الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يذكر رب اغفر لي، ولا دعاء، وقال في أوله: ما من عبدٍ يتعارّ من اللَّيل بدل قوله "من تعارّ" لكن تخالف اللفظ في هذه أخف من التي قبلها.
وقوله: "له الملكُ وله الحمد" زاد عَلِيّ بن المَدِيْنِيّ عن الوليد "يُحيي ويميت"، أخرجه أبو نعيم في "الحلية" من وجهين عنه. وقوله:"الحمد لله وسبحان الله" زاد في رواية كريمة "لا إله إلا الله" وكذا عند الإسماعيليّ والنَّسائيّ والتِّرمِذِيّ وابن ماجه وأبي نعيم في الحلية ولم تختلف الروايات في البخاريّ على تقديم الحمد على التسبيح، لكن عند الإسماعيليّ بالعكس، والظاهر أنه من تَصرُّف الرواة؛ لأن الواو لا تستلزم الترتيب. وقوله:"لا حول ولا قوة إلا بالله" زاد النَّسائيّ وابن ماجه وابن السني: "العليّ العظيم".
وقوله: "ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا، كذا فيه بالشك، ويحتمل أن تكون للتنويع، ويؤيد الأول ما عند الإسماعيلي بلفظ: "ثم قال رب اغفر لي غفر له" أو قال: "فدعا استجيب له" شك الوليدُ، وكذا عند أبي داود وابن ماجه بلفظ: "غفر له" قال الوليد: أو قال: "دعا استجيب له" وفي رواية عَلِيّ بن المَدِينيّ: "ثم قال رب اغفر لي" أو قال: "ثم دعا" واقتصر في رواية النَّسائيّ على الشق الأول.
وقوله: استجيب، زاد الأصيلي "له"، وكذا في الروايات. وقوله:"فإن توضأ وصلّى" كذا في رواية أَبوَي ذر والوقت، وكذا الإسماعيليّ: وزاد في أوله: "فإن هو عزم فقام وتوضأ وصلّى" وكذا في رواية علي بن المَدِينيّ. قال ابن بطّال: وعد الله على لسان نبيه أنّ مَنْ استيقظ من نومه لَهِجًا لسانه بتوحيد ربه، والإذعان له بالملك، والاعتراف بنعمة يحمده عليها، وينزهه عمّا لا يليق به بتسبيحه: والخضوع له بالتكبير، والتسليم له بالعجز عن القدرة، إلا بعونه أنه إذا دعاه أجابه، وإذا صلى قبلت صلاته، فينبغي لمن بلغه هذا الحديث أن يغتنم العمل به، ويخلص نيته لربه تعالى.
وقوله: "قبلت صلاته"، قال ابن المنير: وجه ترجمة البخاريّ بفضل الصلاة، وليس في الحديث إلا القبول، وهو من لوازم الصحة سواء كانت فاضلة أو مفضولة؛ لأن القبول في هذا الموطن أرجى منه في غيره، ولولا ذلك لم يكن في الكلام فائدة، فلأجل قرب الرَّجاء فيه من اليقين تَمَيَّزَ على غيره وثبت له الفضل. والذي يظهر أن المراد بالقبول هنا قدر زائد على الصحة، ومن ثَمَّ قال الداوديّ ما محصله: من قَبلَ الله له حسنة لم يعذبه؛ لأنه يعلم عواقب الأُمور، فلا يقبل شيئًا ثم يحبطه، وإذا أمن الإحباط أمن التعذيب. ولهذا قال الحسن: وددت أني أعلم أن الله قبل لي سجدة واحدة. وقال أبوَ عبد الله الغَرْبريّ الراوي عن البخاري: أجريت هذا الذكر على لساني عند انتباهي، ثُمَّ نمت فأتاني آتٍ، فقرأ. {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} .
رجاله ستة:
مرّ منهم صدقة بن الفضل في السادس والخمسين من العلم، ومرّ الأوزاعيَّ في العشرين منه،
ومرّ الوليد بن مسلم في السادس والثلاثين من مواقيت الصلاة، ومرّ عُبادة بن الصامت في الحادي عشر من الإيمان.
والباقيان اثنان الأول منهما عُمير بن هانىء العَبْسِيّ أبو الوليد الدمشقيّ الدَّارانيّ. قال الترمذيّ: كان عمير بن هانىء يصلي كل يوم ألف سجدة، ويسبح مئة ألف تسبيحة. وقال العجليّ: شاميّ تابعيّ ثقة، وذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال أبو داود: وكان قدريًا، وكان يسبح في اليوم مئة ألف تسبيحة. قال في "المقدمة": احتج به الجماعة، وليس له في البخاري سوى ثلاثة أحاديث، روى عن معاوية ومالك بن يُخَامر، وجُنَادة بن أبي أُمية. وروى عنه ابن عُمير وعبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان وسعيد بن بشير وغيرهم. قتله مروان الحمار لكونه كان قائمًا في بيعة يزيد بن الوليد بعد موت يزيد بن الوليد، سنة سبع وعشرين ومئة.
والدارانيّ في نسبه نسبة إلى دَارَيّا، بفتح الراء، وتشديد الياء، قرية بالشام، والنسبة إليها دارانيَّ على غير قياس، منها الإِمام أبو سليمان الداراني عبد الرحمن بن أحمد بن عطية الزاهد، أخذ عن الربيع بن صبيح.
الثاني: جُنادة بن أبي أُمية الأزديّ ثم الزهرانيّ، ويقال الدوسيّ أبو عبد الله الشاميّ، يقال اسم أبي أُمية كثير، مختلف في صحبته. قال ابن يونس: كان من الصحابة، شهد فتح مصر، وولي البحرين لمعاوية. وقال العجليّ: شاميّ تابعيّ ثقة من كبار التابعين، سكن الأردن. وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام، وذكره ابن حِبّان في ثقات التابعين. وقال: قيل إن له صحبة، وليس ذلك بصحيح. وقال الواقديّ: كان ثقة صاحب غزو. وجعل في الإصابة جُنادةَ بن أبي أُمية اثنين، أحدهما هو هذا، وقال: إنه مخضرم أدرك النبيّ عليه الصلاة والسلام. وأخرج له الشيخان عن عُبادة، سكن الشام، ومات بها سنة سبع وستين. وهو الذي قال فيه العجليّ وغيره ما مرّ من كونه تابعياً.
والثاني: صحابي روى له أحمد والنَّسَائيّ أنهم دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية نفر، وهو ثامنهم، فقرب إليهم طعامًا يوم الجمعة الحديث في النهي عن صيام الجمعة. وروى له أحمد أيضًا، أن رجالًا من الصحابة قال بعضهم: إن الهجرة قد انقطعت، فاختلفوا في ذلك، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"إن الهجرة لا تنقطع ما دام الجهاد"، وهو الذي ذكر ابن يونس أنه حضر فتح مصر. وأخرج الطبرانيّ عنه بسند ضعيف أن جُنادة أَمَّ قومًا
…
الحديث. وفيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ أَمَّ قوماً وهم له كارهون فإن صلاته لا تجاوز تَرْقُوَته". هذا ما قاله في الإصابة.
روى صاحب الترجمة عن عمر وعَلِيّ ومُعاذ بن الصامت وغيرهم. وروى عنه ابنه سُليمان وعُمير بن هانىء وبسر بن سعيد وغيرهم. مات سنة ثمانين وقيل سنة خمس وسبعين.