2)
يعني صاحب الترجمة.